رئيس الوزراء الإسرائيلي يجند «داعش» لإخافة الناخبين من منافسيه

رئيس المخابرات السابق عد نتنياهو «مهووسا يدوس كل المحرمات في سبيل الكرسي»

رئيس الوزراء الإسرائيلي يجند «داعش» لإخافة الناخبين من منافسيه
TT

رئيس الوزراء الإسرائيلي يجند «داعش» لإخافة الناخبين من منافسيه

رئيس الوزراء الإسرائيلي يجند «داعش» لإخافة الناخبين من منافسيه

كشف النقاب عن جانب من حملة الدعاية الانتخابية لحزب الليكود بقيادة بنيامين نتنياهو، أمس، وفيها يظهر أنه سيستخدم رجالات «داعش» بأعلامهم وأناشيدهم وصورهم وهم ينفذون الهجمات الحربية، وذلك لكي يخيف الناخبين الإسرائيليين من «خطر فوز اليسار الناعم بالحكم».
وأثار نتنياهو بهذه الدعاية غضبا عارما ليس فقط لدى خصومه، بل أيضا لدى جنرالات كبار في الجيش والمخابرات، الذين علقوا قائلين إنه فقد صوابه وأخلاقه.
وقال الرئيس السابق لجهاز «الشاباك» (المخابرات العامة)، يوفال ديسكين، إن نتنياهو فقد الخجل بكل تأكيد، ويتصرف بشكل هستيري، ويدوس كل المحرمات، بلا رحمة، في سبيل الحفاظ على كرسيه في رئاسة الحكومة.
يشار إلى أن الليكود أعد شريطا دعائيا يظهر فيه «نشطاء داعش» متجهين إلى إسرائيل وهم يلوحون بأعلامهم. وعند أحد المفارق يسألون سائقا إسرائيليا: «كيف يمكن الوصول إلى القدس يا أخي؟». فيجيب السائق: «اتجهوا نحو اليسار». وكتب ديسكين على صفحته في «فيسبوك»، عن نتنياهو: «إنه الشخص الذي أطلق سراح الشيخ أحمد ياسين في 1997، وأعاد بناء حماس، والشخص الذي أطلق سراح أكثر من ألف مخرب عاد بعضهم إلى تنفيذ العمليات خلال فترة رئاسته للحكومة، والشخص الذي أطلق سراح المخربين كي لا يجمد البناء في المستوطنات بموجب صفقة مع البيت اليهودي، والشخص الذي انجر إلى أطول حرب منذ حرب الاستقلال ضد تنظيم إرهابي، والشخص الذي هدد إيران ولكنه لم يستطع هزم تنظيم إرهابي في غزة، هو ليس الذي سيحقق الأمن، وقد فقد الخجل، وهذا مؤكد».
كما هاجم المعسكر الصهيوني بشدة شريط الليكود، وقال في بيان إعلامي إن «نتنياهو يحيا داخل فيلم إذا كان يعتقد أننا نسينا فشله الكبير في مجال الأمن. لقد أطلق سراح أكثر من ألف مخرب ملطخة أيديهم بالدم، وعزز حماس، وتحولت إيران خلال فترته إلى دولة على عتبة التسلح النووي، والأمن الشخصي لمواطني إسرائيل يتعرض إلى المس يوميا». وقال الليكود معقبا على ما كتبه ديسكين: «إن ديسكين الذي دعا في 2-13 إلى تقسيم القدس وإقامة دولة فلسطينية على حدود 67، وتطبيق حق العودة للفلسطينيين جزئيا، سيتسبب بكارثة أمنية وسياسية. نتنياهو سيواصل الوقوف بإصرار أمام الضغوط وسيواصل الحفاظ على أمن كل الإسرائيليين».
ومن جهتها، أطلقت لجنة مستوطني الضفة الغربية مساء أمس حملة إعلانية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في شكل فيلم رسوم متحركة؛ إذ يقوم رجل ذو ملامح أوروبية من خلاله وهو جالس في مكتبه بتصفح صحيفة تشبه «صحيفة هآرتس» اسمها «اليسار»، تتضمن في صفحتها الأولى قصصا ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي. وأثناء ذلك يرن هاتفه مرة تلو الأخرى، وعندئذ يجري سماع شخص صاحب لهجة ألمانية وهو يقول له باللغة الإنجليزية: «هار شتايرمر، اليهودي هنا». ويدخل إلى المكتب شخص يهودي وهو يمسك بيديه أصفادا أو منشارا ويقترح بلهفة على السيد الألماني المزيد من القصص حول الأولاد والرضع الفلسطينيين، الجيش والحواجز العسكرية. وفي المقابل يرمي الأوروبي له، صاحب الوجه المخفي وراء أوراق الصحيفة، عدة قطع من النقود. وخلال ذلك يفرك اليهودي يديه، فيما يصرخ ويصيح الألماني قائلا: «اذهب! اذهب!». وفي الخلفية تسمع أصوات موسيقى كلاسيكية، فيما ترتفع أصوات الموسيقى شيئا فشيئا. ويصل الفيلم إلى نقطة الذروة عندما يهز الأوروبي الصحيفة التي تظهر صفحتها الأولى صورة لخط السكة الحديد الذي يقود للمعسكر. ويسأل اليهودي: «ماذا الآن؟»، ويرد عليه الأوروبي: «اذهب، ودبر أمورك بنفسك». ويقوم اليهودي بلف حبل على رقبته، ويضرب المفرمة التي يقف عليها جانبا. وفي الصورة الأخيرة تظهر جثة اليهودي تتحرك وهي معلقة على شجرة.
ويظهر على الشاشة أيضا بأحرف سوداء بارزة: «الأوروبيون قد يظهرون أنهم مختلفون اليوم، لكن أنتم تبدون الشيء نفسه بالنسبة إليهم». وبالقرب من العنوان تظهر شعارات للمنظمات التي تكافح ضد الاحتلال ومن أجل السلام والديمقراطية: الصندوق الجديد لإسرائيل، بتسيلم، يش دين، محسوم ووتش، حاخامات من أجل حقوق الإنسان، سلام الآن، نكسر حاجز الصمت، ومنظمة هناك حدود. وتظهر الشاشة بوضوح: الأوروبيون كانوا وسيبقون نازيين. ويصمون منظمات اليسار بأنها «أماكن عمل لليهود الباحثين عن المال، الذين يبيعون شعبهم مقابل الحصول على المال، حتى لو لم يكونوا بحاجة إليه».
وتظهر في الفيلم علامات لا سامية ونازية كلاسيكية بروح بروتوكولات حكماء صهيون و«اليهودي زيس». ويبرز ظهر أنف اليهودي طويلا بشكل غريب، وظهره محني، فيما تلمع عيناه عندما يتم رمي قطع النقود له. وأطلق اسم «هار شتايرمر» على السيد الألماني وذلك نسبة للصحيفة الرسمية للحزب النازي «دكتور شتايرمر»، الاسم الذي يطلقه نشطاء اليمين المتطرف والمستوطنون على صحيفة «هآرتس». أما موضوع وصف رجال اليسار، ونشطاء السلام ومنظمات حقوق الإنسان والصحافيين بالمتعاونين مع النازية فهو أمر ليس بجديد. وكانت مثل هذه الأوصاف قد وصلت إلى ذروتها في السنوات التي جرى التوقيع فيها على اتفاقية أوسلو من خلال استخدام تعابير مثل «يهودونيم». فقد سبق ونشرت صورة لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق يتسحاق رابين وهو بلباس الغستابو الألماني، وتظهر على ذراعه إشارة الصليب المعقوف. وحتى اليوم ساد اعتقاد أن هذه الظاهرة كانت هامشية ومحصورة نسبيا باليمين المتطرف. أما الفيلم المذكور فإنه يقوم لأول مرة باستخدام الأوروبيين في دور النازيين وليس الفلسطينيين، علما بأن الجهة التي قامت بترويج الفيلم في الشبكة هي مؤسسة رسمية: «لجنة مستوطني شومرون».



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».