البشير يتهم الغرب بدعم التمرد لإسقاط حكمه وإقامة نظام علماني

مع استمرار المقاطعة الرئيسية: واشنطن تسمح بتصدير تكنولوجيا الاتصالات إلى السودان

الرئيس السوداني عمر البشير
الرئيس السوداني عمر البشير
TT

البشير يتهم الغرب بدعم التمرد لإسقاط حكمه وإقامة نظام علماني

الرئيس السوداني عمر البشير
الرئيس السوداني عمر البشير

قطع الرئيس السوداني عمر البشير بعدم صحة الاتهامات المتداولة التي تتهم حكومته برعاية الإرهاب، واعتبرها جزءا من حملة تستهدف الإسلام، وبخلو الأراضي السودانية من الإرهابيين، رغم أن دولا غربية تضعه في قائمة الدول الراعية للإرهاب، معتبرا الأوضاع المتدهورة التي تشهدها بعض الدول العربية والإسلامية نتاجا لحملة صليبية شرسة تستهدف الإسلام.
وقال البشير في حديث مع هيئة علماء السودان – وهي هيئة دينية شبه حكومية – إن الحرب على بلاده جزء من الحرب على الإسلام، وإن دعم حركات التمرد وتقويتها لتغيير نظام الحكم في البلاد جزء من هذه الحملة. واتهم البشير منظمي الحملة ضد حكمة من الغربيين بالعمل على إسقاط الحكم الإسلامي، وإقامة نظام حكم علماني ينفذ الأجندة الغربية الرامية للقضاء على الإسلام، وأضاف وفقا لوكالة الأنباء الرسمية «سونا» في وقت متأخر من ليل الثلاثاء: «إن كل محاولات الاستهداف لن تزيدنا إلا قوة وإصرارا على المضي في مسيرة السودان القاصدة».
وجدد البشير التأكيد على أن حكومته متمسكة بالدستور الإسلامي، وتعتبره مرجعية للحكم في البلاد في كافة النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأن الجهة المنتخبة هي المعنية في المقام الأول بكتابة ذلك الدستور.
ووعد البشير بأن تسبق كتابة الدستور الإسلامي الدائم عملية حوار شامل بين كافة قطاعات المجتمع، وصولا إلى وثيقة دستورية يرتضيها أهل السودان جميعا وتكون نموذجا للدولة الإسلامية، وأضاف: «نريد من ذلك تبرئة ذمتنا أمام الله قبل كل شيء». ودعا البشير السودانيين للسعي للأفضل فيما يتعلق بمسألة التدين ونشر ثقافة الإسلام والخلق الكريم، وإلى ما سماه «الإبداع في العمل الدعوي» والتعامل مع التطرف بالحوار والحكمة والموعظة الحسنة.
وندد البشير بما أطلق عليه محاولات الدول الغربية للإضرار ببلاده، وقال: «إن الدول الغربية تأكدت من قوة السودان وعزيمته، وفشلت كافة محاولاتها السياسية والاقتصادية، خاصة في ظل تصدع عدد كبير من البلدان المجاورة»، وأضاف: «إن التمرد في منطقة جبال النوبة والنيل الأزرق، وقبله في جنوب السودان، كان نتيجة حتمية ومقصودة وامتداد لسياسة المناطق المقفلة التي طبقها المستعمر».
وأرجع البشير ممانعة حكومته لإقامة معسكرات للاجئين في السودان إلى أنها كانت تعرف أن الهدف من إقامة هذه المعسكرات هو دخول المنظمات الغربية لتحقيق أجندتها، وأن منع إقامة تلك المعسكرات يهدف لسد الطريق أمام دخول هذه المنظمات وتنفيذ أجندتها الخاصة المعادية للإسلام والمسلمين. وقال البشير إن السودان أصبح القبلة الآمنة لكل اللاجئين من الدول المجاورة باعتباره الدولة الأكثر أمنا واستقرارا، مجددا التأكيد على استعداده للمساهمة في رأب الصدع وتحقيق الاستقرار في دول الإقليم كافة.
من جهة ثانية ومع استمرار المقاطعة المشددة ضد السودان، والتي بدأت منذ قرابة 20 عاما، أعلن أمس دونالد بوث، مبعوث الرئيس باراك أوباما للسودان، رفع المقاطعة عن الهواتف الذكية وأجهزة الكومبيوتر المحمولة وغيرها من أجهزة الاتصالات والبرمجيات.
يأتي هذا التغيير رغم أن مسؤولين أميركيين يواصلون إدانة حكومة الرئيس السوداني عمر البشير لعرقلتها التحقيقات الدولية في تقارير بأن جنودها مارسوا سلسلة من الاغتصابات الجماعية للنساء في دارفور في العام الماضي، ونقلت وكالة أسوشييتدبرس على لسان مسؤولين أميركيين أن العقوبات الاقتصادية طويلة الأمد على السودان تظل مستمرة. وهي العقوبات التي تدين السودان كدولة راعية للإرهاب، وتدين حكومة البشير بأنها تظل تشن لهجمات على المدنيين، وتظل تتدخل في المساعدات الإنسانية في إقليم دارفور الذي تمزقه الحرب. وأيضا تعرقل المساعدات الإنسانية لإقليمي جنوب كردفان والنيل الأزرق، حيث تستمر حرب أهلية بين قوات الحكومة وثوار معارضين لها في هاتين المنطقتين.
وأمس، قال المبعوث الأميركي إلى السودان إن فتح تصدير تكنولوجيا الاتصالات الشخصية إلى السودان «سيفيد الشعب السوداني»، وإنه «سيشجع حرية التعبير»، وإنه «سيساعد السودانيين للتواصل مع بعضهم البعض، وللوصول إلى الإنترنت، وللاتصال مع بقية العالم». وأشار المبعوث إلى تغييرات مماثلة إلى العقوبات الأميركية ضد إيران وكوبا. وفي الحالتين، تستمر العقوبات الأساسية، لكن قللت الحكومة الأميركية من عقوبات تكنولوجيا الاتصالات، وذلك بهدف تشجيع الاتصالات بين المواطنين، مع الأمل في دعم حرية التعبير.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.