الذهب والدولار يغردان خارج السرب في ظاهرة غريبة لا تظهر إلا في الأزمات

وسط موجة تراجع لمعظم الأصول منذ مطلع العام

الذهب والدولار يغردان خارج السرب  في ظاهرة غريبة لا تظهر إلا في الأزمات
TT

الذهب والدولار يغردان خارج السرب في ظاهرة غريبة لا تظهر إلا في الأزمات

الذهب والدولار يغردان خارج السرب  في ظاهرة غريبة لا تظهر إلا في الأزمات

وسط حالة من القلق بشأن وتيرة نمو الاقتصاد العالمي ومؤشرات سلبية للنمو في كبرى الاقتصاديات العالمية، يخالف الذهب والدولار الاتجاه الهابط لمعظم الأصول منذ مطلع العام الجاري مع عزوف المستثمرين عن المخاطرة ولجوئهم إلى الأصول الآمنة في ظاهرة غريبة لم تظهر تاريخيا إلا في أوقات الأزمات الاقتصادية الكبرى.
وعادة ما يخالف الذهب اتجاه الدولار، ففي حالة صعود الدولار يتراجع الذهب والعكس بالعكس.
ومنذ مطلع العام الجاري ارتفعت أسعار المعدن النفيس رغم موجة التراجعات الأخيرة نحو 7.5 في المائة فيما ارتفع مؤشر الدولار منذ مطلع العام وحتى مطلع الشهر الجاري 3.7 في المائة لأعلى مستوى له في عدة سنوات.
وخلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، سجل الذهب أفضل أداء شهري في ثلاث سنوات منذ العام 2012 مع تزايد الإقبال وسط موجة من الاضطرابات في الأسواق العالمية.
وقال محللون لـ«الشرق الأوسط» إن ارتفاع أسعار الذهب والدولار بالتوازي يؤشر على وجود حالة من الاضطراب لدى المستثمرين لا تظهر عادة إلا في أوقات الأزمات وفيها يلجأ المستثمرون إلى ضخ أموالهم في الأصول الآمنة بغض النظر عن طبيعة العائد الاستثماري.
وعادة ما يؤثر الدولار الأميركي على الذهب، لأنه يخفف من حدة جاذبية المعدن كأصل بديل ويجعل السلع المسعرة بالدولار أكثر تكلفة لحائزي العملات الأخرى. لكن منذ مطلع العام الجاري يرتفع كلاهما جنبا إلى جنب مع تراجع قيمة الأصول الأخرى. تاريخيا، تظهر أرقام عمدت «الشرق الأوسط» على تحليلها ارتفاع كل من الدولار والذهب سويا في أوقات الأزمات بدءا من العام 2009. إبان الأزمة المالية العالمية حيث ارتفعت أسعار الذهب خلال ذلك العام نحو 16 في المائة فيما ارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية نحو 12 في المائة.
وفي المطلق، لم يرتفع المعدن النفيس والدولار معا سوى 5 مرات خلال العقد الماضي ومطلع الجاري وبالتحديد في أعوام 2001 و2005 و2008 و2010 و2011.
يقول خبير أسواق السلع لدى ستاندرد تشارترد، أباه أوفن، لـ«الشرق الأوسط»: «الخوف من أزمة اقتصادية جديدة وبواعث قلق في منطقة اليورو تدفع المستثمرين لشراء كل الأصول الآمنة في نفس الوقت دون تمييز». يتابع: «عادة لا يحدث ذلك إلا في أوقات الأزمات وحالة الشك التي تنتاب المستثمر تجعله لا يهتم بالعائد بقدر التحوط من الأزمات». وتتنامى المخاوف بشأن انفراط عقد منطقة اليورو بعد انتخاب حكومة مناهضة للتقشف بقيادة حزب سيريزا اليساري المعارض.
