صالح يدعو إلى إنهاء المرحلة الانتقالية وفق المبادرة الخليجية.. متجاهلا اتفاق «السلم والشراكة»

أحزاب سياسية تؤكد تمسكها بشرعية هادي ومظاهرات لمؤيديه

متظاهرون يطالبون بهادي رئيسا لليمن في مدينة تعز أمس (رويترز)
متظاهرون يطالبون بهادي رئيسا لليمن في مدينة تعز أمس (رويترز)
TT
20

صالح يدعو إلى إنهاء المرحلة الانتقالية وفق المبادرة الخليجية.. متجاهلا اتفاق «السلم والشراكة»

متظاهرون يطالبون بهادي رئيسا لليمن في مدينة تعز أمس (رويترز)
متظاهرون يطالبون بهادي رئيسا لليمن في مدينة تعز أمس (رويترز)

في مؤشر على التباعد بين الرئيس السابق علي عبد الله صالح والحوثيين، أعلن صالح أمس دعوته لإنهاء «المرحلة الانتقالية» والالتزام بالمبادرة الخليجية، متجاهلا اتفاق «السلم والشراكة» الذي مهد لاستيلاء الحوثيين على العاصمة اليمنية. وفي لقاء مع السفير الروسي بصنعاء فلاديمير ديدوشكين، أكد صالح أن «اللقاء بحث بذل الجهود في خروج اليمن من أزمته من خلال مصالحة وطنية شاملة وتنفيذ ما تبقى من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل المتوافق عليها وإنهاء المرحلة الانتقالية في أسرع وقت ممكن»، بحسب بيان من حزبه. وكان من اللافت تجاهله ذكر اتفاق السلم والشراكة، وهو ما اعتبرته أوساط سياسية تغيير موقف الرئيس السابق علي عبد الله صالح من الخطوات التي تبعت سيطرة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، خصوصا مع نفي الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام صحة دعوتهم للبرلمان لعقد جلسة للبت في استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي، مؤكدة عدم صدور أي دعوة بهذا الشأن سواء من قيادات المؤتمر أو الكتلة البرلمانية.
وتشير المعلومات إلى أن الحوثيين عقدوا لقاءات مع قيادات من حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه صالح لبحث مواقف موحدة لاتخاذها، وتشير مصادر في حزب المؤتمر الشعبي إلى أن «الوضع الذي بات فيه الحوثيون، أعطى مركز قوة للرئيس السابق صالح في التعاطي مع متطلباته وفرضها عليهم».
وتزامن ذلك مع استمرار ردود الفعل الشعبية والسياسية تجاه كسر الرئيس عبد ربه منصور هادي للإقامة الجبرية التي فرضتها جماعة الحوثي عليه منذ تقديم استقالته منذ شهر، فيما اتهم قيادي بارز بالجماعة هادي بتزعم فصيل من تنظيم القاعدة، بهدف تدمير الجنوب، وهي الاتهامات التي دأبت الجماعة على إطلاقها ضد معارضيها من قيادات الدولة أو الأحزاب السياسية والقبلية.
وخرج آلاف المتظاهرين في محافظة تعز وسط اليمن، تأييدا لشرعية الرئيس هادي، وتنديدا بالانقلاب الحوثي على الدولة. وطافت المسيرة في شوارع المدينة، ورفع المشاركون شعارات تطالب هادي بسرعة إعلان عدن عاصمة اتحادية لليمن وإعلان صنعاء عاصمة محتلة، وهتفوا بأن الشرعية لهادي والانقلابين ليس لهم أي شرعية مطالبين من محافظ المحافظة إعلان أن الشرعية هي من عدن وأن صنعاء.
من ناحيتها، أكدت معظم الأحزاب السياسية وقوفها مع هادي وشرعيته. واعتبر الحزب الاشتراكي اليمني، أن مغادرته الإقامة الجبرية التي كانت مفروضة عليه منذ تقديم استقالته حدثا مهما ومدخلا لتصحيح العملية السياسية، والانتقال بها إلى مسارات تفضي إلى تجنب اليمن الانهيار الكامل. ودعا عضو المكتب السياسي، علي الصراري، في بيان صحافي، جميع الأطراف السياسية، بالبحث عن صيغة حوار جديدة تجمع كل الأطراف بمن فيهم الرئيس هادي. وأوضح الصراري أن مواضيع الحوار السياسي بين القوى السياسية يجب أن تتغير مع تغير الوضع وظهور الرئيس هادي، وقال: إن «مواصلة الحوار بصيغته السابقة، لا معنى له، حيث كانت تجري وفق وضع نشئ فيه فراغ في السلطة بعد تقديم هادي والحكومة استقالتيهما، وبقائه وعدد من الوزراء تحت الإقامة الجبرية، وهو الوضع الذي تغير بعد انتقال الرئيس إلى عدن».
