أحكام غيابية في لبنان بالإعدام على 22 متهمًا بالانتساب إلى تنظيم متشدد وقتال الجيش وقوى الأمن عام 2007

الوزير الأسبق نجار: القضاء مضطر لإنزال أشد العقوبات بحق الفارين

أحكام غيابية في لبنان بالإعدام على 22 متهمًا بالانتساب إلى تنظيم متشدد وقتال الجيش وقوى الأمن عام 2007
TT

أحكام غيابية في لبنان بالإعدام على 22 متهمًا بالانتساب إلى تنظيم متشدد وقتال الجيش وقوى الأمن عام 2007

أحكام غيابية في لبنان بالإعدام على 22 متهمًا بالانتساب إلى تنظيم متشدد وقتال الجيش وقوى الأمن عام 2007

أصدر المجلس العدلي في لبنان برئاسة القاضي أنطوني عيسى الخوري، أحكاما غيابية بالإعدام بحق 22 متهما بالانتساب إلى تنظيم «فتح الإسلام» المتشدد، والسعي إلى خلق أرضية أمنية في البلاد والقتال ضد الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، فيما حكم على اثنين آخرين بالسجن، وأحال موقوفا قاصرا إلى محكمة جنايات الأحداث، وأفرج عن آخر.
وتأتي الأحكام من المجلس العدلي، وهو أعلى سلطة قضائية في البلاد، بعد مرور أكثر من 7 سنوات على المعركة التي خاضها الجيش اللبناني ضد تنظيم «فتح الإسلام» المتشدد في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين بشمال لبنان، خلال صيف 2007، وأسفر عن سيطرة الجيش على المخيم، وإنهاء وجود التنظيم المتشدد.
مصادر مطلعة على معطيات إصدار الأحكام أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن المتهمين الذين أنزلت بحقهم عقوبة الإعدام «فارون من العدالة» وبالتالي «تلقوا أقسى حكم، نظرا إلى أنه غيابي»، في حين خفّف حضوريا على المتهم رأفت فؤاد خليل الحكم بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة 15 سنة، ونال المتهم خضر سليمان مرعي عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة لمدة 7 سنوات. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأحكام تأتي بعد مطالبات برزت أخيرا بتسريع المحاكمات بحق المتهمين المعروفين باسم «الموقوفين الإسلاميين» في سجن رومية (إلى الشرق من بيروت). وكان وزير العدل اللبناني أشرف ريفي قد أعلن خلال الأسبوع الماضي في تصريح تلفزيوني أن الحكومة وضعت خطة مع القضاة «والمفروض تسريع المحاكمات»، لافتا إلى وجود 480 موقوفا ينتظرون محاكمتهم على أن يغلق هذا الملف بعد شهرين.
من جهة ثانية، أفاد وزير العدل اللبناني الأسبق الدكتور إبراهيم نجار لـ«الشرق الأوسط» بأنه من الناحية التقنية «عندما لا يحضر المتهم تضطر المحكمة، بحسب القانون، لمحاكمته غيابيا. وبالتالي، إنزال أشد العقوبات التي ينص عليها القانون، وهو يتم بشكل شبه آلي». ولفت إلى أنه «مَن يحاكم غيابيا يستطيع الاعتراض على الحكم، وعندئذ إذا حضر، تعود المحكمة وتفتح المحاكمة وتعيد النظر بكل المحاكمة، بدليل أن الباقين، الذين كانوا حاضرين، لم ينالوا العقاب نفسه». وأعرب نجار عن اعتقاده أن «هذا المسار أمام المجلس العدلي يتفق مع أحكام القانون، ولا علاقة له، لأول وهلة، بالسياسة».
وشدّد الدكتور نجار، وهو أستاذ للقانون، على أن «الفصل بين السلطة التنفيذية والقضائية هو القاعدة، ولا يستطيع أي وزير عدل أن يفرض قناعة ما على قاضٍ، والمادة 20 من الدستور اللبناني تفرض على القاضي أن يصدر أحكامه بكل استقلالية»، علما بأن «تسريع المحاكمات هو أمر ضروري، ويمكن للسلطة الإجرائية أن تحثّ القضاة على تسريع المحاكمات».
وتثبّت المجلس العدلي من إقدام المتهمين المحكوم عليهم بالإعدام على الانتساب إلى تنظيم «فتح الإسلام»، وسعيهم بأشكال مختلفة لنصرة هذا التنظيم وتحقيق أهدافه ومآربه، كما سعوا إلى خلق أرضية أمنية في لبنان، عبر ارتكاب أعمال إرهابية تشمل تفجيرات وقتلا وسلبا وغيرها من الجرائم بهدف إضعاف الدولة اللبنانية، وزعزعة الثقة فيها وفي مؤسساتها، وفي طليعتها الجيش اللبناني؛ «تمهيدا لتحقيق مشروع إنشاء إمارة أصولية تكفيرية في لبنان الشمالي أولا، ومن ثم الامتداد إلى مجمل المناطق اللبنانية»، كما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية.
وحسب الوكالة فإن المحكومين بالإعدام «أقدموا على الاشتراك في القتال ضد الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، سواء عن طريق إطلاق الرصاص والصواريخ أو باستخدام المتفجرات، الأمر الذي أفضى إلى استشهاد عدد من العسكريين وإلى إصابة آخرين بجروح وإلى هدم وإتلاف مراكز وأبنية تابعة للجيش اللبناني، كليا أو جزئيا، مع علمهم بأنها ملك للغير، كما أقدموا قصدا على تخريب وإتلاف سيارات وآليات عسكرية عبر إطلاق النار والقذائف الصاروخية عليها وإصابتها».
وثبت أن المتهم مرعي، الذي حكم عليه بالسجن 7 سنوات مع الأشغال الشاقة، أقدم مع آخرين على «تهريب أبو أحمد العراقي بعد محاولتهم فك طوق الجيش قبل الأحداث عن شقة أحمد مرعي، وهو مسلح، كما قام بمراقبة بعض المصارف ومراكز الأموال في طرابلس بغية الاستيلاء عليها لشراء الأسلحة واستئجار الشقق، وحيازة سلاح حربي دون ترخيص».
كذلك تثبّت المجلس العدلي من إقدام المتهم علي محمد إبراهيم الذي نال حكما غيابيا بالإعدام، على تزويد مقاتلي «فتح الإسلام» بالمأكل من منزل أهله، ونقل بودرة الألمنيوم بناء على طلب محمد مرعي وبمساعدة محمد الخالد، إلى شقته بعد مداهمة الجيش للمكان الذي كانت موجودة فيه، مع علمه أنها تستعمل لتصنيع المتفجرات، ثم نقلها مجددا إلى سيارة بمساعدة محمد إسماعيل وبحضور صهره ناصر درويش، وبهدف الإسهام في النشاط الإجرامي والإرهابي الذي يقدم عليه تنظيم «فتح الإسلام». أما بالنسبة للمتهم دحّام شريف الإبراهيم، فتثبّت المجلس العدلي من تواصله مع تنظيم «فتح الإسلام» الإرهابي، وأقدم على مساعدته، بهدف الإسهام في النشاط الإجرامي والإرهابي الذي يقدم عليه تنظيم فتح الإسلام.
وأحال المجلس ملف القاصر ع. م. إلى محكمة جنايات الأحداث لتوقيع العقوبة المناسبة بحقه، في حين أطلق سراح المتهم فادي غسان إبراهيم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.