التزام سياسي بوقف إطلاق النار في أوكرانيا.. رغم خرقه عسكريًّا

الجيش يتعرض للهجوم 60 مرة بعد سريان الاتفاق

دبابات أوكرانية في إقليم دونيتسك المضطرب أمس (أ.ف.ب)
دبابات أوكرانية في إقليم دونيتسك المضطرب أمس (أ.ف.ب)
TT

التزام سياسي بوقف إطلاق النار في أوكرانيا.. رغم خرقه عسكريًّا

دبابات أوكرانية في إقليم دونيتسك المضطرب أمس (أ.ف.ب)
دبابات أوكرانية في إقليم دونيتسك المضطرب أمس (أ.ف.ب)

التزم جميع الأطراف المعنية بوقف الإطلاق بموجب اتفاقية مينسك أمس، رغم ذكر الجيش الأوكراني أمس أن قواته تعرضت لإطلاق النار 60 مرة منذ سريان وقف إطلاق النار مع الانفصاليين. ويبدو أن أوكرانيا والدول الأوروبية وروسيا أجمعت على البقاء على الاتفاق بغض النظر عن الخروقات العسكرية.
وصرح المتحدث باسم الجيش أناتولي ستيلماخ لوكالة الصحافة الفرنسية بأن بلدة ديبالتسيفي الاستراتيجية الرئيسية لا تزال تشهد معظم الاشتباكات وأن الانفصاليين الموالين لروسيا أطلقوا صواريخ غراد على مواقع القوات الأوكرانية في المدينة. وأضاف أن المقاتلين الانفصاليين حاولوا 3 مرات الاستيلاء على قرية تشورنوخين على بعد 5 كيلومترات شرق ديبالتسيفي لكن تم صدهم في كل من هذه المرات.
وقال أناتولي ستيلماخ إن «الجنود الأوكرانيين لا يستخدمون مدفعيتهم ويكتفون بالرد على الهجمات المعادية». وعلى الرغم من هذه الهجمات أعلنت الرئاسة الفرنسية أمس أن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو «لاحظوا أن التقيد بوقف إطلاق النار» في شرق أوكرانيا «مُرضٍ بشكل عام رغم بعض الحوادث التي لا بد من معالجتها سريعا».
وجاء هذا البيان خلاصة للوضع في شرق أوكرانيا تبناها القادة الـ4 بعد مكالمة هاتفية بينهم، جرت بعد ساعات على بدء العمل بوقف إطلاق النار.
ووسط أجواء توحي بالتفاؤل المشوب بكثير من القلق تجاه احتمالات عدم الالتزام بوقف إطلاق النار، أعلنت قيادة قوات مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك في جنوب شرقي أوكرانيا عن أن الموقف في هذه المناطق يتسم بالهدوء النسبي، وإن أشارت إلى بعض انتهاكات وقعت خلال محاولات لم تكلل بالنجاح من جانب القوات الحكومية الأوكرانية لفك الحصار عن القوات التي كانت قوات الدفاع الذاتي في منطقة ديبالتسيفو جنوب شرقي أوكرانيا نجحت في إحكام طوق الحصار حولها منذ نهاية العام الماضي. ونقلت وكالة أنباء «سبوتنيك» عن إدوارد باسورين نائب قائد قوات وزارة الدفاع لجمهورية دونيتسك الشعبية قوله: «إن وحدات من قوات جمهورية دونيتسك تضطر إلى إطلاق النار على مسلحين قدموا من كييف للقيام بالأعمال العسكرية والتخريبية في ضواحي مدينة ديبالتسيفو»، أكبر مركز لتقاطع السكك الحديدية في منطقة جنوب شرقي أوكرانيا. ومن اللافت أن عددا من فصائل القوميين المتشددين ومنها «القطاع الأيمن» بزعامة ديمتري ياروش سارع إلى الإعلان عن رفضه الالتزام ببنود «اتفاق مينسك - 2»، وتأكيد رفضهم لوقف إطلاق النار.
وأعلنت مصادر الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تبادل الاتصالات الهاتفية مع كل من ميركل وهولاند حول مدى التزام الأطراف المعنية ببند وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ اعتبارا من منتصف ليل أمس الأحد بموجب اتفاق «مينسك - 2» ذي النقاط الـ13. وكشفت موسكو أيضا عن اتصال هاتفي بين سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري تطرق إلى المسائل المتعلقة بتنفيذ «مينسك - 2»، إلى جانب مدى الالتزام بقرار وقف إطلاق النار في جنوب شرقي أوكرانيا. وحذرت وزارة الخارجية الروسية من مغبة دعوة بعض أقطاب التيارات القومية المتشددة إلى عدم الالتزام بتنفيذ بنود «مينسك - 2»، بينما اتهمت بافيل كليمكين وزير الخارجية الأوكرانية وبعض الدول الغربية بتأجيج مشاعر «التطرف» من خلال تشويه مضمون هذا الاتفاق.
وأشارت وكالة أنباء «تاس» إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما تحدث أيضا مع المستشارة الألمانية ونظيره الأوكراني بوروشينكو. وأشارت إلى أن أوباما أعرب في حديثه مع بوروشينكو عن قلقه تجاه الأوضاع في منطقة ديبالتسوفو.



