أثر الهجوم الإرهابي الذي استهدف دورية من الحرس الوطني التونسي، فجر أمس، بصفة حادة على الجهات الرسمية والمؤسستين، الأمنية والعسكرية، وعلى الفور نددت عدة أحزاب سياسية ومنظمات حقوقية ونقابات أمنية وقضائية بالعملية الإرهابية التي قضت على عناصر الدورية الأمنية الأربعة ودعت إلى «الوحدة الوطنية» في مواجهة «غول» الإرهاب وإلى ضبط استراتيجية وطنية وإقليمية لمكافحة الإرهاب.
وأصدرت حركة نداء تونس (الحزب الحاكم في تونس) بيانا دعت من خلاله البرلمان التونسي إلى الإسراع بتفعيل قانون مكافحة الإرهاب المجمد منذ نحو سنة، كما أدانت حركة النهضة تلك العملية ودعت إلى شد أزر المؤسستين العسكرية والأمنية في حربهما ضد الإرهاب.
من جانبها، توعدت وزارة الداخلية المجموعات الإرهابية بـ«رد قاس وعنيف»، وأشارت إلى أن «العملية الغادرة تندرج ضمن الانتقام من قوات الأمن بعد العمليات الناجحة التي نفذها الأمنيون، ومنها بالخصوص تفكيك الخلايا النائمة وعمليات القصف والإنزال التي قضت على جانب كبير من قوى الإرهابيين».
وعقد مجلس الوزراء التونسي اجتماعا استثنائيا ترأسه الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية، وحضره كل أعضاء الحكومة. وعقب هذا الاجتماع، صرح الحبيب الصيد رئيس الحكومة أن العملية الإرهابية التي وصفها بـ«الجبانة» لن تمر دون عقاب، وأن تونس ستلاحق الإرهابيين في جحورهم للقضاء عليهم وبسط الأمن في كافة مناطق البلاد. وتابع الصيد قوله في تصريح إعلامي إن المعركة ضد الإرهاب تتطلب «وحدة مقدسة» وإن هذه العملية الإرهابية لن تزيد تونس إلا إصرارا على ملاحقة الإرهابيين والقضاء على وجودهم في كامل البلاد.
ووصلت تعزيزات أمنية وعسكرية مكثفة وطوقت المنطقة التي تعرضت للهجوم، وانطلقت في أعمال تمشيط واسعة لتعقب أثر الإرهابيين. كما نقلت جثامين الشهداء الأربعة بصفة سريعة إلى المستشفى الجهوي بالقصرين في حدود الساعة الثانية من صباح أمس، وسلمتهم بعد ذلك لعائلاتهم.
وخلفت العملية حالة من الاحتقان في صفوف الأمنيين الذين تجمعوا أمام المستشفى وعبروا عن استيائهم من ظروف العمل غير الملائمة وعدم تجهيزهم بالمعدات المناسبة لمثل تلك المواجهات المسلحة. ووفق مصادر من المستشفى الجهوي بالقصرين، فإن طائرة استكشاف كانت منذ بعد ظهر أول من أمس (الثلاثاء)، قد جابت أجواء القصرين لمراقبة مرتفعات الجهة ورصد أي تحركات إرهابية مشبوهة، وهو ما يعني توقع المؤسسة العسكرية والأمنية لمثل هذا الهجوم الإرهابي. وبتكليف من رئيس الحكومة تحول وزراء السيادة الأربعة إلى ولايات (محافظات): القصرين، وسيدي بوزيد، والمهدية، والقيروان، لحضور مواكب دفن أعوان الحرس الأربعة.
وعقد محمد علي العروي، المتحدث باسم وزارة الداخلية، مؤتمرا صحافيا، صباح أمس، كشف من خلاله عن تفاصيل العملية الإرهابية التي جدت منتصف الليلة قبل الماضية في منطقة بولعابة في القصرين وسط غربي تونس، وراح ضحيتها 4 أعوان من الحرس الوطني.
ونفى العروي اختطاف أي عون من أعوان الحرس خلال العملية الإرهابية وفق ما تناقلته وسائل الإعلام.
وقال إن «الهجوم استهدف دورية للحرس الوطني في مفترق بولعابة على بعد 20 كلم من مدينة القصرين». كما أشار إلى أن المجموعة الإرهابية «ضمت أكثر من 20 عنصرا، وقد استولوا، بعد الهجوم، على الأسلحة التي كانت بحوزة الأعوان».
وبشأن هوية هذه المجموعة، قال العروي، إنها تنتمي إلى ما تدعى «كتيبة عقبة بن نافع» التي يقودها الجزائري خالد الشايب الملقب بـ«أبو صخر»، وهي المسؤولة عن ذبح وقتل العسكريين التونسيين في صائفتي 2013 و2014. وأضاف العروي أن الأعوان «استبسلوا في الدفاع عن الوطن واستشهدوا بعد تبادل إطلاق نار مع المجموعة الإرهابية».
وأكد العروي أن مجهودات الوحدات الأمنية ستتواصل لتعقب الإرهابيين، خصوصا بعد نجاح عمليات ميدانية، منها تفكيك عدة خلايا إرهابية. ودعا العروي إلى تظافر الجهود قصد مواجهة آفة الإرهاب والرفع من درجة الوعي بخطورة هذه الآفة.
وبشأن الفشل في القضاء على المجموعات الإرهابية، قال بلحسن الوسلاتي، المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المؤسسة العسكرية غيرت من استراتيجية تعاملها مع الإرهابيين، وهو ما أدى إلى انخفاض الهجمات الإرهابية خلال الفترة الأخيرة. وتابع قوله إن أعدادهم تناقصت بشكل كبير ولكن المخاطر الآن تأتي إلى تونس من خلال الخلايا النائمة التي تقدم الدعم اللوجيستيكي للإرهاب، وهذا يجعل وجود تلك المجموعات يتواصل.
وفي الاتجاه نفسه، قال المنذر ثابت المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الخطر الآن يكمن في الحاضنة الاجتماعية للإرهاب. ودعا إلى خطة إقليمية لمكافحة الإرهاب. وقال إن بلدانا أخرى، هي المستهدفة من وراء العمليات الإرهابية في تونس وليبيا على حد تعبيره.
على صعيد متصل، ذكرت مصادر أمنية تونسية أن مجموعة من العناصر الإرهابية مكونة من نحو 6 أشخاص هاجمت ليلة البارحة عددا من المساكن في ريف سيدي جامع التابع إداريا لمنطقة ساقية سيدي يوسف (الكاف شمال غربي تونس). ولا يبعد سوى 5 كيلومترات عن جبلي للاعيشة وكسار القلال المكان المفترض لوجود عناصر خلية ورغة الإرهابية المتحصنة منذ مدة في جبال المنطقة. وقالت المصادر ذاتها، إن «الإرهابيين تمكنوا تحت تهديد السلاح من الاستيلاء على كميات من المواد الغذائية قبل أن يلوذوا بالفرار في اتجاه المناطق الجبلية القريبة.
رئيس الحكومة التونسية: معركتنا ضد الإرهاب تتطلب «وحدة مقدسة»
عملية إرهابية تخلف 4 قتلى من الأمنيين.. وضغوطات لتفعيل قانون مكافحة الإرهاب
رئيس الحكومة التونسية: معركتنا ضد الإرهاب تتطلب «وحدة مقدسة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة