محامي المتشددين في الأردن لـ«الشرق الأوسط»: أبو محمد المقدسي كان يتصل مع الموصلي لتأمين الإفراج عن الطيار الكساسبة

شخصيات مقربة من «داعش» في كل من ليبيا واليمن وتركيا مهدت لوساطة

محامي التنظيمات الإسلامية موسى العبد اللات
محامي التنظيمات الإسلامية موسى العبد اللات
TT

محامي المتشددين في الأردن لـ«الشرق الأوسط»: أبو محمد المقدسي كان يتصل مع الموصلي لتأمين الإفراج عن الطيار الكساسبة

محامي التنظيمات الإسلامية موسى العبد اللات
محامي التنظيمات الإسلامية موسى العبد اللات

كشف محامي التنظيمات الإسلامية موسى العبد اللات أن منظر التيار السلفي الجهادي في الأردن عاصم البرقاوي الملقب بأبو محمد المقدسي الذي كان أحد أطراف التفاوض مع تنظيم داعش بشأن إطلاق سراح الطيار الأردني معاذ الكساسبة كانت اتصالاته عبر شخصية مقربة من أبو محمد العدناني وهو أبو محمود الموصلي والموجود في سوريا.
وأضاف العبد اللات وهو خبير في شؤون التنظيمات الإسلامية لـ«الشرق الأوسط» أن أبو محمد المقدسي أجرى قبل عملية التفاوض اتصالات مع شخصيات مقربة من تنظيم داعش في كل من ليبيا واليمن إضافة إلى الاتصال مع شخصية مستقلة موجودة في تركيا تحظى باحترام قيادات تنظيم داعش، موضحا أن الاتصالات مهدت للاتصالات والحديث بين المقدسي والعدناني عبر الموصلي.
وأشار العبد اللات إلى أنه تم إعطاء المقدسي الذي كان موقوفا في سجن الموقر 2 شرق العاصمة عمان حرية الاتصال الصوتي من هاتفه الخاص وعبر الـ«واتس آب» وتقديم كل وسائل الاتصال من أجل القيام بالتفاوض من أجل تأمين إطلاق سراح الطيار معاذ الكساسبة الذي قتله تنظيم داعش حرقا، موضحا أن المقدسي أبلغ أبو محمود الموصلي أن لديكم مفتاحا، وهو يقصد الطيار معاذ ولدى النظام الأردني مفتاح، ويقصد السجينة العراقية ساجدة الريشاوي المحكوم عليها بالإعدام لاشتراكها في تفجيرات فنادق عمان عام 2005 وطلب منه تبادل هذه المفاتيح.
وأشار العبد اللات إلى أن أبو محمد المقدسي، أبلغني أنه طلب من أبو محمود الموصلي، إرسال ما يثبت أن الطيار معاذ ما زال على قيد الحياة وإرسال ما يثبت ذلك إلا أن رد الموصلي على المقدسي، سنرد عليك بالجواب ولم يأت الجواب له.
وقال العبد اللات إن «عملية الاتصال كانت تتم من خارج السجن ومن هاتفه الخاص، وليس من هواتف الأجهزة الأمنية أو الحكومة الأردنية».
وأكد العبد اللات أن اللقاء الذي أجرته معه قناة «رؤية» الأردنية، كانت ردود الفعل عليه من قبل أعضاء التيار بين مؤيد ومعارض، ومنهم من التزم الصمت، حيث إن هناك من وجه انتقادا للمقدسي، لعدم تطرقه للتحالف الدولي فيما كان هناك موقف موحد ضد التحالف والمعارضة في اشتراك الأردن في التحالف وإلقاء القنابل على المسلمين في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش.
وختم العبد اللات بالقول إن «التيار في الأردن طرح مبادرة على الحكومة الأردنية للتوسط بشأن الطيار والرهينتين اليابانيتين، وأن يكون الاتصال والتفاوض معلنا، وفي تركيا». موضحا أن التيار قدم 3 أسماء من أجل القيام بهذه المهمة، وهم أبو محمد الطحاوي وهو قيادي وأنا بصفتي محامي التنظيمات الإسلامية، وكيل الدفاع عن أعضاء التيار وأبو محمد المقدسي إلا أن الحكومة الأردنية اختارت المقدسي.
وكان قيادي مقرب من المقدسي أكد لـ«CNN بالعربية»، صحة ما نشر من مقاطع صوتية مطلع الأسبوع الماضي، توثق سلسلة الاتصالات التي أجريت للإفراج عن الكساسبة واستعادة ساجدة الريشاوي «كمصلحة شرعية»، كما ورد على لسانه.
