خريف 2015 وشتاء 2016.. الموسم الذي أبدع فيه الكبار وتألق ضمنه الشباب

أسبوع لندن.. قصات مبتكرة وأقمشة مترفة بإلهام من السبعينات

من عرض المخضرم بول كوستيلو
من عرض المخضرم بول كوستيلو
TT

خريف 2015 وشتاء 2016.. الموسم الذي أبدع فيه الكبار وتألق ضمنه الشباب

من عرض المخضرم بول كوستيلو
من عرض المخضرم بول كوستيلو

في فندق «وولدورف هيلتون» على بعد خطوات من «سومرست هاوس»، عرض المخضرم بول كوستيلوا تشكيلة بعنوان «جواهر في الضباب» عاد فيها إلى جذوره الآيرلندية، وشدت الأنفاس بجرأتها وألوانها وأحجامها. لا يختلف اثنان أنه صب فيها كل ما يمتلكه من خيال وإمكانيات، وكأنه يريد أن يعلم الصغار درسا في الثقة بالنفس ودقة التفصيل ويذكرهم أنه، قد يغيب لفترة، لكنه وجه لا تستغني عنه لندن الذي يشارك في أسبوعها منذ 30 عاما. الموسيقى التي اختارها كخلفية لعرضه كانت من وحي الفولكلور الآيرلندي، لكن ما عدا ذلك، لم يكن هناك أي شيء آخر له يربطها بالفولكلور. فالأحجام عصرية والقصات مبتكرة والأقمشة مترفة. أما الألوان، فحدث بلا حرج، فقد كانت تدخل السعادة على النفس، لأنها تذكر بالجواهر الثمينة، مثل الأخضر الزمردي، الأحمر الياقوتي والأزرق الزفيري، من جهة، ومن جهة ثانية، كانت تذكر بحديقة إيطالية متفتحة بالأزهار. فقد اعترف المصمم أنه استوحى الكثير من ألوانها من قرية كورينالدو، مسقط رأس الرسام رافائيل، في القرن الخامس عشر. رغم اقتراحه مجموعة كبيرة من المعاطف والقطع المنفصلة، إلا أن الغلبة كانت للفساتين، التي جاء بعضها بقصات الإمباير، بينما جاء بعضها الآخر منسدلا على شكل طبقات، وبأطوال تتباين بين القصير وبين الـ«ميدي»، لكن دائما بأحجام هندسية كبيرة ركز فيها المصمم على مكمن قوته: التفصيل الحاد. تتوالى القطع، وتعود بك حينا إلى حقب تاريخية بعيدة، وحينا إلى حقب ماضية يتذكرها كثير منا، مثل الثمانينات بأكتافها الضخمة وأكمامها المنفوخة، أو الستينات بأطوالها القصيرة وقصاتها التي تبتعد عن الخصر بعض الشيء. بيد أن كل هذه الرحلات إلى الماضي، لم تجعل كوستيلو يتواكل على إعجاب أو ولاء امرأة واحدة، بل استهدف كل نساء العالم، وكل الأجيال. فامرأة واحدة، على ما يبدو، لا تكفيه.
المصمم الشاب، جون بيير براغانزا، من جهته ظل وفيا لأسلوبه المتميز بالطيات وبالتلاعب بالأطوال غير المتناسقة. لكن هذا لا يعني أنه وقف (محلك سر)، ولم يطور أسلوبه، بل العكس. بإضافته طيات من الأوريغامي، وتفاصيل أخرى في الجوانب، أكد بأنه نضج وأصبح يعرف زبونته جيدا ويتفاعل معها، عوض أن يحاول أن يفرض عليها أسلوبه المتمرد. فقد كان لافتا للنظر أنه روض جموحه من دون أن يتنازل عن الأساسيات. والمقصود هنا أنه لم يركز فقط على المضمون الذي يبيع على حساب ابتكار الجديد، والدليل أن عرضه تميز بالتنوع الذي شمل بنطلونات مفصلة بأقمشة مترفة مثل الأورغنزا، وفساتين من الصوف مستقيمة وبسيطة تتخللها تفاصيل مبتكرة، كما هو الحال بالنسبة لقطعة تعطي الانطباع أنها 3 قطع، فمن الجانب تظهر على أنها معطف، ومن الخلف وكأنها جاكيت قصير مع تنورة، أما من الأمام، فهي فستان محدد على الجسم. هذه القطعة وحدها كانت تكفي لتذكرنا بإمكانيات برانغازا الإبداعية وقدراته على المراوغة لمواجهة متطلبات سوق متقلب.