أوكرانيا تهاجم منشآت نفط تزود القوات الروسية بإمدادات الوقود

ألسنة اللهب تتصاعد من منشأة نفطية في منطقة أوريول (غرب) الروسية ليل الجمعة السبت (رويترز)
ألسنة اللهب تتصاعد من منشأة نفطية في منطقة أوريول (غرب) الروسية ليل الجمعة السبت (رويترز)
TT

أوكرانيا تهاجم منشآت نفط تزود القوات الروسية بإمدادات الوقود

ألسنة اللهب تتصاعد من منشأة نفطية في منطقة أوريول (غرب) الروسية ليل الجمعة السبت (رويترز)
ألسنة اللهب تتصاعد من منشأة نفطية في منطقة أوريول (غرب) الروسية ليل الجمعة السبت (رويترز)

قصفت القوات الأوكرانية منشأة نفطية في منطقة أوريول (غرب) الروسية ليل الجمعة السبت، ما أدى إلى اشتعال حريق، وهذا ما أكدته السلطات المحلية، واصفة الهجوم بالمسيرات بـ«الضخم». وقال أندريه كليتشكوف حاكم المنطقة الروسية، السبت، إن طائرات مسيرة أوكرانية قصفت «منشأة للبنية التحتية للوقود» في أورلوف، ما تسبب في اندلاع حريق.

ولم يقدم كليتشكوف، في بيان عبر «تلغرام»، أي معلومات أخرى حول الموقع الذي تعرض للقصف، لكنه قال إنه تم إسقاط 11 طائرة مسيرة فوق المنطقة. وأضاف أنه لم تقع إصابات جراء الحريق الذي تمت السيطرة عليه.

جنود أوكرانيون يعملون على تعزيز دفاعات قواتهم في وجه التقدم الروسي المتواصل على جبهة شرق أوكرانيا (رويترز)

وأوضحت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، في بيان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية، أن القوات الأوكرانية هاجمت «ستالنوي كون» في منطقة أوريول على مسافة نحو 165 كيلومتراً من الحدود الأوكرانية. وأضافت: «هذه إحدى كبرى منشآت النفط في ضواحي أوريول»، وهي تشكّل جزءاً من «المجمع الصناعي العسكري» الذي يوفر احتياجات الجيش الروسي. وتظهر صور قيل إنها للهجوم ونشرتها وسائل إعلام روسية، أعمدة من الدخان تتصاعد جراء حريق خلال الليل. وأظهر مقطع مصور جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي حريقاً كبيراً في منشأة تبدو صناعية.

