الحوثيون يسيطرون على «بوابة» المحافظات الجنوبية.. بغطاء من الجيش والأمن

قتلى وجرحى في هجوم مباغت للقبائل وسط مدينة البيضاء.. وخبير يقول إن الحوثي دخل عش الدبابير

متهمون بتأييد {القاعدة} يتابعون جلسة المحاكمة في محكمة الاستئناف لأمن الدولة في صنعاء أمس (رويترز)
متهمون بتأييد {القاعدة} يتابعون جلسة المحاكمة في محكمة الاستئناف لأمن الدولة في صنعاء أمس (رويترز)
TT

الحوثيون يسيطرون على «بوابة» المحافظات الجنوبية.. بغطاء من الجيش والأمن

متهمون بتأييد {القاعدة} يتابعون جلسة المحاكمة في محكمة الاستئناف لأمن الدولة في صنعاء أمس (رويترز)
متهمون بتأييد {القاعدة} يتابعون جلسة المحاكمة في محكمة الاستئناف لأمن الدولة في صنعاء أمس (رويترز)

في الوقت الذي تجري فيه الأطراف السياسية جولة جديدة من الحوارات برعاية من الأمم المتحدة، بصنعاء، تمكنت جماعة الحوثيين (أنصار الله) من السيطرة على المحافظة البيضاء وسط اليمن، أمس، تحت غطاء قوات الجيش والأمن، لتنضم إلى عشر محافظات في شمال البلاد التي باتت تحت سيطرة مسلحيها، وسط توقعات باعتزام الحوثيين التقدم باتجاه الجنوب الذي تفصله عن المحافظات الشمالية مدينة البيضاء.
وذكرت مصادر محلية وشهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين سيطروا على البيضاء من دون مقاومة، وبمساندة من قوات الجيش من اللواء 139 مشاة، واللواء 117 الذي انتقل من صعدة إلى البيضاء قبل شهور، إضافة إلى قوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي). وأوضحت المصادر، أن مدينة البيضاء عاصمة المحافظة التي تحمل نفس الاسم، باتت تحت سيطرة الحوثيين، الذين نشروا مسلحيهم في شوارع المدينة والمقرات الحكومية والأمنية والمواقع المطلة على المدينة.
وقالت المصادر، إن «سكان المدينة فوجئوا صباح أمس بحملة عسكرية مصحوبة بالدبابات والمدافع الثقيلة والعربات العسكرية تنتشر في شوارع المدينة، والمواقع التابعة للجيش وأجهزة الأمن، في المواقع المطلة على المدخل الشمالي لمدينة البيضاء، وتمركزت الحملة العسكرية في معسكر قوات الأمن الخاصة».
ولم ينتظر مسلحو القبائل طويلا، إذ شنوا هجوما مباغتا على عربات وأطقم عسكرية تابعة للحوثيين داخل المدينة، وأسفر الهجوم عن سقوط قتلى وجرحى في صفوفهم. وأوضح شهود عيان، أن المسلحين فجروا عربتين من نوع «هامر»، وأحرقوا طاقمين، مستخدمين عبوات ناسفة وقذائف صاروخية من نوع (آر بي جي)، واندلعت بعدها مواجهات متقطعة وسط المدينة وبالقرب من إدارة الأمن. وتعتبر البيضاء بوابة المحافظات الجنوبية، والتي كانت منطقة مكيراس التابعة لها منطقة حدودية تفصل ما كان يسمى اليمن الشمالي باليمن الجنوبي، وهذه هي المحافظة الـ11 التي يسيطر عليها الحوثيون منذ اقتحامهم العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر (أيلول) 2014، لتنضم إلى محافظات شمالية هي: صعدة، عمران، حجة، صنعاء، ذمار، الحديدة، إب، ريمة، وأجزاء من الجوف، وقد بدأت فيها المعارك قبل خمسة شهور بعد مهاجمة الحوثيين لمناطق في المحافظة، في مدينة رداع، وقيفة رداع، ويكلا، وذي ناعم، وبلدة ولد ربيع، وهو ما أجبر قبائل المنطقة على التحالف مع مسلحين من جماعة أنصار الشرعية التابعة لتنظيم القاعدة، وخاضوا معهم معارك استنزاف أسفرت عن عشرات القتلى والجرحى في صفوف الطرفين، وبحسب مصادر محلية فقد ساندت قوات من الجيش الحوثيين، إضافة إلى الطائرات من دون طيار الأميركية التي مثلت غطاء جويا للحوثيين، وتمكنت من قتل زعماء قبليين موالين لـ«القاعدة»، وقد غادر محافظ البيضاء، الطاهر الشدادي، المحافظة منذ منتصف العام الماضي، والذي يعتبر من أهم قيادات الجيش التي ساندت الثورة الشبابية عام 2011.
وقد حذر باحثون ومراقبون من خطورة استمرار معارك الحوثيين، وقال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، سعيد عبيد الجمحي، إن «المخطط الحوثي، سيدخل اليمن في سلسلة من الحروب والاقتتال الداخلي، وستعيش خلاله البلاد أوضاعا بالغة الخطورة، لا تقل خطورتها عما يجري في سوريا»، مشيرا إلى أن ذلك «سيستدعى معه مئات المقاتلين من أصقاع العالم وستصبح اليمن بؤرة مفتوحة للصراع الذي يهدد الأمن الخليجي، ويحقق في نفس الوقت مصالح استراتيجية للولايات المتحدة الأميركية، ولحلفائهم الإيرانيين».، وقال الجمحي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إن سيطرة الحوثيين على محافظة البيضاء، يأتي ضمن تنفيذ خارطة طريق خاصة بهم، لابتلاع ما تبقى من البلاد، في ظل ازدواجيتهم في الطرح، بممارسة العمل العسكري بالتوازي بالجلوس على طاولة الحوار والمفاوضات السياسية»، مشيرا إلى أن قبولهم العودة إلى المفاوضات، هو تكتيك رحلي يمنحهم مزيدًا من التوسع على الأرض، مضيفا أن «الهدف الذي يسعى إليه الحوثي هو البحث عن منافذ للوصول إلى المحافظات الجنوبية، والتي تعد البيضاء المدخل الأنسب، حيث يمكنه من خلالها التوغل إلى شبوة المحافظة النفطية، ومحاصرة محافظة مأرب جهة الجنوب والشرق». وقال: «مأرب هي المحافظة التي استعصت على التوسع الحوثي، لذا توجه الحوثي نحو البيضاء، التي يتوافر لديهم مبرر يجيدون استخدامه، وهو محاربة تنظيم القاعدة، ومن خلاله يغازلون الولايات المتحدة، والتي باتت تغض النظر عن التمدد الحوثي وجميع الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة». وعد الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية «دخول الحوثي محافظة البيضاء، هو بمثابة دخول عش الدبابير الذي سيفتح عليهم ما لم يتوقعونه بحرب طويلة المدى لن تكون لصالحهم». وأكد الجمحي، أن الحوثيين «يعتقدون أن استيلاءهم على محافظتي شبوة وحضرموت، النفطيتين، سيسهل لهم بسط سيطرتهم وإخضاع بقية المحافظات الجنوبية المتبقية، حيث تمثل هاتان المحافظتان الرافد الاقتصادي الأساس والذي بواسطته سيتم خنق الجنوب واستسلامه».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.