المرشدون المحليون وراء اختطاف بعض الصحافيين الأجانب في سوريا

يوجدون في كلس بتركيا ويغرونهم بأخذهم إلى مناطق «داعش» مقابل 100 دولار يوميا

المرشدون المحليون وراء اختطاف بعض الصحافيين الأجانب في سوريا
TT

المرشدون المحليون وراء اختطاف بعض الصحافيين الأجانب في سوريا

المرشدون المحليون وراء اختطاف بعض الصحافيين الأجانب في سوريا

يعمد بعض «المرشدين» المحليين الذين يعرضون العمل كوسطاء ويعاونون الصحافيين الأجانب على جمع المعلومات في مناطق تسيطر عليها «داعش»، لمساعدة الجماعة المسلحة على اختطافهم.
في المناطق القريبة من الحدود بين تركيا وسوريا، التي تعمل بمثابة ممر للدخول إلى المناطق الخاضعة لسيطرة «داعش»، يوجد سكان محليون ونشطاء مناوئون للحكومة السورية يحاولون إغواء الصحافيين الأجانب وآخرين ممن يرغبون في الدخول لتلك المناطق عبر وعدهم بأن بمقدورهم العمل كمرشدين لهم. ويتمتع بعضهم بالفعل بمعرفة عميقة بـ«داعش»، إلا أن آخرين تورطوا في اختطاف الأجانب أو عاونوا على اختطافهم في محاولة لتحقيق ربح مادي.
يذكر أن مدينة كلس التركية القريبة من الحدود تعج بالفوضى لدرجة أن الحكومة التركية عاجزة عن السيطرة عليها أو مراقبتها بدرجة كافية. وفي خضم سحابة رملية ثارت مساء السبت، تدفق أكثر من 200 لاجئ من سوريا حاملين أمتعتهم الثقيلة عبر نقطة حدودية داخل المدينة.
وفي وسط الحشود، وقف عضو بـ«الجبهة الإسلامية»، وهي مجموعة مسلحة مناهضة للحكومة في سوريا، يبلغ من العمر 27 سنة، كما لو كان يحاول الاختباء عن الأنظار. وقال: «زملائي سيأتون لتوصيلي. ليس لدي جواز سفر، لكن من السهل الدخول والخروج إذا دفعت 50 ليرة (نحو 19 دولارا)».
عند نقطة التفتيش الحدودية في كلس، يسمح للأفراد الحاملين جوازات سفر بالدخول أو الخروج حتى لو لم يكن بحوزتهم تأشيرات صادرة عن أي من الدولتين. ويسير كثيرون ممن لا يحملون تأشيرات عبر نقطة تفتيش تخلو من ضباط الشرطة، تقع بعد البوابة مباشرة. أيضا، لا يجري تفتيش الأمتعة بصرامة. وقال شاب يبلغ 21 سنة، ضاحكا: «منذ عام، نقلت 7 بنادق كلاشنيكوف أوتوماتيكية».
وتقع كلس بالقرب من حلب التي تشهد قتالا محتدما. والملاحظ أن غالبية الصحافيين الأجانب الذين تم أخذهم رهائن، بما في ذلك الرهينة الياباني كينجي غوتو، دخلوا سوريا عبر كلس.
يذكر أن الصحافيين الأجانب يعتمدون على وسطاء محليين كمرشدين داخل سوريا. ويعتبر غالبية الوسطاء مسلحين سابقين أو نشطاء مناهضين للحكومة يعلمون جغرافية المكان جيدا أو لديهم صلات شخصية بأعضاء من «داعش».
ويقال إن المرشدين يحصلون على 100 دولار يوميا على الأقل في أغلب الحالات. يذكر أن تقديرات الدخل الشهري لغالبية السوريين أثناء الحرب الأهلية لا تتجاوز نحو 130 دولارا في الشهر.
ويتمتع بعض الوسطاء بمعرفة ومعلومات واسعة بخصوص «داعش» ويعملون كمترجمين أو مرشدين للصحافيين الأجانب، إلا أن آخرين يسعون لبيع هؤلاء الصحافيين لـ«داعش» مقابل مبالغ مالية ضخمة. ومن جانبه، يطلب «داعش» فدية مقابل الإفراج عن الأجانب المختطفين أو يستغلهم في نشاطات دعائية.
يذكر أن ستيفين سوتلوف، 31 سنة، الصحافي الأميركي الذي قطع رأسه على أيدي «داعش» سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، أسره مقاتلو التنظيم بعد دخوله سوريا. وفي تصريحات لـ«يوميوري شيمبون»، قال سوري كان برفقة سوتلوف في ذلك الوقت: «تعرضت سيارتنا لكمين. لقد أخبرهم شخص ما بأمرنا».
وفي تصريحات لمحطة «سي إن إن»، قال أحد زملاء سوتلوف من الأميركيين إن «شخصا باع معلومات بخصوص تحركات سوتلوف مقابل مبلغ يتراوح بين 25 و50 ألف دولار». أما غوتو فقد كان في طريقه للرقة، شمال سوريا، بعد دخوله البلاد. وقال صديق سوري له إن غوتو أخبره أنه: «ربما عثر على مرشد داخل المناطق الخاضعة لسيطرة (داعش)».
من جانبه، أكد مرشد، 31 سنة، أنه «من دون وجود علاقة ثقة مع الوسطاء، فإن الصحافيين في خطر».
وقال مراسل لمجلة فرنسية، 46 سنة: «من المستحيل جمع الأخبار داخل سوريا من دون الاعتماد على وسطاء، لكن في الوقت ذاته، من العسير العثور على وسطاء يمكن الوثوق بهم». يذكر أن سوريا تشترك في حدودها مع تركيا ولبنان والأردن والعراق. وتسيطر حكومة الرئيس السوري بشار الأسد على الحدود مع لبنان والأردن. وتتسم القيود المفروضة على الهجرة في هذه المناطق بالصرامة، لذا فإن تدفقات الأفراد تتركز في المناطق القريبة من الحدود مع تركيا، لأن سيطرة نظام الأسد لا تمتد إلى هناك. ومنذ خريف العام الماضي، عززت تركيا من سيطرتها على الحدود بالتزامن مع شن غارات جوية ضد «داعش»، من قبل الولايات المتحدة وقوات أوروبية. ومن بين نقاط التفتيش الحدودية الـ13 التابعة لها، أغلقت تركيا 8 منها. كما زادت تركيا من تشديد سيطرتها على الحدود بعد التوصل إلى أن سيدة مشتبه في تورطها في هجمات باريس الإرهابية دخلت في وقت سابق من الشهر سوريا عبر تركيا.
ومع ذلك، تضم كلس معسكرات للاجئين سوريين وتعج باللاجئين القادمين والراحلين، مما يفرض قيودا على قدرة الحكومة التركية على تشديد السيطرة على الهجرة إليها.
كما أن هناك ثغرات أخرى مثل الطرق الزراعية المحيطة بكلس. وأشار سكان محليون إلى أنه من السهل تهريب الأسلحة وسلع أخرى ومن الصعب منع الأفراد الراغبين في الانضمام لمقاتلي «داعش» من المرور عبر الحدود.
* خدمة «نيويورك تايمز»



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».