مددت الكتل السياسية العراقية التي شكلت الحكومة الحالية برئاسة حيدر العبادي بموجب وثيقة «الاتفاق السياسي» شهر العسل الذي تعيشه هذه الكتل منذ سبتمبر (أيلول) عام 2014، بعد الإطاحة برئيس الوزراء السابق نوري المالكي وتكليف العبادي بتشكيل حكومة جديدة.
وبينما بدأت كتلة اتحاد القوى العراقية، وهي الكتلة السنية في البرلمان، بالتحذير بأن صبرها بدأ ينفد بسبب عدم تحقيق ما تم الاتفاق عليه بموجب تلك الوثيقة، فإن التحالف الوطني الشيعي الذي يعاني مشاكل داخلية بسبب النزاع حول زعامة التحالف بين حزب الدعوة بزعامة المالكي والمجلس الأعلى بزعامة عمار الحكيم لا يبدو، من وجهة نظر قيادي فيه، في وضع يسمح له بحسم المسائل الخلافية الرئيسية، في حين يفضل التحالف الكردستاني الانتظار دون أن يكون له رأي حاسم في ما ينتظر وثيقة الاتفاق السياسي من مطبات، لا سيما في حال بدأ «شيطان التفاصيل» التسلل إلى بنودها.
وكان اتحاد القوى العراقية حذر مؤخرا مما سماه «احتمالية تزعزع ثقة الشركاء» في نية الحكومة تنفيذ ورقة الإصلاحات في توقيتاتها بعد تجاوز مدة تنفيذها. وقال رئيس كتلة اتحاد القوى العراقية في البرلمان أحمد المساري، خلال مؤتمر صحافي عقده بمبنى البرلمان، إن «تحالف القوى العراقية يكرر تذكير الحكومة ورئيسها وداعميها بضرورة الالتزام ببنود الاتفاق السياسي الذي وقعت عليه القوى السياسية كافة»، مبينا أن «السقوف الزمنية التي حددت لتنفيذها قد تجاوزت مددها بعد مضي أكثر من أربعة أشهر على منح الثقة لحكومة العبادي».
وأضاف المساري أن «هذا الأمر يجعلنا ندق ناقوس التنبه باحتمال زعزعة ثقة الشركاء بنيّات الحكومة في تنفيذ ورقة الإصلاحات بتوقيتاتها التي ألزمت نفسها بها»، عادا أن «هذه الوقفة نداء أخير إلى حكومة العبادي من أجل حثها على التعجيل لتنفيذ بنود الاتفاق السياسي»، مخاطبا رئيس مجلس الوزراء بالقول «إننا وجماهيرنا في المحافظات المغتصبة كنا أول الداعمين لك»، مستدركا بالقول «لكننا أمام التأخير في تنفيذ المطالب لن نرضى بأقل من استحقاقاتنا، ولن نبقى مكتوفي الأيدي من دون موقف سياسي».
وطالب المساري الحكومة بـ«تنفيذ بنود الاتفاق السياسي وفي مقدمتها تحرير المحافظات المغتصبة من عصابات (داعش) الإجرامية، وإقرار قوانين الحرس الوطني والعفو العام والتوازن المؤسساتي وإلغاء قانون المساءلة والعدالة سيئ الصيت».
من جهتها، هاجمت كتلة «صادقون» في البرلمان العراقي التابعة لجماعة عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي ما سمته أصواتا بعثية بشأن المطالبة بإلغاء قانون المساءلة والعدالة. وقال النائب عن الكتلة حسن سالم، خلال مؤتمر صحافي عقده بمبنى البرلمان، إن «هناك بعض الأصوات البعثية والصدامية تطالب بإلغاء قانون المساءلة والعدالة لإرجاع الزمرة البعثية»، متهما إياهم بـ«البعثيين أو من يدافع عن (البعث)». وأكد سالم أن «حزب البعث ارتكب الكثير من المجازر سابقا والكثير من المجازر التي ترتكب حاليا»، عادا من يطالب بإلغاء القانون «خائنا لدماء العراقيين والمقابر الجماعية».
