الرئيس الفنزويلي يصعد ضد واشنطن.. ويمنع دخول مسؤولين «إرهابيين»

مادورو يأمر بتقليص طاقم سفارة واشنطن في كاراكاس ويفرض تأشيرات على الأميركيين

مادورو خلال مسيرة في كاراكاس أول من أمس حيث شهدت العاصمة الفنزويلية مسيرتين واحدة مؤيدة للحكومة وثانية معارضة (أ.ب)
مادورو خلال مسيرة في كاراكاس أول من أمس حيث شهدت العاصمة الفنزويلية مسيرتين واحدة مؤيدة للحكومة وثانية معارضة (أ.ب)
TT

الرئيس الفنزويلي يصعد ضد واشنطن.. ويمنع دخول مسؤولين «إرهابيين»

مادورو خلال مسيرة في كاراكاس أول من أمس حيث شهدت العاصمة الفنزويلية مسيرتين واحدة مؤيدة للحكومة وثانية معارضة (أ.ب)
مادورو خلال مسيرة في كاراكاس أول من أمس حيث شهدت العاصمة الفنزويلية مسيرتين واحدة مؤيدة للحكومة وثانية معارضة (أ.ب)

بينما تتصاعد شدة المواجهة بين الولايات المتحدة وفنزويلا، أعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أنه قرر فرض تأشيرات دخول على الأميركيين الراغبين بالسفر إلى بلاده، كما أمر بخفض عدد أفراد طاقم السفارة الأميركية في كاراكاس. وقال مادورو أن هذه القرارات تهدف إلى «تقليص التدخل» الأميركي في شؤون بلاده، بعد أن كثف الرئيس الفنزويلي اليساري في الأشهر الأخيرة تصريحاته حول محاولات انقلاب أو اغتيال متهما الولايات المتحدة باستمرار بالوقوف وراءها.
وقال مادورو في خطاب أمام أنصاره الذين تجمعوا أمام قصر ميرافلوريس الرئاسي في كاراكاس أول من أمس بأنه «من أجل حماية بلدنا (...) قررت فرض نظام تأشيرات إلزامية على جميع الأميركيين الراغبين بدخول الولايات المتحدة». وبموجب الإجراءات الجديدة التي لم يعرف موعد دخولها حيز التنفيذ، ستفرض فنزويلا على السياح الأميركيين الرسوم نفسها التي تفرضها الولايات المتحدة على الفنزويليين.
وفي تصعيد سياسي، أعلن مادورو أنه لن يسمح بدخول شخصيات أميركية إلى فنزويلا لأن حكومته تعتبرهم «إرهابيين». وقال: إن «مجموعة من المسؤولين السياسيين الأميركيين الذين انتهكوا حقوق الإنسان بقصفهم» دولا مثل سوريا والعراق وأفغانستان «لن يتمكنوا أبدا من دخول فنزويلا لأنهم إرهابيون».
وذكر بين هؤلاء الرئيس السابق جورج بوش الابن ونائبه ديك تشيني وأعضاء الكونغرس المتحدرون من أصول أميركية لاتينية السيناتور الديمقراطي بوب مينينديس زميله الجمهوري ماركو روبيو والنائبة الجمهورية ايليانا روس ليتينن.
وأوضح أن قرار فرض التأشيرات وخفض طاقم السفارة الأميركية اتخذ في أعقاب اعتقال السلطات في ولاية تاشيرا غرب البلاد طيارا أميركيا من أصل أميركي لاتيني بشبهة التجسس، من دون أن يعطي أي إيضاحات أخرى.
والإجراءات الجديدة لا تختصر فقط على الزائرين بل على الدبلوماسيين الأميركيين. وقال مادورو بأن للأميركيين طاقما من مائة دبلوماسي في كاراكاس مقابل 17 دبلوماسيا فنزويليا في واشنطن. واستند مادورو إلى مبادئ معاهدة فيينا حول المساواة بين الدول في حجم بعثاتها الدبلوماسية ليأمر وزارة الخارجية الفنزويلية «بخفض وتصحيح والحد من عدد مسؤولي الولايات المتحدة» في السفارة الأميركية في كاراكاس. وقالت وزارة الخارجية الأميركية بأنها لم تتلق أي مذكرة دبلوماسية تتعلق بخفض حجم طاقمها في فنزويلا أو بتأشيرات الدخول.
وفي الوقت نفسه، أكد مسؤول كبير في الإدارة الأميركية أن «الاتهامات المتواصلة (من قبل كاراكاس) للولايات المتحدة بالتورط في جهود لزعزعة استقرار الحكومة الفنزويلية لا أساس لها وخاطئة».
وقال مادورو بأن البعثة الأميركية يجب أن تبلغ الحكومة وتحصل على موافقتها على أي لقاء يعقده الدبلوماسيون الأميركيون في فنزويلا. وصعد مادورو مؤخرا من انتقاداته للسفارة الأميركية في كاراكاس التي اتهمها «بالتدخل» في شؤون البلاد وعقد اجتماعات مع المعارضة الفنزويلية.
وكانت الولايات المتحدة فرضت في ديسمبر (كانون الأول) عقوبات على مسؤولين فنزويليين كبار تشمل خصوصا حظر سفر وفي بعض الحالات تجميد أموال بعدما اتهمتهم بانتهاك حقوق الإنسان والتورط بقضايا فساد.
ودعا الرئيس الفنزويلي الاثنين الماضي الرئيس الأميركي باراك أوباما بحدة إلى «تصحيح سياسة الفوضى» التي تتبعها السياسة الأميركية تجاه فنزويلا داعيا إياه إلى وقف «التآمر والإعداد للانقلابات». وقال مادورو في خطاب عبر الإذاعة والتلفزيون «الرئيس أوباما، حان الوقت لتصحيح سياستكم الخاطئة تجاه فنزويلا وتجاه ثورة (سيمون) بوليفار و(هوغو) شافيز. يجب أن تحترموا بلدنا».
وأكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأربعاء أمام لجنة في الكونغرس أن فنزويلا تسير «في الاتجاه السيئ» واعدا بتطبيق العقوبات. وقال: إن «فنزويلا لا تكف عن التقدم في الاتجاه السيئ والقيام بخيارات سيئة». وأضاف: «الرد هو أن نطبق الآن وعلى الفور عقوبات وبأقصى سرعة ممكنة». ودان كيري أيضا مقتل شاب في سن الـ14 خلال مظاهرة طلابية الثلاثاء معارضة لقوات الأمن في مدينة سان كريستوبال، منددا بـ«التصرف الوحشي» للنظام الفنزويلي وكذلك بـ«قمع الشعب والاعتقالات والاتهامات الباطلة ضدنا التي تصدر عن فنزويلا».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.