النظام يطلق «معركة حلب» مستبقا تقرير دي ميستورا أمام مجلس الأمن

المبعوث الدولي يؤكد موافقة الأسد على خطة تجميد القتال.. وواشنطن تقترب من توقيع اتفاق تدريب المعارضة

أكثر من 30 مدنيا نقلوا إلى المشفى الميداني في تل رفعت بريف حلب الشمالي بسبب إصابتهم بقصف القوات النظامية  (رويترز)
أكثر من 30 مدنيا نقلوا إلى المشفى الميداني في تل رفعت بريف حلب الشمالي بسبب إصابتهم بقصف القوات النظامية (رويترز)
TT

النظام يطلق «معركة حلب» مستبقا تقرير دي ميستورا أمام مجلس الأمن

أكثر من 30 مدنيا نقلوا إلى المشفى الميداني في تل رفعت بريف حلب الشمالي بسبب إصابتهم بقصف القوات النظامية  (رويترز)
أكثر من 30 مدنيا نقلوا إلى المشفى الميداني في تل رفعت بريف حلب الشمالي بسبب إصابتهم بقصف القوات النظامية (رويترز)

بدأ الجيش النظامي السوري أمس، هجوما في ريف حلب الشمالي بهدف قطع طرق الإمداد أمام المعارضة المسلحة وفك الطوق عن المدينة الشمالية وبلدتي نبل والزهراء الشيعيتين، تمكن خلاله من استعادة السيطرة على بعض المناطق، فيما تقول المعارضة، إنّ الخسائر التي تكبدها النظام يوم أمس تفوق ما أحرزه من تقدّم، بحسب ما قال مصدر قيادي في الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط».
وجاء الهجوم قبيل ساعات من تقديم المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا تقريرا حول جهوده الرامية لإيجاد حل للأزمة السورية أمام جلسة يعقدها مجلس الأمن الدولي في نيويورك، وتناقش خطة المبعوث لتجميد القتال في حلب بعد زيارة للعاصمة السورية الأسبوع الماضي.
قدم المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في جلسة مغلقة مساء أمس بنيويورك إفادته للدول الأعضاء بمجلس الأمن حول نتائج محادثاته مع الرئيس السوري بشار الأسد حول خطة تجميد القتال في حلب. وقالت مصادر دبلوماسية بالأمم المتحدة إن دي ميستورا أجاب عن تساؤلات أعضاء مجلس الأمن حول مدى التزام الحكومة السورية بتنفيذ الخطة التي يقترحها دي ميستورا، وإمكانية أن تلتزم بها قوى المعارضة، واستعداد الأطراف السورية للالتزام ببنود جنيف للتوصل إلى حل سياسي للأزمة، إضافة إلى أسئلة تتعلق بالمساعدات الإنسانية وموقف الحكومة التركية.
ووفقا للمصادر فإن المبعوث الأممي أكد لأعضاء مجلس الأمن الدولي أن الرئيس السوري أبدى موافقته على الخطة واستعداد حكومته تنفيذها.
ويرى دي ميستورا أن فرض منطقة تجميد للقتل سيؤدي إلى تهدئة العنف والسماح لمنظمات الإغاثة الإنسانية لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى الذين هم في أمس الحاجة إليها داخل سوريا.
وأضافت توما: «المبعوث الأممي لسوريا يضع مصلحة الشعب السوري في قمة أولوياته، لذا يعمل على خفض معدلات العنف من خلال هذه الخطة، والتركيز على وصول المساعدات بشكل غير مشروط لجميع السوريين وتوفير الخدمات للشعب السوري على المدى القصير والطويل لنكون قادرين على تجنب سيناريو انهيار الدولة».
وفي توقيت متزامن أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأميركي جين ساكي أن بلادها توصلت إلى اتفاق مبدئي مع تركيا حول تدريب وتجهيز الجماعات المعارضة السورية المعتدلة وتوقيع الاتفاق بشأنها في وقت قريب. وقالت ساكي للصحافيين: «أستطيع أن أؤكد أننا توصلنا على اتفاق من حيث المبدأ مع تركيا على تدريب وتجهيز المجموعات المعارضة السورية، وقد وافقت تركيا على أن تستضيف برامج تدريب قوات المعارضة السوري المعتدلة، ونتوقع إبرام وتوقيع الاتفاق مع تركيا قريبا».
ومن المتوقع أن ترسل الولايات المتحدة أكثر من 400 جندي بما في ذلك القوات الخاصة لتقوم بمهام تدريب وتجهيز المقاتلين من المعارضة السورية وتخطط الولايات المتحدة لتدريب 5 آلاف مقاتل سوري سنويا لمدة 3 سنوات، وأعلنت كل من تركيا والمملكة العربية السعودية وقطر استعدادهم لاستضافة برامج تدريب المقاتلين السوريين.
وذكر مصدر ميداني سوري لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن الجيش السوري تمكن خلال الهجوم الذي أطلقه صباح أمس، من السيطرة «على عدة بلدات وقرى» في ريف حلب الشمالي حيث تسيطر أيضا الفصائل المعارضة على طريق رئيسي يمتد نحو تركيا وتستخدمه لنقل المؤن والعتاد. وأوضح أن «اشتباكات عنيفة جدا حصلت وسط قصف مدفعي وصاروخي متواصل على مواقع الجماعات المسلحة في الكثير من الجبهات»، مشددا على أن «العملية ستتواصل بكل حزم وقوة».
وبينما يعوّل النظام على هذه الجبهة لفك الطوق عن مدينة حلب والحصار عن بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين المحاصرتين منذ أكثر من سنة، يرى مصدر قيادي في الجيش الحر أنّ معركة النظام في حلب لن تطول، وتحريكه لهذه الجبهة ليس إلا رسالة بعدما رفضت الفصائل المقاتلة في المنطقة القبول بخطّة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا لوقف القتال في حلب. وأوضح المصدر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «النظام كان يعول على تنفيذ الخطّة لتخفيف الضغط عنه في جبهة حلب والتركيز على جبهة الجنوب، لذا فهو لن يستمر طويلا في حربه هذه، لا سيما أنّه يفتقد إلى الكثير اللازم من المقاتلين وبات يعتمد في أهمّ الجبهات على عناصر من حزب الله والمرتزقة الذين يقاتلون مقابل بدل مادي». وأضاف: «النظام سبق له أن جرّب المواجهة في حلب ولم ينجح في مهمته واليوم مع وجود فصائل منظمة على رأسها (الجبهة الشامية) بات الوضع بالنسبة إليه أصعب».
من جهته أكّد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن قوات النظام السوري سيطرت على قريتي باشكوي ورتيان وحردتنين الواقعتين قرب طريق حلب - غازي عنتاب الدولي، نافيا المعلومات التي أشارت إلى أنّ المعارضة تمكنت من استعادتها، لافتا إلى استمرار المعارك العنيفة للسيطرة على قرى أخرى محيطة بها والتقدم نحو نبل والزهراء غربا. وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن النظام كان قد بدأ باستقدامه تعزيزات إلى حلب على 5 جبهات، وأوضح أنّ معالم المعركة قد تتضح خلال ساعات، أي إنّه إذا استطاع النظام السيطرة على بلدة بيانون، فهو سيتمكن عندها من فك الحصار عن نبل والزهراء وقطع طريق حلب بشكل نهائي.
وقال عبد الرحمن إن الهدف من الهجوم الذي يشنه الجيش السوري بمساندة من «لواء القدس الفلسطيني ومقاتلين من حزب الله اللبناني ومقاتلين شيعة من جنسيات إيرانية وأفغانية»، هو «إغلاق الطريق الذي يصل بين الجزء الخاضع لسيطرة المعارضة في حلب، وتركيا». وأدت المواجهات إلى وقف حركة السير على الطريق الذي يربط بين حلب والحدود التركية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».