سلام لـ («الشرق الأوسط») : ما يشاع عن وجود بيئة حاضنة للإرهاب في الوسط السني «مقولة كاذبة»

رئيس الحكومة اللبنانية قال إنه يسعى لإيجاد حل لـ«الفيتو الوزاري» الذي يمنع الكثير من الإنجازات

تمام سلام
تمام سلام
TT

سلام لـ («الشرق الأوسط») : ما يشاع عن وجود بيئة حاضنة للإرهاب في الوسط السني «مقولة كاذبة»

تمام سلام
تمام سلام

أكد رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام أنه لم يعد من الممكن استمرار العمل في مجلس الوزراء اللبناني على قاعدة «الفيتو» الوزاري، والتوافق بين كل أعضاء الحكومة لاتخاذ القرارات، في ظل الشغور الرئاسي المستمر منذ 8 أشهر بعد فشل البرلمان المتكرر في انتخاب خلف للرئيس المنتهية ولايته ميشال سليمان.
وأشاد سلام في حوار موسع مع «الشرق الأوسط» بالحوار الدائر بين تيار المستقبل الذي يرأسه الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري وحزب الله، معتبرا أن عمليات التفجير التي شهدها لبنان كانت تهدف إلى زرع الفتنة بين السنة والشيعة لزعزعة الوضع الداخلي. ورأى سلام أن موضوع مشاركة حزب الله في الحرب السورية «يحتاج إلى الكثير من العناية والمعالجة في مقاربته، «لأننا تبنينا في حكومتنا سياسة النأي بالنفس تجاه الأحداث في سوريا».
وقد استهل الرئيس سلام الحوار بالإشادة بكلام خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز عما مرت به السعودية منذ أيام عبد العزيز إلى اليوم، من تداول السلطة بين عدة ملوك تسنى لهم خدمة المملكة وخدمة العرب والمسلمين، معتبرا أن ما يجير «هو تكريس وتثبيت للخط المستمر منذ مئات السنين في المملكة». وقال: «من جهتنا نزيد تعلقنا وتمسكنا بالمملكة وقيادتها، التي لم تبخل يوما في دعم قضايا العرب والمسلمين وبالأخص في دعم قضيتنا في لبنان، والمحطات البارزة معروفة لهذا الدعم ومشكورة وهي لا تعد ولا تحصى، فنتمنى للمملكة ولخادم الحرمين المزيد من التقدم والنمو بما يفيد السعودية وشعبها وكل العرب والمسلمين، وبما يزيد ويوطد العلاقة بين لبنان والسعودية»، مشيرا إلى أنه لن يقصر «عندما تحين الفرصة لزيارة المملكة وتوطيد العلاقة في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز».
وفيما يأتي نص الحوار:

* ما تقييمك لعمل الحكومة خلال هذه المرحلة، وقدرتها على مواجهة العواصف الداخلية والإقليمية؟
- نحن مقبلون بعد أيام على مرور سنة كاملة على تشكيل الحكومة، وفي هذه السنة كان هناك وضعان مختلفان. وضع في البداية كان بحضور ووجود رئيس الجمهورية، وبعدها، في الأشهر الثمانية الأخيرة، في ظل شغور رئاسي، ومعاناة كبيرة في البلد، سواء كان على المستوى الأمني أو الاقتصادي والاجتماعي. التصدي لهذا الوضع، بالتالي، يتطلب جهوزية ومعالجة مميزة، علما أنه في البداية (ضمن الوجود الرئاسي) كان الإقبال على المعالجة متقدما وناجحا، وأعطى نتائج كبيرة وإيجابية فورية، لكن في ظل الشغور الرئاسي دخلنا في مرحلة المعاناة في تيسير أمورنا، وتطلب الكثير من المقاربات وتفعيل التواصل مع القوى السياسية من أجل تفعيل دور مجلس الوزراء، وقيام الحكومة بمستلزمات تسهيل أمور البلاد. ورغم ذلك هناك الكثير من الأمور التي لم نتمكن حتى اللحظة من معالجتها جذريا، لأننا اعتمدنا في الحكومة، في ظل الشغور الرئاسي، التوافق على كل شيء. فكل المواضيع غير المتفق عليها، نضعها جانبا، وهي كثيرة مع الأسف. لكن رغم هذه الآلية الصعبة والثقيلة في أداء الحكومة، تمكنّا إلى اليوم من تحصين الوضع الداخلي. من الناحية الأمنية، الوضع متماسك، ومن الناحية الاقتصادية، هو أيضا في شكل مقبول، وكذلك اجتماعيا، إذ ساد جو من الحوار وتهدئة الأجواء بين الطوائف اللبنانية.
* هل نجحت الحكومة بالحد الأدنى في إدارة البلاد؟
- نعم يمكن قول ذلك، والحكومة نجحت في إدارة البلاد وتحصين الوضع الداخلي بالحد الأدنى المقبول، ولكن هذا ما يفرض علينا متابعة انتخابات رئاسة الجمهورية بشكل حثيث.
* إلى متى يستطيع لبنان أن يستمر دون رئيس للجمهورية؟
- هناك الكثير من التقدير الذي نسمعه داخليا وخارجيا، لأداء الحكومة وتمرير هذه المرحلة الصعبة، لكن هذا لا يمنع من الاعتراف بأن الشغور في مركز رئاسة الجمهورية له انعكاس سلبي قد لا نحصد أضراره اليوم، لكنه ولا بد سيترك تبعات على المدى الطويل إذا ما طال الموضوع، ولم نتمكن من انتخاب رئيس، لأن أي جسم دون رأس، لا يكون مكتمل القدرات أو سليما. هذا أمر يجب أن يحصل بالأمس قبل اليوم لنستكمل التزامات تحصين الوطن، بل أيضا لدفعه إلى أوضاع أفضل تبعا للمستجدات التي تترك أوزارها في لبنان، وأبرزها موضوع النزوح السوري الذي يبقى عبئا كبيرا على لبنان.
* خلال الأشهر الثمانية، اتفقتم على توافق داخل مجلس الوزراء، لكن هذا لم يحصل بشكل متواصل.. هل شعرت أنك في - مرحلة ما كنت تخوض مجموعة من التناقضات في مكان واحد؟ كيف كانت هذه التجربة تحديدا؟
طبعا، هذه التجربة حتى الآن صعبة ومعقّدة، وأنا أفضل كثيرا أن تكون مستلزمات جسمنا الديمقراطي مكتملة، من انتخاب رئيس للجمهورية، إلى إجراء انتخابات نيابية عامّة وأن يكون مجلس الوزراء يتعاطى مع صلاحياته بحسب الدستور، وليس من خلال ما توصّلنا إليه على مستوى التعايش السياسي داخل مجلس الوزراء بضرورة التوافق على كل شيء. هناك موضوعات حياتية وموضوعات إنمائية وإدارية بحاجة إلى أن نمضي بها، ويتم تحقيقها حتى وإن اعترض أحد الوزراء أو اعترضت إحدى القوى السياسية. لكن اليوم هذا التوافق المطلوب، يعرقل المضي فيها وهذا شيء مزعج جدا.
* في لحظة من اللحظات أنت اعترضت وقلت لهم إنه لا يمكن المضي على هذا المنوال؟
- وصلنا إلى مكان في إحدى الجلسات بعد نقاش طويل لملف حساس وكبير جدا، وأعطينا أكثر من جلسة وأكثر من مقاربة على مدى أشهر ووصلنا إلى مكان (على أساس أننا انتهينا من هذا الملف).. وفجأة، اعترضت إحدى القوى السياسية في الحكومة ولم توافق، فاضطررت إلى المضي في هذا الأمر سواء كانت موافقة أم لم تكن، لأن الوقت كان يداهمنا بهذا الملف ولم يعد يحتمل التأجيل.
* هل هناك استمرارية للفيتو الوزاري؟
- يتطلب مراجعة ومقاربة جديدة، وأنا أسعى إلى ذلك مع القوى السياسة لنتمكن من مساعدة أنفسنا وتسهيل أعمالنا بشكل أفضل.
* ألا تتوجس من أن يولد هذا المسعى نوعا من الحساسيات، خاصة موضوع المسيحيين ومشاركتهم بالسلطة؟
- كلا، هذا الأمر المشار إليه له علاقة بكل ما يعتبر أمرا حياتيا وإنمائيا وإداريا للبلد، أما المواضيع السيادية أو الميثاقية، فمن الأفضل أن تبقى لتوافق الجميع عليها، لأنه لا يمكن أن نفسح المجال أمام اختلال أي جهة أو قوى سياسية، خاصة عندما تكون ممثلة لمكون أساسي في البلد، لأن المواضيع الميثاقية والسياسية حساسة جدا، وهي من طبيعتها في لبنان أنها وفاقية. أساسا، لم يتكون لبنان بعد الاستقلال إلا بنفس توافقي، وديمقراطيتنا الخاصة بنا ذات بُعد توافقي أيضا، وهذا شيء يؤمن التعايش في لبنان ويحسدنا عليه الكثيرون، خاصة إسرائيل التي ترى في هذا النموذج للتعايش نقيضا للعنصرية التي تمارسها عندها.
* هناك اتهام للبنان بأنه أخذ مواقف عنصرية تجاه النزوح السوري.. كيف وجدتم أنكم مضطرون لاتخاذ هذا القرار الذي يشمل الفيزا للسوريين؟
- هذا القرار أثير من حوله الكثير من اللغط في غير محله، ولم نطلب تأشيرة دخول ولا أي شيء آخر. لكن كل ما في الأمر أنه في مواجهة التدفق غير المنضبط والعفوي والمتكاثر والمتزايد على مدى سنوات، والذي أوصل الأمر إلى أن أصبح هناك ما يقارب مليونا ونصف المليون نازح سوري في لبنان، ذهبنا إلى تنظيم هذا الأمر وضبطه في طبيعة السوري الذي يأتي إلى لبنان. فمنهم من يأتي عابرا بغرض السفر إلى الخارج بسبب عدم توفر الرحلات من مطار دمشق إلى كثير من بلدان العالم، وهناك السوري الذي يقيم في لبنان منذ زمن، وهناك السوري الذي يعمل في لبنان، ومنهم من يأتي للاستشفاء، وبعضهم من لديه استثمارات في لبنان، والبعض يأتي إلى زيارة عادية. فهذا ما يتطلب منّا معرفة طبيعة هذا السوري الذي يدخل إلى الوطن، فالأمر ليس سائبا. من هنا، اتخذنا قرارا ببدء التدقيق بطبيعة كل سوري يريد دخول لبنان، علما أنه تبين لنا أن عددا لا بأس به من السوريين الذين أتوا كنازحين اقتصاديين، أي من مناطق بعيدة جدا عن لبنان، وكان يجب أن يذهبوا إلى دول مجاورة لمناطقهم وليس إلى لبنان، لكن لأن لبنان يوفر جوا من الحرية والديمقراطية وواحة من العمل والإنتاج، فيأتون إلى لبنان. وهذا لم يعد نازحا، فقد أصبح يأتي ليستفيد ويسترزق، بالتالي كان علينا أن نفرز هذه الأمور وأن نتعرف على طبيعة هذا النزوح. ومن هنا، الخطوة كانت واضحة بأن يتم التدقيق عند معابر الحدود، وهناك عدد كبير من النازحين السوريين المسجلين لدى الدوائر كنازحين، وخصوصا لدى المنظمات الدولية، ويستفيدون من الكثير من الأوضاع التي تأتي لمساعدة النازحين بينما بعضهم يذهب ويأتي إلى سوريا، والذي يمكنه أن يعود فهذا ليس نازحا. لذلك هذا يتطلب فرزا وتدقيقا، وهذه هي الإجراءات لا أكثر ولا أقل، ومن المؤكد أنها ساهمت في الحد من تدفق النزوح الذي خرج عن السيطرة في فترة ما.
* في ظل الإجراءات الجديدة، هل لبنان قادر على تحمل عبء النازحين أم أن المشكلة ما زالت تهدده؟
- المشكلة ما زالت كبيرة، ومن الممكن أن تكون أصعب لولا هذه الإجراءات، لأنه يقدر عدد النازحين السوريين اليوم بمليون ونصف المليون، بينهم مليون ومائة ألف مسجلون في سجلات مفوضية اللاجئين، و350 ألفا غير مسجلين. ولو لم نفرض تلك الإجراءات، لربما كانوا وصلوا إلى المليونين. وليست لدينا طاقة في تحمل هذا العدد على الإطلاق، علما أن عدد النازحين الموجودين اليوم يشاركوننا في مياهنا وكهربائنا ومدارسنا ومستشفياتنا وكل وسائل الحياة، لأن الغالبية الكبرى منهم 85 في المائة منتشرة في البيوت والأحياء والقرى اللبنانية بين أهلنا، وتمت مساعدتهم والترحيب بهم وما زال الوضع هكذا عند اللبنانيين، ولم نسمع أنه حصلت ردود فعل أو أي تذمّر تجاه السوريين. لكن لا أنفي أن هذا عبء كبير، لأنه بالكاد نمتلك الإمكانات المالية والاقتصادية لمواجهة حاجات اللبنانيين، عدا عن وجود نحو نصف مليون فلسطيني وغيرهم من الجنسيات الموجودة في لبنان نتيجة الأحداث في المنطقة.
* هل المجتمع الدولي يقوم بواجباته؟
- المجتمع الدولي يسعى ويعقد مؤتمرات ويرسل وفودا ويقيم هيئات، لكن ما زال بعيدا جدا عن الاستحقاقات المطلوبة. منذ سنة تقريبا كان البنك الدولي قد شخّص الخسارة اللبنانية من جراء النزوح السوري بنحو 7 مليارات ونصف المليار دولار، واليوم وصلت المساعدات إلى مليار ومائة مليون كحد أقصى، خلال فترة النزوح إلى اليوم. وهناك خطة طريق وضعتها المنظمات الدولية على رأسها الأمم المتحدة لتأمين ما يقارب مليارين ومائة مليون دولار في السنتين المقبلتين لمساعدة لبنان، ونأمل أن توضع مكان التنفيذ للاستفادة منها.
* الأزمة السورية ترخي بظلالها على الوضع اللبناني من كل الجهات ومنها الجانب الأمني.. كيف تصفون المشهد؟
- الجانب الأمني كان له طابع داخلي وآخر على الحدود. الطابع الداخلي تمثل لفترة من الزمن بمحاولات عديدة من استهداف داخلي عبر اغتيالات وتفجيرات وأشكال مختلفة من العنف، وزرع الفتنة بين السنة والشيعة لزعزعة الوضع الداخلي، فتم التصدي لذلك بحزم. وتم اعتماد خطط أمنية نجحت إلى حد بعيد، وكان للأجهزة الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي وأمن عام، قدرة مميزة على تعقّب وإحباط العديد من هذه المحاولات وكشف شبكات إرهابية، وما زلنا نواجه الشبكات الإرهابية بشكل فعّال جدا. ويمكنني أن أقول إن مستلزمات المواجهة الأمنية متوفرة، وكل مستلزمات المواجهة الوطنية على مستوى إحباط أي محاولة لزرع الفتنة في البلد أيضا تأمنت، وأصبح واضحا أمام الجميع أن ما كان يُشاع عن وجود بيئة حاضنة للإرهابيين في لبنان، وخصوصا في وسط المجتمع السني وفي الشمال، تم تبديده كاملا. ولا شك أنه تم تسجيل مواقف متقدّمة من القيادات السنية وفي مقدمها الرئيس سعد الحريري في اتخاذ مواقف حازمة، تحملنا جميعا المسؤولية وأنهينا هذه المقولة الكاذبة. اليوم الأمن مستقر ومنتشر في كافة أنحاء الوطن في الداخل، ولكن لا زالت هناك مواجهة مع الإرهابيين في مناطق سلسلة جبال لبنان الشرقية، والمواجهة التقليدية مع عدونا إسرائيل في الجنوب الذي يخترق أجواءنا ويتصرف بحرية كاملة غير آبه لأي اعتبار مع الأسف.
* ماذا عن المواجهات عند الحدود السورية مع التنظيمات المتطرفة؟
- مواجهة الإرهابيين في السلسلة الشرقية أمر تطلب الكثير من الاستنفار والتجهيز والعناية، خصوصا في دعم الجيش والقوى الأمنية، ولا بد من تسجيل الدعم السعودي المميز، ودعم خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله، عندما قرر بشكل غير مسبوق أن يكون هناك دعم على مستوى دولة بحجم لبنان بقيمة 3 مليارات دولار للجيش اللبناني، مما أعطانا الكثير من المعنويات، بالإضافة إلى مليار إضافي فيما بعد، وهذا أمر تشكر عليه السعودية التي احتضنت لبنان ماديا ومعنويا ووطنيا، إذ لم توفر مناسبة للتأكيد على حرصها على لبنان.
المواجهة مع الإرهابيين قائمة على قدم وساق، والجيش اللبناني يتصدى ويواجه ببسالة وجرأة رغم سقوط العديد من الشهداء من قبل مجموعات لا تملك لا عقلا ولا دينا في حروبها. ويجب ألا ننسى أن هناك لا يزال حتى اللحظة نحو 26 عسكريا لبنانيا أسرى ومحتجزين عند الإرهابيين، أعدموا منهم 4 (اثنين ذبحا واثنين قتلا بدم بارد) ويهددون من وقت إلى آخر.
* يُقال إن الجماعات المسلحة تحتل نحو 4 في المائة من مساحة لبنان، إلى أي مدى هذا الكلام دقيق وكيف تكون المواجهة؟
- امتزج المسلحون مع سكان بلدة عرسال، فعدد سكان عرسال 35 ألفا والنزوح السوري بعرسال ومحيطها يقارب الـ100 ألف، والمجموعات المسلحة تستفيد من هذا التمازج.
* أنت تحدثت عن تعزيز الحاضنة الوطنية، لكن لا تزال هناك شكوى من تورط جزء من اللبنانيين في سوريا، فإلى أي مدى هذه المسألة تهدد التفاهم أو الحاضنة الداخلية؟
- هو موضوع يحتاج إلى الكثير من العناية والمعالجة في مقاربته، لأننا تبنينا في حكومتنا سياسة النأي بالنفس تجاه الأحداث في سوريا، لكن بين هذا الموقف والواقع على الأرض، ثمّة مساحة ملتبسة وتتطلب متابعة ومعالجة، وهذا الواقع تنتج عنه أضرار سلبية بما يخص لبنان. المتابعة قائمة، لكن الأمور لم يتم حسمها باتجاه تأكيد ممارسة سياسة النأي بالنفس فعلا وليس قولا. وهذا الأمر ليس سهلا، إذ يتطلب الكثير من العناية والجهود لكي لا يذهب بنا إلى أوضاع قد يأتي منها ضرر كبير على اللبنانيين.
* مع حزب الله؟
- أؤكد أن المساعي والاتصالات مع المعنيين قائمة مع حزب الله وغيره، ونأمل أن يكون فيها خير، لكن الآن لا يمكن الاعتماد كليا على ذلك، وعلينا الحذر من أن تذهب الأمور إلى الأسوأ، وهي مسؤولية الجميع، وأمانة عند الجميع لعدم تعرض أي أحد للأذى خصوصا وأن أعداءنا لن يوفروا فرصة أو مناسبة لاستهدافنا.
* بعد عملية حزب الله في شبعا، هل خشيتم انفلات الوضع الأمني ودخول لبنان في حرب جديدة؟
- عطفا عما حدث عام 2006، طبعا المخاوف حضرت فورا في أذهان الكثير من الناس، لكننا بذلنا جهودا لكي لا تتطور الأمور وتصبح شبيهة بما حصل عام 2006، والمحاولات دائما موجودة لتفويت الفرصة عمن يريدون الضرر بلبنان.
* الكلام عن توحيد الجبهات ونظرية سياسة الردع التي يحاول حزب الله ممارستها، إلى أي مدى يمكن أن تكون مفيدة للبنان؟
- الموقف والتصور ليس نابعا من جهة رسمية، بالتالي نسعى كمسؤولين إلى العناية بما يجنب لبنان المخاطر، وبالتالي موقفنا واضح من القرار 1701 والحدود بيننا وبين إسرائيل وما يعرف بالخط الأزرق، وطبعا هي أرض محتلة وليس هناك مبرر لإسرائيل بإبقاء هذا الاحتلال، وهذا ما يجب أن نطالب به دائما.



