اختصاصيون وخبراء غربيون: الإرهاب فرض نفسه «حقيقة استراتيجية جديدة» على الغرب

محمد دحلان بندوة في باريس: «الإخوان المسلمون» يملكون بنية تحتية كاملة في أوروبا تنتج الإرهاب

اختصاصيون وخبراء غربيون: الإرهاب فرض نفسه «حقيقة استراتيجية جديدة» على الغرب
TT

اختصاصيون وخبراء غربيون: الإرهاب فرض نفسه «حقيقة استراتيجية جديدة» على الغرب

اختصاصيون وخبراء غربيون: الإرهاب فرض نفسه «حقيقة استراتيجية جديدة» على الغرب

منذ مقتلتي «شارلي إيبدو» والمتجر اليهودي في باريس الشهر الماضي، ومع استنساخ هاتين العمليتين في العاصمة الدنماركية أخيرا، تحول موضوع الإرهاب إلى الشغل الشاغل ليس فقط للرسميين والسياسيين في فرنسا، ولكن أيضا لمراكز الأبحاث والمحللين الأمنيين والاستراتيجيين، وظهرت على رفوف المكتبات في الأسابيع الثلاثة الأخيرة مجموعة من الكتب المكرسة للإرهاب وتحديدا لتنظيم داعش.
ولعل أفضلها كتاب الباحث والخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية المشرقية بيار جان لويزار، الذي يحمل عنوان «الدولة الإسلامية» عن دار «لا ديكوفيرت». وأول من أمس، استضافت الجمعية الوطنية الفرنسية ندوة عن الإرهاب نظمها المعهد الأوروبي للاستشراف والأمن تحت عنوان: «التهديدات الأمنية الجديدة: من الشرق الأوسط إلى أوروبا».
اهتم المتداخلون برصد تداعيات ما سماه إيمانويل دوبوي، رئيس المعهد الأوروبي، «الحقيقة الاستراتيجية الجديدة» للإرهاب الذي لم يعد، وفق الباحث جورج استيفنارت، «مشكلة خارجية بالنسبة للاتحاد الأوروبي» بل تحول إلى «ظاهرة معولمة تهدد الأسس التي يقوم عليها الاتحاد» لأن هناك «استمرارية وتواصلا بين تهديدات الداخل الإرهابية وتهديدات الخارج».
ومشكلة أوروبا الكبرى، بحسب الباحث، أنها تفتقد «حتى الآن» الأدوات والوسائل التي تمكنها من مجابهة الإرهاب ودحره لا على المستوى المؤسساتي ولا على مستوى الأجهزة الأمنية ناهيك بوجود قصور في طريقة التعاطي مع هذه الظاهرة الخطيرة؛ إذ يبدو واضحا اليوم أن «الحل الأمني وحده لا يكفي»، فالمطلوب، وفق كثير من المتداخلين، أن يكون الرد «شاملا» أمنيا واجتماعيا واقتصاديا وآيديولوجيا وثقافيا. والحال، أن هذا الحل «غير متوافر» في الوقت الحاضر. وقال النائب فيليب فوليو، أمين عام لجنة الدفاع في الجمعية الوطنية إن فرنسا وأوروبا «بحاجة لوسائل غير مسبوقة لمحاربة الإرهاب الجديد المختلف تماما عما عرفته هذه البلدان في الستينات والسبعينات من إرهاب اليمين المتطرف أو اليسار المتطرف». واستفاد النائب المنتمي إلى حزب يمين الوسط من المناسبة لانتقاد سياسة بلاده الخارجية إزاء الشرق الأوسط لأنها تتصف بـ«الضبابية» وتصعب في الوقت الراهن «قراءتها».
من جانبه، انتقد استيفنارت ما تمخضت عنه القمة الأوروبية التي جرت في 12 فبراير (شباط) الحالي وكرست القسم الأكبر من أعمالها لظاهرة الإرهاب. وبحسب الباحث، فإن القمة «لم تخرج بحلول عملية» باستثناء إعادة التأكيد على أهمية إيجاد قاعدة بيانات أوروبية للداخلين والخارجين إلى ومن أوروبا والنظر في إمكانية إقامة نيابة عامة أوروبية متخصصة في شؤون الإرهاب.
القصور الأوروبي شدد عليه محمد دحلان، عضو المجلس الوطني الفلسطيني ورئيس جهاز الأمن الوقائي سابقا الذي نبه المشاركين الأوروبيين إلى أن «النار بدأت تلتهم منازلكم كما التهمت منازلنا»، معتبرا أن أحد وجوه الإرهاب «الجديد» أن أوروبا «أخذت تصدر إلينا إرهابييها»، مشيرا إلى أن أعداد الأوروبيين أو المقيمين على الأراضي الأوروبية الذين يقاتلون إلى جانب تنظيمات متطرفة أبرزها «داعش»، تصل إلى 4 آلاف شخص. أما جميع الأجانب الذين انضموا إلى هذه المنظمات فقد زاد على 20 ألف مقاتل.
يرى دحلان الذي يتمتع بخبرة أمنية وهو مقرب من الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، أن أوروبا «فشلت» في محاربة الإرهاب بسبب «بطئها» في الرد. ويظهر ذلك من خلال أرقام «الوافدين» الأوروبيين من الإرهابيين الذين زادت نسبتهم على 25 في المائة في ما بين بداية ونهاية العام 2014. وبحسب دحلان، فلا مفر لأوروبا من التعاون مع العالم العربي لأن محاربة الإرهاب «تتطلب تحالفا حقيقيا» والمطلوب بالتالي من أوروبا أن تلعب «دورا أكبر» في مواجهته عن طريق العمل الوثيق مع البلدان العربية.
وفي السياق عينه، حث المسؤول الفلسطيني الأسبق الغربيين على «اتخاذ القرار السياسي وسرعة التحرك العسكري لمواجهة الإرهاب في ليبيا «بوابة أوروبا إلى الشرق الأوسط» وبوابة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أوروبا. وبرأيه، فإنه إذا لم يتحرك الأوروبيون الذين دعاهم لدعم النظام المصري، فإن «ما حصل في السابق في لندن ومدريد وباريس وكوبنهاغن سيكون أشبه بمزحة». كذلك نبه لما يمكن أن يحمله عام 2015 من مخاطر إرهابية.
وفي سياق مواز، هاجم دحلان دولا «تستغل الإرهاب» لتحقيق مصالح سياسية ومنها تركيا، كما هاجم العواصم الأوروبية وواشنطن التي تستقبل الإخوان المسلمين بحجة «احترام حقوق الإنسان والديمقراطية»، مشيرا إلى أن للإخوان المسلمين في أوروبا «بنية تحتية كاملة تنتج الإرهاب تتشكل من مدارس وجمعيات ومعاهد ومساجد..»، مثمنا انتقادات رئيس الحكومة الفرنسي العنيفة قبل أيام لهم. وبالمقابل، فقد أشاد بالنظام المصري الذي «يملك لأول مرة رؤية شاملة لمواجهة الإرهاب بالتعاون مع عدد من الدول العربية بينها الإمارات». وقدر أن القاهرة تواجه 15 ألف إرهابي في سيناء. وتعليقا على توقيع العقد الدفاعي الأخير بين باريس والقاهرة، رأى دحلان أنه قد يكون «نواة لمحور» جديد لمحاربة الإرهاب.



ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
TT

ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)

دعا الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي إلى توحيد قوى اليمين العالمية في منظمة جامعة لـ«محاربة اليسار والاشتراكية، تكون مثل الكتائب الرومانية قادرة على دحر جيوش أكبر منها».

جاء ذلك في الخطاب الناري الذي ألقاه، مساء السبت، في روما، حيث لبّى دعوة رئيسة الحكومة الإيطالية جيورجيا ميلوني، ليكون ضيف الشرف في حفل اختتام أعمال المهرجان السياسي السنوي لشبيبة حزب «إخوان إيطاليا»، الذي تأسس على ركام الحزب الفاشي. وقدّمت ميلوني ضيفها الذي يفاخر بصداقته لإسرائيل والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بوصفه «قائد ثورة ثقافية في دولة صديقة، يعرف أن العمل هو الدواء الوحيد ضد الفقر».

«مسؤولية تاريخية»

ميلوني لدى استقبالها ميلي في قصر شيغي بروما الجمعة (إ.ب.أ)

قال ميلي إن القوى والأحزاب اليمينية في العالم يجب أن تكون في مستوى «المسؤولية التاريخية» الملقاة على عاتقها، وإن السبيل الأفضل لذلك هي الوحدة وفتح قنوات التعاون على أوسع نطاق، «لأن الأشرار المنظمين لا يمكن دحرهم إلا بوحدة الأخيار التي يعجز الاشتراكيون عن اختراقها». وحذّر ميلي من أن القوى اليمينية والليبرالية دفعت ثمناً باهظاً بسبب تشتتها وعجزها أو رفضها مواجهة اليسار متّحداً، وأن ذلك كلّف بلاده عقوداً طويلة من المهانة، «لأن اليسار يُفضّل أن يحكم في الجحيم على أن يخدم في الجنة».

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الأرجنتين خافيير ميلي في مارالاغو 14 نوفمبر (أ.ف.ب)

ليست هذه المرة الأولى التي يطلق فيها ميلي مثل هذه الفكرة، التي سبق وكررها أكثر من مرة في حملته الانتخابية، وفي خطاب القَسَم عندما تسلّم مهامه في مثل هذه الأيام من العام الماضي. لكنها تحمل رمزية خاصة في المدينة التي شهدت ولادة الحركة الفاشية العالمية على يد بنيتو موسوليني في عشرينات القرن الماضي، وفي ضيافة أول رئيسة يمينية متطرفة لدولة مؤسسة للاتحاد الأوروبي تحاول منذ وصولها إلى السلطة عام 2022 الظهور بحلة من الاعتدال أمام شركائها الأوروبيين.

جدل الجنسية الإيطالية

قال ميلي: «أكثر من شعوري بأني بين أصدقاء، أشعر أني بين أهلي» عندما أعلنت ميلوني منحه الجنسية الإيطالية، لأن أجداده هاجروا من الجنوب الإيطالي مطلع القرن الفائت، على غرار مئات الألوف من الإيطاليين. وأثار قرار منح الجنسية للرئيس الأرجنتيني انتقادات شديدة من المعارضة الإيطالية التي تطالب منذ سنوات بتسهيل منح الجنسية للأطفال الذين يولدون في إيطاليا من أبوين مهاجرين، الأمر الذي تُصرّ ميلوني وحلفاؤها في الحكومة على رفضه بذريعة محاربة ما وصفه أحد الوزراء في حكومتها بأنه «تلوّث عرقي».

ميلوني قدّمت الجنسية الإيطالية لميلي (رويترز)

وكان ميلي قد أجرى محادثات مع ميلوني تناولت تعزيز التعاون التجاري والقضائي بين البلدين لمكافحة الجريمة المنظمة، وتنسيق الجهود لمواجهة «العدو اليساري المشترك»، حسب قول الرئيس الأرجنتيني الذي دعا إلى «عدم إفساح أي مجال أمام هذا العدو، لأننا أفضل منهم في كل شيء، وهم الخاسرون ضدنا دائماً».

وانتقدت المعارضة الإيطالية بشدة قرار التلفزيون الرسمي الإيطالي بثّ خطاب ميلي مباشرةً عبر قناته الإخبارية، ثم إعادة بث مقتطفات منه كان قد دعا فيها إلى «عدم اللجوء إلى الأفكار لاستقطاب أصوات الناخبين» أو إلى عدم إقامة تحالفات سياسية مع أحزاب لا تؤمن بنفس العقيدة، «لأن الماء والزيت لا يمتزجان»، وشنّ هجوماً قاسياً على القوى السياسية التقليدية التي قال إنها «لم تأتِ إلا بالخراب». وأنهى ميلي كلمته، إلى جانب ميلوني وسط هتافات مدوية، مستحضراً شعار الدفاع عن «حرية وحضارة الغرب» الذي أقام عليه موسوليني مشروعه الفاشي لاستعادة عظمة الإمبراطورية الرومانية.