هادي يتحصن في عدن ويرفض انقلاب الحوثيين

الرئيس اليمني دعا المجتمع الدولي لحماية العملية السياسية.. وأكد تمسكه بالمبادرة الخليجية والشرعية الدستورية

مؤيدون للرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي يتظاهرون ضد الحوثيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
مؤيدون للرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي يتظاهرون ضد الحوثيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

هادي يتحصن في عدن ويرفض انقلاب الحوثيين

مؤيدون للرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي يتظاهرون ضد الحوثيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
مؤيدون للرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي يتظاهرون ضد الحوثيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)

دخل اليمن، أمس، في مرحلة جديدة من الصراع بالتطورات التي فرضتها الخطوة المفاجئة والغامضة التي أقدم عليها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بمغادرة منزله في العاصمة صنعاء نحو مدينة عدن كبرى مدن جنوب البلاد، بعد نحو شهر من الحصار والإقامة الجبرية التي فرضها عليه الحوثيون الذي يسيطرون على مقاليد السلطة في اليمن.
وقالت مصادر سياسية يمنية إن «هادي وصل إلى عدن واستقر في القصر الجمهوري بمنطقة المعاشيق في حي كريتر.
وصادفت هذه الخطوة الذكرى الثالثة لانتخابه رئيسا لليمن في 21 من فبراير (شباط) عام 2012.
وأصدر هادي أول بيان رسمي بعد وصوله إلى العاصمة عدن، أكد بطلان كل الخطوات والتعيينات التي اتخذت في 21 سبتمبر (أيلول) وأنه لا شرعية لها، وهو ما يؤكد تراجعه عن استقالته التي كان قدمها في يناير (كانون الثاني) الماضي بسبب سيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة في صنعاء.
وقال هادي بعد ساعات من وصوله إلى عدن، إنه متمسك بالعملية السياسية المستندة إلى المبادرة الخليجية، وطالب المجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات لحماية العملية السياسية ورفض الانقلاب، ودعا هادي كل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية الالتزام بقرارات الشرعية الدستورية وحمايتها، موضحا بأن «كل الخطوات والتعيينات التي اتخذت في 21 سبتمبر باطلة وغير شرعية، ودعا هادي إلى اجتماع للهيئة الوطنية للحوار في عدن أو تعز حتى خروج الميليشيات من صنعاء، كما دعا إلى رفع الإقامة الجبرية عن رئيس الوزراء وكل رجالات الدولة وإطلاق المختطفين، مشيدا في نفس الوقت بالموقف الشعبي الرافض للانقلاب، وحمل البيان توقيع هادي بصفته رئيس الجمهورية وهو ما يعني سحبه استقالته بشكل رسمي.
وينص الدستور اليمني النافذ في مادته الـ(115) على أنه يجوز لرئيس الجمهورية أن يقدم استقالة مسببة إلى مجلس النواب، ويكون قرار مجلس النواب بقبول الاستقالة بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه فإذا لم تقبل الاستقالة فمن حقه خلال 3 أشهر أن يقدم الاستقالة وعلى مجلس النواب أن يقبلها.
وتضاربت فيه الأنباء حول الطريقة والكيفية التي غادر بها منزله في صنعاء نحو عدن ووسيلة النقل التي استقلها.
وأشارت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هادي غادر صنعاء، مساء أول من أمس، بعد أن قامت قوات خاصة من الحماية الرئاسية بعملية فك الحصار عن الرئيس هادي وتحريره ونقله آمنا إلى محافظة عدن بمعية رئيس جهاز الأمن القومي، الدكتور علي حسن الأحمدي.
وأكدت المصادر «تساهل الحوثيين» في مغادرة هادي وذلك استباقا لانتهاء الفترة الزمنية التي حددها قرار مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن والذي نص على ضرورة إطلاق سراح الرئيس والانسحاب من صنعاء في غضون 15 يوما. وأفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات الحوثية وبمجرد تأكيد مغادرة هادي لمنزله، قامت بنهب وسلب محتويات المنزل من مقتنيات وأثاثات ووثائق وغيرها، وبعد ظهر أمس، لوحظ الهدوء يسود محيط منزل الرئيس اليمني وانتشار محدود لميليشيات الحوثي التي كانت تحاصر المنزل ولمدرعات عسكرية يستخدمها الحوثيون، أيضا.
وذكر شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن مسلحي الحوثي بزي عسكري انتشروا في عدد من الشوارع بصنعاء، وقاموا بإزالة صور الرئيس هادي من عدد من الشوارع والجسور، كما داهموا منازل عدد من العاملين والمستشارين في مكتب هادي، واختطفوهم إلى معتقلات سرية.
