استمرار المظاهرات المناهضة للانقلاب في تعز والحديدة وإب

الحوثيون يحتجزون العشرات في معاقل سرية.. وانتهاكات «بشعة» لحقوق الإنسان

مقاتلون حوثيون يتظاهرون ضد التدخل الأميركي في اليمن أمس في صنعاء (إ.ب.أ)
مقاتلون حوثيون يتظاهرون ضد التدخل الأميركي في اليمن أمس في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

استمرار المظاهرات المناهضة للانقلاب في تعز والحديدة وإب

مقاتلون حوثيون يتظاهرون ضد التدخل الأميركي في اليمن أمس في صنعاء (إ.ب.أ)
مقاتلون حوثيون يتظاهرون ضد التدخل الأميركي في اليمن أمس في صنعاء (إ.ب.أ)

مع تمدد جماعة الحوثي في مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية واستمرار المظاهرات المناهضة لهم في أغلب المدن، توسعت الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة ضد معارضيهم وضد حرية الصحافة والإعلاميين، وهو ما دعا ممثل الأمم المتحدة إلى إدانتها وعدها انتهاكات ممنهجة وغير مسبوقة.
وحذر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومستشاره الخاص لليمن جمال بنعمر من وضع حقوق الإنسان باليمن والذي وصل إلى مرحلة خطيرة، وقال: «إن الانتهاكات ضد حرية الصحافة والإعلام، التي ارتكبت خلال بضعة أشهر غير مسبوقة، وممنهجة، وهي ليست حالات منفردة»، وعدها بأنها «الأخطر في تاريخ اليمن الحديث».
وسلمت نقابة الصحافيين اليمنيين المبعوث الأممي نسخة من تقارير الانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها وسائل الإعلام والصحافيون والعاملون في قطاع الإعلام، وتضمنت التقارير رصد موثق للاعتداءات والانتهاكات، من أبرزها احتلال وسائل الإعلام التابعة للدولة بقوة السلاح وفرض الرأي الواحد على خطها التحريري واستعمالها للتحريض للمخالفين، وطرد العاملين فيها بشكل تعسفي أو تهديدهم أو إهانتهم أو إحضارهم للعمل عنوة، إضافة إلى احتلال وسائل إعلام خاصة والاستيلاء على أصولها والتصرف فيها كغنيمة حرب، وبحسب التقارير فإن الحوثيين اعتقلوا صحافيين خارج إطار القانون وبشكل جماعي في بعض الأحيان، فضلا عن التعذيب باستعمال وسائل تسيء للكرامة الإنسانية من بينها الضرب والصعق بالكهرباء، واقتحام منازل الصحافيين وتهديدهم، وأدان بنعمر الانتهاكات ضد حقوق الإنسان مؤكدا أن مرتكبيها «يقدمون نموذجا مفزعا لما يمكن أن تكون عليه الدولة، ويرصفون طريقهم نحو تحقيق أهدافهم السياسية باستعمال القوة وتكميم الأفواه وترهيب أصحاب الرأي المخالف»، مشددا على أن ذلك «لا يمكن السكوت عليه»، وأوضح المبعوث الأممي أنه يتابع: «عن كثب كل التقارير المحلية والدولية بشأن حجم الانتهاكات ضد حرية الصحافة وطبيعتها المنهجية، والتي تعد عنوانا رئيسيا من عناوين انتكاسة وضع الحقوق والحريات في اليمن، وتضاف إلى عناوين بارزة أخرى من بينها فرض الإقامة الجبرية على رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وأعضاء الحكومة، والاعتداء على المتظاهرين السلميين، وتفاقم ظاهرة تجنيد الأطفال وغيرها»، مطالبا الحوثيين «بالوقف الفوري وغير المشروط لكل الإجراءات والممارسات المنتهكة لحقوق الإنسان ولسيادة القانون وفي مقدمتها كل أشكال الاعتداء على حرية الصحافة وعدم ربط ذلك بالمفاوضات الجارية حاليا بين الأطراف السياسية».
وتأتي تصريحات بنعمر الأخيرة بعد حملة انتقادات واسعة من إعلاميين وصحافيين ضده، بسبب صمت الأمم المتحدة عن الانتهاكات التي تعرضت لها وسائل الإعلام والإعلاميون من الحوثيين، وعدم تدخلهم لوقفها.
ومنذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء و10 مدن أخرى، تعرض العشرات من الناشطين والإعلاميين إلى اعتداءات واختطافات في معتقلات سرية، إضافة إلى عمليات قتل وتعذيب وحشي بحسب تقارير حقوقية، كما فجر الحوثيون قبل يومين منازل معارضين قبليين في بلدة أرحب شمال صنعاء، وبحسب التقارير فإن هذه الانتهاكات تركزت في صنعاء، والحديدة وإب، وقد أكد ناشطون لـ«الشرق الأوسط»، وجود أكثر من 19 من النشطاء مختطفين من قبل الحوثيين خلال أسبوعين، ويقبعون حاليا في معتقلات سرية في كل من صنعاء، والحديدة وإب، وذمار، بتهمة التظاهر في الشوارع، وأغلب المعتقلات هي منازل وعمارات وقصور، مملوكة لشخصيات عسكرية وزعماء قبليين وقيادات حكومية معارضة للحوثيين.
واحتشد أمس الجمعة آلاف اليمنيين في مظاهرات مناهضة للحوثيين، في كل من محافظة تعز، والحديدة، وإب، فيما سموه جمعة «الاصطفاف ضد الانقلاب»، وجدد المشاركون رفضهم للحوثيين الذين قالوا إنهم لن يحكموا اليمن طويلا، وطافت المسيرات في شوارع تعز انطلاقا من ساحة الحرية، رافعين شعارات تندد بالانقلاب وعمليات قمع المسيرات واختطاف الناشطين وتعذيبهم حتى الموت كما حدث مؤخرا في صنعاء، وطالب المتظاهرين بوقف الحصار المسلح للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي وحكومته التي مضى عليهم أكثر من 3 أسابيع تحت الإقامة الجبرية في منازلهم، وتعهد أبناء محافظة الحديدة في مظاهرة سموها جمعة «الحرية للمختطفين» بالوقوف صفا واحدا ضد الحوثيين، وطالبوا جميع المكونات من الحراك التهامي والأحزاب والشباب، بالتنسيق والاستعداد لثورة عارمة ضد من احتل محافظتهم ونشر القتل والفوضى فيها.
وقد رد الحوثيون على المظاهرات المناهضة لهم بمظاهرات مؤيدة في العاصمة صنعاء، تحت شعار «ضد الابتزاز ومؤامرة أميركا وعملائها.. والثورة مستمرة»، وأغلقوا معظم الشوارع الرئيسية وسط العاصمة، وقاموا بنشر العشرات من مسلحيهم في الشوارع في كل من منطقة مذبح، وشميلة، وحدة، والسبعين، وشارع الستين، ونصبوا كتل خرسانية في عدد من شوارعها الفرعية، وردد مؤيدو الحوثيين هتافات تندد بالتدخل الدولي، وبالموت لأميركا وإسرائيل.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.