فشل البرلمان العراقي في البدء بالقراءة الأولى لمشروعي قانوني الحرس الوطني والمساءلة والعدالة، المحالين إليه من الحكومة التي صوتت عليهما خلال جلستها الأسبوع الماضي بالأغلبية البسيطة. وقالت مصادر برلمانية إن رئاسة البرلمان قررت خلال اجتماع لها أمس وبسبب استمرار الخلافات السياسية تأجيل مناقشة القانونيين وإعادتهما إلى مجلس شورى الدولة.
وفي حين يبدو أن هناك شبه توافق سياسي على إقرار قانون الحرس الوطني، فإن «المساءلة والعدالة» مرشح لأن يكون النقطة الخلافية التي بات يخشى الجميع أن تكون مقدمة لنهاية التوافق في وقت بدأ فيه «تحالف القوى العراقية» (الكتلة السنية في البرلمان) بتصعيد موقفه حيال الربط بين تمرير القانون مقابل تمرير قانون حظر حزب البعث الذي يصر عليه «التحالف الوطني» (الكتلة الشيعية داخل البرلمان).
وكان رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري قد وجه أول انتقاد حاد للحكومة لإرسالها مشروعي قانوني الحرس الوطني والمساءلة والعدالة دون تدقيق لما فيهما من نقاط خلافية. وقال الجبوري إن من الضروري «حصول تضامن بين الأطراف السياسية لغرض التشريع بما تم الاتفاق عليه سابقا وليس بما يملى على مجلس النواب بحكم تشريعات تم إرسالها من قبل الحكومة»، معربا عن ثقته بـ«المضي باتجاه عملية تشريع القوانين، ولكن القوانين التي اتفق عليها وليست الفقرات التي تضاف والتي هي خارج النهج والسياق الطبيعيين، ولا تتماشى مع مبدأ المصالحة ومبدأ الوئام السياسي».
ولفت الجبوري إلى أن «الاختلافات أمر طبيعي، وهناك آلية للحسم سنعتمدها، وسنجري لقاءات مكثفة بين الأطراف السياسية لغرض الوقوف على نقاط الجدل بهذا الإطار، أما إذا لم يقتنع مجلس النواب بتشريع معين جيء به من الحكومة، فهناك خيار آخر هو الرفض، وهذا أيضا وارد ويؤخذ بالاحتمال».
وكان كثير من الأطراف السياسية، لا سيما في التحالف الوطني (الكتلة الشيعية في البرلمان) قد حذرت من عودة البعثيين في إطار قانون المساءلة والعدالة، مطالبة بإقرار قانون حظر حزب البعث في إطار ما يطلق عليه «إنصاف ضحايا البعث». وفي هذا السياق، أكد شعلان الكريم، عضو البرلمان العراقي عن محافظة صلاح الدين والقيادي في ائتلاف الوطنية الذي يتزعمه إياد علاوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه المخاوف مبالغ فيها وليست صحيحة إطلاقا، لأنه لا أحد منا يريد عودة البعث والبعثيين، لكننا حيال توافق سياسي تشكلت الحكومة الحالية بموجبه، ويجب علينا جميعا احترام ما اتفقنا عليه، لا سيما أن مشروعي قانون الحرس الوطني والمساءلة والعدالة، مرتبطان أيضا بقضية المصالحة الوطنية، وبالتالي، فإن أي محاولات للتراجع ستكون لها تداعياتها على عملية التوافق السياسي». وأضاف أن «ما نطالب به هو إنصاف الأبرياء ممن لم تتلطخ أيديهم بدماء العراقيين من مئات آلاف البعثيين وعوائلهم دون أن يقول أحد إنه لا يجوز عدم إنصاف الضحايا، بل إن كل ما نطالب به بل واتفقنا عليه، هو تحويل (المساءلة والعدالة) من لجنة لا نعرف متى تنهي عملها، إلى القضاء، وبالتالي نغلق هذه الصفحة المؤلمة من تاريخ العراق».
