حرب لـ«حزب الله» جنوبي سوريا.. ومعارك عنيفة لربط المنطقة بلبنان

مقربون منه لـ«الشرق الأوسط»: حققنا خلال 48 ساعة أهدافًا رصدنا لها 10 أيام

حرب لـ«حزب الله» جنوبي سوريا.. ومعارك عنيفة لربط المنطقة بلبنان
TT

حرب لـ«حزب الله» جنوبي سوريا.. ومعارك عنيفة لربط المنطقة بلبنان

حرب لـ«حزب الله» جنوبي سوريا.. ومعارك عنيفة لربط المنطقة بلبنان

احتدمت المعارك يوم أمس الأربعاء على كل جبهات جنوبي سوريا وبالتحديد في مثلث القنيطرة – درعا – ريف دمشق، في اليوم الثالث لانطلاق حملة عسكرية واسعة يقودها حزب الله بالتعاون مع القوات النظامية السورية وقوات إيرانية، بهدف السيطرة على المناطق والتلال الاستراتيجية وخاصة تلك المشرفة على الجولان المحتل.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» بأن حزب الله هو من يقود هذه المعركة بقوات نخبة بعدما تم توكيله بالمنطقة بعيد الغارة الإسرائيلية التي استهدفت موكبا له في القنيطرة الشهر الماضي، علما بأنه كان يحضّر لعملية للسيطرة على المنطقة الحدودية قبل العملية التي أدّت لمقتل 5 من عناصره وجنرال إيراني. وأشار عبد الرحمن إلى أن حزب الله يسعى حاليا لربط مثلث القنيطرة – درعا – ريف دمشق جغرافيا بلبنان، ما يسهّل حركته إلى حد بعيد بمواجهة إسرائيل. وقال: «المعركة ستكون طويلة وليست بالسهلة على الإطلاق، خاصة أن قوى المعارضة تسيطر على 70 في المائة من ريف درعا و70 في المائة من منطقة القنيطرة»، مرجحا أن تكون الأهداف الأولية للحزب السيطرة على التلال الاستراتيجية المشرفة على الجولان المحتل.
ولفت عبد الرحمن إلى أنه وبعدما كانت المعارضة هي التي تشن عمليات هجومية، شكّلت الحملة التي بدأها حزب الله مطلع الأسبوع عنصر مباغتة ومفاجئة سمح بتحقيق الحزب تقدما سريعا على أكثر من جبهة.
وتأتي العملية مباشرة بعد تقدم كبير حققه الجيش الحر و«جبهة النصرة» لها خلال الأسابيع الماضية في مناطق واسعة جنوب سوريا، تقع أهمها في ريفي درعا والقنيطرة المحافظتين القريبتين من دمشق والأردن وهضبة الجولان.
وبدا لافتا ما نقله التلفزيون السوري الرسمي بالأمس عن قائد ميداني بأن «العملية العسكرية التي بدأ فيها الجيش السوري جنوبي البلاد، مستمرة بقيادة الرئيس السوري وبالتعاون مع محور المقاومة كحزب الله وإيران».
وأوضح مصدر عسكري سوري لوكالة الصحافة الفرنسية، أن هدف العمليات التي يقوم بها الجيش في ريف درعا والقنيطرة هو «تأمين الحدود مع الدول المجاورة وكسر الشريط الذي يحاولون إقامته». وأضاف أن «أي منطقة يتم استعادتها من العصابات تضيف بعدا آمنا للمناطق المتواجدة فيها».
وأشار الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد المتقاعد المقرب من حزب الله أمين حطيط إلى أن منطقة الجولان تمثل حاليا «الميدان النموذجي الأول الذي يعمل فيه محور المقاومة مجتمعا وبمكوناته الثلاثة»، لافتا إلى أنّه يختبر حاليا قدراته بالعمل العسكري الميداني المشترك: «ويبدو أن النتائج الأولية فاقت كل التوقعات باعتبار أننا حققنا خلال 48 ساعة أهدافا رصدنا لها 10 أيام».
وقال حطيط لـ«الشرق الأوسط»: «العملية يشارك فيها الطيران والمدرعات السورية بالإضافة لقوات خاصة مشتركة من المشاة من حزب الله والقوات النظامية السورية مع وجود مفارز أي مجموعات نوعية ذات اختصاصات محددة إيرانية».
