قادت أسهم قطاع الطاقة مؤشرات الأسهم الرئيسية للارتفاع خلال الأسبوع الماضي، لتتجاوز مستويات تاريخية وذلك بعد انتعاش أسعار النفط للأسبوع الثالث على التوالي، مدعومة بانخفاض منصات التنقيب في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي بأكبر وتيرة في 22 عاما، مع توقعات بنمو الطلب على النفط وانخفاض المعروض منه خلال العام الحالي، تأثرا بتخفيض الإنفاق الرأسمالي للشركات.
وجاءت هذه البيانات لتدعم أداء أسهم الطاقة والتي انعكس أداؤها على المؤشرات الرئيسية، حيث صعد مؤشر «داوجونز» الصناعي على مدار الأسبوع بنسبة 1 في المائة (+ 195 نقطة) ليغلق بنهاية تداولات الجمعة عند 18019 نقطة، متجاوزا بذلك حاجز 18 ألف نقطة الذي لم يستطع أن يتجاوزه منذ 26 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما ارتفع أيضا كل من مؤشر «ناسداك» (+ 149 نقطة) بنسبة 3 في المائة ليصل إلى 4894 نقطة، وهو أعلى إغلاق له منذ مارس (آذار) عام 2000، ومؤشر «S&P 500» الأوسع نطاقا بنسبة 2 في المائة ليكسب (+ 42 نقطة) ويصل إلى 2097 نقطة، وهو أعلى مستوياته على الإطلاق.
وجاء تأثير أسهم قطاع الطاقة على بقية الأسهم، أكبر من بعض البيانات الاقتصادية السلبية مثل تهاوي مؤشر ثقة المستهلكين الأميركيين خلال فبراير (شباط) من أعلى مستوى سجله في 11 عاما خلال يناير (كانون الأول) الماضي، وتراجع مبيعات التجزئة خلال يناير الماضي للشهر الثاني على التوالي بسبب تراجع أسعار الوقود، وذلك رغم تسارع وتيرة التوظيف وتحسن الاقتصاد.
وفي أوروبا، جاءت البيانات الاقتصادية الإيجابية لدول منطقة العملة الموحدة لتدفع مؤشرات الأسهم للارتفاع للأسبوع الثاني على التوالي، حيث شهدت منطقة اليورو نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3 في المائة خلال الربع الرابع من العام الماضي، متجاوزا التوقعات التي أشارت لارتفاعه بنسبة 0.2 في المائة فقط، مدعوما بأداء الاقتصاد الألماني القوي، وما زالت التوقعات إيجابية للأداء الاقتصادي لبقية بلدان المنطقة، والتي أشارت إليه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تقرير حديث له يظهر نموا مطردا وعلامات تحسن في دول منطقة اليورو.
وجاءت هذه البيانات لتدعم مؤشرات الأسهم الرئيسية ليرتفع مؤشر «ستوكس يوروب 600» خلال الأسبوع بنسبة 1 في المائة ويصل إلى 377 نقطة.
ودعم الأسهم أيضا هدوء حدة التصريحات بشأن الأزمة اليونانية، حيث أعلن رئيس الوزراء اليوناني «أليكسيس تسيبراس» في مستهل الأسبوع الماضي عن خطة للعمل مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، لصياغة برنامج إصلاحي، كما أعلن المتحدث باسم الحكومة أن أثينا ستقدم ما في وسعها للتوصل لاتفاق مع شركائها الأوروبيين.
وفي رد فعل على تلك التصريحات أشادت كريستين لاغارد رئيسة صندوق النقد الدولي بعد اجتماع مع وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس بالحكومة الجديدة داعية العالم للاستماع لهم.
وكان البنك المركزي الأوروبي قد اتخذ قرارا يوم الخميس بزيادة سقف برنامج المساعدات الطارئة للبنوك اليونانية بمقدار 5 مليارات يورو (نحو 5.7 مليار دولار)، كما لمح رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس إلى إحراز تقدم في المحادثات.
أما عن بقية مؤشرات الأسهم الأوروبية فقد ارتفع مؤشر «فوتسي 100» البريطاني بنسبة 0.3 في المائة، ليصل بنهاية تداولات الجمعة إلى 6874 نقطة، وأظهر استطلاع حديث لـ«رويترز» أن الانتخابات القادمة في بريطانيا وضعف الأجور يمثلان أكبر تهديدات للانتعاش الاقتصادي.
وعن أبرز مؤشرات الأسهم الأوروبية الأخرى، ارتفع مؤشر «كاك» الفرنسي بنسبة 1 في المائة على مدار الأسبوع ليصل إلى 4759 نقطة، مدفوعا بنمو طفيف للناتج المحلي الإجمالي قدره 0.1 في المائة خلال الربع الأخير من العام الماضي، كما تعافى الإنتاج الصناعي الفرنسي ليرتفع بنسبة 1.5 في المائة خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، متجاوزا التوقعات.
وصعدت أيضا الأسهم الألمانية مخترقة حاجز 11 ألف نقطة خلال التداولات وذلك لأول مرة في تاريخها، بعد نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 0.7 في المائة خلال الربع الأخير من العام الماضي، مقابل نمو بنحو 0.1 في المائة خلال الربع الثالث من نفس العام، متجاوزا التوقعات التي أشارت إلى نموه بنسبة 0.3 في المائة فقط، وذلك بدعم ارتفاع الطلب المحلي، وزيادة الإنفاق الاستهلاكي للأسر، بالإضافة إلى الزيادة في صادرات السلع والخدمات، وتكوين رأس المال الثابت.
