الانفصاليون في أوكرانيا يرفضون أي هدنة.. ويعتزمون مواصلة التقدم

بوتين يتهم كييف بشن عملية عسكرية واسعة وينتقد «تجاهلها» لمقترحاته بسحب المدفعية

بوتين أثناء ترؤسه اجتماعا لمجلس الأمن القومي الروسي في موسكو أمس (رويترز)
بوتين أثناء ترؤسه اجتماعا لمجلس الأمن القومي الروسي في موسكو أمس (رويترز)
TT

الانفصاليون في أوكرانيا يرفضون أي هدنة.. ويعتزمون مواصلة التقدم

بوتين أثناء ترؤسه اجتماعا لمجلس الأمن القومي الروسي في موسكو أمس (رويترز)
بوتين أثناء ترؤسه اجتماعا لمجلس الأمن القومي الروسي في موسكو أمس (رويترز)

رفض الانفصاليون الموالون لموسكو في شرق أوكرانيا، أمس، أي هدنة جديدة مع كييف، وهددوا بهجوم واسع غداة انسحاب الجيش الأوكراني من مطار دونيتسك، الذي يُعد موقعا رمزيا للنزاع.
وقد اتخذ النزاع منعطفا جديدا، مع الهزيمة النكراء التي مني بها الجيش الأوكراني في مطار دونيتسك، بينما تعكس تصريحات المسؤولين في كييف، وكذلك القادة الانفصاليين، أن تحقيق السلام لا يزال بعيد المنال. وقد عبرت الدول الأوروبية عن ردود فعل غاضبة بعد مقتل مدنيين بقذائف سقطت على حافلة في دونيتسك، لكنها تبدو عاجزة عن التأثير على روسيا التي تدعم المتمردين، وكذلك على كييف.
وقال «رئيس» جمهورية دونيتسك المعلنة من جانب واحد ألكسندر زاخارتشنكو، أثناء لقاء مع الطلاب في دونيتسك معقل الانفصاليين: «لن يكون هناك بعد الآن من جانبنا أي مساعٍ للتحدث عن هدنة» مع السلطات الأوكرانية. وأكد، كما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية وانفصاليون: «سنشن هجوما على حدود منطقة دونيتسك».
ويأتي هذا التشدد في اللهجة غداة يوم دام تخللته معارك وعمليات قصف أسفرت عن سقوط أكثر من 40 قتيلا في خلال 24 ساعة، وخسارة الجيش الأوكراني لمطار دونيتسك بعد أشهر عدة من المعارك.
وفي أوكرانيا، شُبّهت المعركة لما تبقى من مطار دولي كبير تم تحديثه لكأس كرة القدم الأوروبية لعام 2012 في ضاحية دونيتسك، بمعركة ستالينغراد إبان الحرب العالمية الثانية.
وفي كييف، ندد سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع أولكسندر تورتشينوف بهجوم في كل الاتجاهات في الشرق الأوكراني تقوم به «وحدات نظامية من القوات المسلحة الروسية». وقال تورتشينوف أثناء اجتماع للحكومة إن «مجموعات إرهابية روسية انتهكت كل الاتفاقات وتشن هجوما»، مضيفا أن «هذه العمليات تجري فعليا على كل خط الجبهة قرب دونيتسك، وكذلك في الجنوب».
وأكد أن القوات الأوكرانية «تسيطر» على الوضع من خلال «صدها الهجمات وشنها هجوما مضادا». وقال إن «هدف القيادة السياسية والعسكرية لروسيا ليس السيطرة على الأراضي المحتلة فقط، بل تدمير الدولة الأوكرانية».
وكان الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو جمع، مساء أول من أمس، هيئة أركانه لبحث «سبل إعادة حشد القوات (المسلحة) ووقف العدوان»، وتوعد بأن الانفصاليين سيكونون «الهدف».
وبعد ضمها القرم من دون معارك في مارس (آذار) الماضي، تواجه روسيا اتهامات كييف والغربيين بدعم الانفصاليين الموالين لها عسكريا في شرق أوكرانيا، حيث أوقع النزاع أكثر من 5 آلاف قتيل في خلال 9 أشهر. لكن موسكو التي فرضت عليها عقوبات غربية لدورها في الأزمة الأوكرانية، تنفي بشكل قاطع أي ضلوع لها في شرق أوكرانيا، وتطرح نفسها كوسيط في النزاع.
واتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الجيش الأوكراني بشن عملية واسعة النطاق في شرق البلاد، كما انتقد بشدة غياب الرد، بحسب قوله، من الرئيس الأوكراني بوروشينكو على خطته لسحب قطع المدفعية. وأكد بوتين خلال اجتماع لمجلس الأمن الروسي أن «السلطات الأوكرانية أصدرت الأمر الرسمي بشن عملية عسكرية واسعة النطاق على كل خط المواجهة عمليا» مع الانفصاليين، و«هي أنها تستخدم المدفعية وقاذفات الصواريخ والطيران من دون تمييز» بين المتمردين والمدنيين، بما في ذلك ضد «مناطق مكتظة مأهولة بالسكان». وأوضح بوتين: «وكل ذلك يترافق مع شعارات دعائية حول رغبتها في السلام وملاحقة المسؤولين». وأشار بوتين إلى أن «المسؤولية تقع على الذين يصدرون تلك الأوامر الإجرامية»، مشددا على أن «العملية» التي تشنها كييف أسفرت عن «عشرات القتلى والجرحى، ليس فقط من جنود الطرفين بل من المدنيين أيضا، وهذا أكثر مأساوية». وذكر الرئيس الروسي من جهة أخرى أنه بعث برسالة قبل أسبوع إلى نظيره الأوكراني بوروشينكو عرض فيها سحب الأسلحة الثقيلة مسافة كافية لتفادي سقوط القذائف على الأحياء السكنية: «لكننا لم نتلق أي رد مع الأسف، وشهدنا في المقابل أفعالا تتناقض تماما» مع الاقتراح الروسي. وكرر بوتين القول: «وحدها مفاوضات السلام والمساعي السياسية» يمكن أن تؤدي إلى إيجاد حل للنزاع.
وأضاف: «آمل أن يتغلب المنطق في نهاية الأمر». ثم وقف بوتين وأعضاء مجلس الأمن الروسي دقيقة صمت حدادا على قتلى الأيام الأخيرة في أوكرانيا.
يُذكر أن المحاولات التي بُذلت أواخر الشهر الماضي ومطلع الشهر الحالي، لاستئناف عملية السلام من خلال تنظيم اجتماع قمة بين الرئيسين بوتين وبوروشينكو بمشاركة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، باءت بالفشل، مع تجدد المعارك. واعتبر مسؤول كبير في الحكومة الأوكرانية أن الكرملين يسعى إلى إلحاق خسائر فادحة بأوكرانيا لإرغامها على توقيع اتفاق سلام جديد وفق شروطه. وقال هذا المسؤول طالبا عدم كشف اسمه: «إنهم بحاجة لنصر ليتمكنوا من تقديمه في وسائل الإعلام على أنه هزيمة كبيرة لأوكرانيا، هم يفعلون ذلك لتعزيز موقعهم في المفاوضات وزعزعة الوضع في أوكرانيا».



ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
TT

ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)

دعا الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي إلى توحيد قوى اليمين العالمية في منظمة جامعة لـ«محاربة اليسار والاشتراكية، تكون مثل الكتائب الرومانية قادرة على دحر جيوش أكبر منها».

جاء ذلك في الخطاب الناري الذي ألقاه، مساء السبت، في روما، حيث لبّى دعوة رئيسة الحكومة الإيطالية جيورجيا ميلوني، ليكون ضيف الشرف في حفل اختتام أعمال المهرجان السياسي السنوي لشبيبة حزب «إخوان إيطاليا»، الذي تأسس على ركام الحزب الفاشي. وقدّمت ميلوني ضيفها الذي يفاخر بصداقته لإسرائيل والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بوصفه «قائد ثورة ثقافية في دولة صديقة، يعرف أن العمل هو الدواء الوحيد ضد الفقر».

«مسؤولية تاريخية»

ميلوني لدى استقبالها ميلي في قصر شيغي بروما الجمعة (إ.ب.أ)

قال ميلي إن القوى والأحزاب اليمينية في العالم يجب أن تكون في مستوى «المسؤولية التاريخية» الملقاة على عاتقها، وإن السبيل الأفضل لذلك هي الوحدة وفتح قنوات التعاون على أوسع نطاق، «لأن الأشرار المنظمين لا يمكن دحرهم إلا بوحدة الأخيار التي يعجز الاشتراكيون عن اختراقها». وحذّر ميلي من أن القوى اليمينية والليبرالية دفعت ثمناً باهظاً بسبب تشتتها وعجزها أو رفضها مواجهة اليسار متّحداً، وأن ذلك كلّف بلاده عقوداً طويلة من المهانة، «لأن اليسار يُفضّل أن يحكم في الجحيم على أن يخدم في الجنة».

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الأرجنتين خافيير ميلي في مارالاغو 14 نوفمبر (أ.ف.ب)

ليست هذه المرة الأولى التي يطلق فيها ميلي مثل هذه الفكرة، التي سبق وكررها أكثر من مرة في حملته الانتخابية، وفي خطاب القَسَم عندما تسلّم مهامه في مثل هذه الأيام من العام الماضي. لكنها تحمل رمزية خاصة في المدينة التي شهدت ولادة الحركة الفاشية العالمية على يد بنيتو موسوليني في عشرينات القرن الماضي، وفي ضيافة أول رئيسة يمينية متطرفة لدولة مؤسسة للاتحاد الأوروبي تحاول منذ وصولها إلى السلطة عام 2022 الظهور بحلة من الاعتدال أمام شركائها الأوروبيين.

جدل الجنسية الإيطالية

قال ميلي: «أكثر من شعوري بأني بين أصدقاء، أشعر أني بين أهلي» عندما أعلنت ميلوني منحه الجنسية الإيطالية، لأن أجداده هاجروا من الجنوب الإيطالي مطلع القرن الفائت، على غرار مئات الألوف من الإيطاليين. وأثار قرار منح الجنسية للرئيس الأرجنتيني انتقادات شديدة من المعارضة الإيطالية التي تطالب منذ سنوات بتسهيل منح الجنسية للأطفال الذين يولدون في إيطاليا من أبوين مهاجرين، الأمر الذي تُصرّ ميلوني وحلفاؤها في الحكومة على رفضه بذريعة محاربة ما وصفه أحد الوزراء في حكومتها بأنه «تلوّث عرقي».

ميلوني قدّمت الجنسية الإيطالية لميلي (رويترز)

وكان ميلي قد أجرى محادثات مع ميلوني تناولت تعزيز التعاون التجاري والقضائي بين البلدين لمكافحة الجريمة المنظمة، وتنسيق الجهود لمواجهة «العدو اليساري المشترك»، حسب قول الرئيس الأرجنتيني الذي دعا إلى «عدم إفساح أي مجال أمام هذا العدو، لأننا أفضل منهم في كل شيء، وهم الخاسرون ضدنا دائماً».

وانتقدت المعارضة الإيطالية بشدة قرار التلفزيون الرسمي الإيطالي بثّ خطاب ميلي مباشرةً عبر قناته الإخبارية، ثم إعادة بث مقتطفات منه كان قد دعا فيها إلى «عدم اللجوء إلى الأفكار لاستقطاب أصوات الناخبين» أو إلى عدم إقامة تحالفات سياسية مع أحزاب لا تؤمن بنفس العقيدة، «لأن الماء والزيت لا يمتزجان»، وشنّ هجوماً قاسياً على القوى السياسية التقليدية التي قال إنها «لم تأتِ إلا بالخراب». وأنهى ميلي كلمته، إلى جانب ميلوني وسط هتافات مدوية، مستحضراً شعار الدفاع عن «حرية وحضارة الغرب» الذي أقام عليه موسوليني مشروعه الفاشي لاستعادة عظمة الإمبراطورية الرومانية.