الخارجية الإسرائيلية تتوقع مقاطعة أوروبية جارفة وعقوبات على تل أبيب

وزير الزراعة الإسرائيلي يرضخ لإرادة الاتحاد الأوروبي.. ويعترف باحتلال الجولان

الخارجية الإسرائيلية تتوقع مقاطعة أوروبية جارفة وعقوبات على تل أبيب
TT

الخارجية الإسرائيلية تتوقع مقاطعة أوروبية جارفة وعقوبات على تل أبيب

الخارجية الإسرائيلية تتوقع مقاطعة أوروبية جارفة وعقوبات على تل أبيب

بعد أسبوع واحد فقط من نشر التقارير المتفائلة، التي صدرت عن عناصر مقربة من ديوان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والتي ادعت أن إسرائيل لم تتأثر بالمقاطعة الأوروبية، حذر تقرير سري في وزارة الخارجية الإسرائيلية مما سماه «ربيعا أسود»، إذ توقع أن يبادر الأوروبيون إلى وضع سلسلة إجراءات مقاطعة، بل وحتى فرض عقوبات على إسرائيل.
وتقول وزارة الخارجية في «تقرير سري للغاية»، تم توزيعه على عدد من السفارات الإسرائيلية في الخارج، إن «الانجراف السياسي ضد إسرائيل سيتواصل، بل إنه سيشتد». ويطرح التقرير على الجدول جملة من الإجراءات المتوقعة أبرزها: المس بالواردات والصادرات الأمنية، وتصعيد مقاطعة منتجات المستوطنات، وتقليص الاستثمارات والمشاريع المشتركة، وقطع العلاقات التجارية والأكاديمية. وتلخص الوثيقة، التي وقعها غلعاد كوهين، نائب المدير العام للتنسيق في وزارة الخارجية، تقييما للأوضاع أجراه وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، رفقة كبار أفراد الطاقم المهني والقيادي في الوزارة.
ومن أبرز ما جاء في هذا التقرير أن «التأثير الأميركي ينجح حتى الآن في تأخير قرارات عملية إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 17 مارس (آذار) القادم. وتنعكس هذه الإجراءات في استمرار عملية الاعتراف بالدولة الفلسطينية في البرلمانات الدولية، والنشاط الفرنسي الشامل في مجلس الأمن. وهناك سلسلة طويلة من خطوات المقاطعة والعقوبات الاقتصادية التي يتوقع أن تمس بإسرائيل بشكل بالغ، نتيجة الجمود السياسي. والمعنى واضح وهو أن أوروبا لن تواصل فقط دفع خطوات سياسية كالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وإنما ستعمل، في المقابل، على المسار الاقتصادي للمساس بالاقتصاد الإسرائيلي». وجاء في الوثيقة أيضا أن «الأوروبيين يربطون بشكل واضح بين العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، بينما يجب أن نذكر أن أوروبا هي الشريك التجاري الأول لإسرائيل».
ومن بين التهديدات التي تستعد لها وزارة الخارجية الإسرائيلية، تشديد المقاطعة على منتجات المستوطنات، وهو الأمر الذي قد يلحق ضررا كبيرا بالصادرات الزراعية الإسرائيلية. كما تتناول الوثيقة مخاطر تأثير ذلك على الصادرات الأمنية الإسرائيلية، وتزويد إسرائيل بقطع غيار، الأمر الذي من شأنه المساس بشكل أساسي بالجهاز الأمني.
ويشار إلى أن بريطانيا وبلجيكا وإسبانيا جمدت في السنوات الأخيرة إرسال أسلحة إلى إسرائيل، خشية استخدامها خلافا للقانون الدولي. كما يتوقع أن يطالب الاتحاد الأوروبي إسرائيل بدفع تعويضات عن الأضرار التي ألحقتها بمشاريع أوروبية في الضفة، خصوصا وأن تنظيمات المساعدة الأوروبية تدعم الكثير من المشاريع المدنية الفلسطينية، ويخشى الإسرائيليون أن تطالب الآن بدفع تعويضات في حال تعرض لها الجيش. علاوة على ذلك، قررت الكثير من البنوك وصناديق الاستثمار الرائدة في الدنمارك والنرويج وآيرلندا وهولندا، خلال السنوات الأخيرة، وقف التعاون مع الجهات المالية الإسرائيلية التي تنشط في الضفة الغربية، ووقف الاستثمار في إسرائيل.
ويسود التخوف من انضمام مؤسسات مالية دولية أخرى إلى هذه الخطوة. كما تحذر الوثيقة من تعرض البنى التحتية في إسرائيل إلى أضرار، خصوصا بعد قيام شركات ألمانية وهولندية بإلغاء مشاركتها في مشاريع لبناء خطوط للقطار، ومصادر للمياه وتنقية المياه العادمة، كما يمكن لشركات أخرى أن تنسحب من الشراكة مع إسرائيل، والتسبب في حدوث أضرار لترميم البنى التحتية. ويضاف إلى ذلك التخوف من اتساع المقاطعة الأكاديمية للمؤسسات الإسرائيلية. كما تحذر الوثيقة من أنه في ضوء السياسة الفلسطينية المنهجية، الرامية إلى نقل الصراع إلى حلبة الأمم المتحدة، لم يعد من المضمون مواصلة استخدام أميركا للفيتو بعد الانتخابات الإسرائيلية. كما ترى الوثيقة أنه يمكن في منتصف العام الحالي التوصل إلى اتفاق سيء بين الدول العظمى وإيران في المسالة النووية، وبالتالي بقاء إسرائيل معزولة في معارضتها للاتفاق.
من جهة ثانية، كشف النقاب في إسرائيل عن رضوخ يائير شمير، وزير الزراعة الإسرائيلي، لشروط الاتحاد الأوروبي، حيث وضع علامة «صنع في مناطق خارج الخط الأخضر» على المنتجات الزراعية في هضبة الجولان السورية المحتلة، وبذلك يعترف بأنها أرض محتلة، وهو الأمر الذي يتناقض مع القانون الإسرائيلي الذي يعتبر الجولان جزءا من إسرائيل. والوزير المذكور ينتمي إلى اليمين المتطرف، ويمثل حزب ليبرمان في الحكومة، وهو نجل رئيس الوزراء السبق، يتسحاق شمير، المعروف بتطرفه الشديد.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.