زيارة مفاجئة لوزير الدفاع الأميركي كارتر إلى كابل

لإجراء محادثات بشأن الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان

 وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر
وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر
TT

زيارة مفاجئة لوزير الدفاع الأميركي كارتر إلى كابل

 وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر
وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر

وصل وزير الدفاع الأميركي الجديد أشتون كارتر اليوم (السبت) إلى كابل لإجراء محادثات مع المسؤولين والقادة الأفغان بشأن مستقبل الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان بعد 13 عاما من النزاع.
وتأتي هذه الزيارة بعد أيام قليلة من تولي كارتر منصبه وفي الوقت الذي يفترض أن يتخذ الرئيس باراك أوباما قرارا بشأن الجدول الزمني لانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان. وقال كارتر للصحافيين على متن الطائرة التي أقلته إلى أفغانستان إن «سبب هذه الزيارة إلى أفغانستان في أول رحلة رسمية لي بصفتي وزير للدفاع هو وجود عشرة آلاف جندي أميركي فيها، وهم أول من فكرت فيهم».
وأوضح كارتر أنه سيلتقي الرئيس الأفغاني أشرف غني ومسؤولين آخرين، بالإضافة إلى مسؤولين عسكريين ودبلوماسيين أميركيين، ليتمكن من وضع «تقييمه الخاص» للتقدم الذي تحقق والمسار المستقبلي الواجب اتباعه في أفغانستان.
وعدد الجنود الأميركيين (10 آلاف) سيصبح نحو 5 آلاف نهاية عام 2015 قبل الانسحاب النهائي نهاية عام 2016 مع انتهاء الولاية الرئاسية لأوباما. لكن البيت الأبيض عدل وتيرة الانسحاب بسماحه ببقاء 1000 أميركي إضافي هذه السنة.
وأشار الجنرال جون كامبل قائد القوات الأميركية في أفغانستان إلى أنه يفضل جعل الانسحاب أبطأ على الرغم من أن تفاصيل الخيارات المحتملة قبل انتهاء ولاية أوباما لا تزال غير واضحة.
وقبل تعيينه في منصبه أبدى كارتر استعداده لإعادة النظر في جدول انسحاب الجنود عند الضرورة.
من ناحية أخرى دعا عدد من القادة الأفغان، وعدد من أعضاء البرلمان، أوباما إلى إعادة النظر في الجدول الزمني للانسحاب، محذرين من أن الانسحاب المبكر للقوات الأميركية يمكن أن يعرض الأمن للخطر.
وسيلتقي كارتر في كابل الجنرال كامبل وكذلك الجنرال لويد أوستن، قائد القوات العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط، الذي سافر إلى العاصمة الأفغانية للمشاركة في المحادثات.
وقال كارتر إنه تحدث مع كامبل وإنه يريد أن يرى بنفسه القوات ليقرر «كيفية إكمال المهمة بطريقة ناجحة».
وردا على سؤال بشأن وجود تنظيم داعش في أفغانستان، قلل كارتر من هذا التهديد، معتبرا أن بعض عناصر حركة طالبان تحاول «تغيير اسمها وشكلها». وقال إن «المعلومات التي بحوزتنا تظهر أنهم ما زالوا قلة».
ويزور كارتر أفغانستان بينما يضاعف الرئيس غني جهوده لبدء محادثات سلام مع حركة طالبان بدعم غير عادي من باكستان.
وكان مسؤولون في حركة طالبان الأفغانية قد أعلنوا الخميس عقد لقاء مع مسؤولين أميركيين في قطر قريبا لإجراء محادثات سلام محتملة بشأن أفغانستان، لكن واشنطن نفت ذلك مؤكدة أنه من غير المقرر عقد مثل هذه اللقاءات «في الوقت الحالي»، إلا أن كارتر رفض تقييم احتمالات إجراء مفاوضات. وقال إن «الرئيس غني وضع أولوية له ندعمها.. وستتاح لي فرصة أفضل لتقييم ذلك بعد أن أستمع له».
ونفت الولايات المتحدة ومتحدث باسم طالبان هذا الأسبوع وجود خطط جديدة لإجراء محادثات سلام في قطر رغم مزاعم عدد من زعماء المسلحين. ويتوقع أن يلقي كارتر كلمة أمام الجنود على مشارف كابل يوم غد الأحد، بعد أن يجري محادثات مع غني والرئيس التنفيذي في الحكومة الأفغانية اليوم.



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».