في عرض أليس تامبرلي، فاجأت المصممة الحضور بإرسالها صوفي داهل، العارضة سابقا والكاتبة حاليا في آخر العرض بفستان أسود من المخمل تحته بنطلون من اللاميه الذهبي. فهذه العارضة تقاعدت، أو بالأحرى طلقت عروض الأزياء إلى أن أقنعتها تامبرلي بالمشاركة مستغلة صداقتهما. ورغم أهمية عودة صوفي داهل، وهي عارضة اشتهرت في التسعينات بمقاسات جسمها الممتلئة مقارنة بباقي العارضات، وأيضا بظهورها عارية في إعلان لعطر إيف سان لوران، فإنها لم تسرق الأضواء من التشكيلة. فهذه كانت تقطر بالجمال والأناقة، أخذتنا فيها المصممة في رحلة ممتعة إلى عدة أماكن وإلى ثقافات إثنية، من خلال قطع منفصلة وخفيفة نسقتها على شكل طبقات متعددة لاتقاء قرص البرد، وفي الوقت ذاته، يمكن التخلص من أي منها بسهولة حسب المكان والزمان. أي أنها موجهة لامرأة تسافر كثيرا إلى وجهات تختلف فيها أحوال الطقس وتحتاج إلى خزانة ملابس تلبي متطلبات حياتها الأنيقة. فساتين شفافة منسابة، وأخرى مطرزة تنسدل على الجسم في أقمشة مترفة وناعمة، وتنورات بأطوال مختلفة، تتباين بين الـ«ميدي» و«الماكسي»، كلها تغطي الركبة، سواء كانت موجهة للنهار أو المساء. كانت هناك أيضا قطعا من الصوف على شكل كنزات ومعاطف واسعة بياقات عالية زينتها شالات مستطيلة وطويلة مطرزة بألوان قوس قزح كان الغرض منها إضفاء المزيد من الحيوية عليها، خصوصا وأن ألوان الأزياء كانت هادئة، غلبت عليها درجات البني والأسود والرمادي والأزرق، ما جعل التطريزات ذات الإيحاءات الإثنية والدرجات المتوهجة مثل الأزرق الفيروزي والفوشيا والأصفر، حقنة مطلوبة. كل ما في العرض كان يضج بالأناقة والرومانسية البوهيمية إلى حد كبير، لأن كل إطلالة كانت تعطي الانطباع بأناقة لا مبالية، بقصاتها المنسدلة وأقمشته الهفهافة وحتى تطريزاتها الغنية.
جاسبر كونران، مصمم آخر يعرف كيف يدللنا بأزياء أنيقة وسهلة للاستعمال اليومي. يوم السبت الماضي، قدم تشكيلة تغلب عليها ألوان الخريف الطبيعية وبخطوط راقية مع نقشات هادئة مستوحاة من لوحات يابانية، وتحديدا من طبعات كونيسادا من القرن التاسع عشر، خص بها الحرير تحديدا. موسما بعد موسم، لا يبخل علينا المصمم المخضرم بتصاميم يريدها أن تميز المرأة وتشعرها بالثقة بالنفس، ويركز فيها على التفصيل الإنجليزي من دون أن ينسى إضافة لمسات أنثوية راقية. بعض العرض، صرح بأنه عندما يصمم للمرأة، فإنه يأخذ بعين الاعتبار أسلوب حياتها «هل تعمل؟ هل هي جادة؟ وعندما ستدخل أي مكان، هل ستبدو رائعة أم عادية؟». والجواب دائما يكون أنها يجب أن «تشعر بالثقة عندما تدخل أي مكان». تشكيلته الأخيرة تجسد هذه الثقة من خلال فساتين من الكشمير، وتنورات مستقيمة تغطي الركبة، وأخرى من الحرير تنسدل على الجسم بسخاء، طبعتها نقشات غرافيكية حينا، ونقشات مستلهمة من الفنان الياباني كونيسادا حينا آخر، تتسم بكثير من الرومانسية والعصرية في الوقت ذاته، حتى لا تبدو مغالية في الحنين إلى الماضي. ويبدو أن الراحة كانت أيضا مهمة بالنسبة له، لأنه ركز على هذا العنصر في كنزات واسعة وتنورات ببلسيهات منسدلة. تفسير المصمم أنه أراد «تشكيلة يمكن أن تستعملها المرأة بسهولة في كل مناسبات النهار». فالكشمير يمنحها الدفء، والحرير أنوثة راقية.