وقال إن «المقدسي أفرج عنه بالفعل قبل أسبوع من إعلان السلطات الأردنية رسميا ذلك، وتم نقله إلى غرفة عمليات تديرها أجهزة أمنية لإجراء الاتصالات مع (داعش) للتفاوض، وأن المقدسي كان حريصا على نجاح التبادل، ويعتقد أنه تم الإفراج عنه لدوره في الوساطة».
ولا يعتقد القيادي أن ما نشر من تسجيلات للمقدسي يتناقض مع ما قاله في مقابلته المتلفزة التي بثتها قناة «رؤية» المحلية الأردنية في يوم الإفراج الرسمي، إذ تم تنسيقها مع أجهزة رسمية وبمشاورة قيادات في التيار السلفي، «وبما يتفق مع الرؤية الشرعية للتيار ومصلحته التي تقتضي توجيه رسالة لقواعد التيار، قبل الكشف عن المفاوضات التي سعت الجهات الرسمية للإعلان عنها عبر المقدسي».
ويعلق القيادي بالقول: «لم نتفاجأ بما نشرته (داعش) وقد تحدث عن المفاوضات في لقاء التلفزيون.. المرحلة كانت تتطلب ذلك».
وكشف المقدسي في اللقاء المتلفز عن رسائل رفعها عبر وسطاء إلى أبو بكر البغدادي وأبو محمد العدناني، فيما أكدت مصادر للموقع أن المقدسي لم يسبق له التعرف إليهما أو الاتصال بهما، بخلاف زعيم تنظيم القاعدة السابق في بلاد الرافدين أبو مصعب الزرقاوي.
في أثناء ذلك، تشير مصادر إلى أن المقدسي لم تكن لديه الرغبة بالخروج عبر شاشة التلفزيون للحديث، كما لم يجبر بالمقابل على تسجيل اللقاء وأن إحدى القيادات البارزة في أوساط المتشددين نصحته بأن يكون اللقاء «فرصة غير مسبوقة لمخاطبة أنصاره للمرة الأولى عبر شاشة تلفزيون محلي يحظى بمشاهدة وافرة، للتأكيد على الموقف الفقهي المخالف لـ(داعش) ونبذ نهجها».
ولم تكن عملية تسجيل اللقاء المتلفز يسيرة، حيث اعتمدت النسخة الرابعة بعد الإعادة، وأضافت المصادر أن المقدسي «اشترط لتسجيل اللقاء، إسقاط جملة من الأسئلة، على رأسها موقفه من التحالف الدولي الذي كان هجوم المقدسي عليه سببا في سجنه في أكتوبر (تشرين الأول) 2014»، مؤكدة في معلومات لم تتمكن «CNN» من الحصول على تعليق من القناة الأردنية حولها أن المقابلة «حضرها ممثلون عن أجهزة رسمية في الدولة وبعض القيادات في التيار المتشدد».
ونشر منظر المتشددين في أوروبا، عمر محمود عثمان، (أبو قتادة) على صفحته الرسمية على «تويتر»، السبت، تغريدة نصرة للمقدسي الذي كان أول من التقاه عند الإفراج عنه قال فيها: «حفظ الله شيخنا أبا محمد المقدسي فقد فضحهم وأتعبهم فخرجوا لأول مرة يعتذرون بالكذب، فحالهم هو اللف والدوران، لكن الحبل يدور على أعناقهم».
اللقاء الذي مضى عليه أسابيع، أشعل حربا كلامية إلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي عند طرفي أنصار «داعش» والمقدسي، وأطلق أنصار الأخير حملة تضامنية من مختلف الدول العربية حملت أيضا وسم «الانتصار»، كما رد آخرون بحملة مستوحاة من عبارة «كسر الصنم» لتكون وسم «أبو محمد المقدسي كسر الصنم».
وبالرجوع إلى التسجيلات، تشير بالفعل إلى أن المفاوضات قد استغرقت عدة أسابيع قبل أن تنتهي بخذلان المقدسي، رغم ما تضمنته من هجوم وتهكم على المقدسي، واتهامه بالعمالة للمخابرات الأردنية والأميركية.
ويعزز التسجيل فرضية قتل «داعش» للكساسبة قبل بدء عملية التفاوض، حين يذكر المقدسي للوسيط المفاوض أن الأردن قد أعاد تطبيق عقوبة الإعدام قبل أسبوعين (وهو تاريخ 21 ديسمبر (كانون الأول) 2013) قائلا: إن «هذه الأخت أصبحت تنتظر دورها»، وإن الله أرسل مفتاح هذه الأخت وهو بأيديكم في إشارة إلى ساجدة الريشاوي.
وكان « داعش» أعلن قتل الكساسبة في 3 فبراير (شباط) الحالي، في الوقت الذي أكدت فيه السلطات الأردنية مقتله قبل شهر من هذا الموعد، إذ وقع بيد «داعش» في 24 ديسمبر من نهاية العام الماضي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.