الدستورية.. دفة السياسة

أجلت الخطوة الثالثة من خارطة الطريق

المحكمة الدستورية العليا بالقاهرة
المحكمة الدستورية العليا بالقاهرة
TT

الدستورية.. دفة السياسة

المحكمة الدستورية العليا بالقاهرة
المحكمة الدستورية العليا بالقاهرة

بعدما حبس المصريون أنفاسهم، فصلت المحكمة الدستورية العليا (أعلى جهة قضائية في مصر) صباح اليوم (الأحد) في مصير البرلمان حيث قضت ببطلان بعض قوانين الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها على مرحلتين في مارس (آذار) الحالي وأبريل (نيسان) المقبل.
من جهته ردت الرئاسة ببيان سريع للتعقيب على حكم تأجيل انتخابات أول برلمان في مصر بعد ثورة 30 يونيو (حزيران)، قالت فيه إنها «تؤكد احترامها لأحكام القضاء»، ولكن الرئيس عبد الفتاح السيسي أصدر توجيهاته إلى الحكومة بسرعة إجراء التعديلات التشريعية اللازمة على القوانين في مدة لا تتجاوز الشهر حتى يمكن إتمام العملية الانتخابية بما لا يتعارض مع الدستور، وطالب الرئيس بتعاون كافة مؤسسات الدولة لاستكمال ثالث استحقاقات خارطة المستقبل التي توافق عليها المصريون بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي إبان ثورة 30 يونيو.
فيما أكدت اللجنة العليا للانتخابات في بيان صحافي لها أنها ستعد جدولا زمنيا جديدا لإجراءات الانتخابات فور صدور التعديلات التشريعية لقانون تقسيم الدوائر.
وارتبط اسم المحكمة في مصر دائما بالأمور الجدلية فالمحكمة حاصرها أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في نهاية 2012 اعتراضا على رفض القضاة للإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي في نوفمبر (تشرين الثاني) .
فيما اختلفت مواقف الأحزاب السياسية للتعقيب على الحكم فحزب النور أعلن من قبل موافقته على التأجيل بديلا عن حل الإلغاء بينما لام حزب الجبهة الوطنية على الرئيس عدم إجراء حوار مجتمعي قبل صدور حكم المحكمة.
وشكل مقر المحكمة بضاحية المعادي بالقاهرة أزمة جغرافية من قبل عندما تم إدراج محافظة مصرية جديدة (حلوان) فاختلفت محافظتا القاهرة وحلوان على ضم المحكمة المقامة على 4 آلاف متر مربع ولها 4 طوابق وبها 35 من بينها مكتب رئيس المحكمة ومكتبتها العريقة بخلاف قاعات أخرى، مما دعا الرئيس الأسبق حسني مبارك للتدخل معلنا أن القانون ينص على ضرورة أن تكون المحكمة العليا في العاصمة القاهرة.
تتشكل المحكمة من عدد كبير من المستشارين لا يجوز عزلهم وإذا فقد أحد أعضاءها الثقة يجوز إحالته للتقاعد بعد تحقيق تجريه معه المحكمة وتكون جلساتها علنية إلا إذا أمرت المحكمة بجعلها سرية مراعاة للآداب أو محافظة على النظام العام أو في الأحوال الأخرى التي يحددها القانون. ويكون النطق بالحكم في جميع الأحوال في جلسة علنية ويكون لرئيس المحكمة العليا بالنسبة لهم سلطات الوزير ووكيل الوزارة المنصوص عليها في القوانين واللوائح.
أصدر قرار إنشاء المحكمة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1970 واحتوى الدستور المصري الدائم الصادر سنة 1971 أحكاما خاصة بالمحكمة الدستورية العليا ضمن مواده من 174 حتى 178 اختصاصات المحكمة التي تقوم بتفسير تفسير النصوص التشريعية التي تثير خلافا في التطبيق وتراقب اللوائح والقوانين وتفصل في النزاعات بين جهات القضاء والهيئات القضائية الأخرى أو الفصل في تنفيذ حكمين قضائيين متناقضين.
وتشارك المحكمة كعضو مراقب في اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية الأوروبية، وكذلك كعضو مراقب لاتحاد المحاكم الدستورية لدول أميركا اللاتينية. وتوجد محاكمة دستورية عليا مشابهة في سوريا والعراق وألمانيا وإيطاليا وروسيا والولايات المتحدة واليمن وفي فرنسا ولكن يطلق عليها «المجلس الدستوري».
وكان عام 2008 شاهدا على قرارات المحكمة حيث قضت فيه بعدم دستورية فقرات قانونية عمالية وحكمت أيضا بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون رقم 76 لسنة 1947، وبعدم دستورية ما نص عليه البند 2 من الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 88 لسنة 2004؛ بزيادة المعاشات، من أن تكون الزيادة في المعاش بحد أقصى 60 جنيها شهريا.
المحكمة تحفر اسمها بطريقتها فهي مقامة من تصميم فرعوني يضم 14 مسلة لتشابه معبد الأقصر وحولها عدة أعمدة مزينة بزهرة اللوتس والبردي وتوجد بها نافورة على شكل زهرة اللوتس مقر حلف اليمن للرئيسين المصريين الذي جاءت بهما ثورة 25 يناير (كانون الثاني) فالرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي أدى اليمين الدستورية أمام المحكمة في يونيو 2014 أمام المستشار عدلي منصور وسبق السيسي الرئيس المعزول محمد مرسي الذي أدى اليمن أمام المحكمة في يونيو أيضا ولكن 2012.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».