قلق في دول أميركا اللاتينية إزاء توقيف رئيس بلدية كراكاس

مادورو يشدد حملته ضد المعارضة على خلفية الأزمة الاقتصادية في فنزويلا

قلق في دول أميركا اللاتينية إزاء توقيف رئيس بلدية كراكاس
TT

قلق في دول أميركا اللاتينية إزاء توقيف رئيس بلدية كراكاس

قلق في دول أميركا اللاتينية إزاء توقيف رئيس بلدية كراكاس

أثار توقيف رئيس بلدية كراكاس أنطونيو ليديزما، الشخصية المعارضة البارزة في فنزويلا، قلقا في عدة عواصم بأميركا اللاتينية، فيما لاحظ محللون أن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بدأ تكثيف حملته ضد المعارضة، للتغطية جزئيا على الأزمة الاقتصادية في البلاد.
ويعد ليديزما (59 عاما) من شخصيات المعارضة، وأوقف مساء الخميس إثر اقتحام مكتبه من قبل العشرات من عناصر أجهزة الاستخبارات المقنّعين والمجهزين بأسلحة. وفي اليوم التالي، أبلغه مدعيان بأنه ملاحق «للاشتباه بضلوعه في تحركات تآمر لتنظيم وتنفيذ أعمال عنيفة ضد الحكومة». وتأخذ السلطات على رئيس بلدية العاصمة أنه وقع مع معارضين آخرين رسالة مفتوحة نشرتها الصحافة الأسبوع الماضي، تدعو إلى انتقال ديمقراطي على رأس فنزويلا.
وعلى الفور لقي توقيف ليديزما صدى إقليميا، إذ أكد الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس على ضرورة «احترام حقوق المعارضين» في فنزويلا. وعبرت الحكومة التشيلية عن «قلقها» للوضع السياسي في كراكاس. كما عبر الأمين العامة لـ«منظمة الدول الأميركية» خوسيه ميغيل انسولزا، عن «قلقه الشديد» لاعتقال رئيس بلدية كراكاس.
وألقى الرئيس مادورو خطابا بعيد توقيف ليديزما استمر قرابة ساعتين، قال فيه إن «ليديزما سيواجه اتهامات من القضاء الفنزويلي لكي يرد على كل الجنح التي ارتكبها ضد سلم البلاد والأمن والدستور»، مشيرا إلى محاولة انقلابية مفترضة تحدث عنها في 13 فبراير (شباط) الحالي. وليديزما هو أحد قادة المعارضة الفنزويلية، وكان عضوا في مجلس الشيوخ ونائبا وحاكما لمنطقة كراكاس، وقد انتخب رئيسا لبلدية كراكاس عام 2009 ثم أعيد انتخابه عام 2013.
وسينضم ليديزما في السجن إلى معارضين آخرين مثل ليوبولدو لوبيز مؤسس حزب «فولونتاد الشعبي» والمسجون منذ 18 فبراير 2014، ودانيال سيبايوس رئيس بلدية كريستوبال السابق.
وقال خيسوس توريالبا، زعيم تحالف المعارضة «طاولة الوحدة الديمقراطية»: «في الأيام الأخيرة تم الحديث عن انقلابات، ونشهد انقلابا من جانب الدولة. الحكومة لا تنجح في مواجهة الأزمة (الاقتصادية) وملاذها الأخير هو العنف. لقد ألقوا بأنفسهم في هذا الأتون، لكن أداة القمع تولد مشاكل جديدة».
وطالب زعيم المعارضة إنريكي كابريليس، الذي ترشح مرتين للانتخابات الرئاسية، السلطة بتقديم الأدلة على مخططات الانقلاب التي تحدثت عنها. وبسبب الضغوط المتزايدة يبدو الفنزويليون مترددين بشكل متزايد في التعبير علنا عن استيائهم. ودعت المعارضة النائبة السابقة ماريا كورينا ماشادو، أول من أمس، إلى تجمع لدعم ليديزما لكن لم يشارك به سوى 200 شخص.
ومما أسهم أيضا في ثني المتظاهرين عن النزول إلى الشوارع نشر مرسوم خلال الأسابيع الماضية يسمح بوضوح باستخدام أسلحة من قبل قوات الأمن خلال المظاهرات.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.