وطالب سالم مجلس النواب بـ«تجريم حزب البعث»، مشددا على ضرورة أن «تأخذ القضية مداها في مجلس النواب». لكن القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي فادي الشمري أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «قانون المساءلة والعدالة تم تثبيته في وثيقة الاتفاق السياسي والبرنامج الحكومي، حيث وردت العبارة التالية (يتم تحويل المساءلة والعدالة إلى مجلس القضاء الأعلى بمجرد أن تنهي هيئة المساءلة أعمالها)». وأضاف أن «جميع مكونات التحالف الوطني ليست لديها رغبة في وضع العراقيل أمام تطبيق بنود وثيقة الاتفاق السياسي، بل هناك إرادة لدى الأطراف الرئيسية في التحالف وهي المجلس الأعلى والأحرار وحزب الدعوة على أهمية تطبيق الوثيقة، لكن المشكلة تبدو فنية وبالأخص في ما يتعلق بالتوقيتات، ذلك أن وضع الجداول الزمنية لم يكن دقيقا، يضاف إلى ذلك أن الكثير من بنود الوثيقة تشريعية وهذا ما أدى إلى تأخر تشكيل اللجان وحسم رئاساتها، وهو ما أدى إلى تأخير التطبيق، وبالتالي فإن الجميع في الواقع يتحمل التأخير».
لكن عضو البرلمان السابق عن ائتلاف دولة القانون سامي العسكري أكد من جانبه، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشهد الحالي كان قد كرر نفسه في كل الحكومات السابقة، حيث دائما ما يكون هناك شهر عسل تبدو خلاله كل الكتل راضية وتشعر بالسعادة، لكن ما إن ينتهي شهر العسل حتى يبدأ التذمر من قبل الجميع»، مشيرا إلى أن «السبب في ذلك أن الاتفاقات التي يتم التوافق عليها تبقى في إطار الوعود، ولا توضع لها آليات للتنفيذ، وبالتالي فإن الوعود التي هي على الورق فقط ليس بوسع أحد تطبيقها». وأوضح العسكري أن «الأمر الوحيد الذي بات يشفع للجميع هو أزمتا (داعش) والموازنة، حيث إن الجميع بات يشعر بالخطر حيال ذلك». وحول رؤيته للمشاكل الحالية داخل التحالف الوطني الشيعي قال العسكري «سأقول رأيي الشخصي.. إنه في حقيقة الأمر لا يوجد شيء اسمه التحالف الوطني، بل هو عبارة عن قطار مهلهل وشكلي يتم تشكيله عند بداية كل انتخابات من أجل أن تبقى رئاسة الوزراء بيد الشيعة، ومن ثم ينتهي دوره عمليا».
وبينما أكد عضو البرلمان العراقي عن اتحاد القوى العراقي أحمد مدلول الجربا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشكلة التي نعانيها في البلد اليوم هي مشكلة بين الكتل السياسية، بحيث إن الخلافات الخاصة بينها هي التي من شأنها عرقلة تنفيذ الاتفاقات التي وقعتها في ما بينها»، فإن عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني سامان فتاح حسن قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا بد من الانتظار لأن ظروف العراق الحالية ظروف ضاغطة على الجميع، وبالتالي فإنه في الوقت الذي يبدو فيه لكل كتلة رأيها فإن هذه الآراء أو وجهات النظر لا ينبغي أن ترتفع إلى مستوى الخلاف السياسي الذي يمكن أن يهدد التوافقات»، مؤكدا أنه «لا بد من منح حكومة العبادي فرصة أخرى لأن هناك إصلاحات تحققت على أرض الواقع».
بدء ترنح وثيقة «الاتفاق السياسي».. السنة يحذرون والشيعة منقسمون والكرد ينتظرون
«عصائب الحق» تتهم مطالب السنة بأنها «بعثية» وتريد عودة الحزب السابق
بدء ترنح وثيقة «الاتفاق السياسي».. السنة يحذرون والشيعة منقسمون والكرد ينتظرون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة