انطلقت أشغال «مؤتمر الأمن في ميونيخ» أمس بمشاركة نحو 20 رئيس دولة أو رئيس حكومة، بينهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي، بالإضافة إلى نحو 60 وزيرا للخارجية والدفاع. ويركز مؤتمر ميونيخ في مباحثاته التي ستستمر حتى يوم غد الأحد، على «انهيار النظام العالمي»، وتهيمن عليه ملفات دولية عدة أبرزها الوضع في أوكرانيا والنزاع في سوريا والتهديد الإرهابي في المنطقة إضافة إلى أزمتي إيبولا واللاجئين.
وأعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أمس أن بلاده قررت حضور المؤتمر بسبب مشاركة إسرائيل. وقال الوزير أوغلو في مؤتمر صحافي ببرلين حيث التقى مع سفراء تركيا لدى الدول الأوروبية «كان من المفترض أن أشارك في المؤتمر ولكن بسبب الدعوة الموجهة لممثلين عن إسرائيل للمشاركة في الدائرة المستديرة حول الشرق الأوسط، قررنا عدم المشاركة». وأضاف في تصريحات أذاعها التلفزيون التركي «تي أر تي» أن الانسحاب من الاجتماع لا صلة له بعلاقات تركيا مع ألمانيا. وبدوره، قال وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي يوفال شتاينتز، الذي يمثل بلاده في مؤتمر ميونيخ، بأن تركيا الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي بقرارها الانسحاب من المشاركة في المؤتمر أظهرت أنها «تفكر فعليا بنفس طريقة المتطرفين والجماعات الإرهابية مثل الإخوان المسلمين وحماس». وأضاف أن الانسحاب التركي «يلقي ظلالا كثيفة على مستقبل وشخصية تركيا». وتابع قائلا: «أعتزم بفخر تمثيل إسرائيل في هذه المناقشات المهمة بشأن الشرق الأوسط».
ويأتي القرار التركي في ظل توترات بين الدولتين مستمرة منذ الهجوم الإسرائيلي على أسطول لكسر الحصار عن قطاع غزة في العام 2010. ومنذ ذلك الوقت لا يكف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن مهاجمة إسرائيل. وفي العام الماضي شبه الرئيس إردوغان الممارسات الإسرائيلية بأفعال هتلر، وذلك في تصريحات أدت إلى اتهام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو له بمعاداة السامية.
وافتتحت وزيرة الدفاع الألمانية فون دير لاين إن أمس مؤتمر ميونيخ أمس، بكلمة أكدت فيها أن ألمانيا تقوم بدور قيادي أكبر على الصعيد العالمي. وقالت الوزيرة الألمانية إن بلادها لا تريد انتزاع دور قيادي لها أو إقحام نفسها في هذا الشأن. أوضحت الوزيرة قائلة: «هل نفهم من مصطلح القيادة مجرد ارتداء خوذة القائد؟ كلا، أم هل نفهم منه أن تنتزع ألمانيا عجلة القيادة بيديها وتحدد الاتجاه؟ كلا! أو أن تقحم ألمانيا نفسها لأنها تعتقد أنها رقم واحد بين الدول الأوروبية؟ مرة أخرى كلا». إلا أن فون دير لاين ذكرت أن القيادة المعنية هي «القيادة وسط المجموعة»، مبينة أن من مقتضيات تلك القيادة الاستعداد غير المشروط للتحليل المشترك واتخاذ القرار المشترك، مضيفة أنه «ليس هناك أمة وحدها حتى وإن تعاظمت وسائلها، يمكنها أن تحل الصراعات بنجاح بشكل دائم». وتطرقت الوزيرة الألمانية في الجلسة الافتتاحية إلى الوضع الأوكراني المعقد وحذرت من أن إرسال الغرب أسلحة إلى الجيش الأوكراني سيؤدي إلى تأجيج النزاع. وقالت فون دير لاين بأن «التركيز فقط على الأسلحة قد يؤدي إلى صب الزيت على النار وإبعادنا عن الحل المطلوب. هناك أسلحة أكثر من اللازم في أوكرانيا أصلا والدعم الروسي بالأسلحة للانفصاليين لا محدود». وتساءلت «هل نحن واثقون من تحسين وضع الناس في أوكرانيا عبر تسليم أسلحة؟ هل ندرك جيدا أن هذا يهدد بتأجيج النار؟ أوليس يعني إعطاء ذريعة لروسيا لكي تتدخل علنا في النزاع؟». وتابعت: «من الصعب الانتصار على روسيا بالسلاح وهذا سيؤدي على الأرجح إلى خسارة الكثير من الأرواح».
من جهة أخرى، كان مفترضًا أن يجري على هامش مؤتمر ميونيخ يوم افتتاحه أمس، عقد اجتماع بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، مع اقتراب المهلة المحددة للتوصل إلى اتفاق سياسي حول البرنامج النووي الإيراني. وكانت وزارة الخارجية الأميركية أعلنت في بادئ الأمر أن كيري وظريف سيلتقيان السبت في ميونيخ في جنوب ألمانيا.
ووصل كيري إلى جنوب ألمانيا في وقت متأخر الخميس قادما من كييف حيث التقى مسؤولين أوكرانيين في إطار جهود دبلوماسية جديدة لإنهاء الأزمة الأوكرانية. وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جين بساكي مسبقًا أن وزيري الخارجية «سيبحثان المحادثات النووية المستمرة». وتسعى مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا) منذ أكثر من عام للتوصل إلى اتفاق نهائي مع إيران حول برنامجها النووي بعد اتفاق مرحلي جرى الاتفاق عليه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013. وحددت مجموعة الدولة الكبرى الـ31 من مارس (آذار) المقبل موعدا للتوصل إلى اتفاق سياسي، فيما يتم الاتفاق على باقي التفاصيل التقنية لتدخل في اتفاق نهائي بحلول 30 يونيو (حزيران) المقبل. وعادت الأجواء إلى التوتر بين إيران والولايات المتحدة في ظل تهديدات أميركية بفرض عقوبات جديدة على الجمهورية الإسلامية في حال عدم التوصل إلى الاتفاق السياسي في مارس.
وإضافة إلى بحثه الملف النووي مع وزير الخارجية الإيراني، سيلتقي كيري اليوم السبت مع نظيره الروسي سيرغي لافروف لبحث الوضع في سوريا وأوكرانيا والملف النووي. ويشارك في مؤتمر ميونيخ من الجانب الأميركي أيضًا نائب الرئيس الأميركي جون بايدن. ويلتقي بايدن اليوم السبت المستشارة الألمانية ميركل والرئيس الأوكراني بترو بوروشينكو لبحث تطورات الأزمة الأوكرانية.
انطلاق أعمال «مؤتمر ميونيخ للأمن».. والنقاشات تركز على «انهيار النظام العالمي»
تركيا تنسحب من الاجتماع بسبب مشاركة إسرائيل.. وكيري وظريف يبحثان الملف النووي
انطلاق أعمال «مؤتمر ميونيخ للأمن».. والنقاشات تركز على «انهيار النظام العالمي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة