قوات المعارضة تنجح في إسقاط مشروع النظام لحصار مدينة حلب

تسخين الجبهات في الريف الشمالي الشرقي واحتدام المعارك في الأشرفية

مقاتلون من المعارضة السورية المسلحة أثناء مواجهة مع القوات النظامية أمس في تل المياسات شمال حلب (إ.ف.ب)
مقاتلون من المعارضة السورية المسلحة أثناء مواجهة مع القوات النظامية أمس في تل المياسات شمال حلب (إ.ف.ب)
TT

قوات المعارضة تنجح في إسقاط مشروع النظام لحصار مدينة حلب

مقاتلون من المعارضة السورية المسلحة أثناء مواجهة مع القوات النظامية أمس في تل المياسات شمال حلب (إ.ف.ب)
مقاتلون من المعارضة السورية المسلحة أثناء مواجهة مع القوات النظامية أمس في تل المياسات شمال حلب (إ.ف.ب)

أسقطت قوات المعارضة السورية في اليومين الماضيين مشروع النظام بفرض حصار مطبق على مدينة حلب من خلال السيطرة على كل مداخل المدينة، بعدما نجحت هذه القوات في وقف تقدم الجيش النظامي وسيطرتها على مناطق استراتيجية تقطع الطريق كليا على مخطط تطويق حلب.
وتتركز المعارك الحالية في حلب في الريف الشمالي الشرقي، أما الجبهات المشتعلة حاليا فيمكن حصرها في التالية: حندرات، سيفات، الملاح، المياسات، مدرسة المشاة والأشرفية.
وأوضح منذر سلال، نائب رئيس مجلس محافظة حلب الحرة، أنّه لو نجحت قوات النظام في السيطرة على السيفات وحندرات والشيخ نجار لكانت حاليا تطبق الحصار بشكل كامل على المدينة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «مخطط النظام كان يقضي بتطويق حلب للوصول إلى نبل والزهراء، ما يعني سيطرته على غالبية الريف الشمالي، وقد أسقطنا هذا المشروع».
وأشار سلال إلى أن قوات المعارضة تقوم حاليا بتمشيط مخيم حندرات (وهو مخيم للاجئين الفلسطينيين)، لافتا إلى أن المعارك لا تزال محتدمة في باقي أجزاء مدينة حندرات.
وتستلم «الجبهة الشامية» المعارضة قيادة معظم الجبهات المشتعلة في حلب، فيما تتولى «جبهة النصرة» و«لواء شهداء بدر» باقي المحاور. وتضم الجبهة التي تشكلت أواخر شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي «الجبهة الإسلامية»، «جيش المجاهدين»، «حركة نور الدين الزنكي»، «تجمع فاستقم كما أمرت»، و«جبهة الأصالة والتنمية»، وانضمت «حركة حزم» نهاية الأسبوع الماضي إلى الجبهة بعد معارك طاحنة مع «جبهة النصرة».
ويقود «لواء شهداء بدر» و«قوات حماية الشعب الكردي» المعارك في جبهة الأشرفية وبني زيد التي اشتعلت يوم أمس.
وأكّد سلال أن قوات المعارضة نجحت في الأيام الماضية في إبعاد شبح الحصار عن مدينة حلب بعدما كان قريبا جدا، لافتا إلى أن اعتماد القوات النظامية سياسة المباغتة والتسلل، هو الذي أدّى إلى تحقيقها تقدما في الأشهر الماضية، خاصة أن المعارضة كانت تتعاطى مع الجبهة على أنّها باردة لانشغالها بمعارك طاحنة مع تنظيم داعش.
ورجّحت مواقع مقربة من النظام السوري أن لا يكون هناك «طوق» في حلب على المدى المنظور، لافتة إلى أن «العملية التي كانت المؤشرات توحي بأن إتمامها بات مسألة وقت، توقّفت، قبل أن تلتقط المجموعات المسلّحة في المنطقة أنفاسها وتعاود تسخين الجبهة». وأشارت إلى أنّ «المعارك دخلت مجددا في حالة الكر والفر، وسط مؤشرات توحي بأن استمرارها على هذه الحال لن يكون قصيرا»، معتبرا أن «الهجوم الذي شُنّ على محاور البريج وقرية البريج والمياسات فجر الثلاثاء تشاركت فيه أبرز المجموعات المسلّحة، وحظي بتنسيق عالٍ، وأُحسن استغلال عنصر المباغتة».
وقال الائتلاف السوري يوم أمس إن الجيش الحر استمر في التقدم على جبهة حندرات في حلب، حيث استكمل السيطرة على كل المواقع في مخيم حندرات بعد اشتباكات مع قوات النظام، وعلى جبهة حلب الغربية في منطقة خان طومان حيث قام عناصر من الجيش الحر بتدمير مدفع 23 لقوات النظام بعد استهدافه بصاروخ «ميتس».
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن اشتباكات دارت بعد منتصف ليل الثلاثاء بين كتائب المعارضة ووحدات حماية الشعب الكردي من طرف، وقوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني من طرف آخر، في حي الأشرفية شمال حلب، ترافقت مع قصف متبادل من الطرفين على مناطق الاشتباكات. وطال القصف مناطق في حي كرم الطراب قرب مطار النيرب العسكري شرق حلب، ومنطقة الملاح شمال المدينة، فيما فتح الطيران الحربي نيران رشاشاته الثقيلة على مناطق في حيي الليرمون وجمعية الزهراء غرب حلب. وأشار المرصد إلى أن قوات النظام قصفت بعدد من القذائف مناطق في طريق الكاستيلو شمال حلب، كما استهدفت كتائب المعارضة منطقة في شارع التلل الخاضع لسيطرة قوات الأسد.
وتخوض قوات المعارضة عند جبهة مدرسة المشاة اشتباكات شرسة من كل الجهات، باعتبار أنّها تحارب قوات النظام المتمركزة على مسافة 500 متر غرب المدينة، وعناصر «داعش» المتمركزين على مسافة 500 متر شرقا.
وكانت كتائب المعارضة المسلّحة أعلنت الثلاثاء سيطرتها على تلّة المياسات في منطقة البريج، شمال شرقي حلب، عقب معارك ضد قوات النظام. وتحظى تلة المياسات بأهمية استراتيجية كونها تطلّ على المدينة الصناعية، وعلى دوّار البريج (طريق إمدادات النظام نحو جبهتي سيفات وحندرات)، فضلا عن كونها سابقا منطلقا لقصف حيي مساكن هنانو والحيدرية، الواقعين تحت سيطرة المعارضة.
وقال رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن قوات النظام استعادت يوم أمس الأربعاء السيطرة على التلة عقب معارك شرسة مع قوات المعارضة، لافتا إلى أنّه منذ أسابيع لم ينجح النظام في تحقيق أي تقدم يذكر على جبهات حلب نتيجة جهود قوات المعارضة، وهو ما يعد إنجازا لها.
وأشار عبد الرحمن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن قوات النظام كانت «قاب قوسين أو أدنى من فرض حصار على المدينة عقب الهجوم على نبل والزهراء، إلا أن تسخين الجبهات من قبل المعارضة نجح في منع تنفيذ هذا المخطط حتى إشعار آخر».
وبالتزامن، أعلن «مكتب أخبار سوريا» يوم أمس، أن الشرطة العسكرية التابعة للجيش السوري النظامي، اعتقلت عددا من الشبان في أحياء حلب الخاضعة لسيطرة القوات النظامية. ونقل المكتب عن ناشط من حلب أن عناصر الشرطة العسكرية اعتقلوا 27 شابا، على الأقل، في حي الجميلية وعند جسر الرازي وفي حي الأعظمية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.