وتحدث حطيط عن «4 أهداف استراتيجية للعملية التي يشنها (محور المقاومة) جنوبي سوريا، الهدف الأول يقضي بإسقاط الحزام الأمني الإسرائيلي الذي تؤمنه جبهة النصرة، الهدف الثاني هو تحصين الحماية حول العاصمة دمشق، الهدف الثالث متعلق مباشرة بالمقاومة اللبنانية التي تحاول منع فتح الخاصرة الجنوبية الشرقية ما سيرهقها إلى حد بعيد ويدخلها في حرب استنزاف، أما الهدف الرابع فالتصدي للخطة الأميركية الرابعة بالحرب على سوريا والتي تختصر بالخيار الأردني».
ويتخذ قادة حزب الله العسكريون من مقر قيادة الفرقة التاسعة التابعة للجيش النظامي في مدينة الصنمين شمال درعا، مقرًا لهم وموقعًا لغرفة العمليات الخاصة للحملة العسكرية، بحسب «مكتب أخبار سوريا». وفي التطورات الميدانية التي شهدتها المنطقة يوم أمس، قال المرصد بأن حزب الله مدعومًا بمقاتلين إيرانيين وقوات النظام، سيطروا على تل السرجة وتل العروس بريف دمشق الجنوبي الغربي عقب اشتباكات مع كتائب المعارضة وسط استمرار الاشتباكات في بلدة دير ماكر، في محاولة من حزب الله والمسلحين الموالين له للتقدم والسيطرة على البلدة.
كما أفاد المرصد بأن حزب الله سيطر أيضا ليل الثلاثاء على بلدة دير العدس ومحيطها عقب اشتباكات عنيفة استمرت لعدة أيام، بحيث تمكن عناصر الحزب مدعومين بمقاتلين إيرانيين وقوات النظام من الدخول إلى البلدة ثم انسحبوا منها إلى التلال القريبة من البلدة وسط تثبيتهم لنقاط تمركز جديدة في محيط المنطقة، بحيث باتوا يسيطرون ناريًا على البلدة.
وبثت قناة «المنار» التابعة لحزب الله صورا مباشرة من دير العدس، أظهرت مراسلها وهو يتجول في البلدة، فيما كانت تسمع أصوات انفجارات بعيدة. كما أظهرت الصور ذخائر قال المراسل بأنه تم الاستيلاء عليها بعد دخول البلدة. وقالت القناة بأن الهجوم يمثل «عملية استباقية هي الأكبر في أرياف القنيطرة ودرعا ودمشق الجنوبي منذ دخول المسلحين إليها». بالمقابل، قال: «مكتب أخبار سوريا» بأن فصائل عسكرية تابعة للمعارضة، نجحت صباح يوم أمس باستعادة أجزاء من بلدة دير العدس شمال محافظة درعا، بعد تقدم القوات النظامية مدعومة بمقاتلين من حزب الله وآخرين أجانب على البلدة وإحكام السيطرة عليها مساء الثلاثاء. ونقل المكتب عن مصدر عسكري معارض أن قوات المعارضة المسلحة دمّرت عددا من الآليات التابعة للقوات النظامية قرب تل العلاقية المجاور لبلدة دير العدس وقتلت عددا من الجنود النظاميين. وأفاد المصدر بمحاولة القوات النظامية التقدم باتجاه تلّي العلاقية وقرين الخاضعين لسيطرة المعارضة قرب بلدة دير العدس شمال درعا.
وقال المصدر العسكري بأن مقاتلي «جبهة النصرة» تمكنوا من صدّ محاولة القوات النظامية السيطرة على تل قرين وألحقوا خسائر في صفوف قواتهم وآلياتهم. وأضاف أن مقاتلي «النصرة» رصدوا رتلًا عسكريًا كان يحاول التقدم باتجاه خربة سلطانة الخاضعة لسيطرة المعارضة في أقصى جنوب غربي ريف دمشق، واستهدفوه بقذائف الهاون، ما أدى إلى تدمير عربة كانت تقلّ جنودا نظاميين من دون التأكد من مقتل أو إصابة أحد منهم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».