وتسعى الحكومة اليونانية لتخفيف عبء ديونها، وذلك ضمن برنامج الإنقاذ الحالي والذي يبلغ حجمه 240 مليارا، مما أثار المخاوف من احتمال الصدام بين الدولة اليونانية والدائنين. ولا يتوقف الأمر على اليونان فقط، فدول على غرار إسبانيا والبرتغال تلقى فيها الأحزاب المناهضة للتقشف دعم شعبي هائل.
ويقول خبير الاقتصادات الناشئة لدى دويتشه بنك، فريد هاونغ، لـ«الشرق الأوسط»: «إقبال المستثمرين على الأصول الآمنة على غرار الذهب والدولار والعملة اليابانية بغض النظر عن طبيعة العائد يعطي صورة قاتمة لما قد تؤول إليه الأمور».
يتابع: «الاقتصاد الأميركي الذي كان ينظر إليه أنه عاد للنمو بقوة لم ينم في الربع الأخير من العام الماضي إلا بفضل الإنفاق الشخصي وليس الاستثمار».
ونما الاقتصاد الأميركي في الربع الأخير من العام الماضي 2.6 في المائة دون توقعات بنموه بنسبة 3 في المائة مع تراجع حاد في الإنفاق الحكومي وتعثر الصادرات.
وقال فيكتور لي كينغ خبير أسواق العملات لدى «إتش إس بي سي» لـ«الشرق الأوسط»»: «رغم أهمية علاقة العرض والطلب في تفسير ارتفاع الدولار، فإنها ليست هنا بهذه الأهمية فهناك بعض الدول تخفض أسعار عملاتها مقابل العملة الأميركية وتخفض أسعار الفائدة».
يتابع: «اللافت للانتباه هو غض البصر من قبل الولايات المتحدة تجاه تلك التحركات التي تتخذها البنوك المركزية».
وعلى مدار سنوات، سمحت الولايات المتحدة بارتفاع قيمة عملتها أمام سلة من العملات الرئيسية بما يعطي الفرصة لدفع عجلة الاقتصاد قدما في تلك البلدان.
وأقدمت عدد من البنوك المركزية على خفض أسعار الفائدة، فيما أقدم المركزي الأوروبي على برنامج للتيسير الكمي تبلغ قيمته نحو 60 مليار يورو، ووصل معه سعر العملة الأوروبية الموحدة إلى أدنى مستوياته أمام الدولار في نحو 12 عاما.
يضيف كينغ «ربما ينظر المستثمرون إلى الذهب في الوقت الحالي على أنه عملة وليست سلعة خصوصا في ظل السهولة الشديدة في تسييل استثمارات الذهب».
ومنذ مطلع العام الجاري أيضا ارتفع سعر الدولار مقابل سلة العملات الرئيسية، فيما عدا الفرنك السويسري الذي شهد ارتفاعا حادا بعد أن أقدم المركزي السويسري على رفع سقف الفرنك.
ويقول بيل هوتر، كبير المحللين لدى «غلوبال ريسييرش»: «ما يحدث الآن من ارتفاع الذهب والدولار ربما يخالف المنطق ولكن هذا ما يحدث بالفعل منذ أواخر العام الماضي».
يتابع: «قد يعجز البعض عن تفسير تلك الظاهرة ولكني أعتقد أن هناك حالة من الوهن في الاقتصاد العالمي تدفع المستثمرين إلى ضخ أموالهم في الأصول الآمنة والعزوف عن المخاطرة».
ومنذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، ارتفعت أسعار الذهب مع الدولار ولكن وتيرة صعود الذهب كانت أكبر من العملة الأميركية، إذ ارتفعت أسعار المعدن النفيس نحو 9.5 في المائة حتى الآن فيما ارتفع الدولار منذ ذلك الحين نحو 4.5 في المائة فقط.
وفي تلك الأثناء، تتراجع معظم أسعار الأصول العالمية بدءا من أسعار الأسهم حيث تراجع مؤشر مورغان ستانلي للأسواق العالمية منذ مطلع العام الجاري نحو 1.5 في المائة.
* الوحدة الاقتصادية بـ«الشرق الأوسط»



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.