وبينما تبدو فرص تمرير مشروع قانون الحرس الوطني أفضل من فرص مشروع «المساءلة والعدالة»، فإن الكتل السنية تأخذ على مسودته خلوها من الإشارة إلى أبناء العشائر التي تقاتل تنظيم «داعش» واكتفاء واضعيها بالإشارة إلى «أبناء العراق» بينما تنص على أن تكون قوات الحشد الشعبي (المتطوعون الشيعة) نواته. أيضا تنص المسودة على أن «أبناء العراق» سيكونون قوة احتياط بينما تكرس «الحشد الشعبي» قوة دائمة. وبالإضافة إلى ذلك، هناك خلافات حول تبعية القوة الجديدة التي يريدها واضعو المسودة أن تكون تابعة للقائد العام للقوات المسلحة، وهو المنصب الذي يشغله رئيس الوزراء حيدر العبادي، بينما تطالب الكتل السنية بأن تكون تحت إشراف المحافظات التي ستشكل فيها.
في السياق نفسه، أكد عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية رعد الدهلكي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يجري هو تراجع واضح عما تم الاتفاق عليه بموجب ورقة الإصلاح، لأن هذه الورقة هي التي شكلت الحكومة الحالية، وبالتالي فإن أي محاولة للتنصل من الاتفاقات تحت هذه الذريعة أو تلك، فسيكون لنا موقف واضح من ذلك». وأضاف الدهلكي أن «ورقة الإصلاح أصبحت ملزمة التنفيذ للحكومة بصرف النظر عن أي وجهة نظر أخرى. يضاف إلى ذلك، أنه يجب احترام التوقيتات الزمنية، فالوقت ليس مفتوحا لكي تبدأ عمليات التسويف والمماطلة».
من جانبه، أكد عضو البرلمان العراقي السابق والقيادي في تحالف «أوفياء للوطن»، عزة الشابندر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك نزاعات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بدأت منذ حكومة رئيس الوزراء السابق المالكي، تتعلق بصلاحيات السلطة التشريعية، وعندما تم استفتاء المحكمة الاتحادية بهذا الخلاف، وقفت إلى جانب الحكومة»، مشيرا إلى أن مشاريع القوانين «تحال من مجلس الوزراء إلى البرلمان، وقد برز في ضوء ذلك خلاف آخر، وهو: هل دور البرلمان إقرارها أم رفضها أم له الحق في مناقشتها؟ وهو ما أدى إلى نشوب خلاف جديد يتعلق بالأوزان داخل البرلمان». وأضاف الشابندر أنه «في إطار ذلك، فإنه في حال كان الأمر يتوافق مع مصالح الكتل الكبيرة، فإنه تجري المناقشة تحت بند التعديل، وفي حال كان في غير صالحها يسمى إضافة»، مشيرا إلى أن «المعيار في الإضافة أو التعديل هي الأطراف المتنفذة». وأوضح الشابندر أن «مشروع قانوني الحرس والمساءلة، أتيا إلى البرلمان ضمن هذا الإطار، بحيث لا يحق له (البرلمان) الاقتراح أو الإضافة، بينما له التعديل ضمن إطار المقترح الوارد من الحكومة»، مؤكدا أن «رئيس البرلمان سليم الجبوري يريد للمجلس دورا حقيقيا في التشريع، بينما المطلوب الآن من البرلمان أن يقول (نعم) أو (لا)، في حين أن هذه التشريعات سياسية، وليست من صلب عمل البرلمان، وهو ما يستدعي موافقة الكتل السياسية عليها مسبقا، وتمريرها في البرلمان دون مناقشات أو إضافات أو تعديل».
البرلمان العراقي يؤجل مناقشة قانوني «الحرس الوطني» و«المساءلة والعدالة»
رئيسه يوجه أول انتقاد حاد للحكومة لاعتمادها المشروعين «من دون تدقيق»
البرلمان العراقي يؤجل مناقشة قانوني «الحرس الوطني» و«المساءلة والعدالة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة