أهالي العسكريين المختطفين يمهلون الحكومة 24 ساعة.. وتهديد بإقفال «كازينو لبنان»

كلام عن استعداد جبهة النصرة لمقايضة المختطفين مقابل المؤن ومرور آمن للمقاتلين

أهالي العسكريين المختطفين يمهلون الحكومة 24 ساعة.. وتهديد بإقفال «كازينو لبنان»
TT

أهالي العسكريين المختطفين يمهلون الحكومة 24 ساعة.. وتهديد بإقفال «كازينو لبنان»

أهالي العسكريين المختطفين يمهلون الحكومة 24 ساعة.. وتهديد بإقفال «كازينو لبنان»

هدد أهالي العسكريين اللبنانيين المختطفين منذ أغسطس (آب) الماضي من قبل تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» بإقفال كازينو لبنان والتوجه إلى مرحلة جديدة من التصعيد غير المسبوق، في حال لم تبادر الحكومة خلال 24 ساعة إلى تحريك ملفهم وإعطائهم التطمينات اللازمة بعد مرور أكثر من شهر ونصف على وقف تحركاتهم في الشارع والتزامهم التكتم والسرية وعدم الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام، وذلك بطلب من المعنيين.
وأمهل الأهالي في مؤتمر صحافي عقدوه بالأمس الحكومة 24 ساعة لتحريك ملفهم، مهددين أنه «في حال لم تتجاوب الحكومة معهم سيقفلون كازينو لبنان الذي حلت أزمته بسرعة كبيرة بعكس ملفنا»، بإشارة إلى الأزمة التي نشأت بالكازينو على خلفية طرد عدد من الموظفين وتم احتواؤها قبل يومين بعد استنفار الجهات السياسية وإغلاق موظفي الكازينو المصروفين أبواب المرفأ السياحي الأساسي في منطقة الشرق الأوسط لعدة أيام.
ولفت الأهالي إلى أن «هناك ملفات كانت معقدة أكثر من قضية أبنائهم، وحلت»، معتبرين أنه «لو كانت الدولة تعمل بجدية لما وصلوا إلى ما هم عليه اليوم». وطالب الأهالي بمعلومات تطمئنهم، مؤكدين أنهم مع السرية في تناول الملف.
وقال حمزة حمص، والد العسكري المخطوف وائل حمص «سنعطي الحكومة مهلة 24 ساعة، والأهالي لن يكتفوا بعد اليوم بإقفال طريق وكازينو، بل من أجل أولادنا فإن البشر أصبحوا مستهدفين، لدفع الدول إلى أن تأتي للضغط على الدولة اللبنانية».
صابرين، زوجة الرقيب أول في قوى الأمن الداخلي المخطوف لدى «جبهة النصرة» زياد عمر، والتي كانت من أبرز الناشطين بملف العسكريين المختطفين، تقول إنها ملت المشاركة في الاعتصام المستمر في وسط العاصمة بيروت منذ أشهر طويلة، لاقتناعها بأن كل الخطوات التي قامت بها وباقي الأهالي ذهبت سدى. وهي تعيش حاليا في منزلها بمنطقة البقاع شرقي البلاد مع ابنتيها التوأم، على المهدئات وأدوية الأعصاب، وتحاول الاطمئنان على زوجها من خلال قنوات خاصة لم تنجح بتأمين أي لقاء لها معه، لكنها تحمل لها بين الحين والآخر أخبارا عن وضعه الصحي.
وأشارت صابرين في اتصال لـ«الشرق الأوسط» إلى أنها تشعر بـ«الإحباط الكلي»، لافتة إلى أنها «مقتنعة بوجود مفاوضات بين خلية الأزمة وتنظيمي النصرة وداعش، لكن الدولة اللبنانية تراوغ ولا تتعاطى بجدية مع مطالب الخاطفين».
أما حسن يوسف، والد الجندي المختطف محمد يوسف، فعلى الرغم من كونه محبطا أيضا، غير أنه لم يتوقف عن المشاركة بتحركات الأهالي الذين التقوا يوم أمس برئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط. واللقاء مع الزعيم الدرزي لم يترك انطباعات جيدة لديهم، لذلك قرروا العودة للتصعيد بعد نحو شهر ونصف على التزام التكتم وعدم الظهور الإعلامي. وقال يوسف لـ«الشرق الأوسط»: «اليوم سنلتقي مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم وعلى أثر ما سيبلغنا به سنتخذ خطواتنا المقبلة».