وفي منطقة بيلغورود، قُتل طفل يبلغ من العمر 9 أعوام في هجوم بمسيّرة أوكرانية استهدفت منزلاً في بلدة مايسكي، حسبما أفاد الحاكم الإقليمي فياتشيسلاف غلادوف السبت. وأوضح أن والدة الطفل و ابنتها التي تبلغ من العمر 7 أعوام، أصيبتا بجروح ونُقلتا إلى المستشفى.

وتنفّذ كييف بانتظام ضربات بمسيّرات على روسيا، خصوصاً على مواقع عسكرية وأخرى للطاقة.

جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع «هاوتزر» ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

وليل الجمعة السبت، شنّت روسيا هجوماً على أوكرانيا باستخدام 132 مسيّرة، تمّ إسقاط 130 منها، حسبما أعلن سلاح الجو الأوكراني.

من جانبه، قال الجيش الروسي، السبت، إنّه أسقط خلال الليل وفي الصباح نحو أربعين مسيّرة معادية، خصوصاً فوق مناطق روسية متاخمة لأوكرانيا.

وقال فلاديمير كوندراتييف حاكم منطقة كراسنودار إن الدفاعات الجوية دمّرت طائرات مسيرة أوكرانية في مناطق عدة إلى الجنوب والشرق من أوكرانيا. وقال ألكسندر بوجوماز، حاكم منطقة بريانسك، إن الدفاعات الجوية دمّرت 7 طائرات مسيّرة فوق المنطقة الواقعة على الحدود مع أوكرانيا.

جندي روسي يركب في الجزء الخلفي من عربة عسكرية أثناء تدريب قتالي في ميدان رماية في منطقة كراسنودار بروسيا في 12 ديسمبر 2024 (رويترز)

وفي منطقة بيلغورود الروسية، التي كثيراً ما تستهدفها القوات الأوكرانية على الحدود الشمالية الشرقية، قال حاكم المنطقة فياتشيسلاف جلادكوف إن القوات الأوكرانية هاجمت قريتين، ما أدى إلى إصابة أحد السكان واشتعال حريق في منزل تم إخماده سريعاً.

قال المتحدث باسم مجموعة القتال الشرقية الروسية في الحرب ضد أوكرانيا، أوليج تشيخوف، إن القوات المسلحة الأوكرانية فقدت 145 جندياً، خلال 24 ساعة، نتيجة للعمليات التي نفذتها وحدات من المجموعة. ونقلت وكالة «تاس» الروسية للأنباء، السبت، عن المتحدث قوله إن «وحدات

مجموعة القتال الشرقية واصلت التقدم في عمق دفاعات العدو نتيجة للعمليات النشطة».

وأضاف: «ألحقت القوات الروسية أضراراً بقوات ومعدات وحدات الألوية الميكانيكية وألوية الدفاع الإقليمي بالقرب من دنيبروينيرجيا ونوفوبول

وفيليكايا نوفوسيلكا». وتابع: «خسر العدو 145 جندياً ومركبة قتالية مدرعة طراز (ماكسبرو) وسيارة واحدة، بالإضافة إلى أنظمة مدفعية ذاتية الحركة من طرازي (أكاتسيا) و(جفوزديكا) خلال 24 ساعة».

ناشطات من منظمة «الشرف» يحملن صور جنود أوكرانيين سقطوا في المعارك خلال وقفة «دقيقة صمت» في كييف (أ.ف.ب)

ودعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده.

وقال زيلينسكي، في خطابه المسائي بالفيديو، إنه من الضروري اتخاذ خطوات توضح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن «إرهابه لن ينجح».

واقترح أن يركز شركاء أوكرانيا الغربيون بشكل أقل على الاستقرار في موسكو وبشكل أكثر على الأمن العالمي. وأعرب عن امتنانه للولايات المتحدة لتقديم حزمة مساعدات جديدة لبلاده بقيمة 500 مليون دولار.

