اتخذت السلطات المصرية أمس إجراءات أمنية مشددة في الشوارع والميادين الرئيسية في المحافظات تحسبا لخروج معارضين من جماعة الإخوان المسلمين، في مظاهرات في الذكرى الرابعة لثورة يناير، التي يحل موعدها اليوم (الأحد)، في وقت بدأ فيه مجهولون في استهداف قطارات للسكك الحديدية التي يعتمد عليها غالبية المصريين في السفر بين المدن، مما دفع إلى إلغاء بعض الرحلات بشكل مؤقت. وقالت نجوى ألبير، وهي مسؤولة في هيئة السكك الحديدية، لـ«الشرق الأوسط» إن تقليص الرحلات يهدف لتقليل الخسائر.
وأجبرت ثورة يناير 2011 الرئيس الأسبق حسني مبارك على التخلي عن سلطاته، بعد 30 عاما في السلطة. وكان من المقرر أن تنظم الحكومة فعاليات جماهيرية كبيرة احتفاء بذكرى الثورة، لكنها أعلنت قبل يومين عن إلغاء الاحتفالات المزمعة، وذلك حدادا على وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين.
وتسود مخاوف من تحول المظاهرات التي دعت إليها جماعة الإخوان إلى أعمال تخريب للمنشآت العامة، خاصة قطارات السكك الحديدية، التي تعرض بعضها لهجمات من مجهولين الأيام الماضية. وألغت السلطات المصرية أمس رحلات 11 قطارا خوفا من استهدافها. لكن السيدة ألبير، التي تشغل موقع رئيس الإدارة المركزية لشؤون رئاسة الهيئة القومية لسكك حديد مصر، قللت من مخاوف استهداف القطارات في ذكرى الثورة.
وأضافت قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك تنسيقا كاملا مع الشرطة، فضلا عن وجود قيادات الهيئة في جميع الأماكن حفاظا على الأرواح وممتلكات الهيئة».
واتخذت قوات من الجيش والشرطة إجراءات مشددة حول المقار الحكومية والميادين والسجون وأقسام الشرطة وحول قصر الاتحادية الرئاسي بضاحية مصر الجديدة (شرق القاهرة)، وميدان التحرير والميادين الكبرى بالمحافظات، تحسبا لتعرضها لهجوم في إطار مظاهرات الإخوان.
وقال مصدر أمني مسؤول في الداخلية إن «الوزارة سوف تدفع بما يقارب ربع المليون من أفراد الشرطة في مختلف محافظات مصر». وحذر المصدر الأمني نفسه من أي محاولات للمساس بتلك المنشآت أو التعدي على قوات الأمن أو تعطيل المرافق العامة.
وأعلنت جماعة الإخوان، أنها ستحشد للاحتفال بالذكرى الرابعة للثورة، فيما قررت أغلب الأحزاب والقوى السياسية عدم النزول للشارع والالتزام بحالة الحداد على وفاة الملك عبد الله. وقالت مصادر حزبية لـ«الشرق الأوسط» أمس، إنه «لا يجوز أن يكون في الشارع المصري مظاهر للفرح والاحتفال في وقت يشعر فيه الشعب بالحزن على وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز، والذي دائما ما كان داعما لمصر ولشعبها».
وبدا ميدان التحرير بوسط العاصمة المصرية منذ أمس في حالة تأهب أمني شديد، وكثفت قوات الجيش والشرطة من وجودها على جميع مداخل الميدان. ووجود العشرات من أفراد الأمن المركزي بمحيط المتحف المصري ومبنى التلفزيون (ماسبيرو) وعدد من المباني والمنشآت المهمة بمنطقة وسط البلد، وعند وزارة الداخلية والسفارتين الأميركية والبريطانية ومجلسي النواب والوزراء.
لكن حزب التحالف الشعبي الاشتراكي قال في بيان له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن «إحدى عضواته قُتلت برصاص خرطوش الداخلية في مسيرة سلمية لوضع إكليل الورد على النصب التذكاري بميدان التحرير مساء أمس».
وبينما نفت مصادر مسؤول في مديرية أمن القاهرة خبر مقتل عضوة حزب التحالف، وأكدت أن «قوات الأمن استخدمت فقط الغاز المسيل للدموع لتفريق المسيرة»، قال الدكتور حسام عبد الغفار المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إن «قتيلة سقطت.. وإن جثمانها يوجد في مشرحة زينهم حاليا».
في المقابل، دعت جماعة الإخوان أنصارها في بيان لها للقيام بمحاولة لاقتحام ميادين التحرير وساحة رابعة العدوية (شرق) وميدان النهضة (غرب القاهرة) للاحتجاج على السلطات.