اتفاقية لنقل 12 ألف حاج يمني عبر 5 مطارات بينها «صنعاء»

رحلة سابقة لـ«الخطوط اليمنية» بمطار الغيضة الدولي إبان إعادة تشغيله من قِبل «البرنامج السعودي»... (الشرق الأوسط)
رحلة سابقة لـ«الخطوط اليمنية» بمطار الغيضة الدولي إبان إعادة تشغيله من قِبل «البرنامج السعودي»... (الشرق الأوسط)
TT

اتفاقية لنقل 12 ألف حاج يمني عبر 5 مطارات بينها «صنعاء»

رحلة سابقة لـ«الخطوط اليمنية» بمطار الغيضة الدولي إبان إعادة تشغيله من قِبل «البرنامج السعودي»... (الشرق الأوسط)
رحلة سابقة لـ«الخطوط اليمنية» بمطار الغيضة الدولي إبان إعادة تشغيله من قِبل «البرنامج السعودي»... (الشرق الأوسط)

أعلنت وزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية توقيعها اتفاقية مع «الخطوط الجوية اليمنية» لتفويج الحجاج اليمنيين من 5 مطارات يمنية؛ بما فيها مطار صنعاء الدولي، وذلك بعد التنسيق مع الجانب السعودي.

وينتظر أن يجري تفويج الحجاج اليمنيين لأداء الحج هذا العام من مطارات: عدن، وسيئون، والريان، والغيضة، وصنعاء.

وقال الدكتور مختار الرباش، وكيل وزارة الأوقاف والإرشاد لقطاع الحج والعمرة، إن توقيع الاتفاقية «يأتي تزامناً مع تعاون وتجاوب الأشقاء في المملكة العربية السعودية مع جهود وزارة الأوقاف بخصوص تسيير رحلات طيران عبر (اليمنية) لتفويج الحجاج من مطارات: عدن، وسيئون، والريان، والغيضة، وصنعاء، إلى الأراضي المقدسة».

وكيل وزارة الأوقاف اليمنية مختار الرباش خلال توقيع الاتفاقية مع مسؤولي «الخطوط الجوية اليمنية»... (سبأ)

ولفت الرباش إلى أن هذه الخطوة سوف تسهم في «تخفيف معاناة الحجاج، بدلاً من تحملهم مشقة وعناء السفر الطويل، بسبب استمرار ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران في إغلاق الطرق الواصلة بين المحافظات»؛ وفق وكالة «سبأ» الرسمية.

وعبّر الدكتور مختار عن «تقدير وزارة الأوقاف وشركة (اليمنية) التعاون والتجاوب الدائمين من قبل الأشقاء في الجانب السعودي مع جهود الجهات المختصة في الجانب اليمني، بشأن تفويج حجاج بيت الله من مطارات بلادنا؛ بما فيها مطار صنعاء، إلى الأراضي المقدسة؛ لتخفيف المعاناة عن الحجاج».

وأضاف: «الوزارة ستشرف على كل مراحل عملية إصدار تذاكر الطيران للحجاج عبر الجو، عبر لجان مختصة في جميع المطارات»، مشيراً إلى أن «الوزارة أصدرت تعميماً مهماً لوكالات الحج المعتمدة لهذا الموسم، بضرورة إيداع قيمة تذاكر السفر المحددة إلى حساب (النقل جواً) لـ(بنك القطيبي الإسلامي) بالدولار أو الريال السعودي، لضمان تأكيد الحجوزات».

من جانبه، أكد محسن حيدرة، نائب المدير العام للشؤون التجارية في «الخطوط اليمنية»، أهمية اتفاقية التعاون مع وزارة الأوقاف بشأن تفويج الحجاج البالغ عددهم نحو 12400 حاج جواً عبر «طيران اليمنية».

وشدد حيدرة على ضرورة مواصلة التنسيق على أعلى مستوى لضمان نقل الحجاج وتقديم أفضل الخدمات لهم بما يساهم في أداء مناسك الحج بكل سهولة ويسر.

ووفقاً لوزارة الأوقاف اليمنية، يبلغ عدد الحجاج اليمنيين هذا العام 24255 حاجاً، وقد أوضحت أنه جرى الاستعداد مبكراً عبر التنسيق مع السلطات السعودية المعنية وتوقيع اتفاقيات عدة لخدمة الحجاج اليمنيين في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة.

ووصف الدكتور مختار الرباش، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، الجهود السعودية لموسم الحج والعمرة هذا العام بأنها «جهود مباركة ومشكورة، تعمل وفق آلية منظمة وتطويرية، وتعكس الرؤية الثاقبة لقيادة هذا البلد المبارك في خدمة حجاج وضيوف بيت الله الحرام».

وكان وفد من «هيئة الطيران المدني» السعودية زار الأسبوع الماضي مطار الغيضة الدولي بمحافظة المهرة (شرق اليمن)؛ استعداداً لتسيير رحلات دولية من وإلى المطار؛ منها رحلات للحجاج اليمنيين لموسم حج هذا العام.

وتفقّد الوفد الإجراءات المتبعة وفحصها، وصالات الاستقبال بالمطار وبرج المراقبة، والمدرج... وغيرها من مرافق المطار، للتأكد من سلامتها فنياً وأمنياً.

يذكر أن «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» أعاد تأهيل المطار وتجهيزه، واستؤنفت الرحلات في يوليو (حزيران) 2023، ليشكّل رافداً جديداً في رفع مستوى خدمات قطاع النقل في اليمن.


العراق: مخاوف من تحالف محتمل بين السوداني والعيساوي لإقصاء «عجائز» السياسة

جانب من جلسة البرلمان العراقي (وكالة أنباء العالم العربي)
جانب من جلسة البرلمان العراقي (وكالة أنباء العالم العربي)
TT

العراق: مخاوف من تحالف محتمل بين السوداني والعيساوي لإقصاء «عجائز» السياسة

جانب من جلسة البرلمان العراقي (وكالة أنباء العالم العربي)
جانب من جلسة البرلمان العراقي (وكالة أنباء العالم العربي)

كشفت مصادر عراقية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» الأسباب التي أدت إلى عرقلة انتخاب رئيس جديد للبرلمان العراقي بعد مرور 6 شهور على إقالة رئيسه السابق محمد الحلبوسي.

وطبقاً لهذه المصادر فإنه «بعد انتهاء العد والفرز للجولة الثانية من الجلسة الأولى المؤجلة منذ شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، وتفوق مرشح السيادة سالم العيساوي على مرشح تقدم محمود المشهداني بعدد الأصوات أصبح محتماً اللجوء إلى السيناريو الثاني، وهو تعطيل الجلسة تمهيداً لرفعها».

أحد السياسيين العراقيين أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «المفاجأة التي لم تكن متوقعة أن زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي أوعز إلى نواب كتلته داخل البرلمان بطلب تأجيل الجلسة التي كان من المقرر استئنافها بعد جلسة قصيرة»، مبيناً أن «النائب الأول لرئيس البرلمان محسن المندلاوي الذي يدير بالبرلمان بالإنابة منذ إقالة الحلبوسي طلب استراحة تعقبها الجولة الثالثة، بينما النائب الثاني الكردي شاخوان عبد الله طلب أن يتم المضي فوراً بإجراءات الجولة الثالثة حتى لا يكون هذا التأخير مبرراً للتعطيل وهو ما حصل».

وأشار إلى أن «السبب الذي جعل المالكي يطالب بتأجيل الجلسة يعود إلى ما وصله من أنباء عن تدخل حكومي بِشأن مجريات الجلسة»، عاداً أن «هناك نائبين أحدهما من (تقدم)، والآخر نائب مستقل كتبا تغريدتين أخافتا على ما يبدو بعض الزعماء السياسيين المسنين في العملية السياسية، قوامهما أن تدخل رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بمجريات انتخاب رئيس البرلمان مع أن كليهما لم يقدما أي دليل على ذلك إنما يعني وجود تحالف محتمل بين السوداني وبين سالم العيساوي المرشح الذي كان يفصله عن الفوز 8 أصوات فقط»، ومن شأن ذلك التحالف أن يؤدي إلى إقصاء عجائز السياسة في العراق.

إلى ذلك أكد مصدر آخر من داخل أروقة جلسة السبت لـ«الشرق الأوسط» أن «تعطيل الجلسة كان مقرراً من خلال قيام عدد من النواب بتوزيع الأدوار فيما بينهم داخل الجلسة ومع مجريات التصويت، حيث بدأت أسهم العيساوي ترتفع فيما تقل أسهم المشهداني»، مبيناً أن «نهاية التصويت كانت حاسمة باتجاه فوز العيساوي لو تم الاستمرار بجولة تصويت ثالثة، الأمر الذي أدى إلى قيام نائب من حزب (تقدم) بالصعود إلى منصة الرئاسة لإحداث نوع من الفوضى، حيث حاول رئيس البرلمان بالإنابة احتواء الموقف لكن سرعان ما تصاعدت الخلافات، وهو ما كان مطلوباً لإرباك عمل رئاسة البرلمان وعدم قدرتها على إدارة الجلسة مما اضطر الرئيس لرفعها حتى إشعار آخر».

وفي سياق الجدل بشأن التدخل من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لصالح سالم العيساوي، فإنه ومع قيام أحد نواب «تقدم» بتوجيه الاتهام إلى رئيس الحكومة بالتدخل، فإن أروقة البرلمان شهدت حضور وزير الصناعة والمعادن خالد بتال، وهو قيادي في حزب «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي، حيث كان الهدف من حضوره التثقيف لصالح خصم العيساوي والسوداني معاً وهو محمود المشهداني.

لكن اضطر بتال إلى الخروج من البرلمان مع تصاعد الجدل حول حضوره.

وكان النائب يحيى المحمدي كتب تغريدة على موقع «إكس» قال فيها إن «الدستور نصّ على مبدأ الفصل بين السلطات، والأعراف السياسية تنص على احترام مبدأ الأغلبية، هل هذه الثوابت أصبحت غير ملزمة؟».

وأضاف: «نلمس تدخلاً واضحاً من الحكومة باختيار رئيس مجلس النواب، وهذا يسجل خرقاً صارخاً للدستور ومبادئه». أما النائب مصطفى سند فقد كتب قائلاً إن «تدخل رئيس الوزراء باختيار سالم في إشارة إلى النائب (سالم العيساوي) والمبالغة بهذا الموضوع، أثر سلباً على كثير من النواب بالتصويت له». وأضاف سند قائلاً: «شخصياً غادرت جلسة الجولة الثالثة قبل قليل، وكفى الله المؤمنين شر القتال».

إلى ذلك طالب النائب المستقل باسم خشان بإنهاء عضوية النائب والقيادي في حزب «تقدم» هيبت الحلبوسي الذي شارك في شجار داخل القبّة التشريعية أثناء التصويت على انتخاب رئيس جديد للمجلس.

وقال خشان في تغريدة له إنه «بعد أن تلى رئيس الجلسة قواعد التصويت، وقبل مباشرة النواب بالتصويت، هدّد النائب هيبت الحلبوسي بمنع التصويت بالقوة، وبهذا يكون قد منع المجلس من ممارسة واجب دستوري». وأضاف خشان أن «هذا حنث باليمين الدستورية، ينهي عضويته في مجلس النواب، وعلى المجلس أن يتخذ ما يلزم ليسترد هيبته».


السفيرة الألمانية لدى العراق تعلن تعرض شركات بلادها لحالات ابتزاز ورشوة

كرستيانه هومان في لقاء سابق مع نائب رئيس الوزراء العراقي وزير الخارجيّة فؤاد حسين (موقع وزارة الخارجية)
كرستيانه هومان في لقاء سابق مع نائب رئيس الوزراء العراقي وزير الخارجيّة فؤاد حسين (موقع وزارة الخارجية)
TT

السفيرة الألمانية لدى العراق تعلن تعرض شركات بلادها لحالات ابتزاز ورشوة

كرستيانه هومان في لقاء سابق مع نائب رئيس الوزراء العراقي وزير الخارجيّة فؤاد حسين (موقع وزارة الخارجية)
كرستيانه هومان في لقاء سابق مع نائب رئيس الوزراء العراقي وزير الخارجيّة فؤاد حسين (موقع وزارة الخارجية)

أكدت السفيرة الألمانية لدى العراق كريستيانه هومان ما أثير منذ سنوات طويلة بشأن تعرض معظم الشركات الأجنبية في العراق، لحالات ابتزاز ومطالبات بدفع الرشاوى من قِبل مسؤولين في الوزارات العراقية للحصول على عقود التنفيذ والاستثمار التي تنفذها تلك الشركات في البلاد، الأمر الذي وضع العراق دائماً في قائمة الدول ذات البيئة الخطرة وغير المفضلة للعمل والاستثمار بالنسبة للشركات العالمية الرصينة.

وفي أول ظهور لها بعد ثمانية أشهر من تسنمها منصب سفارة بلادها ببغداد، قالت هومان، في مقابلة تلفزيونية: «نعم هناك مستثمرون ألمان طُلب منهم دفع نوع من الرشا والإتاوات مقابل حصولهم على عقود، لكنهم لم يدفعوا، فالأمر غير قانوني في بلادنا وسيقعون تحت طائلة القانون إن فعلوا ذلك».

ورأت السفيرة أن ذلك «سوف يتسبب بتعثر قضية الاستثمارات، ولن تقبل الشركات على ذلك ويدفعها للانسحاب من العراق».

ورفضت الإجابة على سؤال حول طبيعة الشخصيات التي تمارس أعمال الابتزاز على الشركات، وإذا ما كانوا مسؤولين كباراً في الوزارة أو جماعات خارجة عن القانون، واكتفت بالإشارة إلى أن «القضية ما زالت متواصلة وتشمل معظم القطاعات الحكومية في العراق، ويجب التصدي لها بحسم».

من جانبها، رأت عضو لجنة النزاهة بالبرلمان الاتحادي، النائبة سروة عبد الواحد، أن السفيرة الألمانية «لم تأت بجديد» بشأن قضية الابتزاز والمطالبة بالرشوة والعمولات التي تتعرض لها الشركات الأجنبية العاملة بالعراق.

وقالت عبد الواحد، لـ«الشرق الأوسط»، إن «تصريحات السفيرة ليست مفاجئة لنا، وهناك حالات ابتزاز للشركات تُمارَس حتى داخل اللجان البرلمانية وفي مؤسسات حكومية عدة».

وكشفت أن «مشكلة الاستثمار والعمل في العراق ارتبطت غالباً في شركات غير رصينة وهي تعرف كيف تحمي نفسها عبر منح الأموال والرشاوى للشخصيات المسؤولة والنافذة، أما الشركات العالمية الرصينة فلا تقبل بذلك وتُفضل عدم التورط في بيئة أعمال غير نظيفة من هذا النوع».

وتعتقد عبد الواحد أن سلوكيات من هذا النوع تسهم في «تقويض جدية العمل والاستثمارات في البلاد، ولن نرى على المدى القريب أو المتوسط شركات رصينة وعالية المستوى تدخل للعراق».

وعن مستوى محاربة الفساد في عهد رئيس الوزراء محمد السوداني الذي جعلها على رأس أولويات حكومته، قالت إن «ما نسمعه في الإعلام أكثر بكثير مما هو في الواقع، الفساد آفة خطيرة ومحاربته ليست بالسهولة المتوقعة، ما زال الفاسدون يسيطرون على معظم مفاصل الدولة وهم بمنأى عن المحاسبة، لكن ذلك لا يمنع من الاعتراف ببعض الخطوات الجيدة التي اتخذتها حكومة السوداني في هذا الاتجاه».

وبصدد ما يتردد عن قرب حسم قضية ما بات يُعرف بـ«سرقة القرن» التي سرق فيها 2.5 مليار دولار من أموال التأمينات الضريبية، ذكرت عبد الواحد أن «الغموض سيبقى مرتبطاً بهذه السرقة الفضيحة، وإن وصل الأمر للحسم فيجب الكشف عن أسماء جميع المتورطين فيها من ساسة وشخصيات نافذة».

من ناحية أخرى، أبرمت هيئة النزاهة العراقية، أول من أمس، مع هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في المملكة العربية السعودية مذكّرة تفاهم لـ«تعزيز التعاون في مجال منع الفساد ومكافحته، وتطوير القدرة المؤسَّسية للطرفين وتعزيزها»، وفق بيان صادر عن الهيئة.

وقّع المذكرة عن الجانب العراقيّ رئيس هيئة النزاهة الاتحادية القاضي حيدر حنون، وعن الجانب السعودي رئيس هيئة الرقابة ومُكافحة الفساد مازن بن إبراهيم الكهموس.

وتهدف المذكرة إلى «تبادل الخبرات وأفضل الممارسات ذات الصلة بمكافحة الفساد، وتبادل المعلومات المتعلقة بجرائم الفساد من حيث الضبط والتحقيق وتتبُّع الأصول واستردادها، فضلاً عن العمل على تبادل المعلومات المتعلّقة بالأساليب والأنشطة الإجرامية المؤدّية إلى الفساد وسبل الوقاية منها».

وشملت المذكّرة، وفق البيان، «عقد دورات تدريبيَّة وندوات ومؤتمرات وجلسات عمل، وتبادل الخبرات والمعلومات المتعلّقة ببرامج التعاون الفنيّ في مجالات التدقيق الماليّ والتحقيق والادّعاء والحكومة الإلكترونيَّـة والرقابة الإداريَّـة، والتوعية الإعلاميَّة، وفقاً للإمكانات المُتاحة لكل طرف».


