استئناف الجولة الثالثة من الحوار الوطني الليبي في غدامس برعاية الأمم المتحدة

خلافات في معسكر الشرعية بعد إقالة وزير الداخلية من منصبه

استئناف الجولة الثالثة من الحوار الوطني الليبي في غدامس برعاية الأمم المتحدة
TT

استئناف الجولة الثالثة من الحوار الوطني الليبي في غدامس برعاية الأمم المتحدة

استئناف الجولة الثالثة من الحوار الوطني الليبي في غدامس برعاية الأمم المتحدة

ظهرت أمس بوادر خلافات في معسكر الشرعية في ليبيا، في وقت استأنف فيه ممثلون عن مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق المنتهية ولايته، جولة محادثات هي الثالثة من نوعها في مدينة غدامس بجنوب البلاد برعاية الأمم المتحدة لبحث إمكانية تشكيل حكومة وفاق وطني ووقف القتال.
وتضاربت المعلومات حول قرار مفاجئ اتخذه رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله الثني بإقالة وزير الداخلية عمر السنكي من منصبه على خلفية تصريحات مثيرة للجدل، اعتبرت مناهضة للواء خليفة حفتر قائد عملية الكرامة العسكرية ضد الجماعات المتطرفة في مدينة بنغازي (شرق).
وقرر الثني تنحية السنكي وتعيين مدير أمن مدينة البيضاء التي تتخذها حكومته مقرا مؤقتا لها مكانه وفقا لقرار مقتضب تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه جاء فيه «نظرا للصالح العام نكلفكم بتولي منصب وزير الداخلية إلى حين إشعار آخر».
لكن عمر السنكي وزير الداخلية خرج في المقابل ببيان اعتبر فيه أن قرار إقالته غير قانوني. وقال في البيان «إن ما اتخذه رئيس الحكومة بشأن الإقالة باطل ولا قيمة قانونية له»، معتبرا أن الإيقاف عن العمل والإقالة هو من اختصاص مجلس النواب.
وأضاف السنكي «أود الإفادة أنني ما زلت أمارس مهام عملي وقدمت مذكرة إلى رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح وإلى الثني». وتابع: «على رئيس الحكومة معالجة آثار قراره بصفة عاجلة وأحمله المسؤولية القانونية والتاريخية التي ترتبت على هذا الإجراء، وما قد ينتج عنه أمام الشعب الليبي».
ولم يصدر على الفور أي رد من مكتب الثني، كما امتنع السنكي الرد على محاولات «الشرق الأوسط» الاتصال به عبر هاتفه الجوال.
وكان السنكي قد اتهم مقربين من اللواء حفتر بالتورط في عملية اختطاف حسن الصغير وكيل وزارة الخارجية الليبية الأسبوع الماضي، كما اعتبر في تصريحات صحافية أنه لا وجود لما يسمى «عملية الكرامة»، لافتا إلى أن قوات الجيش الوطني وليست الموالية لحفتر هي من تخوض المعارك العنيفة ضد المتطرفين في شرق البلاد.
من جهة أخرى، استأنف مفاوضو الأمم المتحدة أمس محادثات مع مندوبين من الفصائل الليبية المتحاربة واجتمعوا على نحو منفصل مع الأطراف المتحاربة في محاولة لإنهاء الأزمة السياسية والتوصل لوقف لإطلاق النار.
والتقى برناردينو ليون المبعوث الخاص للأمم المتحدة في مدينة غدامس بجنوب ليبيا مع مندوبين من الحكومتين المتنافستين على السلطة في البلاد في صراع تخشى القوى الغربية أن يتدهور إلى حرب أهلية أوسع.
ووزعت بعثة الأمم المتحدة صورا لرئيسها ليون مع المندوبين، وقالت: إنه أجرى «اجتماعات منفصلة مع الأطراف كحوار سياسي»، لكنها لم تقدم المزيد من التفاصيل عن هذه المفاوضات التي جرى عقد جلستين منها في مدينة جنيف السويسرية أخيرا. من جهة أخرى، أعادت ليبيا فتح ميناء الحريقة النفطي لتنهي إضرابا بدأه الحراس هدد بمزيد من الخفض لإنتاج البلاد من النفط المتأثر بالفعل بسبب الاقتتال بين الفصائل من أجل السيطرة على مرفأين للتصدير.
وأبرز التهديد بإغلاق ميناء الحريقة الخطر الذي تتعرض له شحنات النفط الليبية حيث تخوض حكومتان وفصائل مسلحة متحالفة مع كل منهما صراعا من أجل السيطرة على البلاد وثروتها النفطية. وكانت ليبيا قد أوقفت أغلب العمليات في مرفأ الحريقة الواقع بشرق البلاد قرب الحدود مع مصر وهو آخر ميناء يعمل لتصدير النفط، يوم السبت الماضي بعدما منع الحراس ناقلة نفط يونانية من الرسو احتجاجا على تأخر دفع أجورهم.
وقال عمران الزوي المتحدث باسم شركة الخليج العربي للنفط (أجوكو) التي تدير الميناء «كان من المفترض أن ترسو ناقلة نفط بالميناء هذا الصباح لكن الطقس حال دون ذلك. سوف ننتظر إلى أن يسمح الطقس لنا بالمضي قدما».
وأغلق أكبر ميناءين للنفط بالبلاد، وهما السدرة ورأس لانوف وتبلغ طاقتهما مجتمعين نحو 600 ألف برميل يوميا، بسبب القتال بين تحالفين فضفاضين من الفصائل المسلحة منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وتواجه ليبيا صعوبات في الحفاظ على تشغيل شبكة الكهرباء مع تضرر الإمدادات جراء نقص كميات الوقود والغاز اللازمة لتوليد التيار الكهربائي وتنافس حكومتين على السيطرة على البلاد.
ويقول سكان في طرابلس وبنغازي أكبر مدينتين في ليبيا إنهم يعانون منذ أيام من انقطاع الكهرباء لفترات تصل إلى عشر ساعات أو يزيد. وتعطلت اتصالات الهاتف الجوال في مناطق بشرق ليبيا هذا الأسبوع بسبب نقص الكهرباء.
وأشارت الشركة العامة للكهرباء في ليبيا في موقعها الإلكتروني إلى «تقسيم الشبكة لعدة مناطق وما لذلك من تأثير سلبي على وضع الشبكة وعدم استقرارها وتعرضها لحالات من الانطفاء التام».
ولم تكشف الشركة عن تفاصيل لكن مسؤولين شكوا من أن محطات الكهرباء تضررت أو أصبح الوصول إليها متعذرا بسبب اشتباكات قريبة منها.وذكرت أن بعض المحطات مثل محطة هون في وسط ليبيا توقفت عن العمل بسبب «الأوضاع الأمنية المتردية».
وقالت الشركة إن ليبيا تسعى لإصلاح شبكة الكهرباء لكن مغادرة عدد من الشركاء الأجانب البلاد لدواع أمنية حال دون استكمال المشروعات.
وهبط إنتاج النفط في ليبيا إلى نحو 350 ألف برميل يوميا بما يعادل نحو 20 في المائة من مستوياته في 2013 مع توقف عمل موانئ تصدير رئيسة في الأشهر القليلة الماضية بسبب قتال بالقرب منها.
وقالت وكالة الطاقة الدولية إن إنتاج ليبيا انخفض بمقدار 100 ألف برميل في اليوم خلال الشهر الماضي إذ بلغ الإنتاج 340 ألف برميل يوميا، علما بأنها كانت قبل انتفاضة عام 2011 تنتج 1.6 مليون برميل يوميا.
وتشهد ليبيا حاليا صراعا على السلطة بين مقاتلين سابقين ساهموا في الإطاحة بالعقيد الراحل معمر القذافي في 2011. حيث انتقل رئيس الحكومة المعترف بها دوليا والبرلمان المنتخب إلى الشرق بعدما سيطرت جماعة منافسة على طرابلس في أغسطس (آب) الماضي وأعادت تنصيب البرلمان القديم وشكلت لنفسها حكومة أخرى.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».