منتدى مراكش للأمن يدعو إلى مواجهة التهديدات الإرهابية العابرة للحدود

تشارك فيه 74 دولة لمناقشة مخاطر الإرهاب الكيميائي والبيولوجي

جانب من أشغال الدورة السادسة لـ«منتدى مراكش للأمن» (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
جانب من أشغال الدورة السادسة لـ«منتدى مراكش للأمن» (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
TT

منتدى مراكش للأمن يدعو إلى مواجهة التهديدات الإرهابية العابرة للحدود

جانب من أشغال الدورة السادسة لـ«منتدى مراكش للأمن» (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
جانب من أشغال الدورة السادسة لـ«منتدى مراكش للأمن» (تصوير: عبد الرحمن المختاري)

أكد المشاركون في الدورة السادسة لـ«منتدى مراكش للأمن»، الذي احتضنته أمس مدينة مراكش المغربية، على ضرورة اعتماد مقاربة شمولية ترتكز على تقاسم التحديات الأمنية، وعدم الاكتفاء بالمقاربة الأمنية في التصدي للتهديدات الإرهابية التي تواجه أفريقيا، ومن أبرزها مخاطر الإرهاب الكيميائي والبيولوجي.
وأبرز المتدخلون في الجلسة الافتتاحية للمنتدى، المنظم تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، في موضوع «أفريقيا في مواجهة التهديدات العابرة للحدود الوطنية واللا متماثلة»، أن التهديد الإرهابي المتزايد يفرض التعجيل باعتماد مقاربة شمولية ترتكز على تحقيق الأمن ورفع تحدي التنمية، وتقاسم أكبر للتحديات الإرهابية التي تواجهها القارة الأفريقية.
وأكد محمد بن حمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، أن الدول الأفريقية والمنتظم الدولي مدعوون إلى إرساء أسس مقاربة شمولية تربط بين النمو الاقتصادي، والحكامة والتنمية في محاربة تنامي التهديد الإرهابي، مشيرا إلى أن تقاسم التحديات الأمنية يساهم في إنجاح أي توجه للتصدي لظاهرة الإرهاب.
وشدد بنحمو، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، على أن «اختيار موضوع دورة هذه السنة من «منتدى مراكش للأمن»، التي تعرف مشاركة أكثر من 300 من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين والأمنيين والخبراء، ينتمون إلى 74 دولة ومنظمة، جاء في «سياق استشرافي لتطور الأحداث، خصوصا بعد ظهور ظاهرة المقاتلين الأجانب، وتفاقم الأزمات التي تعرفها عدة مناطق في أفريقيا، بشكل أكد أن التحدي الأكبر القادم سيكون أمنيا بالأساس».
وزاد بنحمو، قائلا إن «السؤال المطروح في الوقت الراهن هو كيف يمكن أن نبلور أجوبة على التحديات الأمنية المطروحة»، مشددا على أن «المواجهة لا تعني بالضرورة الاكتفاء بالمقاربة الأمنية، التي تستدعي رغم أهميتها الانفتاح على مقاربات تهم تحقيق التنمية، ومدى احترام حقوق الإنسان وتفعيل الحكامة الجيدة».
ورأى بنحمو أن «التهديدات الجماعية التي تواجه القارة السمراء تتطلب ردا جماعيا وتعاونا منفتحا على الجميع، بدل اعتماد سياسات انفرادية لا تحقق النتائج المرجوة».
وبعد أن أكد على أن «أفريقيا تبقى قارة للفرص والمستقبل»، شدد بنحمو على الحاجة إلى أن تكون أفريقيا «فضاء للأمن والاستقرار والتنمية بإبعاد كل أشكال الفراغات الأمنية التي تنتج الهشاشة»، موضحا بأن «الطبيعة إذا كانت تخشى الفراغ فإن الإرهاب والجريمة المنظمة ينتعشان ويتنفسان في الفراغات».
وعن التوصيات التي يمكن أن تنتهي إليها أشغال المنتدى، تحدث بنحمو عن «اتجاه إلى خلق وعي جماعي لمواجهة التحديات المشتركة، والتحسيس بمخاطر عدد من التهديدات الإرهابية البيولوجية والكيماوية، والدفع في اتجاه العمل المشترك والتعاون، طالما أن الأمن ملك مشترك، ينبغي أن تساهم فيه جميع الأطراف، بدل أن يحتكره أو يستغله طرف بمعزل عن الآخرين».
من جانبه، أكد رير أدميرال كيفين، مدير الاستراتيجيات والمخططات والبرامج بالقيادة العسكرية الأميركية بأفريقيا، في مداخلته على أهمية إبرام تحالفات بين الدول وإجراء تحالفات إقليمية وقارية ودولية من أجل التصدي لتهديد إرهابي عابر للحدود. ولاحظ كيفين أنه ليس بمقدور أي دولة، مهما بلغت قوتها، أن تواجه التهديدات الإرهابية بمفردها، داعيا إلى إدماج عناصر أساسية في جهود محاربة الإرهاب وتحقيق أهدافها، من قبيل تحقيق التنمية واحترام حقوق الإنسان، والنهوض بالحكامة الجيدة.
من جهته، أشار نارسيس موويل كومبي، المستشار الخاص برئاسة جمهورية الكاميرون، إلى أن الإرهاب يعد التحدي الأمني الأكثر حضورا في أفريقيا، نظرا لطابعه متعدد الأشكال والأبعاد. ورأى كومبي في الحرب التي تشنها جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا تجليا للتهديد الإرهابي العابر للحدود بأفريقيا، انطلاقا من كون هذه الجماعة أضحت تهدد أمن واستقرار عدد من البلدان، من بينها نيجيريا والكاميرون والنيجر، وتشاد وبنين، ولذلك دعا إلى «تقاسم التحديات الأمنية بين الدول»، تفعيلا لمبدأي «المبادئ العالمية الرافضة للتطرف، والمسؤولية الأخلاقية التي تقتضي تقديم الدعم القوي لضحايا الإرهاب».
ويعد «منتدى مراكش للأمن»، المنظم بمبادرة من المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، بشراكة مع الفيدرالية الأفريقية للدراسات الاستراتيجية، الأكبر من نوعه في القارة، حسب بنحمو، وقد اختار منذ إطلاقه أن يشكل فضاء للنقاش والتحليل، وتبادل التجارب حول الأمن في القارة السمراء.
ويناقش المشاركون، في دورة هذه السنة، التي تختتم اليوم، عدة قضايا أمنية، أبرزها «نقاط الضعف الأمنية في شمال أفريقيا، وتطور التهديدات العابرة للحدود الوطنية واللامتماثلة»، و«بؤر الانفصال والتمرد»، و«تحديات الأمن البحري في المتوسط والقرن الأفريقي وجنوب الأطلسي، وقضية القرصنة والإرهاب»، و«تهديدات الأمن الصحي في أفريقيا»، بالإضافة إلى «التهديدات الصاعدة ومخاطر تهديدات الإرهاب الكيميائي والبيولوجي» و«المقاتلون الإرهابيون الأجانب»، و«أفريقيا في مواجهة الجريمة الإلكترونية والإرهاب الإلكتروني».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».