هجمات الحوثيين البحرية تعمق انعدام الأمن الغذائي في اليمن

نصف سكان اليمن يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية (رويترز)
نصف سكان اليمن يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية (رويترز)
TT

هجمات الحوثيين البحرية تعمق انعدام الأمن الغذائي في اليمن

نصف سكان اليمن يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية (رويترز)
نصف سكان اليمن يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية (رويترز)

جاء إعلان زعيم جماعة الحوثيين عمّا سماها «المرحلة الرابعة» من تصعيد الهجمات على السفن متزامناً مع تحذير أطلقته الوكالات الأممية من تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي في اليمن بشكل عام، وفي مناطق سيطرة الجماعة بشكل خاص، وبصورة غير مسبوقة منذ بداية الصراع.

ومع استمرار توقف توزيع المساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الجماعة منذ نهاية العام الماضي بسبب تدخلاتها في تحديد قوائم المستحقين تلك المساعدات، وعزوف المانحين عن تقديم الدعم لتغطية تكاليف خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، توقعت المنظمات الإغاثية أن تتضاعف أزمة الغذاء مع حلول شهر يونيو (حزيران) وحتى سبتمبر (أيلول) المقبلين.

تسجيل 40 ألف إصابة بالكوليرا في اليمن... والمرض مستمر بالتفشي (الأمم المتحدة)

لكن ذلك لم يكن له أي تأثير على الجماعة الحوثية لمراجعة مواقفها وإيقاف التصعيد لتعزيز مسار السلام، بل ذهبت نحو التصعيد داخلياً واستهدفت القوات الحكومية في أطراف محافظة لحج وفي محافظة مأرب وفي تعز، وواصلت حربها الاقتصادية على الحكومة.

وفي حين أدت الهجمات الحوثية على السفن إلى تعطيل طرق التجارة العالمية، وما زالت تهدد بنشوب حريق أوسع نطاقاً، فإن الجهود التي بذلت لاستئناف مسار السلام وفقاً لخريطة الطريق التي أعلن عنها مبعوث الأمم المتحدة هانس غروندبرغ في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تواجه تحديات كبيرة نتيجة تصعيد الجماعة، وهو التصعيد الذي يرفضه المجتمع الدولي، ويرى أن أي تقدم في مسار السلام يتطلب وقف تلك الهجمات.

الأزمة الاقتصادية

إلى جانب توقف توزيع المساعدات وقلة الدعم الدولي، فإن المنظمات الإنسانية تبين أن السبب الرئيسي الآخر للاحتياجات الإنسانية في اليمن هو الأزمة الاقتصادية التي طال أمدها نتيجة توقف تصدير النفط بسبب هجمات الحوثيين على موانئ تصديره، حيث يؤدي الارتفاع السريع في أسعار المواد الغذائية والوقود إلى تآكل القوة الشرائية للأسر، ويدفع بمزيد منها نحو الجوع واليأس، وفق أحدث بيانات «مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية».

وترى الأمم المتحدة أن الوقت قد حان لوضع حد للإجراءات الاقتصادية العدائية ووضع مصالح الشعب اليمني أولاً، فقد شددت على وجوب أن يوقف الحوثيون هجماتهم على موانئ تصدير النفط، والسماح باستئناف تصديره بشكل فوري.

وتجزم الأمم المتحدة بأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى استقرار العملة المحلية ويعزز الخدمات العامة الأساسية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. كما أن حصول موظفي القطاع العام في جميع أنحاء البلاد على رواتبهم سيؤدي إلى استعادة الخدمات العامة.

وتتفق رؤى الفاعلين داخلياً وخارجياً على أن الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة عام 2022، وما نتج عنها من مكاسب، هي أفضل ما تحقق في مسار الصراع، إلا إن تنصل الحوثيين من التفاهمات التي جرت برعاية سعودية - عمانية جعل اليمن أبعد ما يكون عن السلام في الوقت الحالي.

يتسرب الفتيان والفتيات في اليمن من التعليم لمساعدة عائلاتهم (إ.ب.أ)

وتؤكد المنظمات الإنسانية أن الجوع لا يزال التهديد الأبرز في هذه الأزمة باليمن، وأن التحسينات المتواضعة في معدلات انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في أعقاب الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة قد اختفت تقريباً الآن، فلا يزال مستوى الحرمان الشديد من الغذاء مرتفعاً بشكل مثير للقلق في جميع أنحاء البلاد، ومن المتوقع أن يتفاقم أكثر خلال الأشهر الأربعة المقبلة.

وإلى جانب أزمة الغذاء، فإن مرض الكوليرا مستمر في الانتشار، وقد أُبلغ حتى الآن عن 40 ألف حالة مشتبه فيها وأكثر من 160 حالة وفاة؛ غالبيتها في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.

وطبقاً للتقارير الإنسانية، فإنه يجري الإبلاغ عن مئات الحالات الجديدة كل يوم، ومن المتوقع أن تؤدي الأمطار الغزيرة والفيضانات إلى تفاقم الوضع بشكل أكبر خلال الأسابيع المقبلة، ولهذا اتخذت الأمم المتحدة وشركاؤها إجراءات وصفتها بـ«العاجلة» لوقف انتشار المرض.

وفي حين يواصل الحوثيون تصعيد الحرب الاقتصادية وهددوا باستهداف منشآت إنتاج النفط في محافظة مأرب، فإن مجتمع العمل الإنساني يحذر من اتساع رقعة أزمة الغذاء وانتشار الأوبئة، ويؤكد أن الصراع هو المحرك الرئيسي للاحتياجات الإنسانية، فقد أدى إلى تقويض اقتصاد اليمن بشكل كبير، ودمر نصف مرافقه الصحية، وشرد ملايين الأشخاص، وسمح للجوع والمرض بالتفاقم.


انقلابيو اليمن يسخّرون الدراما لتمكين مشروعهم الطائفي

المسلسلات اليمنية ابتعدت عن الواقع وآثار الحرب إلى التاريخ فوقعت في فخ التقليد (فيسبوك)
المسلسلات اليمنية ابتعدت عن الواقع وآثار الحرب إلى التاريخ فوقعت في فخ التقليد (فيسبوك)
TT

انقلابيو اليمن يسخّرون الدراما لتمكين مشروعهم الطائفي

المسلسلات اليمنية ابتعدت عن الواقع وآثار الحرب إلى التاريخ فوقعت في فخ التقليد (فيسبوك)
المسلسلات اليمنية ابتعدت عن الواقع وآثار الحرب إلى التاريخ فوقعت في فخ التقليد (فيسبوك)

رغم مضي أكثر من شهر على انتهاء موسم الدراما اليمنية، فإنه لا يزال الجدل قائماً حول المستويات الفنية للمسلسلات، في وقت يغيب فيه النقاش حول تجاهلها للانقلاب الحوثي وأثره على هوية ومستقبل البلاد، بخلاف الدراما التي تنتجها الجماعة خدمةً لأجندتها الطائفية، وتأكيداً لأحقيتها في حكم اليمنيين.

وتتكرر الآراء المتبادلة في هذا الشأن كل عام، غير أنها لا تتعرض إلى ابتعاد الغالبية من المسلسلات عن قضايا المجتمع، سواء المتأصلة أو الطارئة بفعل الانقلاب والحرب، ما عدا بعض الإشارات إلى انقطاع الرواتب، وانتشار الجريمة والمخدرات، في حين تذهب بعض الأعمال إلى التغني بالتاريخ بأسلوب موارب لمناهضة مشروع الجماعة الحوثية.

بوستر مسلسل حوثي يتبنى تصورات أجهزة أمن الجماعة لقضايا المجتمع (فيسبوك)

ويستغرب الناقد اليمني رياض حمّادي من أن القنوات التي تناهض الحوثيين تتبنى برامج ساخرة ضدهم، لكنها لا تخطط لإدراج هذا النقد ضمن المسلسلات الدرامية، وربما يأتي ذلك من باب الجهل بدور الدراما في الصراع الحاصل، أو أن منتجي هذه المسلسلات يرغبون في عرض مسلسلاتهم على شاشات القنوات الحوثية، فيتجنبون إغضاب الجماعة.

ويقول حمّادي لـ«الشرق الأوسط»: «ابتعاد هذه المسلسلات عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية التي تمس حياة اليمني، يجعلني أميل إلى أن السبب هو رغبة المنتجين في نسيان الحرب ومسبباتها، والتركيز على هوامش تبهج المشاهد»، مشيراً إلى أن هناك سبباً يتمثل في افتقار القوى المناهضة للحوثيين لخطط إعلامية تتفوق على خطط خصمها.

ويتوزع بث المسلسلات الحوثية على القنوات الناطقة باسم الجماعة، وقنوات رسمية سيطرت عليها الجماعة عند اقتحام العاصمة صنعاء منذ ما يقارب العقد، إلى جانب قنوات أخرى تابعة لقيادات حوثية نشأت بفعل الفساد والمال المنهوب خلال السنوات الماضية.

سيطرة على الوعي

تنتج المؤسسات والقنوات التابعة للجماعة الحوثية مسلسلات سنوية تتبنى رواية الجماعة للانقلاب والحرب وآثارهما، ويتم وصف خصوم الجماعة فيها بـ«الدواعش والإرهابيين والمرتزقة والعملاء والخونة»، بينما لا يظهر الحوثيون في دراما القنوات المناهضة لهم أي شكل أو صفة.

وكما يرى الناقد حمادي، فمن الضروري وجود دراما تتناول الموضوعات السياسية بشكل غير مباشر، وإلا لأصبحت خطابة مستهجنة، فالمتابع للسينما والدراما العربية والعالمية يدرك أن كل الموضوعات قابلة للمعالجة بأساليب تحقق الهدف المطلوب، ولا تضر بالعمل أو صانعيه، لكن هذا يبدو مستحيلاً في ظل تدهور قطاع الدراما اليمني، وغياب النصوص الذكية تقنياً والعميقة مضموناً.

معاناة اليمنيين غائبة عن تناولات المسلسلات اليمنية إلا فيما ندر (أ.ف.ب)

ومنذ اندلاع الحرب، لجأت القنوات التلفزيونية التابعة للقوى السياسية والاجتماعية المناهضة للجماعة الحوثية إلى إنتاج مسلسلات تستأنس بالتاريخ اليمني، وتتمسك من خلاله بالهوية اليمنية التي تتعرض للتجريف بفعل الانقلاب الذي ضرب النسيج الاجتماعي، وهي مسلسلات يجمع غالبية النقاد على فقرها الفني، وركاكة معالجاتها الدرامية.

ويتهم المخرج اليمني الشاب محمد طالب في حديثه لـ«الشرق الأوسط» الجماعة الحوثية بتقييد وعرقلة الأعمال الفنية لصالح دعم وتمكين مؤسساتها، مثل مؤسسة «الهادي الثقافية» التي تنتج أعمالاً سنوية مؤدلجة تهاجم خصوم الجماعة، وتعزز سيطرتها التوعوية على المجتمع وفق قوله.

وفي المقابل، يرى طالب، أن القنوات المحسوبة على القوى المناهضة للحوثيين لا تملك الحرية الكافية، إذ تتعدد هوياتها ومصادر تمويلها، لتتخلى تبعاً لذلك عن الأعمال السياسية المناهضة للجماعة، وتبنّي الأعمال الاجتماعية أو الفانتازية، وتحاول الابتعاد عن الحرب ليجري تغييب الكثير من القضايا المهمة التي تظهر في البرامج الأخرى لهذه القنوات.

ولا تستحق المسلسلات التي يجري تقديمها لليمنيين تسمية الدراما وفقاً لأكاديمي في جامعة صنعاء، فهي تبدو أقرب إلى المقاطع التي تتوسل الكوميديا المستهلكة والمكررة والمقلدة، لكنه ينبه إلى أن الجماعة الحوثية تستغل كل الفضاءات الممكنة لتقديم رسائلها، ومخاطبة المتابعين بآيديولوجيتها، بينما تكتفي القنوات التابعة لخصوم الحوثي بتسلية المتابعين وإضحكاهم.

فانتازيا تبحث عن الهوية اليمنية عبر التاريخ والأساطير (فيسبوك)

الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم ذكر اسمه، حفاظاً على سلامته، أوضح أنه اضطر إلى متابعة بعض المسلسلات التي تبثها القنوات الحوثية لمعرفة ما يجري تضمينه من موجهات تخاطب ذهنية المتلقي اليمني، فوجد أن هذه المسلسلات يجري إنتاجها بوعي تام بمعركة الجماعة ومشروعها، ورغم رداءتها الفنية، فإنها أكثر احترافاً من مسلسلات تلفزة خصوم الجماعة.

دعوة للدعم الرسمي

يعدّ تحقيق العوائد المالية هو الأساس في كل إنتاج تلفزيوني، وهو ما يدفع شركات الإنتاج وقنوات التلفزة إلى تجنب تقديم دراما تثير الجدل، وتمنع شرائح مجتمعية من متابعتها.

ويرى الكاتب اليمني وسام محمد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنه توجد سمة في الدراما اليمنية التي لا تزال تميل إلى تحقيق أعلى مشاهدات كل موسم رمضاني، حيث يسري اعتقاد أن معالجة قضايا الحاضر سيجعلها تفقد جزءاً من الجمهور المستهدف.

وثمة اعتبارات كثيرة تجعل من الدراما المعروضة في القنوات غير التابعة للجماعة الحوثية، محايدة ومغتربة عن الواقع، بل وحذرة وفقاً لمحمد، منها ما يتعلق بكثير من الفنانين والمنتجين الذين يعيشون في مناطق خاضعة لسيطرة الجماعة، ومنها ما يتعلق بغياب النقاش في المستوى الثقافي، أي غياب الأفكار الواضحة التي يمكن استلهامها.

مشهد من مسلسل يقدم شخصية موالية للجماعة الحوثية بشكل مثالي وتحظى باحترام الجميع (فيسبوك)

ويرفض محمد إنتاج دراما مؤدلجة رداً على ما تنتجه الجماعة الحوثية، فـ«سيكون هذا فجاً وعلى حساب القيمة الفنية»، كما يدعو إلى ضرورة وجود توجه حكومي داعم للأعمال الفنية الدرامية، إذ لا يمكن أن نتوقع أن تكون الأعمال الدرامية بجودة عالية ما لم يكن هناك دعم حقيقي.

ويخلص إلى أن الرد على الدراما الحوثية إلى جانب الدعم، سيوفر إشاعة جو من الحرية، وهذا كفيل بجعل الفن يفطن وحده للدور الذي عليه القيام به.

لكنّ الناقد حمّادي ينبه إلى أن هناك جمهوراً سطحياً يتقبل الأعمال الآيديولوجية المباشرة، بل وتروق له، وهذا الجمهور يتأثر بالدراما الحوثية وبرامجها المباشرة، والمطلوب للرد على هذا النوع من الدراما هو دراما أذكى وأكثر عمقاً تحقق التعاطف، وتحرض الجمهور على الوعي بمشكلاته.


أكثر من 200 شخص يؤدون القسم لسد عجز مستشفيات أم درمان

صورة التقطت عبر القمر الاصطناعي تظهر حرائق مشتعلة بالقرب من مستشفى في الخرطوم في 16 أبريل 2023 (أرشيفية- أ.ب)
صورة التقطت عبر القمر الاصطناعي تظهر حرائق مشتعلة بالقرب من مستشفى في الخرطوم في 16 أبريل 2023 (أرشيفية- أ.ب)
TT

أكثر من 200 شخص يؤدون القسم لسد عجز مستشفيات أم درمان

صورة التقطت عبر القمر الاصطناعي تظهر حرائق مشتعلة بالقرب من مستشفى في الخرطوم في 16 أبريل 2023 (أرشيفية- أ.ب)
صورة التقطت عبر القمر الاصطناعي تظهر حرائق مشتعلة بالقرب من مستشفى في الخرطوم في 16 أبريل 2023 (أرشيفية- أ.ب)

أدى 230 من الكوادر الطبية القسَم أمام حكومة ولاية الخرطوم، بعد اجتيازهم للامتحانات في 17 تخصصاً، للحصول على شهادة مزاولة المهنة، وذلك للدفع بهم لسد النقص في المستشفيات العاملة في أم درمان، بالعاصمة السودانية التي تعاني من شح في الأيدي العاملة بهذا القطاع، نتيجة للحرب الدائرة منذ أبريل (نيسان) العام الماضي، بين الجيش و«قوات الدعم السريع».

وأدت الحرب إلى نزوح أعداد كبيرة من الكوادر الطبية للولايات الآمنة، بالإضافة إلى هجرة واسعة للأطباء إلى خارج البلاد، وفقاً لـ«وكالة أنباء العالم العربي».

وقال مدير مجلس المهن الطبية والصحية بولاية الخرطوم، أيمن يوسف، إن المجلس استأنف عمله بأم درمان في الأول من فبراير (شباط) الماضي، استجابة لمطالب نحو 500 من خريجي الكليات الطبية والصحية، للحصول على التراخيص اللازمة لمزاولة العمل وفقاً للوائح المهن الطبية في البلاد.

وكانت «منظمة الصحة العالمية» قد حذّرت من أن مستشفيات السودان على شفا الانهيار، وعبر تصريحات لـ«الشرق الأوسط» تحدثت المديرة الإقليمية لشرق المتوسط، حنان حسن بلخي، في أبريل، عن «فجوة دوائية» في البلاد، في وقت تتفشى فيه الأمراض الوبائية بين السكان.

وكشفت كذلك عن أن «نحو 70 إلى 80 في المائة من المستشفيات في الولايات المتضررة من النزاع لا تعمل، إما بسبب الهجمات التي تطولها، وإما لنقص اللوازم الطبية ومستلزمات التشغيل، وإما لنقص العمالة الصحية».


فصائل عراقية تعلن ضربها «هدفاً حيوياً» في إيلات جنوب إسرائيل

ميناء إيلات الإسرائيلي (أرشيفية- رويترز)
ميناء إيلات الإسرائيلي (أرشيفية- رويترز)
TT

فصائل عراقية تعلن ضربها «هدفاً حيوياً» في إيلات جنوب إسرائيل

ميناء إيلات الإسرائيلي (أرشيفية- رويترز)
ميناء إيلات الإسرائيلي (أرشيفية- رويترز)

قالت فصائل عراقية مسلحة اليوم (الأحد) إنها استهدفت بالطيران المُسيَّر «هدفاً حيوياً» في إيلات جنوب إسرائيل.

وأشارت فصائل «المقاومة الإسلامية في العراق» في بيان على «تلغرام» إلى أن الاستهداف يأتي رداً على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، المستمرة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مؤكدة استمرارها في تنفيذ عمليات من هذا النوع، حسبما أفادت «وكالة أنباء العالم العربي».


