هيمن الوضع في سوريا والملف النووي الإيراني والوضع في أوكرانيا والتجسس بالولايات المتحدة، على جدول أعمال مؤتمر ميونيخ حول الأمن نهاية الأسبوع الجاري في جنوب ألمانيا.
ويشارك في المؤتمر الذي بدأ أعماله أمس، ويستمر حتى غد (الأحد)، نحو عشرين رئيس دولة أو حكومة، وخمسين وزير دفاع وخارجية، ومسؤولون من هيئات دولية وضباط رفيعو المستوى.
وفي مقدمة المشاركين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري، ووزير الدفاع تشاك هيغل، ووزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والإيراني محمد جواد ظريف.
من جهته أقر وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس ببرلين بأن العلاقات الأميركية - الألمانية تمر بـ«فترة عاصفة» بعد الكشف عن عمليات تجسس وكالة الأمن القومي الأميركية. وقال كيري إثر اجتماعه بنظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير إن الولايات المتحدة تأخذ مأخذ الجد غضب الألمان الذي اشتد، خصوصا بعد الكشف عن تجسس الوكالة الأميركية على الهاتف الجوال للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وصرح كيري: «أرغب في أن أقول للألمان إن الأمر ليس سرا، نحن نمر بفترة عاصفة».
وردا على سؤال بشأن اتفاق عدم التجسس الذي ترغب ألمانيا في إبرامه مع الولايات المتحدة، رد كيري بحذر بأن ميركل والرئيس الأميركي باراك أوباما «يبحثانه». وأضاف: «المباحثات ستستمر بين أجهزة استخباراتنا»، مؤكدا أن الولايات المتحدة حريصة على قضايا حماية الدوائر الخاصة. وتابع: «نحن ملتزمون بالكامل بالسعي إلى طي صفحة (فضيحة المخابرات الأميركية) بالشكل الملائم».
وشدد كيري الذي توقف في برلين في طريقه إلى ميونيخ (جنوب) حيث سيشارك في مؤتمر حول الأمن، على أن هناك «تاريخا طويلا من التعاون المكثف بين الولايات المتحدة وألمانيا حول ملفات معقدة، مثل مكافحة الإرهاب والأمن القومي والدفاع».
وتدهورت العلاقات بين البلدين منذ الصيف الماضي حين بدأت تتسرب معلومات بشأن أنشطة وكالة الأمن القومي الأميركية كشفها المستشار السابق لديها إدوارد سنودن. وتحدثت أمس وزيرة الدفاع الألمانية أورزولا فون دير لاين، لأول مرة، أمام جمع دولي حول السياسة الأمنية للحكومة الألمانية الجديدة.
تجدر الإشارة إلى أنه جرى توجيه دعوة لبطل العالم السابق في الملاكمة والمعارض الأوكراني فيتالي كليتشكو للمشاركة في المؤتمر الذي يعقد في فندق «بايريشه هوف» بمدينة ميونيخ (جنوب ألمانيا) وسط حراسة أمنية مشددة. ومن المقرر أن يلقي ظريف وزير الخارجية الإيراني كلمة في المؤتمر، وسيرد على أسئلة الخبراء والساسة المشاركين فيه، وسيجتمع بعدد من نظرائه من مختلف دول العالم، ومنهم نظيره الألماني فرانك والتر شتاين ماير.
وبدأ المؤتمر أعماله رسميا بكلمة يلقيها الرئيس الألماني يواخيم غاوك، ويشارك فيه عدد من كبار الشخصيات السياسية والأمنية من مختلف دول العالم. وأعلن رئيس المؤتمر وولفغانغ ايشينكر أن برنامج إيران النووي والأزمة السورية يتصدران القضايا التي ستجري مناقشتها في المؤتمر، وأوضح ايشينكر أنه ستعقد طاولة حوار خاصة بين وزيري الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والسويدي كارل بيلدت لمناقشة اتفاق جنيف، مشيرا إلى أن مشاورات تجري لانضمام ممثلين عن أميركا والاتحاد الأوروبي إلى هذه الطاولة لاحقا.
