بعد تقهقره.. فظائع «داعش» تنكشف في شمال العراق

إيزيديون ينبشون مقابر جماعية بحثا عن بقايا ذويهم

إيزيدية تبحث عن رفات ذويها في مقبرة جماعية بسنونى قرب سنجار عثر عليها الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
إيزيدية تبحث عن رفات ذويها في مقبرة جماعية بسنونى قرب سنجار عثر عليها الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
TT

بعد تقهقره.. فظائع «داعش» تنكشف في شمال العراق

إيزيدية تبحث عن رفات ذويها في مقبرة جماعية بسنونى قرب سنجار عثر عليها الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
إيزيدية تبحث عن رفات ذويها في مقبرة جماعية بسنونى قرب سنجار عثر عليها الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

جاءوا من مخيمات النازحين ليبحثوا وسط جماجم يغطيها التراب وعظام اختلطت بملابس خشنة متناثرة داخل حفرة في قضاء سنجار، شمال العراق، عن بقايا ذويهم الذين قتلهم «داعش».
وعثرت قوات البيشمركة الاثنين الماضي على مقبرة جماعية في منطقة سنونى التي طردت منها مسلحي التنظيم المتطرف أواخر العام الماضي. وتحوي المقبرة رفات 25 شخصا، بينهم نساء وأطفال، وفقا لمصادر محلية وعسكرية.
ولا تزال آثار الدم تلطخ أحد جوانب الخندق الذي انتشرت حوله أغلفة الرصاص التي تروي مأساة مقتل هؤلاء الضحايا وإلقائهم في هذا المكان وترك الجثث في العراء. كما عثر مؤخرا على مقبرة أخرى في منطقة حردان، الواقعة في سنجار، وكان من المقرر، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، أن يتم نبشها أمس وأخرى ثالثة وسط القضاء الذي لا يزال قسم منه تحت سيطرة المتطرفين.
علي بازو، أحد الإيزيديين، والذي يعيش الآن في مخيم للنازحين في دهوك بإقليم كردستان، وصل للبحث في هذه المقبرة عن والده الذي اختطف على يد المتطرفين في أغسطس (آب) الماضي. وقال بازو بألم: «لم نعرف مصيره». وتابع: «سمعنا بوجود هذه المقبرة، وجئنا وعثرنا على مفاتيح المنزل». وأضاف بينما كان ينظر إلى رفات الضحايا: «لكن لم أعرف أي العظام هي لوالدي».
بدورها، وصلت بيزار حسو للبحث عن زوجها (66 سنة) الذي فقدته عند تعرض مجمع خانة سور إلى هجوم المتطرفين. وقفت بيزار وهي تضع قناعا طبيا على وجهها وترتدي قفازات مطاطية، للبحث بين الرفات عن أي علامة لزوجها، لكنها لم تجد شيئا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.