دعم سياسي لرئيسة الأرجنتين بعد اتهامها بالتلاعب في تحقيق المركز اليهودي

الناطق باسم كيرشنر يؤكد عدم استدعائها مع غياب الأدلة الكافية

الرئيسة الأرجنتينية في محافظة سانتا كروز أول من أمس (أ.ف.ب)
الرئيسة الأرجنتينية في محافظة سانتا كروز أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

دعم سياسي لرئيسة الأرجنتين بعد اتهامها بالتلاعب في تحقيق المركز اليهودي

الرئيسة الأرجنتينية في محافظة سانتا كروز أول من أمس (أ.ف.ب)
الرئيسة الأرجنتينية في محافظة سانتا كروز أول من أمس (أ.ف.ب)

أعلن وزراء في حكومة الأرجنتين أمس دعمهم للرئيسة كريستينا كيرشنر رافضين اتهامها بالتدخل لمنع محاكمة مسؤولين إيرانيين يشتبه في تورطهم في تفجير مركز يهودي في بوينس آيرس عام 1994. واعتبر وزير الداخلية والنقل فلورنسيو رانداتسو أن هذه الاتهامات «سخيفة جدا»، في دعم سياسي للرئيسة التي وجهت لها التهمة يوم الجمعة الماضي بموجب محضر أعده قاضي التحقيق ألبرتو نيسمان قبل العثور عليه ميتا في شقته عشية جلسة استماع في البرلمان.
وكان نيسمان يقود التحقيق في الاعتداء على المركز اليهودي الذي أسفر عن 85 قتيلا و300 جريح، بعد 20 عاما على وقوعه. وشدد على أن كيرشنر متورطة بحماية مسؤولين إيرانيين كبار من التحقيق. وبعد وفاة نيسمان، تبنى فريق الادعاء بسرعة الاتهامات التي أعدها ضد رئيسة البلاد.
وبات على القاضي دانيال رافيكاس النظر في الملف المكون من 300 صفحة، وأضيفت إليه تسجيلات التصنت على المكالمات الهاتفية، وسيقرر ما إذا كان سيفتح أم لا إجراء قانوني ضد كيرشنر.
وأكد انيبال فرنانديز كبير الناطقين باسم الرئيسة كيرشنر أنه لم يصدر اتهام رسمي يتضمن استدعاء الرئيسة. وقال: «لم يتمكنوا من العثور على أي شيء لذلك لم يتمكنوا من إصدار طلب استدعاء رسمي».
وكيرشنر البالغة من العمر 61 عاما تتمتع بالحصانة ولا يمكن أن تعاقب إلا إذا وافق ثلثا أعضاء البرلمان على رفع الحصانة، ولكن من المستبعد أن يحدث ذلك في الدورة التشريعية الحالية.
وأبلغت الرئيسة الجمعة الماضي بالاتهام بينما كانت متوجهة بالطائرة من العاصمة إلى سانتا كروز مدينة زوجها للاحتفال أول من أمس.
وكتبت الرئيسة على صفحتها على موقع «فيسبوك»: «يمكنهم الاحتفاظ بكل هذه الكراهية والأكاذيب. سنتركها لهم». وأضافت: «سنعرف بالمكاسب التي حققها المتقاعدون ومزيد من الحقوق وحد أدنى أفضل للأجور ودعم المدارس والأطفال..»..
وقبل كيرشنر التي تتولى الحكم منذ 2007، وجه الادعاء إلى الرئيس كارلوس منعم (الذي تولى الرئاسة بين عامي 1989 و1999) تهمة عرقلة التحقيق في التسعينات حول الاعتداء على المركز اليهودي وسيحاكم على هذا الأساس.
وعثر على المدعي نيسمان (51 عاما) المسؤول عن ملف المركز اليهودي منذ 2004، ميتا بطلقة في الرأس في شقته في بوينس آيرس في 18 يناير (كانون الثاني) الماضي.
وأفادت العناصر الأولية للتحقيق بحصول انتحار، لكن الشعب الأرجنتيني لم يصدق هذه الفرضية. وكان هذا القاضي يعتبر أن إيران أمرت بالاعتداء وأن عناصر من حزب الله الشيعي اللبناني فجروا المبنى الذي كان يضم أبرز المؤسسات اليهودية في الأرجنتين.
وقد طلب المدعي جيراردو بوليسيتا الجمعة الماضي توجيه الاتهام إلى كريستينا كيرشنر وإلى وزير خارجيتها هكتور تيمرمان «بجرم عرقلة القضاء والإخلال بالواجب المترتب على الموظف». وأعطى بوليسيتا دفعا جديدا لملف الاتهام المدوي ضد كيرشنر الذي كشف عنه نيسمان في 14 يناير.
وقبل الاعتداء على المركز اليهودي في 1994، استهدف هجوم آخر بسيارة مفخخة سفارة إسرائيل في بوينس آيرس، وأسفر عن 29 قتيلا في مارس (آذار) 1992.
وفي 2013، وقعت كيرشنر مع طهران مذكرة تنص على الاستماع في طهران إلى مشتبه بهم إيرانيين كانت الأرجنتين تطالب بتسليمهم منذ 2007 لمحاكمتهم في بوينس آيرس، لكن السلطات الإيرانية لم تلب طلبها.
وتعتبر الطائفة اليهودية ومعارضو كيرشنر والولايات المتحدة وإسرائيل أن هذه المبادرة تعرقل كشف الملابسات لأنها تستبعد احتمال إجراء محاكمة في الأرجنتين.
وقد حصلت مخالفات في التحقيق حول اعتداء 1994. وأوقف مشتبه بهم ثم أخلي سبيلهم ومنهم عناصر شرطة والشخص الذي يسود الاعتقاد أنه أمن الشاحنة المفخخة كارلوس تاج الدين.
وسيحاكم القاضي المسؤول عن التحقيق في الملف بين عامي 1994 و2003 خوان غاليانو، والمتهم بدفع 400 ألف دولار إلى كارلوس تاج الدين لاتهام أحد المشتبه بهم، والرئيس السابق لأجهزة الاستخبارات والرئيس السابق كارلوس منعم، بتهمة عرقلة وحرف التحقيق عن مساره لكن موعد المحاكمة لم يتحدد بعد.
وأعلنت المدعية العامة الأرجنتينية اليخاندرا جيلس كاربو تعيين فريق من 3 قضاة هم روبرتو سلوم وباتريسيو ساباديني وسابرينا نمر ومنسق في النيابة الخاصة التي كان يرأسها نيسمان منذ 2004.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.