«داعش المركزية» تتولى ملف العسكريين اللبنانيين

الحريري يشدد على «حصر آلية التفاوض» بالدولة منعا لتعطيلها

«داعش المركزية» تتولى ملف العسكريين اللبنانيين
TT

«داعش المركزية» تتولى ملف العسكريين اللبنانيين

«داعش المركزية» تتولى ملف العسكريين اللبنانيين

نفت مصادر سورية معارضة في ريف دمشق لـ«الشرق الأوسط» أن تكون هناك أي تداعيات لحرب التصفيات بين قياديي «داعش» في القلمون على المفاوضات المرتبطة بالعسكريين اللبنانيين المختطفين لدى تنظيمي «داعش» و«النصرة» في القلمون السورية، مؤكدة أن ملف العسكريين اللبنانيين «مرتبط حصرا بالقيادة المركزية لتنظيم داعش»، بينما «أوكل ملف العسكريين لدى (النصرة) بزعيم التنظيم في القلمون أبو مالك التلي».
وجاءت تلك التصريحات بالتزامن مع حراك نفذه أهالي العسكريين المخطوفين لدى التنظيمين المتشددين منذ أغسطس (آب) الماضي، تمثل بلقاء رئيس الحكومة الأسبق ورئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري في منزله أخيرا ببيروت، حيث استمع منهم إلى معاناتهم حيال ما يتعرض له أبناؤهم، ومسار الاتصالات الجارية لإنهاء احتجازهم.
وأكد الرئيس الحريري تضامنه الكامل مع الأهالي فيما يطالبون به، لافتا إلى أنه أولى منذ اللحظة الأولى لعملية خطف العسكريين هذه المشكلة الاهتمام اللازم، وأنه يتابع القضية في إطار الجهود التي تتولاها الحكومة والجهات الرسمية المختصة.
وقال الحريري: «كما تعلمون فإن رئيس الحكومة تمام سلام وخلية الأزمة الوزارية المعنية بهذه المشكلة يتابعون الاتصالات والمفاوضات الجارية مع الخاطفين»، مجددا إعلانه «تأييد ودعم هذا التوجه»، مشددا على «حصر آلية التفاوض بالدولة وعدم اللجوء إلى ما يعطل هذه الآلية لأن من شأن تعدد الجهات والأطراف زيادة التعقيدات والصعوبات، وإطالة إيجاد حل للمشكلة». وأكد الحريري أن مشكلة المخطوفين «هي مشكلة إنسانية ووطنية وتعني كل شرائح وفئات الشعب اللبناني»، لافتا إلى أنه لن يدخر أي جهد أو مسعى يستطيع القيام به من موقعه السياسي لإنهاء هذه المشكلة وتأمين إطلاق العسكريين المحتجزين وإعادتهم سالمين إلى وطنهم وذويهم وأهلهم بأسرع ما يمكن.
ويحتجز «داعش» في القلمون 9 عسكريين لبنانيين منذ شهر أغسطس (آب) الماضي، بينما يحتجز تنظيم جبهة النصرة نحو 17 عسكريا لبنانيا. وتضاعفت المخاوف على مصير العسكريين اللبنانيين المخطوفين، منذ الإعلان عن اشتباكات بين قياديي «داعش» في القلمون، أسفرت عن مقتل زعيم التنظيم في المنطقة المعيَّن أميرا لها، منذ مطلع العام الحالي.
وكانت مصادر المعارضة في القلمون، أكدت، مساء السبت، أن زعيم «داعش» أبو عائشة البانياسي، قتل إثر كمين نصبه له المسؤول الشرعي في التنظيم أبو الوليد المقدسي، على خلفية «تكفير» الأخير لمجموعات مقاتلة في القلمون، وقام التنظيم بعد عملية الاغتيال، باعتقال المقدسي، وتسليمه إلى المحكمة الشرعية في القلمون، أول من أمس (الأحد)، حسبما أفاد به «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وأكدت مصادر سورية معارضة في القلمون، على تماس مع تنظيمي «النصرة» و«داعش»، لـ«الشرق الأوسط» أن الخلافات بين قياديي «داعش».. «شخصية، ومرتبطة بالصراع على النفوذ، ولا علاقة لها بالعسكريين اللبنانيين المخطوفين»، موضحة أن قياديي التنظيم في القلمون «لا يستطيعون اتخاذ أي قرار أو التفاعل مع أي مسعى تجاه قضية العسكريين اللبنانيين، لأن القضية مرتبطة حصرا بالقيادة المركزية للتنظيم»، أي زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، ومجلسه الحربي.
وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الأمر «يختلف لدى (النصرة)، كون زعيمها في القلمون أبو مالك التلي يتولى الملف، وهو غير مرتبط بالقيادة المركزية لتنظيم (النصرة) الموجودة في إدلب في شمال سوريا».
وتلتقي تلك التصريحات مع معلومات كان أكدها مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن، بأن قيادة «النصرة» في القلمون «مستقلة إلى حد ما، ومنفصلة عن قيادتها في شمال البلاد أو في درعا (جنوب سوريا)».
ويتقاسم التنظيمان المتشددان في القلمون، إلى جانب عدد قليل من مقاتلي (الجيش السوري الحر)، السيطرة على المنطقة السورية الحدودية مع شرق لبنان، وسط تقديرات بأن يكون مقاتلو «النصرة» يشكلون نحو 60 في المائة من المقاتلين، بينما يشكل مقاتلو «داعش» نحو 30 في المائة من تعداد المقاتلين المعارضين السوريين في ريفي دمشق الشمالي والغربي.
وتقول مصادر المعارضة في القلمون لـ«الشرق الأوسط» إن التنسيق بين التنظيمين في القلمون «قائم، وهم مجبرون عليه أيضا، نظرا إلى طبيعة المنطقة، ومرونة زعيم النصرة في التعاطي مع الخصوم»، مشيرة إلى أن السببين «منعا إلى حد كبير الاقتتال بين الطرفين الذي ظهر في مناطق أخرى، فضلا عن تنسيقهما على شن الهجمات، بدليل اشتراكهما في مهاجمة الجيش اللبناني في عرسال في أغسطس (آب) الماضي».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.