صاروخ يصيب ناقلة نفط في ختام الشهر السادس من الهجمات الحوثية

صواريخ الحوثيين ومسيّراتهم تهدد سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن (رويترز)
صواريخ الحوثيين ومسيّراتهم تهدد سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن (رويترز)
TT

صاروخ يصيب ناقلة نفط في ختام الشهر السادس من الهجمات الحوثية

صواريخ الحوثيين ومسيّراتهم تهدد سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن (رويترز)
صواريخ الحوثيين ومسيّراتهم تهدد سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن (رويترز)

تعرّضت ناقلة، نفط ترفع علم بنما، لهجوم صاروخي في جنوب البحر الأحمر، في مستهل الشهر السابع منذ بدء الهجمات الحوثية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيث أُبلغت هيئتان بريطانيتان متخصصتان في الأمن البحري بإصابة السفينة بأضرار طفيفة وتلقيها المساعدة لمواصلة الإبحار.

وفي حين لم تتبنَّ الجماعة الحوثية المدعومة من إيران الهجومَ على الفور، كانت قد تبنت، (الجمعة)، إسقاطَ طائرة أميركية من دون طيار كانت في أجواء محافظة مأرب.

وأفادت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية (السبت) بأنها تلقت بلاغاً عن تعرُّض سفينة لأضرار طفيفة؛ نتيجة هجوم على بعد 76 ميلاً بحرياً شمال غربي الحديدة مساء الجمعة، وأن القبطان أكد تعرُّض الناقلة لأضرار طفيفة بعدما ضربها جسمٌ مجهولٌ، وأن الطاقم بأمان.

في السياق نفسه أفادت «أمبري» البريطانية للأمن البحري، بأنها تلقت معلومات عن تعرُّض ناقلة نفط ترفع علم بنما لهجوم بصاروخ على بُعد نحو 10 أميال بحرية جنوب غربي المخا؛ ما أدى إلى نشوب حريق على متنها. وأضافت في بيان لاحق أنها تلقت معلومات عن حصول السفينة على مساعدة.

وتهاجم الجماعة الحوثية السفنَ في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي منذ 19 نوفمبر الماضي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، ومحاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، كما أعلنت أنها ستُوسع الهجمات إلى البحر المتوسط.

وكان المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع، زعم، (الجمعة) أن جماعته أسقطت طائرة أميركية من دون طيار من طراز «إم كيو 9» عندما كانت تحلق، الخميس، فوق مأرب، مدعياً أنها الطائرة الرابعة التي أسقطتها الجماعة منذ بدء تصعيدها البحري قبل 6 أشهر.

18 سفينة

أصابت الهجمات الحوثية نحو 18 سفينة منذ بدء التصعيد، وتسببت إحداها، في 18 فبراير (شباط) الماضي، بغرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».

أفراد السفينة «غالاكسي ليدر» المحتجزون لدى الحوثيين منذ 6 أشهر (أ.ب)

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف شمال الحديدة، حيث حوّلتها إلى مزار لأتباعها.

وأقرّت الجماعة، الأسبوع الماضي، بتلقي 5 غارات، وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، استهدفت مواقع في مطار الحديدة جنوب المدينة، وهو مطار خارج عن الخدمة منذ سنوات، تستخدمه الجماعة لتنفيذ الهجمات البحرية.

كما تبنت الجماعة، الأربعاء الماضي، مهاجمة مدمرة أميركية وسفينة شحن في البحر الأحمر، وزعمت إصابتهما، في حين لم تؤكد وكالات الأمن البحري وقوع أي حادث.

وقال زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، في أحدث خطبه، إن قواته هاجمت أكثر من 100 سفينة أميركية، في البحر الأحمر وخليج عدن بالصواريخ والمسيّرات. وتوعد باستهداف السفن كافة في العالم التي تنقل البضائع إلى الموانئ الإسرائيلية، بغض النظر عن جنسيتها.

وادعى الحوثي تنفيذ 40 هجوماً ضد إسرائيل بـ211 صاروخاً، وحضّ أتباعه على الاستمرار في المظاهرات والفعاليات والتعبئة العسكرية. وقال إن جماعته منذ بدء الأحداث في غزة «تمكّنت من تعبئة وتدريب أكثر من 300 ألف مسلح، كما نفّذت 735 مناورة عسكرية».

الصيادون اليمنيون باتوا عرضة للمخاطر بسبب هجمات الحوثيين والضربات الغربية المضادة (أ.ف.ب)

وأثّرت هجمات الحوثيين، بحسب الجيش الأميركي، على مصالح أكثر من 55 دولة، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، وهو حجر أساس للاقتصاد العالمي، ودفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر؛ ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

هروب من السلام

تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة الحوثية تنفذ أجندة إيران في المنطقة، وتسعى للهروب من استحقاقات السلام، وتتخذ من غزة ذريعة للمزايدة السياسية.

ويجزم مجلس القيادة الرئاسي اليمني أن الحلّ ليس في الضربات الغربية لوقف هجمات الحوثيين، ولكن في دعم قواته المسلحة لاستعادة الأراضي كافة من قبضة الجماعة، بما فيها الحديدة وموانئها.

وأطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض، حيث شاركتها بريطانيا في 4 مناسبات. كما شارك عدد من سفن الاتحاد الأوروبي ضمن عملية «أسبيدس» في التصدي لهجمات الجماعة.

وبلغ عدد الغارات الأميركية والبريطانية ضد الحوثيين على الأرض أكثر من 450 غارة، واعترفت الجماعة بمقتل 40 من عناصرها وإصابة 35 آخرين، جراء هذه الضربات.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي خلال حضور القمة العربية في المنامة (سبأ)

وقال رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، في أحدث تصريحاته، إن الجماعة الحوثية «تواصل الهروب من استحقاق السلام، ودفع رواتب الموظفين، إلى خيار الحرب والتباهي باستهداف المنشآت النفطية، وخطوط الملاحة الدولية التي أضرت بالقضية الفلسطينية».

ووصف العليمي الجماعة بأنها «مارقة (...) لا تملك من الرصيد الأخلاقي ما يؤهّلها للدفاع عن القضايا العادلة»، واتهمها بأنها «تسببت بمقتل أكثر من نصف مليون يمني، وتشريد أكثر من 4 ملايين آخرين»، مشيراً إلى أنها «حاصرت المدن، وصادرت الممتلكات، وفجَّرت المئات من دور العبادة، والمنازل، وأغرقت اليمن بأسوأ أزمة إنسانية في العالم». وفق تعبيره.


اليمن يتحفظ على توصية أممية بشأن السفينة الغارقة «روبيمار»

السفينة البريطانية الغارقة في البحر الأحمر جراء هجوم حوثي (أ.ف.ب)
السفينة البريطانية الغارقة في البحر الأحمر جراء هجوم حوثي (أ.ف.ب)
TT

اليمن يتحفظ على توصية أممية بشأن السفينة الغارقة «روبيمار»

السفينة البريطانية الغارقة في البحر الأحمر جراء هجوم حوثي (أ.ف.ب)
السفينة البريطانية الغارقة في البحر الأحمر جراء هجوم حوثي (أ.ف.ب)

تحفظت الحكومة اليمنية على توصيات فريق خبراء الأمم المتحدة بشأن السفينة البريطانية «روبيمار» والتي غرقت مع حمولتها من الوقود وشحنة من الأسمدة الخطيرة قبالة السواحل اليمنية في مارس (آذار) الماضي بعد أن استهدفها الحوثيون؛ إذ أفاد الفريق بأنه لا يمكن انتشال السفينة من موقعها، وأنه يفضل تركها لتغرق في قاع البحر.

ووفق مسؤول رفيع في الحكومة اليمنية، فإن فريق خبراء الأمم المتحدة الذي جاء لمساعدة الجانب الحكومي على دراسة وضع السفينة وحمولتها وكيفية تجنيب سواحل البلاد كارثة بيئية نتيجة تسرب حمولتها من الأسمدة الخطيرة والوقود، رأى في تقرير له أنه لا يمكن انتشال السفينة من موقعها، وأن حمولتها يمكن أن تتسرب بشكل تدريجي، وقلل من أثرها على البيئة البحرية.

مخاطر بيئية واقتصادية بسبب غرق السفينة البريطانية «روبيمار» (تلفزيون الجمهورية)

وذكر المسؤول اليمني لـ«الشرق الأوسط» أن الجانب الحكومي ما زال يتشاور مع الجانب الأممي عقب هذه التوصيات، وهذا الفهم لوضع السفينة الغارقة، واعتبر هذه النتائج انعكاساً لمبالغة الخبراء الأمميين في تقديراتهم بشأن متطلبات انتشال السفينة الغارقة والتي تحمل 20 ألف طن من الوقود وأكثر من 24 ألف طن من الأسمدة الخطيرة. وقال إن الجانب الحكومي لديه رؤية مختلفة، ويعتقد أن هناك إمكانية لإنقاذ الموقف وانتشال السفينة قبل غرقها.

وبحسب ما أفاد المسؤول اليمني الذي طلب حجب هويته، فإن الزيارة الأخيرة لرئيس لجنة الطوارئ وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي رفقة المختصين في الشؤون البحرية وهيئة حماية البيئة إلى الساحل الغربي وموقع السفينة الغارقة تحديداً، كانت على خلفية هذه النتائج والتوصيات التي خرج بها الفريق الأممي، وأكد أن التواصل مستمر مع الجانب الأممي لمناقشة هذه الاستنتاجات والتأكيد على موقف الجانب الحكومي بهذا الخصوص.

