تصرفات الرؤساء تحت مجهر الانتقادات

من ساعة مرسي و«توك توك» القذافي إلى علكة أوباما

تصرفات الرؤساء تحت مجهر الانتقادات
TT

تصرفات الرؤساء تحت مجهر الانتقادات

تصرفات الرؤساء تحت مجهر الانتقادات

أثارت صور تم تداولها على مواقع الإنترنت للرئيس الأميركي باراك أوباما وهو يمضغ العلكة أثناء حديثه مع رئيس الوزراء الهندي، نارندرا مودي، بالأمس وقت حضوره استعراضا عسكريا بمناسبة عيد الجمهورية بالهند، عاصفة من الانتقادات للرئيس الأميركي. واعتبر الكثيرون أن هذا التصرف يعكس صورة غير مقبولة عن الرئيس، بل والشعب الأميركي الذي يمثله.
وتعتبر هذه المرة الثالثة التي لوحظ فيها أوباما وهو يمضغ العلكة، حيث إنه سبق وفعل ذلك في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في قمة «أبيك» في بكين، وقبل ذلك في الاحتفالات التي أقيمت في فرنسا بمناسبة الذكرى الـ70 لإنزال قوات الحلفاء في فرنسا في أغسطس (آب) الماضي.
وفسر المكتب الصحافي لأوباما ذلك قائلا، إن هذه العلكة خاصة بمقاومة التدخين، ويقوم أوباما بمضغها من وقت لآخر بعد إقلاعه عن التدخين منذ 4 أعوام، إلا أن هذا التبرير بدا غير مقنع للكثيرين الذين يرون أن لمنصب الرئاسة بروتوكولات وأصول يجب أن تراعى.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يثير فيها أوباما الجدل بأفعاله، حيث إنه سبق وأثار عاصفة من الانتقادات خلال تأبين الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا في ديسمبر (كانون الأول) 2013، حيث إنه قام بالحديث والضحك مع رئيسة وزراء الدنمارك، هله تورنينج شميت، بل وحرص على أخذ صورة معها أثناء حفل التأبين، وهو السلوك الذي اعتبره الكثيرون غير لائق بسبب طبيعة المناسبة التي التقطت فيها الصورة.
وتأتي أفعال أوباما بعد مجموعة من الأفعال المماثلة التي ارتكبها رؤساء آخرون، وقامت بإثارة حالة من الجدل بين المواطنين ونشطاء الإنترنت، وأشهرها أقوال وأفعال الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، والذي قام من قبل بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة في جلسة أمام جموع قادة العالم في عام 2009، كما أنه قام بإصدار كتاب عرف باسم «الكتاب الأبيض» في عام 2000، يحاول فيه حل المشكلة الفلسطينية – الإسرائيلية، ويقترح فيه دولة موحدة للشعبين تحمل اسم «إسراطين»، وقام أيضا بإصدار «الكتاب الأخضر»، في عام 1975، والذي لاقى الكثير من الانتقادات، حيث اعتبره الكثيرون أدبا ساخرا قام القذافي بتحويله إلى دستور ومرجع لليبيين.
هذا بالإضافة لخطاب «التوك توك» (المركبة الصغيرة الشبيهة بسيارة الغولف)، والذي يعد أول وأقصر خطاب وجهه القذافي للشعب الليبي في بداية ثورة 17 فبراير (شباط) 2011، واستغرق الخطاب نحو 15 ثانية فقط ظهر فيهم القذافي وهو يركب «التوك توك» ويحمل مظلة ويؤكد أنه لم يهرب إلى فنزويلا، كما أشيع في ذلك الوقت. هذا إلى جانب قوله الشهير الذي أثار سخرية الملايين من الناس والذي قال فيه إنه سيقوم بمطاردة المعارضين: «بيت بيت، شارع شارع، زنقه زنقه».
