الصدر يجمد «سرايا السلام» و«اليوم الموعود».. ويقر بوجود «ميليشيات وقحة»

ترحيب سني بالقرار الذي يأتي على خلفية خطف واغتيال شيخ عشيرة ونجله

مقتدى الصدر
مقتدى الصدر
TT

الصدر يجمد «سرايا السلام» و«اليوم الموعود».. ويقر بوجود «ميليشيات وقحة»

مقتدى الصدر
مقتدى الصدر

أشاد تحالف القوى العراقية (الكتلة البرلمانية السنية) بالقرار الذي اتخذه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أمس بتجميد «سرايا السلام» و«لواء اليوم الموعود» الناشطين ضمن قوات «الحشد الشعبي» إلى «أجل غير مسمى» طبقا لبيان صدر عن مكتبه في مدينة النجف.
وقال عضو البرلمان عن تحالف القوى، أحمد مدلول الجربا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الأوضاع التي نمر بها حاليا في العراق وما يمكن أن تنتج عنه من فتن ومآس في المستقبل تحتاج إلى مثل هذه المبادرات الشجاعة التي من شأنها المساعدة وبشكل كبير في نزع فتيل الأزمة».
وكان الصدر قد رد على استفتاء من أحد أتباعه حول حادثة خطف وقتل الشيخ قاسم الجنابي ونجله الجمعة الماضي ودور الميليشيات فيها، قائلا إنه «كبادرة حسن نية أتمنى أن تكون بداية تأسي الآخرين، أعلن عن تجميد لواء اليوم الموعود وسرايا السلام وجهات أخرى إلى أجل غير مسمى». وأضاف الصدر أن «على كتلة الأحرار العمل على توحيد الصف السياسي وكتابة ميثاق سياسي مع باقي الكتل حتى لا تراق الدماء في العراق، فيحقن الدم الشيعي والسني والمسيحي والصابئي وغيرهم على حد سواء».
وأعرب الصدر عن «استعداده للتعاون مع الجهات المختصة من أجل كشف المجرمين الذين قاموا بهذه الجريمة النكراء». كما دعا الجهات السياسية إلى ضبط النفس وعدم الانسحاب من العملية السياسية، وأكد أن العراق يعاني من ازدياد نفوذ الميليشيات «الوقحة» بسبب «الحقبة السابقة»، في إشارة إلى حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. وأضاف مخاطبا السياسيين «ألم أقول لكم إن العراق لا يعاني من (شذاذ الآفاق) بل من الميليشيات الوقحة أيضا، وأنه يجب تسليم الجيش العراقي زمام الأمور». وتابع أن «الحقبة السابقة قد أفاءت على العراق بازدياد نفوذ الميليشيات (وشذاذ الآفاق)، وتسلطهم على المظلومين»، مؤكدا أن «هناك من يريد المساس بأمن العراق واستقراره ويسعى لإضعاف الحكومة الجديدة التي أنهت (الولاية الثالثة)». ودعا الصدر «الجهات السياسية إلى ضبط النفس وعدم الانسحاب من العملية السياسية التي بدأت تتكامل شيئا فشيئا».
وفي هذا السياق أكد النائب الجربا أنه «لم يعد أمامنا سوى طريقين إما أن نعمل على لملمة الأمور وعدم انزلاق الأوضاع إلى فتنة طائفية جديدة لا تختلف عن فتنة عام 2006 أو نتحمل المسؤولية والوقوف بحزم ضد أطراف تريد للعراق أن ينزلق نحو الهاوية». وأشار إلى أن «جريمة اغتيال الشيخ قاسم الجنابي والتي رد عليها السيد الصدر ردا إيجابيا جريئا وشجاعا هي جريمة كبيرة»، مبينا أن «عمليات القتل التي تجري في البلد معروفة بالطرق التي تحصل فيها لكن هذه العملية منظمة بالكامل (..) وهو ما يتطلب منا جميعا اتخاذ إجراءات فاعلة وحقيقية تشبه مبادرة الصدر الشجاعة والجريئة والتي هي بمثابة درس للجميع وبالتالي فإنه يتوجب على الآخرين ممن لديهم ميليشيات أو أجنحة عسكرية أن يحذوا حذو الصدر إذا أردنا حماية أرواح المواطنين العراقيين من كل الطوائف والأديان والمذاهب».
من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري جمعة البهادلي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «السيد الصدر طالما عودنا على مثل هذه المبادرات التي تعبر عن انتمائه الوطني وعدم تخندقه ضمن أي طائفة أو عرق أو فئة لأن ما يهدف إليه هو بناء عملية سياسية صحيحة تقود في النهاية إلى بناء دولة مؤسسات لا ميليشيات». وأضاف البهادلي أن «الصدر حين ذهب إلى أربيل قبل سنتين من أجل قضية سحب الثقة عن المالكي قال إن هذه الخطوة ستكلفه الكثير في الفضاء الشيعي لكنه يريد بناء صرح للمستقبل لعراق واحد لأن الإرهاب وكما أثبتت التجارب يستهدف الجميع»، مشيرا إلى أن «ما يحصل في المحافظات الغربية مما يقوم به (داعش) ضد السنة يؤكد هذه الحقيقة ويتطلب منا جميعا الارتفاع إلى مستوى هذه التحديات التي تحتاج إلى قرارات كبيرة».
وحول مبادرة الصدر بتجميد «سرايا السلام» و«اليوم الموعود»، قال البهادلي إن «المناطق التي حررتها سرايا السلام واليوم الموعود سلمتها إلى الجيش العراقي ولم تبق فيها لأننا نريد في النهاية عراقا قويا يحميه جيش قوي ويطبق فيه القانون على الجميع». واتهم البهادلي حكومة نوري المالكي بـ«منح ميليشيات معينة قوة في الشارع من أجل التأثير على قوى سياسية أخرى وكانت قد ضربت عرض الحائط كل المبادرات التي تقدمنا بها من أجل إنهاء الميليشيات وتقوية الجيش العراقي».
من جهة أخرى، قال مبعوث الأمم المتحدة إلى العراق نيكولاي ملادينوف، أمام جلسة لمجلس الأمن حول العراق أمس، إنه «يساوره قلق عميق على سلامة الجماعات العرقية والدينية المتنوعة في العراق بالمناطق الخاضعة لسيطرة (داعش)». ونقلت عنه وكالة «رويترز» قوله إن: «ما يثير القلق بنفس الدرجة هو العدد المتزايد للتقارير عن ارتكاب هجمات انتقامية خاصة ضد الطائفة السنية في المناطق التي تحررت»، ودعا ملادينوف الحكومة العراقية إلى الإسراع بتقديم مساعدات عسكرية ومالية وعدت بها الزعماء المحليين ومقاتلي العشائر لمواجهة تنظيم داعش، لكنه حذر من الاكتفاء بالحل العسكري.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.