ويأتي هذا بينما تتصاعد العمليات الإرهابية من خلال زرع العبوات الناسفة في مناطق بالجيزة، وضاحية السيدة عائشة بجنوب القاهرة، وبجوار خط الغاز بمنطقة وادي حوف بحلوان، وأخرى في محكمة كوم حمادة بمحافظة البحيرة. وقامت الشرطة بإبطال عدد كبير من هذه العبوات.
وذكر مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» أنه سيتم رصد مخططات الإخوان وأي محاولة للتخريب من أي جهة، لافتا إلى أن «هناك إجراءات مشددة لإحكام الرقابة وتكثيف الدوريات الأمنية وتفعيل دور نقاط التفتيش والأكمنة الثابتة والمتحركة على كافة المحاور والميادين، بالإضافة إلى تسيير دوريات مسلحة على الطرق بين المحافظات والمدن مدعومة بمجموعات التدخل السريع».
وضبطت قوات الأمن في محافظة الجيزة، أمس، بالاشتراك مع قطاع الأمن الوطني، «خلية إرهابية» قالت إنها ارتكبت عدة حوادث، وخططت لارتكاب أعمال عنف وتفجيرات في ذكرى ثورة يناير. وقالت وزارة الداخلية في بيان لها أمس، إن المتهمين كونوا خلية إرهابية لتصنيع العبوات المتفجرة واستهداف رجال الشرطة والمنشآت الشرطية والمرافق العامة.
ومن جانبها، قررت هيئة سكك حديد مصر أمس، إيقاف 11 خطا من خطوط الضواحي (مدن الدلتا) عن التشغيل، من الساعة 5 مساء أمس، حتى السادسة صباحا اليوم، وذلك للدواعي الأمنية وحفاظا على أرواح المواطنين.
وقالت السيدة ألبير إن «القطارات التي جرى وقفها ليست لها كثافة كبيرة، ومعظم عرباتها تخرج فارغة من القاهرة»، لافتة إلى أن «توقيف القطارات لتأمينها وتقليل خسائر الهيئة، خوفا من استهداف العربات الفارغة في القطارات.. مثلما حدث خلال الفترة الماضية».
وقامت قوات الأمن بمحافظة البحيرة (دلتا مصر) أمس، بإخلاء محطة سكة حديد كوم حمادة، بعد بلاغين بوجود قنبلتين. وكشفت ألبير عن أن هناك «30 عربة قطار جرى حرقها واستهدافها من قبل جماعة الإخوان خلال الأشهر الستة الماضية»، لافتة إلى أن «العربة الواحدة يقدر ثمنها بمليون جنيه (نحو 134 ألف دولار)، علاوة على الأضرار التي تحدث في القطارات وشريط السكة الحديد، موضحة أن «خسائر الهيئة بلغت خلال الأشهر الستة الماضية نحو 285 مليون جنية (نحو 40 مليون دولار)».
وكشفت مصادر مسؤولة بهيئة السكك الحديدية عن رصد عمليات لاستهداف قضبان السكك الحديدية في محافظات الصعيد (جنوب) خلال شهر يناير (كانون الثاني) الحالي. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن «أنصار جماعة الإخوان يضعون قطعا من الحديد والحجارة والأخشاب على قضبان السكة الحديد في المناطق البعيدة من المحطات الرئيسية، وعند مرور القطارات عليها تضرب العجل وتحدث تأرجحا في العربات، مما يمكن أن يؤدي إلى انقلاب القطار».
وفي شمال سيناء أعلنت مصادر مسؤولة أن «الحملات الأمنية التي مشطت مناطق جنوب الشيخ زويد ورفح، خلال الـ24 ساعة الماضية، تمكنت من توقيف 6 من العناصر التكفيرية الخطرة وحرق وتدمير عدد 12 بؤرة من العشش، وحرق 22 دراجة نارية دون لوحات».
وأكدت المصادر استمرار الحملات الأمنية والدفع بقوات خاصة لمناطق جنوب الشيخ زويد، في إطار ملاحقتها العناصر الخطرة وتشديد محاصرة مجموعات مسلحة ومنع فرارهم من مناطق جنوب الشيخ زويد ورفح وشرق العريش. فيما قال مصدر ملاحي داخل هيئة قناة السويس أمس، إنه «تقرر تشديد الإجراءات الأمنية داخل وخارج المجرى الملاحي للقناة وحول جميع المنشآت الحيوية بمحافظات القناة (الإسماعيلية، السويس، بورسعيد)».
إجراءات أمنية مشددة بمصر تحسبا لمظاهرات في ذكرى ثورة يناير اليوم
مسؤول بالسكك الحديدية لـ «الشرق الأوسط»: تقليص الرحلات لتقليل الخسائر
إجراءات أمنية مشددة بمصر تحسبا لمظاهرات في ذكرى ثورة يناير اليوم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة