الملف الأمني ومكافحة الإرهاب والأزمة الليبية في صدارة مباحثات الرئيس التونسي في الجزائر

السبسي: لا نريد أن نكون حلفاء لـ«النهضة» لكنها موجودة ويجب أخذها في الاعتبار بطريقة حضارية

الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي أثناء مغادرته مطار هواري بومدين في العاصمة الجزائرية بعد حفل استقبال له في المطار امس (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي أثناء مغادرته مطار هواري بومدين في العاصمة الجزائرية بعد حفل استقبال له في المطار امس (أ.ف.ب)
TT

الملف الأمني ومكافحة الإرهاب والأزمة الليبية في صدارة مباحثات الرئيس التونسي في الجزائر

الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي أثناء مغادرته مطار هواري بومدين في العاصمة الجزائرية بعد حفل استقبال له في المطار امس (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي أثناء مغادرته مطار هواري بومدين في العاصمة الجزائرية بعد حفل استقبال له في المطار امس (أ.ف.ب)

حل الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، أمس بالجزائر، في أول زيارة رسمية له خارج البلاد بعد انتخابه رئيسا للجمهورية، وتصدر الملف الأمني ومكافحة الإرهاب ومخاطر الجماعات المتشددة والأزمة الليبية أجندة مباحثاته فيها.
وذكر بيان لرئاسة الجمهورية التونسية أن هذه الزيارة تأتي عقب دعوة رسمية تلقاها الرئيس قائد السبسي من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، بهدف تعزيز علاقات الشراكة والتعاون بين البلدين. وأضاف البيان أن ملف التعاون بين البلدين في المجال الأمني ومكافحة الإرهاب والشأن الليبي من أبرز المحاور التي سيتباحث فيها الرئيسان.
وقال معز السيناوي، المتحدث باسم رئيس الجمهورية التونسية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الزيارة «مهمة وأخوية بالأساس»، وستتطرف إلى الملف الأمني الذي سيحظى بمكانة مهمة في المباحثات بين الرئيسين، ويتعلق الأمر على الخصوص بتفعيل التعاون الاستخباراتي بين البلدين لإحباط المخططات الإرهابية التي تقودها عدة أطراف وتستهدف الأمن والاستقرار في كل من تونس والجزائر وبقية بلدان المغرب العربي.
وأشار السيناوي إلى الجانب الاقتصادي الذي سيعرف بدوره أهمية مضاعفة خاصة على مستوى تفعيل اتفاقية التعاون الاقتصادي التي وقعها رئيسا الحكومتين التونسية والجزائرية منذ أشهر، وهي اتفاقية تقضي بفتح أبواب الاستثمار في أسواق البلدين أمام المستثمرين التونسيين والجزائريين.
أما الملف الثالث الذي لا يقل أهمية عن بقية الملفات فيتعلق بمساعدة الأطراف المتنازعة في ليبيا على الحوار وضمان الاستقرار، والسعي لموقف متطابق بين البلدين في اتجاه جمع الإخوة الليبيين حول طاولة حوار واحدة تنهي الصراع المسلح.
ووفق مصادر سياسية مطلعة، فإن الرئيس التونسي حمل معه معلومات أمنية مهمة حول المجموعات الإرهابية وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والتي تهدد الأمن والاستقرار في البلدين.
واستفادت تونس خلال السنوات الأربع الماضية من تجربة مكافحتها للإرهابيين المتحصنين على الحدود بين البلدين، وحصلت على معلومات مهمة استخلصتها من الإرهابيين الذين ألقت القبض عليهم على دفعات، وينتظر أن تمد تونس الجزائر بمعطيات بشأن تخطيط تلك المجموعات لهجمات مسلحة ضدها.