أما التنظيم الوحدوي الناصري، فقد أكد موقفه المتمسك بشرعية الرئيس هادي الدستورية والتوافقية، وذكر الحزب في بيان صحافي، أن «المشاورات والحوارات التي تجري صنعاء، حول القضايا المطروحة للحوار لم تعد مجدية»، مطالبا جميع الأطراف بإعادة العملية السياسية إلى مسارها التوافقي والديمقراطي، وجدد حزب الرشاد تمسكه بالعملية السياسية القائمة على شرعية الرئيس هادي. وأكد الرشاد موقفه الرافض لانقلاب جماعة الحوثي غلبت «لغة القوة والسلاح لفرض الآراء الأحادية وفرض سلطة الأمر الواقع على لغة الحوار والشراكة»، ودعا الجماعة للإفراج عن جميع المختطفين وعدم التعرض للمسيرات السلمية، ورفع الإقامة الجبرية عن رئيس الحكومة والوزراء وسائر قيادات الدولة، وقال إنه «يرفض أي حوار تحت التهديد ويدعو لحوار جاد في مكان بعيد عن سلطة الميليشيات».
وفي محافظة الجوف، أعلنت اللجنة الأمنية وقوفها مع هادي وشرعيته، وأكدت اللجنة في بيان أصدره نائب رئيس اللجنة الأمنية قائد محور محافظة الجوف، تأييدها لكل ما يصدر منه من أوامر تتعلق بالموقف الأمني للمحافظة وكذلك بما يتعلق بأمن اليمن. وشدد محور على أن جميع قوات الجيش والأمن في المحافظة «تقف بجاهزية متكاملة لحفظ الأمن ومنع الانقلابيين من زعزعة الأمن في المحافظة مجسدة الترابط الوطني المنقطع النظير أمام أي تهور من أي فصيل يسعى إلى زعزعة الأمن في إقليم سبأ»، مجددة رفضها قبول أي أوامر تصدر من صنعاء.
ومثل خروج هادي من صنعاء إلى عدن مفاجأة للحوثيين الذين يفرضون سيطرتهم على قوات الجيش والأمن ومداخل العاصمة صنعاء، وهو انعكس على تصريحات القيادات التي أظهرت حجم الإرباك الذي أصابهم. واتهم القيادي البارز في الجماعة أبو مالك يوسف الفيشي هادي بقيادة فصيل من تنظيم القاعدة، ونشر على حسابهم على موقع «تويتر»، «ألا شرعية اليوم سوى الشرعية الثورية الشعبية التي لن يتمكن أحد من الالتفاف عليها أو قهرها أو مصادرتها». ولفت إلى أن هادي «أصبح قائد فصيل من فصائل القاعدة التي تهدف إلى تدمير الجنوب»، وهي الاتهامات التي تطلقها الجماعة عادة على معارضيها من قيادات الدولة أو الأحزاب السياسية والقبلية. وتابع الفيشي: «هادي أقدم على عمليتين انتحاريتين، أولها، استقالته، وثانيها هروبه».
ومن جهة أخرى، أفادت مصادر مقربة من هادي أن مسلحين حوثيين خطفوا ابن شقيق الرئيس اليمني هادي. وقالت هذه المصادر لوكالة الصحافة الفرنسية إن «مسلحي الحوثي خطفوا ناصر أحمد منصور هادي ابن شقيق الرئيس هادي (أول من أمس) في منطقة يسلح عند المدخل الجنوبي للعاصمة صنعاء، وذلك أثناء خروجه من العاصمة متجها إلى مدينة عدن». وأضاف المصدر أن «الحوثيين اقتادوا ناصر أحمد هادي إلى جهة مجهولة»، محملا جماعة الحوثي مسؤولية سلامته.
وكان ناصر أحمد منصور هادي يعمل في الديوان الرئاسي لعمه الذي تمكن من الفرار من صنعاء، إذ كان قيد الإقامة الجبرية التي فرضها الحوثيون، ووصل السبت إلى عدن حيث لديه عدد كبير من الأنصار.