القول بأن عرض «بربيري برورسم» من أهم العروض التي تنتظرها أوساط الموضة في لندن، وتستقطب نجوما من العيار الثقيل، أصبح من الكليشيهات. فعدا أنها أكبر دار أزياء بريطانية، بتاريخها وإمكانياتها، تؤكد أيضا أن سطوتها الجمالية والتجارية، في كل أنحاء العالم، تزيد موسما بعد موسم. يوم الاثنين الماضي كشفت عن تشكيلة أطلقت عليها عنوان «باتشوورك، رسمات وطبعات» ما من شك أنها ستسوق نفسها بسهولة، لأن كل قطعة فيها، كانت تُغري بالاستحواذ عليها وتطعيم خزانة خريف وشتاء 2015 بها. أهم ما فيها أنها تتمتع بفنية عالية أصبحت لصيقة بالمصمم كريستوفر بايلي، الذي حملنا هذه المرة إلى السبعينات، مستعملا تقنية الباتشوورك والشراشيب، التي ظهرت أيضا في حقيبة «باكيت»، والألوان المطفية مع بعض الترصيعات الزجاجية، إضافة إلى كم هائل من القطع المنفصلة التي تخاطب امرأة شابة وعصرية. طبعا لا يكتمل أي عرض لـ«بربيري» من دون المعطف الواقي من المطر، فهو تعويذتها التي تتفاءل بها وتعود إليها في كل موسم تطورها وتدخل عليها تفاصيل جديدة لتخاطب كل الأجيال والأذواق. هذه المرة جاء بنقشات متضاربة وبتقنية الباتشوروك، كما جاء بجلد الشامواه. بيد أن كريستوفر بايلي لم ينس أن دوره كمدير فني يعني أن يبتكر تعويذات جديدة تتوارثها أجيال قادمة، عوض الاستكانة لقطعة من الماضي، وإذا كانت أيقونية، وهذا ما أثبته في قطع مثل البُنش، رأيناها في الموسم الماضي لكنه عاد إليها ليرسخ مكانتها كقطعة أنيقة، كما في فساتين ناعمة من الموسلين أو الدانتيل شكلت تناقضا متناغما مع جلد الشامواه، الذي ساد في جاكيتات بشراشيب وفي معاطف وحقائب يد وأيضا في أحذية عالية الساق. استعمل أيضا تقنيات جديدة مثل تلك التي ظهرت في التبطين، وقال إنه استلهمها من تقنية إنجليزية قديمة اشتهرت بها منطقة ديرهام الواقعة بالقرب من مسقط رأسها، شرق يوركشاير. باستثناء قطع قليلة مفصلة بأسلوب كلاسيكي، كانت القصة تدور حول امرأة بوهيمية تعشق السفر، تميزت فيها القصات بخصور عالية وأطوال تغطي الركبة وتصاميم منسدلة لو عاشت الراحلة تابيثا غيتي لحملتها معها كلها في رحلة إلى مراكش.
«مالبوري» دار أزياء بريطانية أخرى تتمتع بإرث عريق، لكنها تمر بمرحلة حرجة من تاريخها منذ فترة. فرغم أنها أعلنت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أنها عينت جوني كوكا ليخلف إيما هيل التي تركت الدار بسبب عدم توافقها مع الرئيس التنفيذي السابق، إلا أنها أعلنت أيضا أنه لن يقدم تشكيلته الأولى لها حتى شهر يوليو (تموز) القادم، مشيرة إلى أنها لن تقدم عرضا بالمعنى التقليدي، بل ستكتفي باستعراض جديدها أمام وسائل الإعلام وصناع الموضة، بمواعيد مسبقة، وهو ما كان. معاينة تصاميمها عن قرب تؤكد بأنها تتمتع بحرفية عالية وبأن مكمن قوتها لا يزال مجال الإكسسوارات، لا سيما حقائب اليد، لكنها تحاول جادة أن تخترق مجال الأزياء وتحفر لها مكانة فيها. اقترح فريقها الكثير من المعاطف الجلدية المزينة أو المبطنة بصوف الخرفان، أو الصوفية المغزولة بتقنيات حديثة كان الغرض منها تنعيمها أكثر، فضلا عن كنزات من صوف الألبكة أو الكشمير. لكن اللافت فيها كان الطبعات المستلهمة من فن العمارة الجيورجية، حسب تصريح الدار، بينما بقيت الخطوط بسيطة ومضمونة تفتقد بعض الجرأة التي يمكن أن تميزها وتُدخلها ضمن الكبار فيما يتعلق بالأزياء على الأقل.
المضمون لم يكن يخطر ببال روكساندا إلينشيك عندما صممت تشكيلتها الصارخة بألوان قوس قزح وأقمشتها المتنوعة. كل ما فيها كان يصرخ بأنوثة أصبحت لصيقة بها، وتتميز بطول يلامس الكاحل، وياقات عالية وخصور نحيفة. وهي تصاميم تناسب المرأة الشرقية كما تناسب فتاة غربية شابة، بفضل خطوطها الهندسية البسطة بحكم أن المصممة درست الهندسة المعمارية أساسا، ما بدا واضحا في بعض الأحجام والأشكال، مثل فستان مستقيم بتنورة طويلة تتسع من تحت بشكل دائري يلف حول نفسه مع كل خطوة، ليذكرنا بأن الموضة في لندن بألف خير.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.