وانعكس هذا الأداء الإيجابي على فائض الميزان التجاري، والذي ارتفع خلال العام الماضي لأعلى مستوى له على الإطلاق، ودفعت تلك البيانات الإيجابية المؤشر الرئيسي للأسهم «داكس» ليصعد بنسبة 1 في المائة خلال الأسبوع ويصل إلى 10963 نقطة.
وفي آسيا، عادت الأسهم الصينية للارتفاع مرة أخرى بعد تراجعها على مدار 3 أسابيع متواصلة، وارتفع مؤشر «شنغهاي» المجمع بنهاية تداولات الأسبوع إلى 3204 نقاط بنسبة نمو قدرها 4 في المائة على مدار الأسبوع.
وتراجع معدل التضخم في الصين خلال يناير (كانون الثاني) الماضي إلى أدنى مستوياته في 5 سنوات، وأظهرت بيانات البنك المركزي ضخ سيولة مالية بقيمة 45 مليار يوان صيني (7.2 مليار دولار) في النظام المالي في البلاد، وذلك للأسبوع السابع على التوالي.
وتأتي الزيادة في النقد بالأسواق لتنضم إلى محاولات الحكومة الصينية لدعم النمو الاقتصادي، والتي تضمنت خفض قيمة الاحتياطي المطلوب من البنوك الاحتفاظ بها بنحو 50 نقطة مئوية إلى 19.5 في المائة، وهو ما أسهم بفاعلية في تحرير قروض محتملة بقيمة 100 مليار دولار.
أما الأسهم اليابانية فقد لحقت بنظيرتها الصينية، حيث صعد مؤشر «نيكي» بنسبة 2 في المائة خلال الأسبوع ليصل إلى 17913 نقطة، كما ارتفع مؤشر «توبكس» بنسبة 2 في المائة إلى 1449 نقطة.
وعن المعدن النفيس، فقد شهد الطلب عليه في العام الماضي أدنى مستوى له خلال 5 سنوات، حيث أعلن مجلس الذهب العالمي تراجع الطلب إلى 3924 طنا متريا منخفضا 4 في المائة على أساس سنوي كما أنه المستوى الأدنى منذ عام 2009.
وبالإضافة لتلك البيانات تأثرت الأسعار بحالة الهدوء التي تشوب الأزمة اليونانية، لتنخفض العقود الآجلة تسليم أبريل (نيسان) بنسبة 0.6 في المائة لتصل إلى 1227 دولارا للأوقية، وتراجعت الأسعار الفورية بنسبة 0.3 في المائة على مدار الأسبوع الماضي لتصل عند التسوية إلى 1230 دولارا للأوقية.
وعلى صعيد أسعار النفط، فقد واصلت الارتفاع للأسبوع الثالث على التوالي، مدعومة بتراجع منصات التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة، وإيقاف الكثير من المشاريع الإنتاجية خلال الفترة الماضية، مما يزيد من توقعات انخفاض المعروض في الأسواق العالمية.
وارتفع الخام الأميركي على مدار الأسبوع بنسبة 2 في المائة ليصل إلى 52.78 دولار للبرميل، وصعد خام برنت بنسبة 6 في المائة ليصل إلى 61.52 دولار للبرميل بنهاية تداولات الجمعة.
وجاء هذا الارتفاع بعد أن كشفت بيانات صادرة عن شركة «بيكرهيوز» للخدمات النفطية الجمعة أن عدد منصات التنقيب في أميركا واصل تراجعه الأسبوعي حيث هبط بـ84 إلى 1056 منصة – وهو الانخفاض الأسبوعي الأكبر منذ عام 1993 - بينما تراجع العدد الإجمالي الذي يشمل النفط والغاز معا بـ98 ليصل عدد المنصات العاملة إلى 1358.
وساعد هذا الانخفاض الحاد في عدد منصات النفط في الولايات المتحدة على رفع الأسعار من مستوياتها المتدنية، حسبما جاء في تقرير لبنك «غولدمان ساكس».
وجاء هذا الارتفاع بأسعار النفط بعد أن فقدت أكثر من نصف قيمتها منذ يونيو (حزيران) الماضي، مما دفع الكثير من المتابعين على حث الشركات بخفض نفقاتها كما ذكرت «برايس ووترهاوس كوبر» في تقرير حديث لها.
وهو ما انعكس بالفعل على السوق النفطية فوفقا لتقديرات بنك «باركليز»، أظهرت بيانات الكثير من شركات النفط والغاز – التي تمثل ما يقرب من 49 في المائة من الإنفاق العالمي في قطاع الطاقة – نية هذه الشركات خفض إنفاقها الرأسمالي بنسبة 16 في المائة خلال عام 2015، وهو ما يوحي بتراجع عمليات التنقيب والاستكشاف، وبالتالي تراجع المعروض.
ودفعت تلك البيانات منظمة «أوبك» لخفض توقعاتها بشأن نمو المعروض العالمي من النفط خلال عام 2015، مع تراجع نشاط التنقيب من قبل المنتجين الأميركيين، كما خفضت توقعاتها لنمو المعروض من الخام خارج الدول الأعضاء في المنظمة بنحو 400 ألف برميل يوميا، وعلى الجانب الآخر توقعت المنظمة أن يبلغ متوسط الطلب على نفطها 29.21 مليون برميل يوميا في عام 2015 بزيادة قدرها 430 ألف برميل يوميا عن التوقعات السابقة.
ولم تكن تلك التوقعات الوحيدة بزيادة الطلب على النفط خلال العام الحالي، بل دعمتها توقعات وكالة الطاقة الدولية، بارتفاع الطلب العالمي على نفط منظمة «أوبك» إلى 29.90 مليون برميل يوميا.
* الوحدة الاقتصادية بـ«الشرق الأوسط»