مصادر أوروبية: فشل «جنيف2» سيعيد طرح كل الخيارات

باريس تعد ورقة النظام السياسية «مناورة تأخيرية»

مصادر أوروبية:  فشل «جنيف2» سيعيد طرح كل الخيارات
TT

مصادر أوروبية: فشل «جنيف2» سيعيد طرح كل الخيارات

مصادر أوروبية:  فشل «جنيف2» سيعيد طرح كل الخيارات

بينما تراوح المفاوضات الدائرة في جنيف منذ السبت الماضي بين وفدي النظام السوري والمعارضة مكانها، نبهت مصادر رسمية أوروبية إلى أن وصولها إلى طريق مسدود وفشل الجهود السياسية الدبلوماسية «سيعيدان طرح كل خيارات التحرك من غير استثناء»، دون أن يعني ذلك، بشكل آلي، اللجوء إلى العمل العسكري.
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري أعلن في مونترو يوم الـ22 من الشهر الحالي أن الولايات المتحدة «تدرس عدة طرق للضغط على النظام السوري»، مشيرا إلى «جهود متوازية» تبذلها واشنطن إلى جانب الجهود الدبلوماسية وعلى رأسها زيادة الدعم للمعارضة حتى إبان المفاوضات. لكن كيري لم يفصح عن نوعية الدعم للمعارضة وما إذا كان يعني فقط العودة إلى إمدادها بالمعدات «غير القاتلة» التي أوقفت إيصالها للمعارضة بعد سيطرة مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على مخازن الجيش السوري الحر من الأسلحة في المناطق الحدودية المحاذية لتركيا.
وترى المصادر الغربية أن هناك «مروحة واسعة» من الإجراءات العقابية التي يمكن أن تلجأ إليها الأسرة الدولية بحق النظام السوري في حال ثبت وبشكل حاسم أنه لا يريد الوصول إلى حل متفاوض عليه ولا الالتزام بخريطة الطريق التي تمخضت عن مؤتمر «جنيف1» صيف 2012.
ومنذ اليوم، تحمل الدول الغربية والأخرى المنضوية تحت جناح «المجموعة الأساسية لأصدقاء الشعب السوري» النظام مسؤولية تعثر المفاوضات وربما فشلها، وهي ترى أن السبب الأول يعود لعدم تقيده بقواعد اللعبة التي من المفترض أن تتحكم بمجريات المفاوضات في جنيف، والتي تضمنتها رسالة الدعوة التي وجهها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى الأطراف المعنية.
وتؤكد هذه المصادر أنها «لم تفاجأ» بما حصل في مونترو وما يحصل حاليا في جنيف، لا لجهة طبيعة ما يقدمه وفد النظام من طروحات أو لجهة «الأسلوب الاستفزازي» الذي يستخدمه والذي تعتبر أن الغرض منه إحراج المعارضة.
وأدانت وزارة الخارجية الفرنسية أمس «المناورات التأخيرية» التي يلجأ إليها وفد النظام على طاولة المفاوضات، وذلك في تعليق لها على «الورقة السياسية» المشكلة من خمس نقاط، التي قدمها أول من أمس. وتنص الورقة على مبادئ عامة مثل احترام سيادة سوريا واعتبارها «دولة ديمقراطية» ورفض التدخل الأجنبي و«الإملاء الخارجي» والاحتكام لصناديق الاقتراع ورفض ومكافحة الإرهاب والأفكار التكفيرية ومطالبة الدول بوقف مد المجموعات الإرهابية بالسلاح، وأخيرا الحفاظ على مؤسسات الدولة والنبى التحتية.
وقال رومان نادال، الناطق باسم الخارجية الفرنسية، إن باريس تعتبر أن «ورقة النظام لا تستجيب للهدف الذي حددته الأسرة الدولية من أجل تحقيق عملية الانتقال السياسية وأنه من الضروري من أجل نجاح المفاوضات البقاء داخل الإطار المرسوم، أي خريطة الطريق المنبثقة عن (جنيف1)».
ودعت فرنسا إلى استمرار البحث في الإجراءات «الإنسانية» التي تندرج في إطار «تدابير الثقة» مثل إيصال المساعدات إلى مدينة حمص والسماح بخروج المحاصرين والتوصل إلى هدنات محلية من جهة، والسعي من جهة أخرى للتوصل إلى الحل السياسي.
ولا تستبعد باريس أن يعود الملف السوري إلى مجلس الأمن الدولي الذي ترتبط به كل الإجراءات «القسرية» التي يمكن أن تتخذ في سوريا، ومنها على سبيل المثال إقامة الممرات الإنسانية المحمية دوليا لإيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.