تراجع ملحوظ في الإقبال على المراكز الصيفية الحوثية

أطفال يمنيون في مركز صيفي تنظمه الجماعة الحوثية بمدينة الحديدة (إكس)
أطفال يمنيون في مركز صيفي تنظمه الجماعة الحوثية بمدينة الحديدة (إكس)
TT
20

تراجع ملحوظ في الإقبال على المراكز الصيفية الحوثية

أطفال يمنيون في مركز صيفي تنظمه الجماعة الحوثية بمدينة الحديدة (إكس)
أطفال يمنيون في مركز صيفي تنظمه الجماعة الحوثية بمدينة الحديدة (إكس)

تشهد المراكز الصيفية التي تنظمها الجماعة الحوثية هذا العام، عزوف شريحة واسعة من السكان عن إلحاق أطفالهم فيها، بينما منعت الضربات الأميركية القادة الحوثيين من الظهور في فعاليات تدشينها، على الرغم من الأنشطة الحثيثة لذلك.

ودشنت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية، المراكز الصيفية التي تنظمها سنوياً عقب انتهاء العام الدراسي في مناطق سيطرتها، والتي عملت خلال الأعوام الماضية، على تسييره بالتقويم الهجري بدلاً من الميلادي، إلى جانب تعمدها تقليص المدة الزمنية التي تجري فيها الدراسة إلى أقل من 6 أشهر.

ونقلت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن المراكز الصيفية لهذا العام تشهد في أيامها الأولى، إقبالاً محدوداً من السكان على إلحاق أطفالهم بها، رغم أن الجماعة الحوثية كثفت من أنشطتها لإقناعهم بها، وكلفت كثيراً من قادتها الميدانيين للإشراف على الدعاية والترويج لها وتنظيمها.

وربطت المصادر بين اشتداد الضربات الأميركية خلال الأسابيع الأخيرة التي سبقت تدشين المراكز الصيفية والعزوف عن إلحاق الأطفال فيها، إلى جانب عدم ظهور القيادات الحوثية العليا في فعاليات التدشين، والترويج لها بسبب مخاوف استهدافهم.

إقبال ضعيف على الالتحاق بالمراكز الصيفية هذا العام (إعلام حوثي)
إقبال ضعيف على الالتحاق بالمراكز الصيفية هذا العام (إعلام حوثي)

كما أرجعت المصادر هذا العزوف إلى ازدياد المخاوف من أن يجري استقطاب الأطفال للقتال مع الجماعة، بعد أن شهدت السنوات الأخيرة تجنيد الآلاف منهم، وإرسالهم إلى جبهات القتال، في ظل تواتر وقائع سقوط أطفال في المعارك، أو عودتهم من الجبهات بعد اختفائهم لفترات طويلة دون علم أهاليهم.

ويؤكد مطهر البذيجي رئيس التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (تحالف رصد) لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك تغيراً في أنشطة الجماعة الحوثية للمراكز الصيفية هذا العام، باستغلال الهجمات الأميركية للترويج لروايتهم، وحشد الأطفال إلى المخيمات بحجة محاربة إسرائيل وأميركا، إلى جانب التغييرات الملحوظة في طريقة تنظيم المراكز نفسها.

استهداف الأرياف

لم تمنع مخاوف الجماعة الحوثية من استهداف الغارات الأميركية قادتها واجتماعاتها من تنظيم فعاليات التدشين والترويج للمراكز الصيفية، إذ كلفت قادتها الميدانيين والمشرفين الذين عينتهم في مستويات دنيا بالمؤسسات الحكومية التي تسيطر عليها بذلك.

طلاب في مركز صيفي حوثي يقفون على هيئة طائرة مُسَيّرة (إعلام حوثي)
طلاب في مركز صيفي حوثي يقفون على هيئة طائرة مُسَيّرة (إعلام حوثي)

وتزداد حالياً في مختلف المحافظات والمديريات الخاضعة لسيطرة الجماعة، الأنشطة والفعاليات لتدشين المراكز الصيفية، ولإقناع الأهالي بإلحاق أطفالهم بها.

ويشير تداول وسائل الإعلام الحوثية أخبار تدشين وأنشطة المراكز الصيفية، إلى استهداف الجماعة للأرياف والمناطق النائية، ومناطق التماس مع القوات الحكومية، بكثير من الأنشطة والفعاليات والترويج لإقناع السكان بإلحاق أطفالهم بها.

