معارك بين «بوكو حرام» والقوات التشادية في نيجيريا

خطاب للرئيس النيجيري بعد تأجيل الانتخابات.. ودول المنطقة تواصل التعبئة ضد المتشددين

معارك بين «بوكو حرام» والقوات التشادية في نيجيريا
TT

معارك بين «بوكو حرام» والقوات التشادية في نيجيريا

معارك بين «بوكو حرام» والقوات التشادية في نيجيريا

دارت معارك جديدة أمس بين مقاتلي «بوكو حرام» والجيش التشادي في نيجيريا التي كان مفترضا أن يلقي رئيسها غودلاك جوناثان مساء أمس كلمة تلفزيونية حول الأزمة الأمنية التي أدت إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية.
وهاجم متشددو «بوكو حرام» في مدينة غامبورو الواقعة شمال شرقي نيجيريا موقعا للجيش التشادي الذي صد الهجوم، كما صرح مصدر عسكري تشادي. وأشارت الحصيلة الرسمية التي أعلنتها هيئة أركان الجيش في أنجمينا إلى أن الهجوم أسفر عن سقوط «قتيل (جندي تشادي) و11 جريحا في الصفوف الصديقة»، و«13 قتيلا وتدمير آليتين واستعادة آليتين من جهة (بوكو حرام)».
وقال المصدر في غامبورو إن «عناصر من (بوكو حرام) أرادوا مباغتتنا بشن هجوم علينا قرابة الساعة الرابعة صباحا، إلا أننا كنا على علم منذ اليوم السابق ومستعدين». وأضاف أن المسلحين «وصلوا على متن 14 آلية ومدرعتين فتصدينا لهم ولاذوا بالفرار»، مشيرا إلى أن مروحية شاركت في تعقب عناصر «بوكو حرام» و«القضاء عليهم».
يذكر أن الجيش التشادي كان قد شن في الثالث من فبراير (شباط) الحالي هجومه البري على «بوكو حرام» فسيطر على غامبورو التي كان يحتلها المتشددون منذ أشهر، بعد عمليات قصف عنيفة ومعارك. وفي اليوم التالي، شن مقاتلو «بوكو حرام» هجوما مضادا داميا على مدينة فوتوكول الكاميرونية التي يفصلها جسر عن غامبورو.
واتفقت تشاد والنيجر ونيجيريا والكاميرون وبنين السبت الماضي على حشد 8700 رجل، أي أكثر بـ1200 من العدد المقرر في الأصل، في إطار قوة متعددة الجنسيات لمكافحة «بوكو حرام». وتكثف الجماعة المتشددة، التي برزت في البداية في شمال شرقي نيجيريا ولا تخفي تقاربها الآيديولوجي مع تنظيمي القاعدة وداعش، الهجمات الدامية في البلدان المجاورة، مثل الكاميرون، وفي الفترة الأخيرة النيجر التي اعتبرها زعيم الجماعة أبو بكر شيكاو هدفا في منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي.
وتواصل دول المنطقة التعبئة لمواجهة «بوكو حرام»، إذ أكد الرئيس الكاميروني بول بيا مجددا أن الكاميرون ستهزم عناصر هذه الجماعة المتشددة. وطلب بيا في كلمة نقلها التلفزيون الرسمي مساء أول من أمس، من الشبان الكاميرونيين أن يحذوا حذو الجنود الموجودين على الجبهة منذ أشهر. وقال إن «هذه المعركة التي يخوضونها باسمكم مجازفين بحياتهم هي معركة كل الأمة، فبدعم كل واحد منا سنخرج منتصرين دون أدنى شك».
أما النيجر فأعلنت مساء أول من أمس حال الطوارئ في منطقة ديفا (جنوب شرق) التي هاجمها متشددو «بوكو حرام» مرات عدة منذ يوم الجمعة الماضي. وصوتت الجمعية الوطنية في النيجر الاثنين على قرار بإرسال قوات من أجل محاربة المتشددين. وسيتم إرسال نحو 750 جنديا إلى نيجيريا، حسبما صرح أحد النواب. وتوعد زعيم «بوكو حرام» أبو بكر شيكاو بإنزال الهزيمة بهذا التحالف الذي يتشكل، وذلك في شريط فيديو بث الاثنين وقال فيه إن «تحالفكم لن يؤدي إلى شيء. اجمعوا كل أسلحتكم وواجهونا، فأهلا وسهلا بكم».
وفي مناخ الحرب في شمال شرقي نيجيريا في هذه الفترة الانتخابية المعقدة، إذ تم إرجاء الانتخابات الرئاسية والتشريعية لـ6 أسابيع، كان مفترضا أن يرد الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان على أسئلة الصحافيين والمشاهدين مباشرة عبر التلفزيون النيجيري مساء أمس. وتعد هذه أول مداخلة عامة لرئيس الدولة منذ تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في 14 فبراير الحالي إلى 28 مارس (آذار) المقبل. وأكد مستشاره الأمني سامبو داسوكي الاثنين أن الانتخابات لن تشهد أي تأجيل جديد، مضيفا أن ما لم يكن ممكنا إنجازه في خلال 6 سنوات، أي الحد من تمرد «بوكو حرام» الذي أوقع منذ 2009 أكثر من 13 ألف قتيل و1.5 مليون مشرد، سيتم خلال الأسابيع الـ6 المقبلة. وواجه قرار تأجيل الانتخابات الكثير من الانتقادات من قبل المعارضة والمجتمع المدني وبعض الدول الغربية، بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا.



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.