ويلتقي وزير الخارجية الأميركي جون كيري اليوم في ميونيخ المعارضة الأوكرانية في خطوة تهدف إلى التعبير عن دعم واشنطن للمحتجين الذين يقومون منذ شهرين بمظاهرات ضد الرئيس فيكتور يانوكوفيتش. ومن الشخصيات التي سيلتقيها كيري على هامش مؤتمر الأمن في ميونيخ بطل الملاكمة السابق فيتالي كليتشكو الذي يقود أحد أحزاب المعارضة، والمعارض السياسي آرسيني ياتسينيوك. وسيضم وفد المعارضة أيضا النجمة الأوكرانية روسلانا الحائزة جائزة اليوروفيجن في 2004 والتي شجعت المتظاهرين في كييف من خلال أغانيها خلال الأسابيع الماضية.
ووصف نائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري روغوزين أمس اللقاء المقرر بين كيري وبعض قادة المعارضة الأوكرانية بـ«المهزلة».
وكتب روغوزين على حسابه في شبكة «تويتر»: «في ميونيخ سيتباحث الوزير الأميركي كيري حول الوضع في أوكرانيا مع الملاكم كليتشكو والمغنية روسلان، هذه مهزلة»، متسائلا: «لماذا لم يدع النازي تياغنيبوك؟»، في إشارة إلى أولغ تياغنيبوك، زعيم حزب سفوبودا القومي المعارض. وقال روغوزين ساخرا: «يجب أيضا استدعاء فيركا سرديوتشكا إلى المفاوضات».. في إشارة إلى المغني الأوكراني المخنث، مضيفا: «على البيت الأبيض أن يستمع إلى رأيه ويأخذه في الاعتبار».
وجاء إعلان المسؤولين الأميركيين عن اللقاء بين كيري والمعارضة بعد ساعات على اتهام الرئيس الأوكراني المعارضة بـ«مواصلة تسميم الوضع» بسبب «طموحات سياسية للبعض» من قادتها، مع أنه أقر لأول مرة بأن السلطات ارتكبت أخطاء.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إن كيري ستكون لديه فرصة بعد ظهر اليوم «كي يلتقي أبرز قادة المعارضة الأوكرانية».
وسيبقى كيري عدة ساعات في برلين قبل أن يتوجه إلى ميونيخ حيث سيشارك في مؤتمر الأمن الذي سيضم حتى الأحد القادة الدوليين للدفاع والخارجية. وأضاف المسؤول الأميركي الذي فضل عدم الكشف عن هويته: «برأينا، سيأتي أبرز قادة المعارضة الأوكرانية لأنهم يريدون أن يقولوا للأسرة الدولية ما هي الخطوة برأيهم التي يجب اتباعها والمساعدة التي هم بحاجة إليها».
وقال أيضا خلال مؤتمر بالفيديو قبيل مغادرة كيري قاعدة آندروز الجوية متوجها إلى برلين: «نحن متفائلون بحذر لناحية أن الحوار بين الحكومة والمعارضة بدأ يعطي ثماره».
وأوضح أن «المسألة هي معرفة ما إذا كان بإمكانهم التقدم وتشكيل حكومة وحدة وطنية. سوف يأتون إلى ميونيخ في خضم عملية المفاوضات هذه». وقال أيضا إن كيري خلال لقاءاته الثنائية المتعددة في ميونيخ «سوف يبحث الطريقة التي يمكن من خلالها دعم ما نأمل أن تكون عليه عملية العودة إلى الديمقراطية».
وتريد الحكومة الأميركية إبقاء الضغط على كييف. وقد تشاور وزير الخارجية أمس في مؤتمر عبر الهاتف مع ست شخصيات أوكرانية معارضة.
وقالت الخارجية الأميركية إن كيري «شدد على دعم الولايات المتحدة الراسخ للطموحات الأوروبية الديمقراطية للشعب الأوكراني».
من جهة أخرى، أعلنت الخارجية الأميركية أمس أن الحكومة والكونغرس يناقشان إمكان فرض عقوبات على أوكرانيا التي تشهد اضطرابات سياسية خطيرة.
وكانت واشنطن طرحت مرارا إمكان فرض عقوبات على كييف في موازاة صدور مواقف مما يحصل في أوكرانيا من جانب مسؤولين أميركيين كبار بينهم الرئيس باراك أوباما.
حتى إن نائب الرئيس جو بايدن اتصل مرتين بالرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش.
