كشف تقرير هام عن معوقات النمو الاقتصادي في المغرب أنجز من قبل البنك الأفريقي للتنمية بتعاون مع هيئة تحدي الألفية الأميركية، عن وجود 3 مفارقات في النموذج الاقتصادي المغربي، وهي أنه على الرغم من أن المغرب يحقق معدل استثمار يعد من بين أعلى المعدلات في العالم (31.7 في المائة من الناتج الداخلي) يظل معدل النمو دون المعدل المتوقع، كما أن حجم هذا الاستثمار لا يؤثر في التحول الهيكلي للاقتصاد الذي يبقى بطيئا ويظل معه قطاع التصنيع ضعيفا، بالإضافة إلى ضعف حركة القطاع الخاص وافتقاره لمقاولات صغيرة ومتوسطة على اعتبار أن هذه الأخيرة عادة ما تكون الأكثر ابتكارا في البلدان الأخرى.
وكشف التقرير الذي قدمت نتائجه، مساء أول من أمس، في الرباط، بحضور عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية، ودونالد كابيروكا رئيس البنك الأفريقي للتنمية، ودوايت بوش السفير الأميركي في الرباط، أن الإصلاحات الاقتصادية التي نفذها المغرب على الرغم من أهميتها فإنها تبقى عاجزة عن تحقيق التنمية الاقتصادية في البلاد، بسبب مجموعة من الإكراهات والمعوقات التي فصلها التقرير.
ومن هذه المعوقات أن النمو الاقتصادي المغربي لا يعرف منحى تصاعديا ثابتا كما هو الحال بالنسبة للدول الصاعدة، وإنما هو نمو متقلب بسبب اعتماد المغرب بشكل كبير على قطاع الفلاحة المرهون بنسبة تساقط الأمطار، واعتماده أيضا على عدد محدود من القطاعات من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والمتمثلة في الفلاحة والتجارة والخدمات والعقار. في حين أن التصنيع يعد أكبر محرك للتنمية الاقتصادية ويرفع من القدرة الإنتاجية للبلد.
وحدد التقرير الذي أنجز بطلب من رئاسة الحكومة المغربية، صنفين من الإكراهات التي تعوق تحقيق نمو يقوده القطاع الخاص في المغرب، وهما الرأسمال البشري والمخاطر الميكرو اقتصادية، فبالنسبة للصنف الأول وجه التقرير انتقادات حادة إلى واقع التعليم في البلاد، وقال إنه «على الرغم من الجهود الهائلة التي بذلتها الحكومة المغربية، لا تزال نسب الدراسة بالتعليم الثانوي والعالي ضعيفة، في حين يبقى معدل مدة التعليم دون متوسط البلدان ذات نفس مستوى الدخل، الأمر الذي يؤثر سلبا على تنمية القطاعات التي تعتمد على اليد العاملة المؤهلة التي شهدت تراجعا لقيمتها المضافة».
أما بشأن المخاطر الميكرو اقتصادية فحذر التقرير من كون النظام القضائي المغربي يعد من بين الإكراهات التي تعيق الأنشطة الاقتصادية إذ يعاني بحسب التقرير من البطء في تطبيق الإجراءات وتنفيذ القرارات مما يدفع المقاولات المغربية والأجنبية إلى تجنب اللجوء إلى القضاء.
كما نبه التقرير إلى أن الحصول على العقار، الفلاحي والصناعي، أضحى أكثر صعوبة، ويمثل «إكراها رئيسيا معيقا لتنمية الاستثمار الخاص في المغرب لا سيما مع تعقد الأنظمة العقارية وتنوع قواعد تدبير الأراضي»؛ إذ تسبب تراجع الاحتياطي العقاري للدولة في تقليص العرض من الأراضي التي يمكن توفيرها للاستثمار.
كما انتقد التقرير النظام الضريبي الذي «لا يسمح بتوجيه ناجع للاستثمارات، وذلك على الرغم من الجهود المبذولة في اتجاه تبسيط هذا النظام وإرساء نظام عادل وواضح ومنسجم»، وعد التقرير معدل الضرائب المفروضة مرتفعا مقارنة مع دول لها نفس الناتج الداخلي الخام ونفس عدد سكان المغرب.
وبحسب تشخيص البنك الأفريقي للتنمية، فإن من بين الإكراهات أيضا وجود «عجز للسوق فيما يتعلق بالابتكار والتنسيق»، حيث «يبقى مستوى تطور نوعية الصادرات المغربية ضعيفا بالنظر لمستوى دخل كل فرد».
ومكنت نتائج هذه الدراسة من تحديد القطاعات المؤهلة لأن تحظى بدعم من هيئة تحدي الألفية في إطار البرنامج الثاني الذي يشمل الفترة (2016 2021) بعدما كان المغرب قد استفاد من مشاريع في إطار البرنامج الأول بقيمة 700 مليون دولار، وسيعمل الطرفان على بلورة مشروعين كبيرين، هما: «تحسين جودة الرأسمال البشري»، و«تحسين حكامة وإنتاجية العقار».
تقرير ينتقد ضعف التصنيع في المغرب وعجز القطاع الخاص عن تحقيق النمو الاقتصادي
أنجزه البنك الأفريقي للتنمية بتعاون مع هيئة «تحدي الألفية» الأميركية
تقرير ينتقد ضعف التصنيع في المغرب وعجز القطاع الخاص عن تحقيق النمو الاقتصادي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة