الثلوج تعزل شرق لبنان عن ساحله وتحاصر اللاجئين

«يونيسيف» توزع مواد إغاثية على 75 ألف طفل سوري وفلسطيني

لبناني يزيح الثلوج المتراكمة فوق سيارته في بلدة كفر شوبا الجنوبية أمس (رويترز)
لبناني يزيح الثلوج المتراكمة فوق سيارته في بلدة كفر شوبا الجنوبية أمس (رويترز)
TT

الثلوج تعزل شرق لبنان عن ساحله وتحاصر اللاجئين

لبناني يزيح الثلوج المتراكمة فوق سيارته في بلدة كفر شوبا الجنوبية أمس (رويترز)
لبناني يزيح الثلوج المتراكمة فوق سيارته في بلدة كفر شوبا الجنوبية أمس (رويترز)

انحسرت العاصفة الثلجية التي ضربت لبنان، بعد ظهر أمس، فيما تدنت درجات الحرارة إلى مستوى قياسي، في وقت ظلت فيه معظم الطرقات الجبلية مقطوعة، وعزلت منطقة البقاع (شرق لبنان) وعكار (الشمال) عن المدن الساحلية، بسبب تراكم الثلوج التي وصلت إلى ارتفاع متر ونصف المتر.
وحاصرت الثلوج أكثر من مائة ألف لاجئ سوري في بلدة عرسال الحدودية مع سوريا، نتيجة ارتفاع سماكة الثلوج إلى أكثر من متر، فيما قالت مصادر ميدانية في البلدة لـ«الشرق الأوسط» إن عدد الأطفال الذين قتلوا في مخيمات اللجوء نتيجة البرد القارس، ارتفع إلى 3 في البلدة. وأوضحت المصادر أن «طفلين حديثي الولادة، أحدهما يتحدر من مخيم السلام، والثاني من مخيم الوفاء والأمانة، قتلا في المستوصف في بلدة عرسال، نتيجة مضاعفات صحية، إثر تعرضهما لبرد قارس، تسبب في تجمدهما».
وكانت طفلة سوريا، قتلت نتيجة البرد في عرسال الأربعاء الماضي، فيما قتلت أخرى في مخيم في بر آلياس في شرق لبنان، وقتل 3 أشخاص بينهم طفل أثناء عبورهم من ريف دمشق الجنوبي باتجاه بلدة شبعا الحدودية في جنوب شرقي لبنان.
وفي ظل حصار الأطفال في المخيمات وراء الثلوج، أعلنت منظمة «يونيسيف» أنها عمدت أمس إلى توزيع المزيد من حزم الشتاء وبطانيات وقطع قماش مشمع وصناديق من البسكويت عالي الطاقة وصفائح ماء وأدوات تخفيف آثار الفيضانات-الصرف الصحي وملابس نسائية، مشيرة إلى أنها ستواصل توزيع الملابس اليوم السبت أيضا. وأوضحت أنها سعت لإيصال تلك المواد إلى 75.000 طفل لاجئ سوري ولبناني وفلسطيني في المناطق الأكثر تضررا، كما عالجت فرق الطوارئ الصحية المتنقلة أكثر من 1.600 مريض في التجمعات غير الشرعية إلى جانب الوحدات الطبية المتنقلة بصورة دائمة.
وقالت ممثلة اليونيسيف في لبنان أناماريا لوريني: «تعمل فرقنا وشركاؤنا المحليون على مدار الساعة لمعالجة تأثير العاصفة على الأطفال والأسر الأكثر ضعفا. علينا القيام بكل الجهود فورا لتجنب المآسي غير الضرورية التي يُمكن تفاديها».
وأشارت إلى أن الوحدات الطبية المتنقلة الممولة من قبل اليونيسيف خلال الـ72 ساعة الماضية، تنقلت بين التجمعات التي يُتاح الوصول إليها وذلك بالاشتراك مع وزارة الصحة العامة والمنظمة المحلية غير الحكومية (بيوند). ومن خيمة إلى خيمة تم الكشف على 1.600 مريض على الأقل وتم علاج حالات صحية كثيرة بين الأطفال سببتها درجات الحرارة المتدنية، بما في ذلك الإنفلونزا والحمى والأمراض الجلدية.
وتستعد اليونيسيف في لبنان لفصل الشتاء منذ أكتوبر (تشرين الأول)، وقامت بتوزيع 28.000 حزمة شتاء في البقاع وعرسال وعكار، بالإضافة إلى تزويد أدوات أكثر من 20.000 شخص بأدوات تخفيف آثار الفيضانات في التجمعات غير الشرعية وكذلك مواد بلاستيكية للاستجابة للطوارئ.
وبدأت الانفراجات في الطقس بعد الظهر، بعدما تجددت العاصفة الثلجية صباحا، وسقطت الثلوج على ارتفاع 200 متر عن سطح البحر في مناطق شمال لبنان، كما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية اللبنانية. وتحول الطقس بعد الظهر إلى غائم مع رياح باردة.
وأقفلت الثلوج معظم الطرقات الجبلية صباح أمس، إثر تجدد سقوطها. ففي شمال لبنان، تساقطت الثلوج على ارتفاع 200 متر، لتتفاوت سماكة قشرة الثلج وتتراكم اعتبارا من 400 متر، وبلغت سماكتها متر على الأقل في القرى والبلدات العكارية الواقعة على ارتفاع 1000 متر عن سطح البحر، فيما غطت الثلوج، للمرة الأولى، قمة جبل تربل وهي الأقرب إلى الشاطئ الشمالي بعد رأس الشقعة.
وقطعت الثلوج أوصال منطقة جرد القيطع في عكار وصولا إلى القموعة التي قطعت الطريق إليها بشكل كلي وبلغت سماكة الثلج في سماكتها أكثر من متر ونصف المتر. وتحولت المناطق في أعالي فنيدق ووطى مشمش وقرى وبلدات جبال اكروم المتصلة بالهرمل في شرق لبنان، إلى مناطق منعزلة نهائيا، وتعذر إيصال المواد التموينية إليها في ظل انقطاع شبه تام للكهرباء بسبب تضرر الشبكة بفعل العواصف.
وفي شرق لبنان، تواصل تساقط ثلوج العاصفة زينة، لليوم الثالث على التوالي، في مناطق البقاع وبعلبك - الهرمل، ما تسبب بإقفال الطرقات الفرعية، فيما عملت آليات وزارة الشغال والبلديات على إزالة وجرف الثلوج المتراكمة وفتح الطرقات الرئيسية.
وعاش سكان البقاع في عزلة أيضا، جراء انقطاع التيار الكهربائي وخطوط الهاتف بعد تقطع الأسلاك، في حين أكدت شركة الكهرباء عجزها عن إصلاح الأعطال الحاصلة في الأسلاك والأعمدة ومحولات الكهرباء لعدم وجود رافعة وعدم وجود الإمكانات اللازمة.
وفي السياق نفسه، بقيت الطرقات الفرعية مقفلة، نتيجة عدم القدرة على فتحها، وانشغال الآليات في فتح الطرقات الرئيسية، فيما حوصر السكان في منازلهم في شرق لبنان. وقال رئيس اتحاد بلديات بعلبك حسين عواضة إن «تداعيات العاصفة وتشكل الجليد إضافة إلى سماكة الثلوج، كانت أكبر من إمكانات البلديات».
وفي الجنوب، تجدد تساقط الثلج بعد الظهر، فيما انحسرت العاصفة «زينة» قبل الظهر خلال ساعات النهار، وغطت الثلوج القرى التي ترتفع 800 متر عن سطح البحر في قضاء مرجعيون، في وقت حاصرت فيه الثلوج عددا من السكان في جزين، بسبب تراكم الثلوج، عند مدخل جزين باتجاه صيدا، وناشدوا الدفاع المدني إنقاذهم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».