وشنّت روسيا إحدى كبرى هجماتها على أوكرانيا في وقت مبكر الجمعة. ووفقاً لزيلينسكي، أرسل الجيش الروسي نحو 200 طائرة مسيرة و94 صاروخاً. واتهم القيادة الروسية بممارسة «الإرهاب» ضد السكان المدنيين، مشيراً إلى أنهم كانوا ينتظرون على وجه التحديد أن تتسبب ظروف الصقيع في تفاقم الوضع بالنسبة للناس.

وزراء خارجية 6 دول أوروبية - أطلسية (فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وإسبانيا وبريطانيا) وممثلة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي بمناسبة اجتماع لهم في برلين لدعم أوكرانيا (رويترز)

اضطرت أوكرانيا، الجمعة، إلى خفض إنتاج محطاتها للطاقة النووية بعد هجوم روسي واسع النطاق على شبكة الطاقة الخاصة بها. وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على منصة «إكس» أن 5 من بين 9 مفاعلات نووية عاملة في أوكرانيا تأثرت بشكل غير مباشر.

ووصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الهجمات الليلية بإطلاق أكثر من 90 صاروخاً وما يقرب من 200 طائرة مسيرة قتالية، بأنها «واحدة من كبرى الهجمات على شبكتنا الكهربائية». وقد حذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تتخذ من فيينا مقراً لها، مراراً، من أن الهجمات تزيد بشكل غير مباشر من خطر وقوع حوادث نووية.

كما أكد الرئيس الأوكراني قيامه بزيارة بروكسل في الأيام القليلة المقبلة. وهناك، سيبحث قادة دول أوروبية في حلف شمال الأطلسي (الناتو) مع زيلينسكي تقديم المزيد من الدعم لأوكرانيا وضمانات أمنية محتملة حال وقف إطلاق النار.

يرى الخبير العسكري النمساوي، الكولونيل ماركوس رايسنر، أنه لا يمكن ضمان تحقيق سلام محتمل في أوكرانيا إلا من خلال قوات قوية لحفظ سلام. وقال رايسنر، في مقابلة مع صحيفة «فيلت آم زونتاج» الألمانية، تنشرها في عددها، الأحد، إنه لا يرى أن مهمة مراقبة بحتة ستكون كافية، مضيفاً أنه يجب لذلك تسليح الجنود لضمان السلام. وأضاف، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية: «من وجهة نظري، سيكون من الضروري نشر ما بين 100 ألف و150 ألف جندي على الأقل لتأمين السلام بنجاح في أوكرانيا».

صورة جماعية لقادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل (أ.ب)

وذكر رايسنر أن من الممكن تخفيض عدد قوات حفظ السلام في وقت لاحق، «ولكن بشكل خاص في بداية مثل هذه المهمة، تكون الخدمات اللوجيستية المعقدة ضرورية، مثل إزالة الألغام بحرص على طول خط المواجهة». وأوضح رايسنر أنه في حال وجود عدد صغير من الجنود، فإن احتمال انتهاك وقف إطلاق النار يكون أعلى بكثير.

وتجري حالياً في مختلف اللجان الدولية مناقشة مهمة سلام محتملة، طرحها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب. ووفقاً لرايسنر، لا يستطيع الأوروبيون وحدهم تأمين منطقة منزوعة السلاح في أوكرانيا. وقال الخبير العسكري المعترف به دولياً: «ليس من المتوقع أن تكون كبرى الدول الأوروبية - أي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا - قادرة على تقديم أكثر من 25 ألفاً إلى 50 ألف جندي في الانتشار الأول»، مشيراً إلى أنه سيكون هناك بعد ذلك بضعة آلاف أخرى من الجنود من دول أخرى في الاتحاد الأوروبي.

وأوضح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سوف يكون مهتماً بمشاركة «أكبر عدد ممكن من بلدان ما يسمى الجنوب العالمي، أي من دول مثل الهند وبنغلاديش، وكذلك من أفريقيا».