منع أكثر من 9 آلاف شاب تونسي من التوجه إلى سوريا

وزير الداخلية التونسي دعا إلى منع المجموعات الإرهابية من التباهي بجرائمها عبر نشر الصور ومقاطع الفيديو الدموية

لطفي بن جدو
لطفي بن جدو
TT

منع أكثر من 9 آلاف شاب تونسي من التوجه إلى سوريا

لطفي بن جدو
لطفي بن جدو

قال لطفي بن جدو وزير الداخلية التونسي إن قرابة 9 آلاف شاب تونسي منعوا من السفر إلى سوريا خلال السنوات الماضية لكنهم لم يحظوا بالمتابعة من قبل الدولة أو المجتمع المدني.
ودعا في افتتاح يوم دراسي نظمته يوم أمس الإدارة العامة لوحدات التدخل في العاصمة التونسية، إلى مقاومة ظاهرة الإرهاب وذلك بعدم إفساح المجال أمام المجموعات الإرهابية للتباهي بجرائمها عبر نشر صورهم ومقاطع فيديو دموية على الملأ، وضرب مثالا على ذلك بالامتناع عن نشر صور الضحايا إثر الهجوم الإرهابي الأخير على صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية.
وسعت السلطات التونسية منذ سنة 2011 إلى منع الآلاف من التوجه إلى ساحات القتال في سوريا والعراق وليبيا إلا أن العدد الإجمالي للمتوجهين إلى هناك كان كبيرا وقدر بالآلاف وقد اعتمد على وسائل تضليل متنوعة حتى لا تكتشف السلطات الأمنية تصميم المتشددين على المشاركة في القتال من بينها التوجه إلى ليبيا ومن ثم إلى تركيا قبل التوجه إلى سوريا.
ووفق عدة مصادر أمنية، فقد بنت تونس استراتيجية الحد من أعداد المتوجهين إلى ساحات القتال على البيانات المتوفرة حول الفئات الشابة التي غالبا ما تثير الشبهات بتوجهها إلى الأراضي التركية. واعتمدت عدة مقاييس من بينها صحيفة سوابق المتوجهين إلى تركيا، والمظهر العام لبعض المتوجهين إلى ساحات القتال (لحية طويلة أو المظهر واللباس) وكذلك منطقة السكن (الأحياء الفقيرة).
واستغلت عدة فئات شبابية وصول حركة النهضة ودعمها للثورة على النظام السوري وانتقادها نظام بشار الأسد للتوجه إلى ساحات القتال وهو ما جعل هذا الموقف أرضية لانتقاد سياسة حركة النهضة في تعاملها مع المجموعات المتشددة.
وأثبتت الدراسات الاجتماعية التي أجريت حول المجموعات المتشددة أن الفئات الشبابية هي الأكثر استعدادا للتطرف وخاصة الفئة العمرية ما بين 13 و17 سنة وفق ما قدمه يوم أمس، صلاح الدين ين فرج أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية، وهي على حد تعبيره فئة هشة في حاجة إلى المتابعة والإحاطة والمرافقة.
وأشار بن فرج إلى استراتيجية الاستقطاب غالبا ما تنطلق من المساجد خاصة في الأحياء الفقيرة والمهمشة كما أن المعاهد الثانوية والجمعيات الخيرية المتكاثرة باتت من أبرز فضاءات الاستقطاب للشباب ذوي التوجهات التكفيرية.
وقال عمار الفالح، العميد بإدارة الاستخبارات والأبحاث بالإدارة العامة للحرس الوطني الذي شارك في اليوم الدراسي المذكور أعلاه، أن المجموعات المتشددة اعتمدت على الخيمات الدعوية والمساجد وكذلك السجون لاستقطاب الشباب المتعطش لبديل سياسي واجتماعي. وأشار إلى أن استراتيجيتهم في التغرير بالشباب التونسي تغيرت خلال السنوات الماضية، فقبل سنة 2012 كانت الفئة المستهدفة سواء في الداخل أو للتسفير إلى الخارج تتجاوز 30 سنة لتنقلب الصورة بعد هذا التاريخ ويجري التوجه نحو الفئات الأكثر شبابا من طلبة الجامعات وذوي الاختصاصات العلمية.
وبعد 4 سنوات من تدفق الآلاف إلى بؤر التوتر السياسي ومنع الآلاف كذلك من السفر إلى ساحات القتال، تخشى السلطات التونسية من عودة المتشددين إلى أرض الوطن خاصة بعد أن انتمى الكثير منهم إلى المجموعات التكفيرية وخاصة منها «داعش» وجبهة النصرة.
في غضون ذلك, يستعد الحبيب الصيد رئيس الحكومة التونسية، لتسريع المشاورات حول تشكيلة الحكومة الجديدة والمرور مباشرة من مرحلة التشاور بشأن التصورات والاقتراحات المتعلقة بهيكلة الحكومة وعدد الحقائب الوزارية ومقترحات الأحزاب السياسية، إلى مرحلة طرح الأسماء المرشحة لتولي حقائب وزارية في الحكومة المقبلة. ومع الاقتراب من نصف المدة الأولى المخولة لتشكيل الحكومة التونسية، لا يزال الغموض يخيم على تركيبة أعضاء الحكومة التي ستتزعمها حركة نداء تونس الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
ولئن طغت على المشاورات التي انطلقت في الخامس من يناير (كانون الثاني) الحالي، نقاشات متنوعة بشأن هيكلة الحكومة وبرامجها وأولوياتها، فإن الحديث الرسمي عن الأسماء المرشحة لتقلد حقائب وزارية ظل شحيحا وهو ما أعطى الفرصة لتنامي الشائعات وتكاثر التشكيلات والتخمينات بشأن من سيتحملون المسؤوليات الوزارية في الحكومة التونسية السادسة بعد الثورة.
ولن يزيد عدد أعضاء الحكومة المقبلة في كل الحالات عن 35 حقيبة وزارية موزعة بين 25 وزيرا و10 كتاب دولة، وهو ما يجعل مجال التنافس ضيقا للفوز بإحدى الحقائب الوزارية ويعقد الخيارات التي سيقودها الحبيب الصيد.
وأكد الصيد على تقدم المشاورات مع كل الأطراف السياسية بما فيها غير الممثلة في البرلمان، وقال: إنه لا يزال بصدد دراسة كل التصورات والاقتراحات المتعلقة بالحكومة. ووعد بحكومة ممثلة لكل الجهات دون استثناء، وأشار إلى أن المفاوضات المتعلقة بالأسماء المرشحة للحقائب الوزارية ستنطلق خلال الأيام القليلة المقبلة حتى تكون التشكيلة الحكومة الجديدة «جاهزة لنيل ثقة البرلمان التونسي».
ويمنح الدستور التونسي الجديد رئيس الحكومة المكلف مدة شهر تنتهي في الخامس من فبراير (شباط) المقبل لعرض تركيبة الحكومة على رئيس الجمهورية. وفي حال فشله في تشكيل الحكومة يمنح مهلة ثانية بشهر واحد يتم على إثرها في حال الفشل مرة أخرى، التشاور وتعيين رئيس حكومة من قبل رئيس الجمهورية ولديه 8 أيام فحسب لإعلان تشكيلة حكومية جديدة.
وطالبت حركة نداء تونس الفائزة في الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بـ7 حقائب وزارية خلال لقائها قبل يومين الحبيب الصيد رئيس الحكومة المكلف.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.