ولم يقل الجدل الذي أثاره القذافي وأفعاله عن الجدل الذي أثاره الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، عندما كان يقوم بتعديل ملابسه أمام الكاميرات، وما فعله باليونان أثناء لقائه الرئيس اليوناني في أكتوبر (تشرين الأول) 2012، عندما جاء وقت كلمته ففوجئ الجميع بأنه توجه إلى المنصة التي عليها العلم اليوناني ولم يتوجه إلى المنصة التي عليها العلم المصري، وأخيرا عندما قام بالنظر إلى ساعته أثناء المؤتمر الصحافي الذي عقده مع رئيسة وزراء ألمانيا المستشارة أنجيلا ميركل في برلين، في يناير (كانون الثاني) 2013، والذي أثار حفيظة وانتقاد الكثيرين الذين اعتبروه أبعد ما يكون عن اللياقة الدبلوماسية.
وقد كرر وزير الخارجية الأميركي جون كيري، نفس الخطأ الذي وقع فيه مرسي، حيث قام بالنظر إلى ساعته خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده مع نظيره المصري سامح شكري في سبتمبر (أيلول) 2014.
بالإضافة إلى ذلك، فقد سخر الكثيرون من عدم تركيز الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مع الرؤساء الآخرين عند مصافحتهم، حيث إنه يقوم في أغلب الأوقات بعدم النظر إليهم عند المصافحة، بينما قال ناقدوه إنه من المفترض أن ينظر رئيس أي دولة في وجه نظرائه عند المصافحة وإظهار الاحترام والاهتمام بهم.
ولم يسلم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من الانتقاد، بعد أن تعمد إدخال كلبته «كوني» إلى القاعة التي جمعته بضيفته المستشارة الألمانية ميركل في مارس (آذار) 2014، بعد أن تبيّن له أنها تعاني من خوف شديد من الكلاب بسبب تعرضها لعضة «كلب» في طفولتها، وفسر الكثيرون تصرف بوتين بأنه قد يكون بمثابة رسالة تخويف لأوروبا؛ لكنه تصرف لا يليق بوضعه بروتوكوليًا.
وقد ذكرت كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، في كتاب أصدرته في نوفمبر 2011، وتحدثت فيه عن بعض الرؤساء وتصرفاتهم التي أثارت دهشتها، أن الرئيس اللبناني السابق إميل لحود، كان يرتدي بدلة صفراء، ويضع على وجهه دهانا أسمر، أثناء اجتماعها معه في بيروت عام 2005، مما جعله يبدو لها وكأنه شخصية كارتونية. كما قالت عن الرئيس السوداني عمر البشير، إنه كان يتكلم ببطء شديد أثناء اجتماعها معه في الخرطوم عام 2005، وكان يحرك رأسه إلى الأمام وإلى الخلف، وإلى جانب وجانب وكأنه تحت تأثير المخدر.
جدير بالذكر أن التصرفات الغريبة للرؤساء والملوك التي أثارت جدلا بين الناس يرجع تاريخها إلى قديم الزمن، ويعتبر أبرز هؤلاء الملوك هو سادس حكام الدولة الفاطمية «الحاكم بأمر الله» الذي منع أكل «الملوخية» و«البقلة» و«الجرجير»، وأمر ألا يباع أي نوع من السمك بغير قشر وألا يصطاده أحد من الصيادين، ومنع قطع الكروم، وبيع العنب.



مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)
إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)
إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت مصر استعادة قطع أثرية من آيرلندا، تضمَّنت أواني فخارية ومومياء وقطعاً أخرى، عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدولة المذكورة.

وقالت وزارة الخارجية المصرية إنّ جهود استعادة القطع الأثرية من آيرلندا استمرّت طوال عام ونصف العام، وأوضحت في بيان، الجمعة، أنّ «القطع الأثرية التي استُردَّت من جامعة (كورك) الآيرلندية، هي مومياء مصرية وعدد من الأواني الفخارية والقطع الأثرية الأخرى، والجامعة أبدت تعاوناً كبيراً في تسهيل إجراءات إعادتها».

وتمثّل القطع المُستعادة حقبة مهمّة من التاريخ المصري القديم، وجزءاً من التراث الثقافي المصري الذي يحظى باهتمام الجميع، ومن المقرَّر عرضها في المتاحف المصرية، وفق بيان «الخارجية».

وأوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، الدكتور محمد إسماعيل خالد، أنّ «استرداد هذه القطع جاء وفقاً للاتفاق الثنائي الموقَّع مؤخراً بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة (كورك) الآيرلندية»، مشيراً في بيان لوزارة السياحة والآثار، إلى أنّ الجامعة كانت قد حصلت عليها بين الأعوام 1920 و1930؛ ومن بينها تابوت خشبي ملوَّن بداخله بقايا مومياء ومجموعة من الأواني الكانوبية المصنوعة من الحجر الجيري بداخلها أحشاء المتوفّى.

القطع الأثرية المُستردّة تعود إلى حقب تاريخية مهمّة (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، كشف مدير الإدارة العامة لاسترداد الآثار، المُشرف على الإدارة المركزية للمنافذ الأثرية، شعبان عبد الجواد، عن أنّ «الأواني الكانوبية التي استُردَّت لكاهن يُدعى (با ور)، من الأسرة 22 من العصر المتأخر؛ كان يحمل ألقاباً من بينها (حارس حقول الإله). أما التابوت الخشبي فهو من العصر الصاوي لشخص يُدعى (حور)، وكان يحمل لقب (حامل اللوتس)؛ وتوجد بداخله بقايا مومياء وعدد من أسنانها»، وفق بيان الوزارة.

وأعلنت مصر، في وقت سابق، استرداد أكثر من 30 ألف قطعة أثرية من 2014 حتى أغسطس (آب) 2024، كما استُردَّت أخيراً 67 قطعة أثرية من ألمانيا. وكانت وزارة الخارجية قد أعلنت في يناير (كانون الثاني) 2023 استرداد 17 قطعة أثرية من الولايات المتحدة الأميركية، أبرزها «التابوت الأخضر».

في هذا السياق، يرى عالم الآثار المصري الدكتور حسين عبد البصير، أنّ «استعادة القطع الأثرية والمومياوات فرصة لإثراء بحثنا الأثري والتاريخي، إذ تساعدنا في الكشف عن جوانب جديدة من التاريخ المصري»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المقتنيات توفّر رؤى قيّمة حول أساليب الدفن والعادات الثقافية القديمة التي كانت جزءاً من الحياة اليومية للمصريين القدماء».

ويعدُّ عبد البصير هذه الاستردادات إسهاماً في تعزيز الهوية الوطنية، إذ تُساعد في الحفاظ على التراث الثقافي من أجل الأجيال القادمة، مؤكداً أنّ «وزارة الخارجية المصرية تلعب دوراً حيوياً في استرداد الآثار من خلال التفاوض مع الدول الأجنبية والتنسيق الدبلوماسي للوصول إلى حلول تفاوضية تُرضي الأطراف المعنيّة»، لافتاً إلى أنّ استرداد القطع يأتي بالتزامن مع زيارة الرئيس المصري إلى آيرلندا؛ مما يؤكد اهتمام الدولة على أعلى مستوياتها باسترداد آثار مصر المُهرَّبة من الخارج.

قطع متنوّعة من الآثار استردّتها مصر من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

«وتسهم الاتفاقات الثنائية التي تعقدها مصر مع الدول في استعادة الآثار؛ منها 5 اتفاقات لمكافحة تهريبها والاتجار في الآثار المسروقة مع سويسرا وكوبا وإيطاليا وبيرو وكينيا»، وفق عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، ورئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، الخبير الآثاري الدكتور عبد الرحيم ريحان، الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «العلاقات القوية بين مصر وآيرلندا منذ تولّي الرئيس السيسي الحُكم أسهمت في استعادة هذه الآثار»، مشيراً إلى أنّ «مصر استعادت نحو 30 ألف قطعة أثرية منذ تولّيه الرئاسة، من الولايات المتحدة الأميركية، وإنجلترا، وفرنسا، وإسبانيا، وهولندا، وكندا، وألمانيا، وبلجيكا، وإيطاليا، وسويسرا، ونيوزيلندا، وقبرص، والإمارات، والكويت، والأردن».

ويتابع: «جاء ذلك بعد جهود حثيثة من إدارة الآثار المُستردة بالمجلس الأعلى للآثار، وبمتابعة مستمرّة لكل المزادات العلنية، وكل ما يُنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر وكالات الأنباء الدولية عن الآثار المصرية المنهوبة، وعن طريق مفاوضات مثمرة، بالتعاون بين وزارات السياحة والآثار والخارجية والداخلية في مصر».