تكلفة كبيرة

فريق الأمم المتحدة الذي فحص السفينة رأى أنه لا يمكن انتشالها بسبب التكلفة المالية الكبيرة التي تحتاجها العملية ونقص المعدات اللازمة لذلك، ولهذا اقترح ترك السفينة في موقعها ومواصلة مراقبتها من خلال مركبة يتم تشغيلها عن بعد، وتكثيف الرقابة في الشريط الساحلي لرصد أي تسرب للوقود من حمولتها والاستفادة من الإمكانات التي توافرت لمواجهة أي تسرب نفطي في الساحل الغربي عند تنفيذ عملية إفراغ الناقلة «صافر» من حمولتها إلى ناقلة بديلة، طبقاً للمصدر اليمني الرسمي الذي أضاف أن الخبراء قالوا في تقريرهم إنهم يأملون أن تغرق السفينة في مرحلة ما في قاع البحر وتتسرب حمولتها من الأسمدة تدريجياً، مما يسمح للأسمدة بالتحلل، وبالتالي لن تكون هناك أضرار كبيرة على البيئة البحرية.

وزير المياه والبيئة اليمني في موقع غرق السفينة البريطانية في البحر الأحمر (إعلام حكومي)

لكن الجانب الحكومي اعتبر ما جاء في التقرير مجرد أمنيات لا تستند على حقائق؛ لأن الخشية هي أن ينشطر جسم السفينة ويحدث تسرب كبير للحمولة وعندها سيحدث ما كان يُخشى منه؛ إذ سيؤدي تسرب هذه الأسمدة إلى تكوين الطحالب بكميات كبيرة وحجب الضوء عن المصايد، ما يؤدي إلى هجرة الأسماك من المنطقة بشكل كامل.

وأوضح المسؤول اليمني أن غرق السفينة وتسرب حمولتها سيجعل أمر انتشال حطامها أكثر صعوبة؛ لأنها ستكون على عمق أكبر وستحتاج إلى معدات وآليات مختلفة عن المعدات اللازمة لانتشالها الآن، وأمل أن يؤدي النقاش مع الجانب الأممي إلى تغيير هذا الموقف، وأن يعمل الجانبان على انتشال السفينة بأقرب وقت ممكن؛ لأن الأضرار ستكون عالية على البيئة البحرية والصيادين في اليمن.

وكان وزير المياه والبيئة في الحكومة اليمنية توفيق الشرجبي، زار موقع غرق السفينة «روبيمار» لتقييم الوضع والمراقبة عن كثب لمعرفة ما إذا كانت شحنة الوقود والأسمدة غير العضوية على متنها قد بدأت بالتسرب إلى المياه.

وقال الشرجبي إنه تأكد من خلو محيط السفينة والسواحل من أي تلوث قد ينجم عن تسرب شحنة الأسمدة من السفينة الغارقة، مؤكداً أنهم يراقبون الوضع عن كثب ويقومون بجميع الخطوات اللازمة لاحتواء أي تلوث بيئي في المنطقة حال حدوثه.


برامج انقلابية في مساجد صنعاء للتعبئة العسكرية

حشد حوثي في أكبر مساجد صنعاء لمتابعة خطبة زعيم الجماعة (أ.ف.ب)
حشد حوثي في أكبر مساجد صنعاء لمتابعة خطبة زعيم الجماعة (أ.ف.ب)
TT

برامج انقلابية في مساجد صنعاء للتعبئة العسكرية

حشد حوثي في أكبر مساجد صنعاء لمتابعة خطبة زعيم الجماعة (أ.ف.ب)
حشد حوثي في أكبر مساجد صنعاء لمتابعة خطبة زعيم الجماعة (أ.ف.ب)

فرضت الجماعة الحوثية برنامجاً تعبوياً جديداً في مساجد صنعاء لاستدراج سكان العاصمة اليمنية من أجل إخضاعهم لدورات عسكرية في سياق عمليات الحشد والتجنيد التي تنفذها الجماعة الموالية لإيران بذريعة مناصرة الفلسطينيين في غزة.

وذكرت مصادر يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن معممي الجماعة دعوا من على منابر المساجد في صنعاء وريفها السكان إلى سرعة الالتحاق مع ذويهم من الذكور فيما أسموه «برنامجاً عسكرياً» مكثفاً تنفذه الجماعة في المساجد من بعد صلاة العصر، وحتى قبيل المغرب.

الحوثيون حولوا المساجد في مناطق سيطرتهم للتعبئة الطائفية (إعلام محلي)

ويشرِف على تمويل البرنامج الحوثي الذي يحوي سلسلة دورات عسكرية وحلقات تعبئة فكرية ما تسمى هيئة الأوقاف بالتعاون مع دائرة «التعبئة العامة» التابعة للجماعة، وفق ما ذكرته المصادر.

وقال شهود في أحياء متفرقة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن المعممين الحوثيين أكدوا أن مراكز التعبئة التي تقام في المساجد سيشرِف على تنفيذها قادة ومشرفون عسكريون، كما يتولى خطباء ومرشدون من صعدة (معقل الجماعة الرئيسي) مهمة تلقين السكان الدروس الفكرية بغية تحشيدهم إلى ميادين القتال.

وتحت مزاعم تحرير فلسطين ونصرة غزة، تنوي الجماعة بنهاية برنامجها دفع المدنيين المشاركين إلى تلقي تدريبات عسكرية ميدانية على مختلف أنواع الأسلحة في معسكرات تابعة لها.

وفي ظل أوضاع بائسة يكابدها ملايين اليمنيين، بمن فيهم الموظفون الحكوميون المحرومون من المرتبات، أكد الشهود أن معممي الجماعة نقلوا من فوق المنابر تعميمات صادرة عما تسمى «هيئة الأوقاف» حضت السكان على ترك أعمالهم وكل ما يشغلهم، والتفرغ للالتحاق في البرنامج الذي يستمر لأسابيع، من أجل إكسابهم مهارات قتالية.

وجاء البرنامج الحوثي للتعبئة في المساجد تنفيذاً لتوجيهات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الذي دعا في أحدث خطبه إلى زيادة التعبئة العسكرية في أوساط المدنيين، معلناً عن تمكن جماعته من تعبئة وتدريب 300 ألف شخص خلال الأشهر الستة الماضية.

رفض مجتمعي

يتحدث إبراهيم وهو أحد السكان اليمنيين جوار أحد المساجد في حي السنينة بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن بدء الجماعة الحوثية بتحويل المساجد في نطاق الحي الذي يقطنه وأحياء أخرى مجاورة إلى منابر تحض على العنف، والقتل، والتحشيد إلى الجبهات.

زعيم الجماعة الحوثية أمر أتباعه بالخروج في تظاهرات أسبوعية لاستعراض القوة (إ.ب.أ)

ولفت إبراهيم وهو اسم مستعار، إلى خيبة أمل كبيرة مُنِيت بها الجماعة منذ أول يوم من إطلاق برنامجها بسبب المشاركة الباهتة لسكان الحي، خصوصاً المجاورين لمسجدي «عمر بن عبد العزيز» و«الفتح». مرجعاً ذلك إلى كون أغلبية اليمنيين ملّوا من الاستماع للخُطب الطائفية التحريضية، والدعوات المتكررة للالتحاق بالجبهات، وتقديم الدعم المادي والعيني.

ولا يعد هذا الاستهداف الحوثي هو الأول للسكان ودور العبادة، فقد سبق للجماعة أن صعَّدت على مدى السنوات المنصرمة من حجم جرائمها وانتهاكاتها بحق حرمة المساجد، مضافاً إليها شن حملات مضايقة واعتداء وتجنيد قسري، طالت مرتادي المساجد، ووصلت بعض الانتهاكات إلى حد القتل والإصابة.

وكانت تقارير حكومية عدة حذَّرت في أوقات سابقة من خطورة استمرار تحويل دور العبادة والمساجد في صنعاء، وبقية المناطق تحت سيطرة للجماعة، إلى ثكنات ومراكز مغلقة لاستقطاب الأطفال والمراهقين وعامة اليمنيين، وإخضاعهم لبرامج التطييف.

وتحدثت بعض التقارير عن استمرار تعرّض اليمنيين من مختلف الفئات والشرائح في مناطق سيطرة الانقلابيين؛ لمزيد من التعسفات والانتهاكات والمضايقات وفق حجج وذرائع واهية، رافقها اتهامات لكثير من السكان بسبب امتناعهم عن حضور الدورات التعبوية التي تعدّها الجماعة إلزامية على الجميع.

أكاديميون يمنيون في جامعة إب خضعوا لدورات حوثية عسكرية (فيسبوك)

وقال المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية تعمل من داخل الولايات المتحدة، إن ما تقوم به الجماعة الحوثية حالياً من تدريب وتحشيد للسكان للالتحاق بمعسكراتها القتالية قد يساهم في تأجيج الصراع، ويتعارض مع تصريحاتها حول تحقيق السلام في اليمن، ويؤكد أن الجماعة ماضية في سياستها القائمة على العنف.

وفي حسابه على موقع «فيسبوك»، أشار المركز إلى أن إجبار الحوثيين المعلمين والقضاة والطلبة، والأكاديميين بعد ذلك في جامعة إب، على حضور الدورات القتالية يعد مساساً خطيراً بقدسية رسالة التعليم التي من المفترض أن تكون بمنأى عن التجاذبات السياسية، والصراعات المسلحة.