وأشار يوسف إلى أن «جوا من القلق والريبة والشك يسيطران على الأهالي الذين لم يتلقوا أي رسالة طمأنة منذ قرار وقف تصعيدهم قبل شهر ونصف». وأضاف: «أما الآن فقد حان وقت التحرك في حال لم يكن هناك جديد بالملف، والتصعيد هذه المرة لن يكون كما في السابق بل سيكون الأقسى من نوعه».
ويأخذ يوسف وباقي الأهالي على الدولة اللبنانية إعطاءها الأولوية لملفات أخرى على حساب ملف العسكريين المختطفين منذ أغسطس الماضي، وتساءل يوسف: «هل بات ملف مرفأ بيروت وكازينو لبنان ومطمر الناعمة وملفات الفساد، على الرغم من أهميتها، أكثر إلحاحا من حياة العسكريين؟»
وأكد نائب رئيس بلدية عرسال أحمد فليطي في اتصال مع «الشرق الأوسط» استمراره بوساطته مع «داعش» بمسعى لتحرير العسكريين المختطفين لدى التنظيم، رافضا الحديث عن أي تفاصيل بما يتعلق بالمفاوضات.
وكان الفليطي تسلم الوساطة بتوكيل من جنبلاط ووزير الصحة وائل أبو فاعور، وهو حمل قبل نحو شهرين مطالب التنظيم المتشدد لخلية الأزمة من دون الكشف عنها.
ويتواصل فليطي حاليا مع تنظيم «داعش» الذي يختطف منذ أغسطس الماضي 11 عسكريا أعدم اثنين منهم، فيما يتولى الشيخ مصطفى الحجيري الوساطة مع «النصرة» التي كانت تختطف 18 عسكريا قتلت اثنين منهم.
وكان «داعش» حمل إمام وخطيب مسجد «أبو الأنوار» في مدينة طرابلس شمال لبنان، الشيخ وسام المصري نهاية العام الماضي 3 شروط رئيسية لتحرير العسكريين. أولها، تأمين اللاجئين السوريين من اعتداءات «حزب الله»، من خلال إقامة منطقة منزوعة السلاح. كما اشترط إنشاء مستشفى متطور من أجل علاج المصابين والمرضى، بالإضافة إلى مستودع من الأدوية. وطالب «داعش» بإطلاق سراح جميع النساء المسلمات المعتقلات في لبنان لأسباب تتعلق بالملف السوري، وبالتحديد سجى الدليمي طليقة زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي، وعلا العقيلي زوجة أبو علي الشيشاني أحد قادة «جبهة النصرة».
وسلمت «النصرة» قبل نحو 3 أشهر الوسيط القطري السابق أحمد الخطيب 3 مقترحات بشأن تبادل العسكريين المخطوفين لديها. ويقضي الاقتراح الأول بمبادلة كل مخطوف بـ10 سجناء من سجون لبنان، أما الاقتراح الثاني فيشترط الإفراج عن 7 سجناء من السجون اللبنانية و30 سجينة من السجون السورية مقابل كل مخطوف، أما الاقتراح الثالث فيقول بإطلاق 5 سجناء من السجون اللبنانية و50 سجينة من السجون السورية مقابل كل عسكري مخطوف. وكانت قطر أعلنت مطلع الشهر الحالي سحب وسيطها بعدما أعدمت «النصرة» الجندي علي البزال.
ولفت ما أعلنه مركز «كارنيغي» للشرق الأوسط يوم أمس عن أن «جبهة النصرة» تبدي استعدادا لعقد اتفاق حول الجنود المختطفين. وأوضح ماريو أبو زيد الباحث في المركز أنه قد جرى إيصال رسائل إلى صانعي القرار اللبنانيين وقيادة الجيش حول استعداد جبهة النصرة لمقايضة المختطفين مقابل المؤن الطبية والغذائية، ومقابل ضمان مرور آمن للمقاتلين إلى المنطقة الحدودية السورية - اللبنانية.
وقال أبو زيد: «إن ما يجعل هذا التدبير، الذي لم يعلن عنه بعد، مغريا للحكومة اللبنانية هو أنه لا يتضمن أي اتفاق لمقايضة الجهاديين المحتجزين حاليا في سجن رومية اللبناني. إذ لن يكون بمقدور صانعي القرار اللبنانيين إطلاق سراح جهاديين بسبب التداعيات الأمنية التي قد تترتب عن مثل هذه الخطوة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.