وذكرت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جنيفر بساكي أن الولايات المتحدة «رفضت منح تأشيرات للكثير من الأوكرانيين الضالعين في أعمال عنف بحق متظاهرين سلميين». وأضافت: «نفكر في فرض عقوبات لكن أي قرار لم يتخذ».
وتحدثت للمرة الأولى عن «مشاورات مع أعضاء في الكونغرس»، لكنها حرصت على التأكيد على أن هذا التشاور «لا ينبئ بقرار محتمل».
ولا تزال الولايات المتحدة مترددة في فرض عقوبات سياسية أو اقتصادية على أوكرانيا.
وشارك وزيرا الخارجية والدفاع السويديان كارل بيلت وكارين إنستروم، في المؤتمر أمس، الذي يعد من أهم المؤتمرات التي تتناول قضايا الأمن والسلام في مختلف أنحاء العالم ولا سيما تطورات الوضع في أوكرانيا.
وصرح وزيرا الخارجية والدفاع السويديان، أمس، بأن المشاركة في هذا المؤتمر تتيح لهما فرصة مهمة لتبادل الرأي مع الخبراء والتعرف على السياسات الأمنية والتحديات التي تواجهها دول العالم في الوقت الحالي، مما يشكل أهمية في عملية اتخاذ القرار. وذكرت الخارجية السويدية أن بيلت سيلقي محاضرة مع نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن، ووزير الخارجية الألماني فرانك وولتر شتاينماير، وأمين عام منظمة حلف شمال الأطلسي آندرش فو آندرسن، حول «نحو أمن متبادل.. 50 سنة على مؤتمر ميونيخ للأمن» الذي جرى طبعه بمناسبة الاحتفال باليوبيل الذهبي للمؤتمر.
* مؤتمر ميونيخ للأمن في سطور
* بدأت ظهر أمس أعمال الدورة الـ50 لمؤتمر ميونيخ للأمن في مدينة ميونيخ (جنوب ألمانيا) ويستمر حتى يوم الأحد.
ومنذ تأسيسه في عام 1963 أصبح المؤتمر السنوي بمثابة منتدى مهم لكبار المسؤولين، ومن بينهم رؤساء دول أو حكومات، ووزراء، وبرلمانيون، وضباط كبار بالجيش، فضلا عن أكاديميين وممثلين إعلاميين، لبحث القضايا الأمنية الكبرى التي تواجه العالم، مع تركيز خاص على الشراكة عبر الأطلنطي.
وفي هذا العام، سيركز المؤتمر على العلاقات عبر الأطلنطي في ظل فضيحة المراقبة الأميركية التي كشفها إدوارد سنودن، والأزمة السورية، وبرنامج إيران النووي، والصراعات في أوكرانيا، وعملية السلام في الشرق الأوسط، والاستقرار في منطقة آسيا، وكذا بعض القضايا الأمنية المثيرة للجدل، مثل أمن الفضاء الإلكتروني وثورة الطاقة.
ومن المتوقع أن يحضر المؤتمر قرابة 500 مشارك من بينهم نحو 20 رئيس دولة أو حكومة أو منظمة دولية، وما يزيد على 50 وزير خارجية ووزير دفاع.
ومن بينهم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والأمين العام للناتو أندريس فوغ راسموسن، ووزيرا الخارجية والدفاع الأميركيين جون كيري وتشاك هيغل، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، ورئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي. وتظهر قائمة المشاركين الأولية أن ممثلا عن المعارضة السوري، لم تعرف هويته، قد يحضر إحدى مناقشات اللجان مساء.
وسترسل الصين فو يينغ رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني لحضور مناقشة بعنوان «أوروبا وأميركا وآسيا» اليوم. ومنذ تأسيسه في خريف عام 1963 على يد الناشر الألماني إيفالد - هنريتس فون كليست - شمينزين، عقد المؤتمر في ميونيخ سنويا فيما عدا عامي 1991 و1997. وسيحتفل المؤتمر هذا العام بالذكرى الخمسين لتأسيسه. ووجهت الدعوة إلى بعض المشاركين في المؤتمر الأول، الذي كان يطلق عليه آنذاك اسم مؤتمر الدفاع الدولي، للانضمام إلى صناع القرار الشباب لبحث تحديات الحاضر والمستقبل. ومن بين من سيلقون كلمة في المؤتمر المستشار الألماني السابق هلموت شميت ووزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر.