«النفايات» تهدد العمل الحكومي.. وسلام ممتعض من مواقف الجميل

مصادر لـ «الشرق الأوسط» : إعادة النظر في آلية عمل مجلس الوزراء اللبناني مستبعدة

«النفايات» تهدد العمل الحكومي.. وسلام ممتعض من مواقف الجميل
TT

«النفايات» تهدد العمل الحكومي.. وسلام ممتعض من مواقف الجميل

«النفايات» تهدد العمل الحكومي.. وسلام ممتعض من مواقف الجميل

لم ينجح مجلس الوزراء اللبناني، بعد نحو 8 أشهر من تسلمه صلاحيات رئيس الجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس الأسبق ميشال سليمان، من التأقلم مع الظروف التي فرضها فراغ سدة الرئاسة، خاصة أن آلية العمل الحكومي المعتمدة تعطي كل وزير من الوزراء الـ24 حق «الفيتو»، مما أثّر تلقائيا على إنتاجية الحكومة ونشاطها.
وتأزم الوضع الحكومي أخيرا مع طرح ملف «النفايات» وكيفية وجوب معالجتها، وإصرار حزب «الكتائب» المسيحي الذي يتزعمه رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل على إدخال تعديلات محددة على مشروع القانون الذي تقدّم به وزير البيئة محمد المشنوق، ورفض باقي أعضاء الحكومة طروحات «الكتائب»، مما جمّد العمل الحكومي ويهدّد بإغراق البلد بالنفايات ابتداء من الـ17 من الشهر الحالي، مع إقفال مطمر الناعمة الذي يستوعب النفايات حاليا.
ولم تنجح مشاورات الساعات الماضية في تحقيق أي خرق يُذكر على صعيد الضغط على «الكتائب» للتراجع عن موقفه، وهو ما أدّى لإلغاء الموعد الذي كان مرتقبا يوم أمس السبت بين رئيس الحكومة تمام سلام ووزراء «الكتائب» الـ3، وزير العمل سجعان قزي ووزير الاقتصاد آلان حكيم ووزير الإعلام رمزي جريج.
وحدّد سلام يوم غد الاثنين موعدا لجلسة وزارية لاستكمال البحث بملف «النفايات»، ونفت مصادره لـ«الشرق الأوسط» أن يكون تحديد موعد الجلسة أتى بعيد اتفاق على حل لأزمة النفايات، لافتة إلى أن رئيس الحكومة «حدّد موعدا لاستئناف النقاش بالموضوع بعد البيان الحاد الذي صدر عن حزب الكتائب والذي يوحي بأنه لا حلحلة بالأفق، وهو ما أدى تلقائيا لإلغاء الموعد مع وزراء الكتائب».
وأشارت المصادر إلى أن أزمة النفايات أعادت طرح إشكالية الآلية المعتمدة لاتخاذ القرارات داخل مجلس الوزراء، نافية أن تكون الحكومة ككل مهددة نتيجة الخلافات الأخيرة «باعتبار أن كل القوى السياسية متمسكة ببقائها». وقالت المصادر «ليس سرا على أحد أن الصيغة المتبعة تؤثر على نشاط الحكومة وإنتاجيتها، وهو ما دفع بالرئيس سلام للإعلان أكثر من مرة أن حكومته تعمل بنصف طاقتها».
واستبعدت المصادر أن تتم إعادة النظر بالآلية المعتمدة لاتخاذ القرارات الحكومية، والتي تقول بوجوب اعتماد مبدأ التوافق ووضع الملفات الخلافية على جانب. وأضافت «لقد فات الأوان على حل مماثل خاصة أن إقرار الآلية بعد انتهاء ولاية الرئيس سليمان لم يكن بالأمر السهل على الإطلاق، واستلزم جلسات طويلة من النقاش». واعتبرت المصادر أن «إعادة فتح الموضوع ستعيد طرح إشكالية الطرف المخول بتسلم صلاحيات الرئيس، وهو باب إذا فُتح لن يكون من السهل إغلاقه».
وكان مجلس الوزراء أجمع في شهر يونيو (حزيران) الماضي وبعد سلسلة من الاجتماعات الماراثونية لتحديد آلية عمله بعد تعذر انتخاب رئيس للجمهورية على «إدارة الفراغ الرئاسي بالتوافق»، أي عدم اللجوء للتصويت لاتخاذ القرارات وتأجيل البحث بالملفات التي تُعتبر خلافية. ويهدد أي خلاف حكومي حالي بالإطاحة بالمؤسسات الدستورية الأساسية في البلد بعد تعذر انتخاب رئيس جديد منذ مايو (أيار) الماضي، وتعطيل عمل مجلس النواب، مع إصرار معظم قوى 14 آذار على وجوب وقف العمل التشريعي في ظل شغور سدة الرئاسة.
وأشار وزير الاقتصاد المنتمي لحزب «الكتائب»، آلان حكيم، إلى أن ما يسعى إليه حزبه من خلال تمسكه بمطالبه في موضوع ملف النفايات هو «التوصل إلى إنجاح مصلحة المواطن قبل كل شيء»، لافتا إلى أن «(الكتائب) أجرى الاتصالات اللازمة مع وزير البيئة محمد المشنوق ومجلس الإنماء والإعمار لوضع خطة النفايات على المسار الصحيح، وهدفها كان الانتقال من مناقصة ناقصة وتعم فيها الشكلية والتفرد بانتقاء المطامر والشركات، إلى مناقصة مفتوحة قادرة على استيعاب الشركات الكبرى بشكل شفاف». وأوضح حكيم في حديث إذاعي أن «المشكلة تكمن في تحديد أماكن المطامر»، لافتا إلى أنه «حين يتم وضع هذا الأمر بيد الشركات نكون قد دخلنا في تقييض الشركات بالعلاقات مع البيئة الحاضنة، مما سيؤدي إلى زبائنية ومحسوبية»، مضيفا «هدفنا أن تعمد الدولة اللبنانية فقط إلى تحديد المطامر وبالتالي فإن كل منطقة تعمد إلى وضع نفاياتها في منطقتها بكميات أقل وقبول أكبر».
وأكد حكيم أن «الأمور إيجابية لا سيما أن حزب الكتائب منفتح على جميع الفرقاء»، لافتا إلى أن «المشاورات مستمرة للتوصل إلى حل إيجابي بأسرع وقت ممكن».
بدوره، شدّد النائب عن تيار «المستقبل» سمير الجسر على وجوب التوصل لحلحلة للإشكال الحكومي الحالي حول ملف النفايات، مستغربا عدم التعاطي بمرونة مع ملف مماثل. ورأى الجسر، في حديث لموقع «النشرة» الإلكتروني، أن «المشكلة تكمن في الآلية التي تتبعها الحكومة لاتخاذ القرارات»، وقال «كنّا قد أعلنا منذ البداية عدم تأييدنا لهذه الآلية التي تعوق العمل الحكومي وتعطي للوزير صلاحيات أكثر من تلك التي يتمتع بها رئيس الجمهورية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».