تعليق المحادثات بين حكومة جوبا والمتمردين بعد إصابة كير بنزيف

المتحدث باسم رئيس جنوب السودان ينفي مرضه.. ويؤكد مشاركته في قمة الإيقاد

رئيس جنوب السودان لدى وصوله الى اجتماع الايقاد في اديس ابابا أمس (أ.ف.ب)
رئيس جنوب السودان لدى وصوله الى اجتماع الايقاد في اديس ابابا أمس (أ.ف.ب)
TT

تعليق المحادثات بين حكومة جوبا والمتمردين بعد إصابة كير بنزيف

رئيس جنوب السودان لدى وصوله الى اجتماع الايقاد في اديس ابابا أمس (أ.ف.ب)
رئيس جنوب السودان لدى وصوله الى اجتماع الايقاد في اديس ابابا أمس (أ.ف.ب)

نقل رئيس جمهورية جنوب السودان سلفا كير ميارديت إلى مستشفى في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، التي وصل إليها، أول من أمس، للمشاركة في قمتي الاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيقاد)، بعد أن أصيب بنزف من أنفه، وذلك قبل إجراء لقاء يجمعه مع زعيم المتمردين الدكتور رياك مشار، ويحضره رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين، إلا أن المتحدث باسم المكتب الصحافي لرئيس جنوب السودان نفى إصابة كير بالمرض.
وقالت مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط» إن علامات الإعياء والإرهاق ظهرت على كير بعد وصوله إلى العاصمة الإثيوبية، مضيفة أن كير عانى من نزيف في الأنف نتيجة الإجهاد الشديد، وهو ما تطلب نقله إلى المستشفى، لكن المصادر لم توضح حالته الصحية بعد نقله إلى المستشفى، وقالت إنه «كان من المفترض أن يجتمع كير مع زعيم المتمردين رياك مشار اليوم، بحضور رئيس الوزراء الإثيوبي، وعدد من قادة دول إيقاد الذين يشاركون في قمة الاتحاد الأفريقي، والقمة الطارئة لــ(إيقاد)، التي ستنعقد على هامش القمة الأفريقية»، مضيفة أن لقاء كير ومشار كان سيناقش القضايا الخلافية، لا سيما هيكلة الحكومة الانتقالية التي تم الاتفاق عليها بين الطرفين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وبسبب ذلك اضطرت «إيقاد» إلى إلغاء اجتماع كير ومشار، وتأجيل قمة رؤساء «إيقاد» إلى أجل غير مسمى في حال لم تتحسن الأوضاع الصحية لرئيس الدولة المستقلة حديثا.
من جهته، نفى السكرتير الصحافي لرئيس جنوب السودان ما وصفها بالشائعات حول مرض كير، وتلقيه العلاج، وقال إن «رئاسة الجمهورية تنفي بشدة ما نقل عن مرض الرئيس ونقله إلى المستشفى»، مشددا على أن ما قيل مجرد «ادعاءات عارية من الصحة، والرئيس بصحة جيدة، وقد دخل في اجتماع مغلق مع زعيم التمرد رياك مشار أول من أمس، ولم يتوصلا إلى اتفاق مرض حول تقاسم صلاحيات رئيس الوزراء، كما عقد اجتماعا مع قادة عدد من الدول التي تسهم في عملية السلام، وسيشارك مساء اليوم (أمس) في قمة «إيقاد»، كما شدد السكرتير الصحافي على أن رئاسة الجمهورية ستفتح بلاغات جنائية ضد موقع «سودان تربيون» الإلكتروني، لأنه كان أول من نقل أخبار مرض كير.
وكان كير قد قال قبل توجهه إلى أديس أبابا خلال اجتماع مجلس التحرير الوطني لحزب الحركة الشعبية الحاكم، إنه سيتجاهل التهديدات بفرض عقوبات دولية على بلاده من المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة الأميركية، وأضاف أن قواته ستبدأ هجوما واسعا ضد المتمردين، بزعامة رياك مشار، في حال واصلت حركة التمرد خرق وقف إطلاق النار الموقع بين الطرفين المتحاربين في سبتمبر (أيلول) الماضي، وتابع موضحا «لقد نفد صبرنا، وسنرد على أي هجوم تقوم به قوات مشار، ولن يقف الجيش الشعبي (الجيش الوطني) مكتوف الأيدي، لأن هناك عقوبات ستفرض علينا».
كما أشار إلى أن قوات التمرد بدأت بتحضير تجهيزات واسعة، مستفيدة من بدء هطول الأمطار لشن هجوم عسكري على قواته، وقال بهذا الخصوص: «المتمردون يعتقدون أن قواتنا لن تكون قادرة على التحرك بأسلحتها الثقيلة، خاصة الدبابات، ولكنهم سيرون كيف ستكون النتائج إذا قاموا بأي هجوم على مواقع قواتنا».



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.