وأشارت مصادر محلية في مديرية الرضمة بمحافظة إب في وسط البلاد، إلى أن مجاميع مسلحة اعترضت طريق رتل من السيارات كانت تقل عائلة الرئيس هادي وعائلات أبنائه، وفي وقت لاحق، ذكرت مصادر قبلية في إب أن الحوثيين أفرجوا عن أفراد عائلة هادي والضباط الذين يرافقونهم، بعد تهديد القبائل بالتدخل ونقدهم لهذا التصرف الذي لا يوجد في الأعراف والتقاليد اليمنية، في الوقت ذاته، تأكد قيام الحوثيين باحتجاز يحيى العراسي، السكرتير الصحافي للرئيس هادي في إحدى غرف الحراسة بمنزل الرئيس، إضافة إلى احتجازهم للطبيب الخاص بالرئيس.
وعبرت نقابة الصحافيين اليمنيين عن قلقها حول سلامة السكرتير الصحافي للرئيس هادي يحيى العراسي، وكشفت النقابة في بيان أمس، أن العراسي اختطف من قبل الحوثيين منذ مساء أول من أمس، وأشارت إلى أن أسرته لا تعرف مصيره ولم تتمكن من الحصول على معلومات عنه.
من ناحية أخرى، نفى المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بنعمر أي صلة للمنظمة الدولية بمغادرة هادي،، في بيان صادر عنه وقال بنعمر: «تؤكد الأمم المتحدة ألا علاقة لها من قريب أو بعيد بهذا الأمر وتدعو وسائل الإعلام إلى توخي الحذر والدقة والتواصل معها قبل نشر أي أخبار تخصها». وكانت بعض المصادر الإعلامية تحدثت عن مساعدة الأمم المتحدة للرئيس هادي على مغادرة صنعاء.
وعقب الإعلان عن تمكن هادي من مغادرة صنعاء، جرى تعليق الحوار الذي كان يجري في صنعاء بين القوى والمكونات السياسية اليمنية برعاية الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص، جمال بنعمر. وجاءت خطوة هادي بعد أقل من 3 أيام على إعلان المبعوث الأممي عن التقدم في الحوار السياسي واتفاق القوى السياسية المتحاورة في صنعاء على صيغة جديدة للسلطة التشريعية، تضمن بقاء مجلس النواب (البرلمان) على وضعه الراهن، وتشكيل مجلس شعب انتقالي، في حين أكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن بنعمر أجرى مشاورات مع الأطراف السياسية بشأن التطور الأخير، في الوقت الذي أكدت نادية السقاف، وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المستقيلة، أن المعادلة السياسية تغيرت بمغادرة هادي إلى عدن آمنا، وأن الحوثيين شددوا من الحراسة على منزلي رئيس الوزراء، خالد محفوظ بحاح، ووزير الخارجية، عبد الله الصايدي، في صنعاء، خشية تمكنهما من المغادرة، كما فعل هادي، وهما ضمن كبار المسؤولين الذين يخضعون للإقامة الجبرية في منازلهم منذ أواخر الشهر الماضي.
وفي أول موقف للحوثيين ردا على مغادرة هادي صنعاء، اجتمعت ما تسمى «اللجنة الثورية العليا» بصورة عاجلة في القصر الجمهوري بصنعاء وناقشت هذه التطورات. وتطرق نقاش اللجنة إلى طريقة التخفي التي لجأ إليها الرئيس الذي قدم استقالته عبد ربه منصور هادي للتغطية على مغادرته من منزله بصنعاء إلى عدن.
وقالت اللجنة إن «هادي لجأ إلى طريقة التخفي للتغطية على مغادرة منزله بصنعاء»، وجدد الحوثيون اتهامات لهادي بمحاولة جر البلاد إلى الانهيار، وأشارت إلى أن «ملابسات هذه الحادثة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن استقالة هادي من منصبه لم تكن مجرد استخدام لحق بل إن المقصود منها هو جر الوطن إلى الانهيار خدمة لقوى أجنبية، مما يؤكد صوابية الإجراءات التي اتخذتها اللجنة الثورية وعلى رأسها الإعلان الدستوري»، وعدت اللجنة «مغادرة هادي لصنعاء ووصوله إلى عدن بسلام بأن هذا يكشف زيف الادعاءات والأكاذيب التي كانت ترددها بعض وسائل الإعلام وتزعم فيها أنه كان محاصرا في منزله من قبل اللجان الشعبية»، ونفت اللجنة محاصرة منزل هادي، وقالت إنه «كان يستقبل بصورة شبه يومية - منذ تقديم استقالته برغبته الذاتية ودون إكراه عليه من أحد - الكثير من الشخصيات السياسية وقيادات وممثلي الأحزاب فضلا عن مسؤولين دوليين وآخرهم المبعوث الأممي جمال بنعمر».
وقد ذكرت مصادر سياسية أن جماعة الحوثيين دعت وزراء الحكومة المستقيلة إلى اجتماع في القصر الجمهوري، لإقناعهم بتصريف الأعمال، وأكدت المصادر أن قيادة ما تسمى «اللجنة الثورية العليا» دعت أعضاء الحكومة الموجودين بصنعاء إلى اجتماع لبحث عودتهم لممارسة أعمالهم كحكومة تصريف أعمال حتى يتم تشكيل الحكومة الجديدة، فيما أشارت مصادر إعلامية إلى رفض الكتل البرلمانية في مجلس النواب دعوة كتلة حزب المؤتمر الشعبي العام لعقد جلسة للبت في استقالة هادي، وهو ما اعتبره مراقبون خطوة من حزب الرئيس السابق علي عبد الله صالح لسحب البساط على شرعية هادي الذي صادف أمس الذكرى الرابعة لانتخابه رئيسا للبلاد.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.