ويفسر البذيجي رئيس التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (تحالف رصد)، تركيز الحوثيين فعالياتهم الترويجية للمراكز الصيفية في الأرياف بسهولة إقناع السكان، نظراً لعدة عوامل؛ منها تدني الوعي وقلة الإدراك بمخاطر ما يجري، وتلقين الأطفال بدروس وخطابات تؤدي بهم إلى التطرف وغسل الأدمغة.

ونوّه رئيس التحالف الحقوقي بأن سكان الأرياف يسهل إقناعهم بأن المراكز الصيفية ما هي إلا دورات إضافية مساعدة في التعليم وتنشيط الأطفال، وتحفيزهم على الدراسة، وتقوية تحصيلهم العلمي، إلى جانب ملء أوقات فراغهم.

اتهامات للجماعة الحوثية باستغلال الفقر لإقناع السكان بإلحاق أطفالهم بمراكزها ومعسكراتها (أ.ف.ب)
اتهامات للجماعة الحوثية باستغلال الفقر لإقناع السكان بإلحاق أطفالهم بمراكزها ومعسكراتها (أ.ف.ب)

ولفت إلى أن مناطق التماس مع القوات الحكومية غالباً من المناطق التي يسهل على الجماعة تجنيد الأطفال فيها وإلحاقهم بالجبهات، ويسهم الفقر وإغراءات الجماعة الحوثية في تقديم سلال غذائية، أو معونات مالية، في دفع الأهالي لإلحاق أطفالهم بهذه المراكز، ومن ثم تجنيدهم.

تجريف التعليم

تفيد مصادر تربوية في العاصمة صنعاء بأن المراكز الصيفية تُستخدَم، إلى جانب عمليات غسل أدمغة الأطفال وتجنيدهم للقتال، في توفير مصادر دخل لكثير من الناشطين الحوثيين، حيث يتم تكليفهم بمهام تقديم الدروس مقابل أجور يومية.

وبحسب المصادر، فإن المبالغ التي يجري إنفاقها لصالح تنظيم المراكز الصيفية، يجري سحبها من مخصصات طباعة الكتاب المدرسي، وإعداد الوسائل التعليمية، وصيانة المدارس والمرافق التعليمية، بالتوازي مع اجتزاء العام الدراسي وتقليص مدته وتخفيف الأنشطة المدرسية، لصالح المراكز الصيفية.

ولفتت إلى استغلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة خلال العام ونصف العام الماضيين، لتعزيز أنشطة المراكز الصيفية ومخرجاتها، وذلك من خلال ما أطلقت عليه «دورات الوفاء للأقصى»، التي قدّمت خلالها تدريبات عسكرية للأطفال، واستقطبت الآلاف منهم إلى صفوفها.

الضربات الأميركية قلّلت من ظهور القادة الحوثيين في فعاليات المراكز الصيفية (إ.ب.أ)
الضربات الأميركية قلّلت من ظهور القادة الحوثيين في فعاليات المراكز الصيفية (إ.ب.أ)

وركز زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، في آخر خطاباته على المراكز الصيفية، وأفرد لها مساحة واسعة، إلى جانب الهجمات الأميركية على مواقع جماعته، والتطورات الإقليمية وارتباطها بتلك الضربات.

وحثّ الحوثي جميع الجهات الخاضعة لسيطرة جماعته والمشرفين على الدورات الصيفية، على المساهمة الفاعلة في نجاحها، ودعا كل «من يمتلكون الخلفية الثقافية والعلمية في التدريس فيها»، للمشاركة في ذلك بجدّ ومثابرة.

ويرى خبراء تربويون أن استخدام التقويم الهجري في تسيير وتنظيم الأعوام الدراسية، يهدف إلى تغيير مواعيد الدراسة، وتحويل اهتمام الأهالي بتدريس أولادهم إلى المراكز الصيفية، التي تبدأ فعلياً في فصل الربيع، بينما تبدأ الدراسة في فصل الصيف الذي يعدّ موسماً زراعياً في اليمن، حيث تضطر العائلات إلى الاستعانة بأطفالها في الزراعة.

وبحسب الخبراء الذين تحدثوا في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»؛ فإن الجماعة تسعى إلى إحلال المراكز الصيفية بديلاً عن الدراسة، وإجبار الأهالي على إلحاق أطفالهم فيها بدلاً من انتظامهم في مدارسهم.