رفض الانفصاليون الموالون لموسكو في شرق أوكرانيا، أمس، أي هدنة جديدة مع كييف، وهددوا بهجوم واسع غداة انسحاب الجيش الأوكراني من مطار دونيتسك، الذي يُعد موقعا رمزيا للنزاع.
وقد اتخذ النزاع منعطفا جديدا، مع الهزيمة النكراء التي مني بها الجيش الأوكراني في مطار دونيتسك، بينما تعكس تصريحات المسؤولين في كييف، وكذلك القادة الانفصاليين، أن تحقيق السلام لا يزال بعيد المنال. وقد عبرت الدول الأوروبية عن ردود فعل غاضبة بعد مقتل مدنيين بقذائف سقطت على حافلة في دونيتسك، لكنها تبدو عاجزة عن التأثير على روسيا التي تدعم المتمردين، وكذلك على كييف.
وقال «رئيس» جمهورية دونيتسك المعلنة من جانب واحد ألكسندر زاخارتشنكو، أثناء لقاء مع الطلاب في دونيتسك معقل الانفصاليين: «لن يكون هناك بعد الآن من جانبنا أي مساعٍ للتحدث عن هدنة» مع السلطات الأوكرانية. وأكد، كما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية وانفصاليون: «سنشن هجوما على حدود منطقة دونيتسك».
ويأتي هذا التشدد في اللهجة غداة يوم دام تخللته معارك وعمليات قصف أسفرت عن سقوط أكثر من 40 قتيلا في خلال 24 ساعة، وخسارة الجيش الأوكراني لمطار دونيتسك بعد أشهر عدة من المعارك.
وفي أوكرانيا، شُبّهت المعركة لما تبقى من مطار دولي كبير تم تحديثه لكأس كرة القدم الأوروبية لعام 2012 في ضاحية دونيتسك، بمعركة ستالينغراد إبان الحرب العالمية الثانية.
وفي كييف، ندد سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع أولكسندر تورتشينوف بهجوم في كل الاتجاهات في الشرق الأوكراني تقوم به «وحدات نظامية من القوات المسلحة الروسية». وقال تورتشينوف أثناء اجتماع للحكومة إن «مجموعات إرهابية روسية انتهكت كل الاتفاقات وتشن هجوما»، مضيفا أن «هذه العمليات تجري فعليا على كل خط الجبهة قرب دونيتسك، وكذلك في الجنوب».
وأكد أن القوات الأوكرانية «تسيطر» على الوضع من خلال «صدها الهجمات وشنها هجوما مضادا». وقال إن «هدف القيادة السياسية والعسكرية لروسيا ليس السيطرة على الأراضي المحتلة فقط، بل تدمير الدولة الأوكرانية».
وكان الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو جمع، مساء أول من أمس، هيئة أركانه لبحث «سبل إعادة حشد القوات (المسلحة) ووقف العدوان»، وتوعد بأن الانفصاليين سيكونون «الهدف».
وبعد ضمها القرم من دون معارك في مارس (آذار) الماضي، تواجه روسيا اتهامات كييف والغربيين بدعم الانفصاليين الموالين لها عسكريا في شرق أوكرانيا، حيث أوقع النزاع أكثر من 5 آلاف قتيل في خلال 9 أشهر. لكن موسكو التي فرضت عليها عقوبات غربية لدورها في الأزمة الأوكرانية، تنفي بشكل قاطع أي ضلوع لها في شرق أوكرانيا، وتطرح نفسها كوسيط في النزاع.
واتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الجيش الأوكراني بشن عملية واسعة النطاق في شرق البلاد، كما انتقد بشدة غياب الرد، بحسب قوله، من الرئيس الأوكراني بوروشينكو على خطته لسحب قطع المدفعية. وأكد بوتين خلال اجتماع لمجلس الأمن الروسي أن «السلطات الأوكرانية أصدرت الأمر الرسمي بشن عملية عسكرية واسعة النطاق على كل خط المواجهة عمليا» مع الانفصاليين، و«هي أنها تستخدم المدفعية وقاذفات الصواريخ والطيران من دون تمييز» بين المتمردين والمدنيين، بما في ذلك ضد «مناطق مكتظة مأهولة بالسكان». وأوضح بوتين: «وكل ذلك يترافق مع شعارات دعائية حول رغبتها في السلام وملاحقة المسؤولين». وأشار بوتين إلى أن «المسؤولية تقع على الذين يصدرون تلك الأوامر الإجرامية»، مشددا على أن «العملية» التي تشنها كييف أسفرت عن «عشرات القتلى والجرحى، ليس فقط من جنود الطرفين بل من المدنيين أيضا، وهذا أكثر مأساوية». وذكر الرئيس الروسي من جهة أخرى أنه بعث برسالة قبل أسبوع إلى نظيره الأوكراني بوروشينكو عرض فيها سحب الأسلحة الثقيلة مسافة كافية لتفادي سقوط القذائف على الأحياء السكنية: «لكننا لم نتلق أي رد مع الأسف، وشهدنا في المقابل أفعالا تتناقض تماما» مع الاقتراح الروسي. وكرر بوتين القول: «وحدها مفاوضات السلام والمساعي السياسية» يمكن أن تؤدي إلى إيجاد حل للنزاع.
وأضاف: «آمل أن يتغلب المنطق في نهاية الأمر». ثم وقف بوتين وأعضاء مجلس الأمن الروسي دقيقة صمت حدادا على قتلى الأيام الأخيرة في أوكرانيا.
يُذكر أن المحاولات التي بُذلت أواخر الشهر الماضي ومطلع الشهر الحالي، لاستئناف عملية السلام من خلال تنظيم اجتماع قمة بين الرئيسين بوتين وبوروشينكو بمشاركة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، باءت بالفشل، مع تجدد المعارك. واعتبر مسؤول كبير في الحكومة الأوكرانية أن الكرملين يسعى إلى إلحاق خسائر فادحة بأوكرانيا لإرغامها على توقيع اتفاق سلام جديد وفق شروطه. وقال هذا المسؤول طالبا عدم كشف اسمه: «إنهم بحاجة لنصر ليتمكنوا من تقديمه في وسائل الإعلام على أنه هزيمة كبيرة لأوكرانيا، هم يفعلون ذلك لتعزيز موقعهم في المفاوضات وزعزعة الوضع في أوكرانيا».
الانفصاليون في أوكرانيا يرفضون أي هدنة.. ويعتزمون مواصلة التقدم
بوتين يتهم كييف بشن عملية عسكرية واسعة وينتقد «تجاهلها» لمقترحاته بسحب المدفعية
الانفصاليون في أوكرانيا يرفضون أي هدنة.. ويعتزمون مواصلة التقدم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة