هبوط أسعار السلع يدفع البنوك المركزية إلى تيسير سياستها النقدية لتحفيز النمو

{المركزي الأسترالي} يخفض أسعار الفائدة في خطوة مفاجئة

هبوط أسعار السلع يدفع البنوك المركزية إلى تيسير سياستها النقدية لتحفيز النمو
TT

هبوط أسعار السلع يدفع البنوك المركزية إلى تيسير سياستها النقدية لتحفيز النمو

هبوط أسعار السلع يدفع البنوك المركزية إلى تيسير سياستها النقدية لتحفيز النمو

بينما تتراجع أسعار السلع في الأسواق العالمية، بدا أن البنوك المركزية الكبرى حول العالم تتحرك نحو تيسير سياستها النقدية من خلال خفض أسعار الفائدة أو إقرار برامج للتيسير الكمي تحفز النمو في اقتصاديات تلك البلدان.
وقرر المركزي الأسترالي، يوم الثلاثاء الماضي، في خطوة مفاجئة خفض أسعار الفائدة بواقع 25 نقطة أساس إلى مستوى 2.25 في المائة وهو أدنى مستوى لها على الإطلاق من مستوى سابق بلغ نحو 2.5 في المائة. وتحريك المركزي الأسترالي لأسعار الفائدة هو أول رفع لها في نحو 18 شهرا.
والقرار الذي اتخذه المركزي الأسترالي، هو الأخير في سلسلة قرارات للبنوك المركزية الكبرى التي عادة ما تربط عملاتها بأسعار السلع التي تعاني هبوطا حادا في الفترة الأخيرة وفي مقدمتها أسعار النفط.
وقال محللون لـ«الشرق الأوسط» إن الخطوة التي أقدمت عليها البنوك المركزية الكبرى تأتي في وقت تتراجع فيه أسعار السلع، مع نظرة تشاؤمية لنمو الاقتصاد العالمي من قبل المؤسسات البحثية الدولية.
وفي تحرك مشابه لما أقدم عليه المركزي الأسترالي، خفض البنك المركزي الكندي أسعار الفائدة الشهر الماضي مع تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية. ويعرف عن الدولار الكندي ارتباطه الوثيق بأسعار النفط والعلاقة بينهما طردية، فمع ارتفاع أسعار الخام يرتفع الدولار الكندي والعكس صحيح.
ولدى كندا ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم بعد المملكة العربية السعودية. وتحوم أسعار الفائدة في كندا حاليا حول مستوى 0.75 في المائة بعد خفضها أيضا بواقع 25 نقطة أساس في الشهر الماضي.
وتراجعت أسعار النفط بصورة كبيرة منذ أن قررت أوبك الإبقاء على سقف الإنتاج دون تغيير في أواخر العام الماضي، ومنذ ذلك الحين فقدت أسعار الخام نحو 50 في المائة، قبل أن تسترد جزءا من عافيتها خلال الأيام القليلة الماضية بعد تراجع التنقيب عن النفط الصخري الأميركي مع انعدام الجدوى الاقتصادية.
وقال خبير أسواق السلع لدى ستاندرد تشارترد، أباه أوفن، في إفادة لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما تتحرك البنوك المركزية التي ترتبط أسعارها بسلع معينه نحو تيسير سياستها النقدية في حال انخفاض أسعار السلع، وهو ما يمكن استشفافه بوضوح في حالة المركزي الكندي». وتخفيض المركزي الكندي لأسعار الفائدة كان أول تحرك للبنك في هذا الصدد منذ سبتمبر (أيلول) عام 2010. ويتابع أوفن أنه «على مدار السنوات الماضية، كانت تلك البنوك تتابع عن كثب الوثبة الكبيرة في أسعار السلع، وبات لزاما عليها حماية الاقتصاد مع انخفاض الأسعار».
وبالتزامن مع خفض أسعار الفائدة خفض البنك المركزي الكندي أيضا من توقعاته لنمو الاقتصاد إلى 2.1 في المائة في 2015. من توقع سابق بلغ نحو 2.4 في المائة. وأضاف أوفن أن «تخفيض أسعار الفائدة أيضا من قبل البنوك المركزية قد يؤشر على التوقعات السلبية لمستويات التضخم، وهو ما ظهر بوضوح في حالة كندا».
ويتوقع البنك المركزي الكندي أن تتراجع مستويات التضخم من 0.5 في المائة في الربع الأول من العام الجاري إلى 0.3 في المائة في الربع الثاني. وعادة ما تستهدف البنوك المركزية الكبرى مستويات تضخم تحوم حول مستوى 2 في المائة لتحفيز النمو.
وفي أستراليا التي تحرك البنك المركزي فيها أيضا بتخفيض أسعار الفائدة يوم الثلاثاء الماضي، جاء ذلك بالتزامن مع هبوط حاد في أسعار السلع التي يرتبط بها الدولار الأسترالي وفي مقدمتها الحديد. وتمثل صادرات الحديد نحو 20 في المائة من إجمالي الصادرات الأسترالية. وفي 2014 فقد الخام نحو 49 في المائة من قيمته وواصل هبوطه في مطلع تعاملات العام الجاري ليصل إلى أدنى مستوى له منذ 2009.
وقال أرون ليسيل، خبير السلع لدى «سينشيري فايننشال»، لـ«الشرق الأوسط» إن «لجوء المركزي الأسترالي إلى خفض أسعار الفائدة جاء في وقت هام للغاية تتحرك فيه معظم البنوك المركزية للدفاع عن عملاتها واقتصادياتها. فأن تأتي متأخرا لأفضل من أن لا تأتي على الإطلاق».
وتحركت البنوك المركزية الكبرى بتيسير سياستها النقدية، على غرار المركزي الأوروبي خلال الفترة الماضية الذي أقر حزمة تحفيز بلغت قيمتها نحو 60 مليار يورو شهريا، فيما تستمر بنوك مركزية أخرى في برامج التيسير الكمي على غرار المركزي الياباني والبريطاني.
ويتابع ليسيل أن «القرار الذي اتخذه المركزي الأسترالي في هذه الحالة وثيق الصلة بأسعار خام الحديد والطلب على المواد الخام بصورة عامة، خاصة من الصين أحد أكبر الشركاء التجاريين لأستراليا».
وتشير بيانات صينية رسمية صدرت في مطلع الشهر الجاري إلى تباطؤ مؤشر القطاع الصناعي لأدنى مستوياته منذ عام 2012 في ظل انخفاض أرباح الشركات الصناعية، وهو ما يؤجج المخاوف بشأن وتيرة الطلب على السلع في أكبر مستهلك لها بالعالم. والاقتصاد الصيني سجل معدل نمو هو الأدنى منذ 24 عاما خلال عام 2014 ليبعث على مزيد من المخاوف بشأن وتيرة نمو الاقتصاد العالمي.
وانخفضت أسعار الحديد الخام لتسجل أدنى مستوياتها منذ منتصف عام 2009 عند 73.13 دولار للطن المتري، وفقا لبيانات مستقاة من موقع بورصة لندن للمعادن. وخفض بنك جي. بي مورجان توقعاته بالنسبة لأسعار الحديد الخام في 2015 عند 67 دولارا للطن المتري، أي أقل بنسبة 24 في المائة من توقعاته السابقة. وفي عام 2016. توقع البنك الاستثماري العالمي أن يبلغ متوسط سعر الطن المتري نحو 25 دولارا، بتراجع نسبته 23 في المائة عن التوقع السابق.
ويضيف ليسيل: «قد يتحرك المركزي الأسترالي لخفض جديد في أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة. ربما يبحثون عن سعر أقل لعملتهم في مقابل الدولار الأميركي».
وفي أعقاب خفض أسعار الفائدة، تراجع الدولار الأسترالي في مقابل الدولار الأميركي إلى أقل مستوى له في نحو 6 سنوات.
وفي محضر اجتماع المركزي الأسترالي الذي اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، لا يزال البنك المركزي يرى أن الدولار مسعر بأكبر من قيمته بما يساهم في «إضعاف قيمة السلع الأولية». وأشار جلين ستيفينز محافظ البنك قبل ذلك إلى أن سعر الصرف المناسب للدولار الأسترالي يحوم حول مستوى 75 سنتا، فيما يبلغ السعر حاليا 78 سنتا لكل دولار أسترالي.
وفي نيوزلندا، التي ترتبط عملتها أيضا بسلة من السلع، ورغم إبقاء البنك المركزي لأسعار الفائدة حول مستوى 3.25 في المائة فإن المحضر الأخير للبنك يظهر اتجاه صانعي السياسة النقدية بالبلاد إلى خفض أسعار الفائدة بالتزامن مع خطوات شبيهة من قبل البنوك المركزية الكبرى.
* الوحدة الاقتصادية
بـ«الشرق الأوسط»



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.