وتؤكد وزارة الداخلية التونسية أن عددا من الإرهابيين المتحصنين في جبال الشعانبي والمناطق الغربية الحدودية مع الجزائر هم من الجزائريين. واستبق محمد علي العروي، المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية، زيارة السبسي إلى الجزائر ليكشف عن العثور على معلومات تؤكد تزايد مخاطر المجموعات الإرهابية المتطرفة على الأمن والاستقرار في البلدين.
وينتظر الجزائريون كذلك من الرئيس التونسي اتخاذ قرار يلغي بموجبه ضريبة الدخول إلى تونس المطبقة على الجزائريين خلال توجههم إليها سواء للعلاج أو السياحة، والمقدرة بنحو 30 دينارا تونسيا (نحو 16 دولارا).
ويرتبط الرئيس التونسي بعلاقات حميمة وشخصية مع الرئيس بوتفليقة تمتد لعقد السبعينات من القرن الماضي حين كان السبسي يتولى حقيبة وزارة الداخلية في حين أن بوتفليقة كان آنذاك وزيرا للخارجية في عهد الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين.
وزار قائد السبسي الجزائر في مارس (آذار) 2011، بعد تسلمه رئاسة الحكومة المؤقتة، وحصل على دعم مالي لحكومته بنحو 100 مليون دولار. وكانت له زيارة ثانية إلى الجزائر في مايو (أيار) 2012 بعد تأسيسه حزب حركة نداء تونس، وذلك ضمن محاولة جزائرية للتوسط بين قائد السبسي وراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة بهدف تحقيق التوافق الداخلي في تونس.
وفي سياق ذلك، أكد الرئيس التونسي أنه لا يريد أن يكون حزبه (حركة نداء تونس) حليفا لحركة النهضة، داعيا إلى التعامل معها بطريقة حضارية. وقال السبسي في مقابلة مع صحيفة «الوطن» الجزائرية الصادرة بالفرنسية نشرت أمس قبل وصوله إلى الجزائر «الإسلاميون الجدد في تونس حاولوا الابتعاد عن القراءة التونسية للإسلام، وحاولوا إدخال الشريعة في الدستور، كما حاولوا إلغاء الكثير من الأشياء. حاربناهم. حتى تخلوا عن ذلك».
وأضاف «أنا بنفسي قلت في قمة مجموعة الثماني إن النهضة حزب ديني لكنه ليس ضد الديمقراطية، ولكن هذا لم يكن صحيحا. لقد ألقيت خطابا واعتذرت للشعب، قلت إنني آسف. أنا لم أراهم في الميدان، ولكن يجب أن أقول الآن إنهم ابتعدوا عن هذا الطريق وغيروا الإطار، هم الآن يقولون نحن تونسيون وديننا هو الإسلام. في تونس يريدون المشاركة في الحكومة، هم يقولون إنهم مثل بقية الأحزاب لماذا تقصوننا في حين أن الشعب أعطانا 69 مقعدا في المجلس، في حين أنتم الذين فزتم بالانتخابات لا تتقدمون علينا إلا بـ20 مقعدا؟». وتابع «هل من الضروري أن تتعاون مع هؤلاء الناس؟ تلك قصة أخرى. ما الطريقة التي سنتعاون بها؟ بالطبع، نحن لا نريد أن نكون حلفاء، لكن (النهضة) موجودة ويجب أن نأخذ في الاعتبار وجودها بطريقة حضارية، وهذا هو ما نقوم به حاليا».
وأشاد السبسي بدور المرأة التونسية والحقوق التي حصلت عليها، مؤكدا أن 1.1 مليون امرأة صوتن لصالحه من بين مليون و750 ألف صوت حصل عليها في انتخابات الرئاسة، لافتا إلى أنه بسبب ذلك لديه مشكلة مع النهضة وشركائها، وأن هذا الوضع يستدعي مسؤوليات وواجبات. وأشار السبسي، الذي لم يخف تأييده لنظام الحبيب بورقيبة، إلى أنه لا يمكن القول إن تونس نجحت في تشكيل الحكومة، لافتا إلى ضرورة التقدم على الصعيد الاجتماعي والحريات والقضاء الذي يجب أن يكون مستقلا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.