أثارت تسريبات تتعلق بفضيحة التهرب الضريبي، التي أقدم عليها مصرف "اتش اس بي سي" العملاق ومقره العاصمة لندن التي كشفتها وسائل إعلام وطالت الفرع السويسري للمصرف، ضجة على الصعيد العالمي لتفضح العمليات المالية لكبار أثرياء العالم، ما حث البرلمان البريطاني على الإعلان أمس الاثنين، فتح تحقيق سريع بشأن هذا المصرف العملاق.
وذكرت محطة "بي بي سي" أن لجنة الحسابات العامة في مجلس العموم البريطاني ستفتح تحقيقا في الفضيحة التي تعرف بـ"سويس ليكس"، وطلبت من المصرف تقديم معلومات.
من جهتها، قالت مارغرت هودغ رئيسة لجنة الحسابات العامة في البرلمان البريطاني، إن نوابا بريطانيين سيطلقون "تحقيقا طارئا" وسيطلبون من المصرف التعاون عبر تقديم المعلومات إذا لزم الأمر، حسب قولها.
وتلقي الفضيحة هذه، الضوء على ممارسات التهرب الضريبي، كما تكشف تفاصيل الآلية التي اعتمدها المصرف في سويسرا لمساعدة عدد من عملائه على إخفاء أموال غير مصرح بها.
وكان ارفيه فالشياني موظف مصرف "اتش اس بي سي" السابق، الذي سرب وثائق سرية تظهر مساعدة المصرف لعملائه على التهرب الضريبي، قد حذّر من أن ما نشرته وسائل الإعلام ليس سوى جزء بسيط مما تفضحه الوثائق التي سلمها إلى الحكومة الفرنسية.
ووردت في الوثائق أسماء مشاهير وتجار سلاح وسياسيين، ولا يعني ذلك بالضرورة تورط جميع الأسماء في أعمال منافية للقانون، خصوصا أن بعضهم أكد تسوية أوضاعهم القانونية.
وحسب الوثائق، التي نشرت نهاية الاسبوع الماضي، فإن فرع "اتش اس بي سي" في سويسرا ساعد زبائن في أكثر من 200 دولة على التهرب الضريبي في حسابات مصرفية تصل إلى 119 مليار دولار (104 مليارات يورو).
فقد سرق فالشياني مهندس المعلوماتية الذي كان يعمل في الفرع السويسري للمصرف البريطاني، الوثائق في العام 2007 وسلمها إلى السلطات الفرنسية. وعلى مدى سنوات عديدة بقيت تلك المعلومات حكرا على القضاء وعلى بعض المصالح الضريبية. كما حصلت صحيفة "لوموند" الفرنسية، على المعطيات المصرفية لأكثر من 100 ألف من عملاء المصرف، ووضعت المعلومات في تصرف الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين في واشنطن، الذي تقاسمها بدوره مع أكثر من 45 وسيلة إعلامية حول العالم.
وفي مقابلة نشرت الثلاثاء مع صحيفة "لو باريزيان"، أكد فالشياني، أن ما ورد في التقارير الإعلامية ليس سوى جزء بسيط مما تضمنته الوثائق التي سلمها إلى السلطات الفرنسية. وقال إن هذه "ليست سوى البداية".
وتابع فالشياني أن الوثائق تتضمن "أكثر مما يمتلكه الصحافيون. فالوثائق التي سلمتها تشمل ملايين الصفقات"، مشيرا إلى أن هذه الأرقام قد تعطي فكرة عن حقيقة ما حصل.
وكانت الحكومة الفرنسية قد استخدمت تلك الوثائق لملاحقة المتهربين من الضرائب وتشاركتها مع دول أخرى في العام 2010 ، ما أسفر عن ملاحقات قضائية عدة بحق المتهربين.
ويتعرض فالشياني، الملقب بـ"سنودن التهرب الضريبي" و"الرجل الذي يخيف الأغنياء"، أيضا للملاحقة القضائية في سويسرا بتهمة السرقة. وعرضت عليه كل من فرنسا واسبانيا الحماية عبر رفض تسليمه إلى سويسرا.
وتظهر الوثائق أن المصرف فتح حسابات لمجرمين عالميين ورجال أعمال وسياسيين ومشاهير، وفق الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين.
وحسب الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، فإن "اتش اس بي سي استفاد من التعامل مع تجار سلاح أرسلوا سلاحا مدفعيا إلى الجنود الاطفال في أفريقيا، فضلا عن التجار الذين يتعاملون مع دكتاتوريي العالم الثالث، ومهربي الماس الأسود، وغيرهم من الخارجين الدوليين عن القانون".
وتضررت سمعة المصرف مرات عدة في السنوات الماضية بقضايا متنوعة، من بينها الاغفال في كشف تبييض مهربي مخدرات مكسيكيين لأموالهم عبر حسابات المصرف.
وبعد نشر هذه البيانات تعالت الأصوات في سويسرا للمطالبة بملاحقة المصرف بسويسرا، فيما سبق أن فتحت تحقيقات بشأنه في بلجيكا وفرنسا.
وفي بلجيكا، أعربت قاضية تحقيق وجهت اتهامات في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى "اتش اس بي سي" للخدمات المصرفية الخاصة بارتكاب "تهرب ضريبي خطير وتبييض" أموال عن إمكانية "إصدار مذكرات توقيف دولية" بحق مديريه، معتبرة أنه "حان الوقت كي يتعاون المصرف".
اما مصرف "اتش اس بي سي" سويسرا، فأكد أنه بدأ بإدخال "تغييرات جذرية".
وقال مدير فرع البنك بسويسرا فرانكو مورا، إن المصرف أغلق حسابات زبائن "لم يناسبوا المعايير العالية" للمصرف. كما أكد في رسالة الكترونية لوكالة الصحافة الفرنسية، أن لدى المصرف اليوم اجراءات قوية للتحقق من القوانين، مقرًا بوجود "مخالفات سابقة". وقال إن التسريبات الأخيرة تعتبر "تذكيرا بأن نموذج التعامل التجاري السابق للقطاع المصرفي الخاص في سويسرا لم يعد مقبولا".
وتظهر ملاحظات تتضمنتها الوثائق، أن موظفين في المصرف كانوا على علم بنية الزبائن إخفاء الأموال عن السلطات الوطنية.
جدير بالذكر ان الوثائق توفر أدلة بشأن 100 ألف من زبائن بنك "اتش اس بي سي" من بينهم أشخاص تستهدفهم العقوبات الأميركية.
ملفات تكشف كيف ساعد مصرف «أتش إس بي سي» عملاءه على التهرب الضريبي
نواب بريطانيون يفتحون تحقيقا في الفضيحة
ملفات تكشف كيف ساعد مصرف «أتش إس بي سي» عملاءه على التهرب الضريبي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة