معصوم يعيد فتح ملف الإعدامات في العراق المتوقفة منذ 2006

مجلس القضاء الأعلى: كلها اكتسبت الدرجة القطعية

معصوم يعيد فتح ملف الإعدامات في العراق المتوقفة منذ 2006
TT

معصوم يعيد فتح ملف الإعدامات في العراق المتوقفة منذ 2006

معصوم يعيد فتح ملف الإعدامات في العراق المتوقفة منذ 2006

كشف سياسي عراقي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يثار بشأن مسؤولية الرئيس العراقي فؤاد معصوم عن تأخر المصادقة على أحكام الإعدام في العراق، أمر غير دقيق، لا سيما أن هذا الملف خضع منذ حكومتي رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، للمزيد من المساومات السياسية».
وكان معصوم قد أكد في مؤتمر صحافي عقده في مدينة البصرة خلال زيارته لها الاثنين الماضي، أنه ليس مقتنعا بالتوقيع على أحكام الإعدام، داعيا إلى مراجعتها، الأمر الذي أثار سلسلة من الانتقادات ضده.
وتساءل الناطق الرسمي باسم مجلس القضاء الأعلى القاضي عبد الستار البيرقدار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن «المقصود بدعوة رئيس الجمهورية إلى مراجعة أحكام الإعدام، لأن ما صدر عن السلطة القضائية جاء عبر سلسلة من المحاكمات، والتمييز، والمراجعات، إلى أن اكتسبت الأحكام بحق كل من صدر بحقه حكم إعدام، الدرجة القطعية». ونوه البيرقدار بأن «الأحكام الصادرة غير قابلة للمراجعة من أية جهة، لأنها غير قابلة للطعن، وكل ما هو مطلوب صدور مرسوم جمهوري لأغراض التنفيذ، لأن هذا ما ينص عليه الدستور».
لكن السياسي الرفيع المستوى، أكد من جانبه في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك أكثر من بعد لهذه المسألة؛ الأول أن من المهم الفصل بين الأحكام الصادرة بحق مدانين بالإرهاب، والأحكام الجنائية في قضايا مختلفة. والثاني هو أن هذه الأحكام وعددها 500 حكم قضائي؛ منها 170 حكم إعدام بحق إرهابيين»، مشيرا إلى أنه «بموجب الاتفاقات السياسية التي تشكلت الحكومة الحالية التي يرأسها حيدر العبادي على أساسها فقد تم الاتفاق على مراجعة أحكام الإعدام من منطلق أن الكثير من الاعترافات قد انتزعت بالقوة طبقا لما يقوله القادة السياسيون من العرب السنة بالدرجة الأساس، يضاف إلى ذلك أن المحكومين بالإعدام ليسوا من السنة في غالبيتهم العظمى، بل فيهم من ينتمي إلى التيار الصدري، وبالتالي هناك تفاهمات على إصدار قانون العفو العام أو ربما صدور عفو خاص بناء على توصيات».
وأوضح السياسي المطلع أن «هناك مسألة في غاية الأهمية في هذه القصة التي تثار اليوم ضد رئيس الجمهورية حتى إن هناك من طالب بإقالته، وهي أن الأحكام باقية على حالها منذ عام 2006 وإلى اليوم، وإذا عرفنا أن الرئيس العراقي السابق جلال طالباني لا يوقع على أحكام الإعدام طبقا للتعهد الذي قطعه بصفته محاميا دوليا، فإنه لم يعارضها لأنه منح نوابه صلاحيات التوقيع»، متسائلا: «أين كان نائب الرئيس السابق خضر الخزاعي الذي تولى مهمة القائم بأعمال رئيس الجمهورية لنحو سنتين مدة غياب طالباني بسبب مرضه، علما بأنه (الخزاعي) ينتمي إلى الكتلة نفسها التي ينتمي إليها رئيس الوزراء نوري المالكي، ولم يبت في هذه الأحكام التي يراد الآن إلقاؤها على عاتق معصوم وحده بوصفه سبب التأخير بينما لم يمض على توليه منصبه 6 أشهر».
وتابع السياسي المطلع قائلا إن «الموضوع لا يخلو من جنبة سياسية، وبالتالي، فإن المراجعة الدقيقة لهذه الأحكام وفي سياق معلومات ووثائق حقيقية من شأنها أن تساعد كثيرا في موضوع المصالحة الوطنية الذي تعمل عليه الرئاسات الثلاث (الجمهورية والحكومة والبرلمان) منذ فترة على أمل أن يتم حل الكثير من القضايا بطريقة التراضي، وبالتالي تسقط الدعاوى ما عدا الحق العام».
لكن عزت الشابندر، السياسي المستقل وعضو البرلمان السابق، أكد من جهته في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الطبقة السياسية الحالية التي تشكلت الحكومة بموجبها بعد فترة مخاض عسير، لا يبدو عليها أنها تملك القدرة والإرادة والتصميم لإنهاء ملف المصالحة الوطنية، لأن المصالحة مفهوم كبير وليست ملفا يدار من قبل موظف في رئاسة الوزراء». وأضاف الشابندر: «إنني كنت أتوقع من رئيس الوزراء العبادي أن يولي هذا الموضوع الأهمية القصوى التي يستحقها، وأن يجعله موضوعا ذا قيمة، بل كنت أتمنى أن تكون له رؤية في تعديل المسار السياسي في العراق، وهو ما لم يحصل لأنه لا توجد لدى السياسيين لدينا الآن، في الرئاسات الثلاث، رؤية لبناء دولة، بل كل ما يهمهم هو تقاسم المناصب والمسؤوليات بصرف النظر عن أين يمكن أن يسير البلد وما التحديات».
وأوضح الشابندر أنه «ومع كل الأسف فإن السياسيين السنة منهم والشيعة يعملون على استثمار معاناة الناس في إطار مصالحهم الشخصية والحزبية، وبالتالي فإنه حين قدم السياسيون السنة مطالب للحكومة، فإنهم لا يقدمون مطالب من شأنها تعديل مسار العملية السياسية، بل يقدمون المطالب وعينهم على الشارع السني لكي يستفيدوا منه انتخابيا، والسياسي الشيعي يقبل أو يرفض هذه المطالب بناء على رد فعل الشارع الشيعي، وليس خدمة للمواطن وبناء المؤسسات»، مؤكدا أن «المصيبة أن كل هؤلاء السياسيين لا يملكون أية رؤية وطنية أو أخلاقية لبناء دولة».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».