الكومبيوتر المتفوق «واطسون» يتحول إلى طاهي طعام

زودت ذاكرته بـ9 آلاف وصفة غذائية

الكومبيوتر المتفوق «واطسون» يتحول إلى طاهي طعام
TT

الكومبيوتر المتفوق «واطسون» يتحول إلى طاهي طعام

الكومبيوتر المتفوق «واطسون» يتحول إلى طاهي طعام

«واطسون» الكومبيوتر المفكر في «آي بي إم» الذي انتصر أمام الملأ، عندما هزم اثنين من أبطال الشطرنج السابقين في مباراتين على التلفزيون عام 2011. بات حاليا متوفرا عبر تطبيق أساسه السحاب، ليساعدك على معرفة الأشياء لباي تود صنعها.
والعملية بسيطة. قم فقط بإبلاغ «واطسون» بالمكونات الأساسية التي ترغب في استخدامها، وتلك التي لا ترغب في ها، بعد أن تختار طبق الطعام الذي تود تحضيره، كطبق الاسباغتي مثلا، مع نوعية الطهو، حسب المطبخ الإيطالي، أو الصيني، أو الألماني. وبعد أن يقوم «واطسون» باستيعاب المعلومات التي لقمتها له، وبالتالي استخدام معرفته الواسعة التي جمعها من أكثر من 9000 وصفة طعام، يقوم بابتكار وصفة جديدة لك لتجربتها في مطبخك. وإضافة إلى كل ذلك، يقوم بالغوص في المعلومات والبيانات التي وضعها معهد «نيويورك إنستتيوت فور كاليناري إيديوكيشن» المتخصص بالغذاء، الذي قام بتقييم آلاف المكونات الغذائية، استنادا إلى نكهتها وخصائصها الأخرى، والأمر يشبه كما لو أنك تملك طاهيك الخاص على السحاب، الذي هو من التقدم والتطور، مما ينفي الحاجة إلى تذوق الوصفات الذي يقوم بابتكارها.
ويقر جوشين بيركهاردت، كبير المصممين في قسم المنتجات الذكية والخدمات الابتكارية في «آي بي إم»، بأن الأمر قد يصبح غريبا إذا ما سمحت لـ«واطسون» أن يتحكم بالأمور بحرية، أو كما يحب. لكنه تمكن لدى تحضير طبق الاسباغتي المذكور أعلاه، أن يقدم الوصفة كاملة خلال ثوان. وبعد تناول مثل هذا الطبق، يمكن تبليغ «واطسون» رأيك فيما تناولته، لأنه سيواظب على تلقي الآراء والتعلم منها، لأنه في المرة المقبلة الذي يقوم فيها أحدهم بسؤاله عن الوصفة ذاتها، فإنها ستتضمن رأيك فيها أيضا، أو أخذها في الاعتبار.
وقد يساعد «واطسون» أيضا في العثور على مكونات بديلة إذا ما دعا الأمر، أو حتى لإكمال الوصفة على أكمل وجه. ومثال على ذلك يقول بيركهاردت، إنه عاد إلى منزله في إحدى الأمسيات، وقرر أنه راغب في تناول فطيرة «بانكايك»، لكن ثلاجته كانت خالية من الحليب والبيض، فقام بتلقيم هذه المعلومات لـ«واطسون» ليعود إليه الكومبيوتر بوصفة تتضمن العدس الذي وصفها بيركهاردت بأنها كانت لا بأس بها، وإن كانت ناشفة قليلا. والطاهي «واطسون» هذا هو متوفر حاليا على أساس دعوة خاصة تتعلق بالتجارب فقط، وهذه هي المهمة الثانية الرئيسية التي يقوم بها منذ خوضه مباريات الشطرنج، فقد كانت المهمة الأولى خاصة بالمحترفين الطبيين.
وكان جناح «آي بي إم» في المعرض الدولي للإلكترونيات الاستهلاكية، قد عرض إضافة إلى «الطاهي واطسون»، مجموعة جديدة نموذجية من أفران «ميلي» الثلاثية الأبواب ذات التصاميم الجميلة.
ويمكن لهذه المجموعة العمل مع «الطاهي واطسون»، الذي سيقوم بإرسال وصفاته مباشرة إليهاة.



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً